إن عنوان الفصل الأخير هذا ليس الثناء الأخير للصيغة الأصيلة Xet Y) التي تتلخص فيها النشاطات الكثيرة لحقلنا المعرفي. إنه يطرح علاقة تنازعية لا يستطيع أي مقرر جامعي دونها الاستمرار في الحياة. مما لا شك فيه، أن علم أصول التدريس لا يمكنه أن يوجد دون بحث يغذيه. إنه بحاجة إلى مادة لا يمكن حصرها في خطابات نظرية، وأعمال تطبيقية، ودورات تدريبية تحفيزية، أو دورات إعادة تأهيل. يجد علم أصول التدريس ديناميكيته في البحث ولا يمكن أن يُتصور دون معارف لفكر استعادي ومستقبلي في الوقت نفسه. أظهرت الفصول التسعة أن الأدب العام والمقارن موجود: وله تاريخ وأرضية، وموضوعات بحث ودراسات قديمة إلى حد ما. وله بعض المفهومات، وأصول تفكير وإعادة تفكير في الأدب. بعض المفهومات والأصول قديمة أو تبدو كذلك، وبعضها جُدّد، وبعضها الآخر أخيراً استخدم في معارف أخرى مثل: الوسطاء، والتأمل الثقافي، والتلقي، والنموذج، والمنظومة، والقانون، والمثاقفة، والمبادلة، والحوار وعلاقة القوة، والتناصية، والأدب البارز، والموروث، والحقبة الطويلة، والقاعدة، والشكل، والخيال الاجتماعي والتأمل الرمزي،...
في كل الحالات، ليس من المؤكد أنه يمتلك منهجاً: يقال إنه لا يمتلك أي منهج، أو مناهج عدة، من حسن حظه.
كل مقارن، كما استطاع أن يكتب جان بيسيير، هو ضمن طريقة من التخييم المنهجي والنقدي). نستشهد بأستاذ في الدراسات المقارنة هو جورج
يزيل: إن المنهج هو الطريق بعد أن نجتازه. يفكر بعضهم، مثل المؤرخين، أن موضوع البحث هو الذي يدير المنهج، ويفرض تركيب منهج، وليس العكس. ويقول آخرون أيضاً إن المنهج ليس له نظرية وليس من المفيد أن يمتلك نظرية(1) . إنه يمتلك بصورة أدق مساراً من التفكير وبعض الموضوعات للتأمل تعطيه خصوصيته.
-المسيرة المقارنية
إن الأدب العام والمقارن فكر في حركة: يتقدم بفضل بعض الطروحات، والمفهومات التي لا يتوقف عن إعادة التفكير فيها. وأولها التأمل في الآخر، والبعد الأجنبي، وشعور الغيرية ما يتعلق بالغير)، والهوية، والفردانية، وأيضاً علاقات الاشتراك، والاندماج، وعلاقات التعارض، والإبعاد.
مما لا شك فيه أن المقارن مقتنع، مع بول ريكور، أن الطريق الأقصر بين الذات والذات هو كلام الآخر.) ولكن هل يعلم هذا؟ هذا الذي ينتقل ويجعل من المدرس ممدناً. ولا يستعان بلفظة جديدة لأنها تكشف، في هذه الحالة، قصوراً كبيراً.
إن المقارن الذي يسلك هذا الطريق يعيد اكتشاف فن كان مونتين قد عرفه بوصفه فن التباحث).
-فكر الاختلاف
إن من نتيجة الوجود الكلي للآخر في المقارنية دراسة الاختلاف. حول هذه النقطة، تستطيع المقارنية أن تعلم شيئاً: كيفية التفكير بالاختلاف. وتمييز الاختلاف المطلق من الاختلاف الديالكتي الجدلي): الاختلاف الذي ينشأ عن فكر مزدوج على أساس تعبيرين أعكس ب)، والاختلاف الذي ينبثق عن فكر ديالكتي أمطروحة، ب معارضة لـ أ، من أجل أن تبدو س حلاً للتعارض). يتطلب هذا الفكر نقطة انطلاق فرضية) ستتجاوز لصالح تعبير ثالث يقال زوراً عن تركيب) وخاصة تعارضاً) يدعى مقدمة صغرى) ضرورية ومكتوب عليها مع ذلك الزوال.
هناك مجال للتساؤل إذا لم تكن فكرة الاختلاف المأخوذة من النموذج الأول قد تفشت في عالمنا المعاصر، وطورت فكرة التناقض X مقابل Y)، ومعممة اختلافاً لازماً لا يزول هوية مقابل الغيرية) ومنظمة ممارسات، وتصرفات من نوع مزدوج. سيكون مفيداً إذن التفكير في اختلاف نسبي أدواتي، موجود بالنسبة لشيء آخر غير ذاته، يمكن استخدامه من الفكر من أجل الذهاب، عبر الفكر، إلى ما وراء الاختلاف، مادام صحيحاً أن التفرع الثنائي والتعارض هما من سمات فكر عبر أنماط انظر الفصل الرابع) مع التظاهرات والنتائج التي نعرفها.
-البعد والانزياح:
لا يفكر المقارن فقط في الاختلاف، ولكن أيضاً في البعد): كتابة رحالة، وامتلاك فكر أجنبي، وشرط المنفى مع تبدلاته؛ الكاتب المهاجر، والمنفي، والمُبْعَد، والمغترب)، وأيضاً العلاقة الصعبة مع الذات، وخط النظر، وآثار البُعد، ومعضلة القريب والبعد، الداخلي والبعيد، اللذين يمكن اكتشافهما سريعاً وبعمق عبر الاطلاع على كل ثقافة أجنبية، وممارسة لغة أجنبية.
يعمل المقارن حول الانزياحات): "الانزياحات الاختلافية" الأثيرة عند ليفي شتراوس(2) ، وعدم الأمانة) في الترجمة، ونتائج الانتقالات، وتشويهات الصورة، الشبيهة بتشويهات كل قصة حيث تكون الحدود بين الواقع والخيال نفوذية) جداً(3) ، وانزياحات الخيال، والميثولوجيا الشخصية، وأماكن انتقال ثقافة، ونص معينين. إنه المقارن) يعمل حول المعاني المعكوسة، أو بصورة أدق حول المعاني الجمعية التي تشكلها العصور، والثقافات المختلفة، ويدرس تعدد الأصوات، واختلافها، والتفسير، والقراءة، والنظرة، والتنافرات والانحرافات والتحولات. صرخة من القلب غير مباشرة في الصفحة (96) من كتاب برونيل، بيشوا، روسو: معاني معكوسة تساوي جيداً مشاركة مستحيلة).
المقارن رجل الانزياح، وCLINAMEN الأثير عند لوكريس، يتتبع في دراساته، الانحرافات عن المركز الانزياحات). وهو يهاجم بذلك كل المركزيات): المركزية الفرنسية، والمركزية الأوربية، والمركزية الأمريكية، والمركزية العرقية...
إذا كان يحتاج إلى مركز في دراسته، فإن ذلك من أجل تتبع هجرة المركز نحو المحيطات. المقارن إنسان تعوّد على الصور والمرآة، ويدرس الهامشي. لقد بدأ بالكتاب الثانويين، وتابع بالترجمات، والشروحات النقدية التلقي)، ونتائج السياقات الجديدة وإنتاجاتها بالنسبة لما سمّيَ بالأعمال -الأم). هل وجدت النصوص -الأب؟ في كل حالة، تؤكد دون كيشوت أن كل واحد هو ابن لأعماله).
هل نعلم البعد، والانزياح، والثانوي؟ أليس من الأفضل دراسة النور الذي تحمله الظلمات؟ ومثل هذا العمل، بدلاً من دراسة قيمة في الاستخدام؟ والإبداع وليس الاستعارة؟ والكشف بدلاً من التلقي؟ تحدد هذه الأسئلة خيارات، وترسم حدود حقل معرفي يريد دراستها من أجل خرقها.
-التغير والانتقال:
يفكر المقارن،بطريقة مفضلة، في التغيرات، وكذلك في ما سيكون مبدأها في ذلك: المبادلة. ومن نتيجة أصوله الجمركية البعيدة... إنه يعمل حول توالد الأشكال وتتابعها ومسيرتها عبر التاريخ، واستمراريتها في الخيالات، وانتقالها من ثقافة إلى أخرى، واستمرارية الطبقات في الأجناس وانقلابها، والقيم، والكلمات. ويفكر بالتغير في تعابير تاريخية، ومكانية، وثقافية ضمن تواريخ، وفضاءات، وحوارات الثقافات. لقد أغري المقارن بالقول أن لا شيء يتغير)، هذا يعني إذن أن لا شيء تغيرّ إلا هو. وفجأة يخرج من ذلك إلى التساؤل عن الأسباب التي تجعل منه من أناه) خارجاً عن هذا الشيء) ولكنه يعرف أن كل شيء يتغير، وأن كل ما هو موضوع في دراساته يتغير، حتى وإن كان من الصعب عليه أن يرى التغيرات في التاريخ مثلما هو الأمر بالنسبة للشجرة التي تنمو. إنه يلاحظ، من خلاله وضعه في نقطة محددة، من الزمن والفضاء، تعدداً في الانتقالات، والاكتشافات الجديدة، والنسيان.
-نحو التركيب:
من خلال هذه التعددية، نقول بإرادة إنه المقارن) يحب أن يصنع تركيباً: يسعى الأدب العام والمقارن، بعد التحليل، إلى التركيب. لقد طرحنا سابقاً حقلاً معرفياً للتتويج) ربما كان من المناسب الحديث، بصورة أكثر تواضعاً وصحة، عن تجاوز) .التجاوز عبر المقارنة، وإذن، عبر حركة جدلية، والانطلاق نحو التعميم. من خلال القراءة والتحليل والخطابات النقدية، تُزاح بعض العناصر، وتُنتخب، وتجمع، ويُحتفظ بها. ثم يأتي هذا الإعلاء للروح التي تقترح منظوراً عالياً أو موحداً إنه آخر ببساطة.
ربما أن هذه الحركة الفكرية، وهذا الجنس ذا الهدف العقلي هما اللذان يفسران أن كتب الأدب العام والمقارن تتجاهل تبعيات الحقل المعرفي لتتحدث عن عظمته: "إننا نعتقد ببقاء المقارن مختصاً في العموميات." (4) إننا نقدر روح الانفتاح التي تفضل دراسة الشيء الأجنبي، ومعنى النسبي الذي تدخله في النفوس والنزعة العرضانية) للحقل المعرفي إيف شيفريل)، وكذلك: الأدب المقارن "بوصفه الترياق المناسب للبيزنطية الضيقة، والعجرفة الأكاديمية، وروح التحزب، والتعصب الفكري" لم تعد المقارنية حقلاً معرفياً بل أصبحت علماً أخلاقياً وسمحت ببروز UOMO UNIVERSALE أوVOLKOMMENER monn الإنسان العالمي) وهو كائن كان يمكن أن يصل إلى كمال وجوده. ولكن الأماني تصطدم بالأوضاع الجامعية الصعبة.
-المثال، والصعوبات والعوائق.
في الواقع، وعلى الأرض يجد هذا الفرع المعرفي عوائق عديدة، ويعرف صعوبات؛ وهذه العوائق والصعوبات لا تأتي فقط من الخارج المعادي له.
-حدود الحقل المعرفي:
إلى هذا العالم دون شواطئ الذي هو المقارنية تأتي مجالات أخرى لتعارضه، والتي يبدو أنها أُبعدت أو أسقطت من اهتماماته. يرى هذا الحقل المعرفي الذي يزيل الحواجز أن هناك حدوداً ترتسم من فعله إيف شيفريل).
مثلاً تمثل علاقات المبدع بعمله) مسألة لا يعمل المقارنون على دراستها بصورة أساسية. والأمر نفسه بالنسبة لدراسات التكوّن) أو استكشاف الفردي). يجب التمييز: إنها مسائل لم يعد المقارن ينوي دراستها، لأنه اهتم قديماً بتكوّن) النصوص عندما كان يدرس المصادر) والتأثيرات). مما لا شك فيه أن الإشكالية نتجت عن الوضعية، والتاريخية، ويبدو المنهج سيئاً اليوم: ولكن هل كان الأمر يتعلق بمشكلة كاذبة؟ من المؤكد أن الجواب، لا. لنتساءل إذن: ما هي المقاربات الجديدة التي ينبغي من خلالها دراسة المسألة الحقيقية؟ ومن خلال جولة على برامجنا، وممارساتنا، أي مسائل حلت محل مسائل التشكل، والإنتاج والإبداع؟ يجب ملاحظة البرامج للتأكد من أن الشعر قلما استجوب(5) ، وأن المسرح، من خلال طبيعته المابين -معرفية نفسها، هو حقل بحوث يتلاقى فيه المقارنون مع مختصين حقيقيين، اقترحوا، مثلاً، بعض الإجراءات من أجل قراءة المسرح)(6) . يبقى إذن، النثر، في كل أحواله، كفضاء للتأمل. لا يمكننا نسيان الحدود ذات الطبيعة التاريخية. إذا كان الموروث القديم يُفحص بصورة دائمة عبر الأساطير، أو يُدمج ببرامج تعاقبية تطورية) بصورة واسعة مثل شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة، فإنه يجب الاعتراف أن العصر الوسيط وقسماً كبيراً من القرن السادس عشر قلما درسوا. يجب ذكر مؤتمر الرابطة الفرنسية للأدب المقارن في بواتييه عام 1965، والذي يشكل استثناء مشرقاً(7) .
هل يجب أيضاً الإشارة إلى أن هذا المؤتمر أفسح مكاناً كبيراً إلى حد ما لحضور العصر الوسيط في الأزمنة الحديثة). في التمهيد للأعمال استطاع القروسطي جان فرابييه الحديث، دون صعوبة، عن لقاءات) وأممية) ومسائل خاصة بالمقارنية لقاءات ما بين عرقية، نشر أجناس، اقتباسات... إلخ) وذلك بالنسبة لقرون طويلة، وقارة كاملة. يمكننا أن نضيف أن أعمالاً معينة لمختصين في القرون الوسطى تستخدم مبادئ البحث المقارن) بدقة نموذجية. بالإضافة إلى ذلك، إن بعض المسائل مثل مسائل المصادر والتأثيرات سنتحدث هنا عن التتابع) تُطرح باستمرار في حين أنها تميل إلى الزوال من الأفق المقارني. لنذكر مثلاً اطروحة بيير غالي: تكوّن الرواية الغربية. دراسة حول تريستان وإيزولت ونموذجها الفارسي، طبعة دوسيراك، 1974) إذا كان يمكن دحض فرضية التأثير الفارسي من قبل مختصين، فإنه لا يمكن أن ننفي عنه منهجيه المقارني المتين مثل مشاكل داخلية لتريستان، مقابلة مع نموذج فيس ورامين، قراءات مقارنة لبنيات ثلاثية مركبة)، ولفاعلين متشابهين، وموضوعات ودوافع متشابهة)، ومشاكل النقل)... إلخ.
يوضح مثل هذا العمل، عن طريق إعطاء المثال، البرنامج الضخم الذي وضعه إيتامبل.
-حدود النظام التعليمي:
هناك حدود أخرى، مثل الجهل الذي أدانه إيتامبل بشدة: يجهل المقارنون كل شيء عن الآداب الغنية آداب اللغات التامولية، والفارسية، والمالغاشية، هذا إذا لم نقل شيئاً عن السنسكريتية، الصينية، واليابانية، إلخ) مما لا شك فيه أن هذه الجهالات، وجهالات أخرى، تقودنا إلى مواجهة حدود أخرى فرضتها ممارسات التعليم، خاصة تعليم اللغات الأجنبية. يضاف إلى ذلك أيضاً غياب هذا الحقل المعرفي عن التعليم الثانوي، ويجب التذكّر أن أستاذ اللغة الفرنسية الذي تلقى تعليماً في الآداب الحديثة وجب عليه إلزاماً أو اختياراً بحسب الأذواق) تعلّم الأدب العام والمقارن.
-الأدب العام والمقارن والتعليم الثانوي:
هناك مفارقة يجب التأمل فيها: إن إشكالية الأدب العام والمقارن أساسية ومكملة في الوقت نفسه، وهذا المقرر اختياري في التعليم العالي، ومنسي في التعليم الثانوي.
تُطرح مسألة وضعه إذن ضمن الوسط الجامعي والمدرسي، وهذه المسألة هي التي تغرق الجماعة المقارنية ضمن أزمة هوية وتدفعها إلى التفكير بخصوصية تعليمها وبحثها، وتعليم المقرر ووظائفه، ومهماته.
-تعليمات رسمية.
إننا نكتشف بفائدة في كتاب فإن تييغم 1931) أنه منذ عام 1905 تشتمل برامج المدارس العامة الابتدائية مفهومات من الآداب الأجنبية)، وأنه منذ عام 1928، يتلقى طلاب الثانويات، من الفتيان والفتيات، خلال فصل دراسي، أولاً مفهومات من الآداب الأجنبية التي تدرس ضمن علاقاتها مع الأدب الفرنسي باستثناء الطلاب الذين يدرسون اللغة اليونانية). ونقرأ بالاهتمام نفسه في -التعليمات الخاصة بتعليم الفرنسية. أنه في الصف الثاني يتحدد الوصول الحاسم إلى الأدب).
يتابع -المدرس -الجهد الذي شُرِع به في الثانوية من أجل تشجيع اللقاء والحوار بين الثقافات المختلفة، عن طريق اقتراح نصوص مكتوبة باللغة الفرنسية كتبها مؤلفون أجانب وذلك بصورة عرضية ويفسح المجال أمام أعمال أجنبية قديمة أو معاصرة: يسمح التجوال في الآداب الأخرى بالتحديد الأفضل لأدبنا، ويفتح لكل شخص إمكانية إغناء ثقافته" وكذلك أيضاً: "إن دراسة الأعمال الفنية المرتبطة بدراسة الأعمال الأدبية مفيدة إذا أردنا فهم روح عصر مثل عصر النهضة) أو تحديد معايير جمالية معينة مثل الباروكية)" وأيضاً: "يأخذ أستاذ الآداب في الحسبان وجود الصور في ثقافة اليوم وأهميتها وذلك بالتعاون مع أستاذ الدروس الفنية. إنه يوسع المعارف المكتسبة في الثانوية في هذا المجال ويعمقها. وأخيراً: "يوضح التحليل النقدي للاقتباسات السينمائية أو التلفزيونية لرواية ما خصوصية كل لغة ويجعل الطلاب أكثر قدرة على قياس قدرات طرق التعبير المختلفة هذه وآثارها."
بالنسبة للبرامج: "سنستعيد المؤلفين الأجانب باللغة الفرنسية، والمؤلفين القدماء أو الأجانب المترجمين، والأعمال والنصوص غير الأدبية تحديداً. وبالنسبة لكل هذه الدراسات، وكلما أمكن ذلك، سنربط بين النص والصورة، وبين النص والموسيقا." ستُدرس أولاً العلاقات بين الأدب والفنون، والحضارة بالنسبة لعصر معين، أو بالنسبة لحركة فنية) يتعلق الأمر بدراسة النصوص ومقابلتها). ستُظهر المقاربات بين النصوص التشابهات والاختلافات، والاستمراريات والانقطاعات مع الاحتفاظ بخصوصية كل نص ضمن تاريخ الأشكال والأفكار" وفي "النهاية تُقدّر دراسة عمل عظيم مترجم من الأدب العالمي القديم أو الأجنبي)"، "عمل يوضح العلاقات بين الأدب والفنون الأخرى الرسم، الموسيقى، السينما- إلخ") أما بالنسبة للأستاذ فإنه "يظهر فائدة التقاربات والمقارنات التي، من خلال الربط المنهجي بين النصوص، والمجالات، والعوالم الثقافية المختلفة، توضح أصالة الأعمال وخصوصية الفروع المعرفية: التقاربات بين الأدب والفن... العلاقات بين الأدب والفكر الفلسفي... المقارنات بين آداب العصور واللغات المختلفة".
في كل حالة، تعطى بعض الأمثلة: بودلير، دولاكروا، س، غيز، فاغنر، "الأدب، والرسم، والنحت، والسينما السرياليين"، "لوكليرك والأبيقورية"*، "بروست وفلسفات عصره"، "القصة في القرن العشرين". يُفهم هنا سبب حرصنا على ذكر هذه النصوص كثيراً لأنها تلخص البرنامج الذي دُرِس هنا في ثمانية فصول، وتعيد استخدام الكلمات الرئيسية في المقارنية: الحوار، الدورة، العلاقة، التقارب، الاقتباس... الخ. نظرياً، يبدو خطأ القول إن الأدب العام والمقارن غائب من التعليم الثانوي: إنه يبدو حاضراً في كل مكان بدءاً من الصف الثاني. ولكن المسألة في هذه النصوص ليست إلا مسألة الأستاذ، والمدرس، والبرنامج، وليست أبداً مسألة الطلاب، أو النظام التعليمي، أو مجالس الصف، أو آباء الطلاب.
-ممارسات يجب ابتكارها:
المشكلة ليست هي مشكلة غياب الأدب العام والمقارن من المرحلة الثانوية وهو يمتلك وسيمتلك كل الأسباب لأن يكون في هذه المرحلة)، بمقدار ما هي مشكلة الربط الأكثر فعالية وتواصلاً بين مدرسي الفرنسية الذين يتحملون مسؤوليات ثقيلة في تقديم الآداب الحديثة ضمن عالم يسمى حديثاً)، وبين التعليم العالي الذي يجب عليه أن ينظم لحظات التأمل والبحث وأماكنها من أجل أولئك الذين سيشكلون الجمهور الجامعي مستقبلاً. على كل حال، من المفيد تحديد نقطة: مثلما أن من واجب المقارن الجامعي الأدبي) أن يفكر بروابط وثيقة مع الطالب الثانوي، عليه أيضاً أن يتبرأ من مسؤوليته أمام تطور الأقسام الأدبية في التعليم الثانوي، والممارسات التي تجعل من الرياضيات أساس الاختيار، والتي تضع لذلك الثقافة الأدبية في مستوى أدنى من وجهة نظر مؤسساتية، وفي عقليات أهالي الطلاب، والطلاب، والمدرسين في الوقت نفسه. تسعى الآداب الحديثة في الجامعة شيئاً فشيئاً لأن لا تكون اختصاصاً مختاراً بحرية أو عن طيبة خاطر، ولكن لأن تكون مقبولة، عقب ما يقدم غالباً أو يحس كأنه نتائج فشل مع ذلك، يبدو أن عصرنا ومجتمعنا سيحتاجان الآداب الحديثة على ثلاثة مستويات:
1-على مستوى التعليم المكثّف، والمُعَزّز في الوضع الحالي للأشياء، بالنسبة لأولئك الذين يعدون أنفسهم للدراسات الأدبية طوعاً، وبالنسبة لمهن التعليم.
2-على مستوى تعليم الثقافة العامة، عن طريق تقديم المواد، والمعارف الدقيقة، ووسائل إيصالها إلى أولئك الذين يحتاجون لانفتاحات على العالم الحديث والثقافات الأجنبية من أجل مهنهم المستقبلية.
3-على مستوى الإسهام وليس التكملة) النوعي، والضروري الواجب تحديده ثانية باستخدام علميين) وقانونيين) من أجل فتح لغتهم وفكرهم الاختصاصيين على بعض الحقائق الأدبية والثقافية.
حالياً، ومن أجل العودة إلى مدرس الفرنسية في صفة، من المهم التفكير، بالنسبة له، بجلسات نظامية، مبرمجة حسب الأصول، وتغيير التوجيه للمدارس، وجلسات إعلام متبادل حول الوضع الحالي للبحث من التعليم العالي نحو التعليم الثانوي وبالعكس) وحول صعوبات العمل التعليمي في المرحلة الثانوية، جلسات يتواجد فيها مدرسو المرحلة الثانوية، والعليا والموجهون) والطلاب في بعض الحالات) من أجل حوار مؤسساتي وتقديم مقترحات محددة، مع برنامج عمل، واستحقاقات، وتقويم العمل، إذا كان على مدرس اللغة الفرنسية أن يبجل التعليمات والبرامج التي ذكرت، فإنه يجب إعطاؤه الوسائل لأن يكون أو أن يصبح موحّداً بين اللغات الحيّة، والتعليم الفني، والتاريخ.
من أجل إعداد البرامج المقترحة، وتنفيذ هذه المشاريع بنجاح يجب تنظيم أشهر موضوعاتية، ونصب جسور عقلية وفكرية) بين صالات الدروس، وإعادة توزيع استخدام الوقت، واستعدادات مادية وعقلية بالنسبة للمدرس، وابتكار طرق عمل الدراسات العليا من أجل دعمه، وتأمين الوسائل المادية، والإنسانية لإعداد شبيبة الغد.
يجب على المقارن وحده) أن يمتلك فرق عمل، كمحاورين، تقوم ببحث مشترك حول النصوص، ومقاطع من النصوص ومسائل للإيضاح، ومسارات وتطورات من أجل امتلاك عناصر ثقافة عامة ونقدية. يمكن أن نُدهش من رؤية أنه في الحاضر الأوربي، قلما يُختار الأدب العام والمقارن، والآداب الحديثة، الذين لا يمتلكون كثيراً وسائل نوعية من أجل المهمات التي يجب أن يضطلعوا بها. أخيراً، نُسيت الآداب الحديثة أو أسيء استخدامها في إعداد الأساتذة وخاصة في التدريب المستمر.
-الأدب العام والمقارن والتعليم العالي.
يوجد مشاكل نوعية في تعليم الأدب العام والمقارن، على مستوى التعليم العالي. بالإضافة إلى وجود ملاك ضعيف إلى حد ما، يواجه المقارنون صعوبات في علاقاتهم مع الأدب الفرنسي، واللغات القديمة، واللغات الحية.
-ضعف القدرة الملاكية:
إذا أخذنا الإحصاءات الأخيرة 1993)، نجد أنه من بين 4468 مدرساً في الفريق الثالث من المجلس الوطني للجامعات، الذي يضم علوم اللغة والآداب القديمة، واللغة والآداب الفرنسيين، والآداب المقارنة)، واللغات الأنكلو- سكسونية، والجرمانية، والرومانية، ولغات أخرى)، هناك /161/ مدرساً في عداد الفرع العاشر الآداب المقارنة)، منهم خمسة وثمانون أستاذاً، ومئة وثلاثة محاضرين. إذا اجرينا مقارنة نجد /1228/ مدرساً للآداب الأنكلو- سكسونية 852/376/)، و/845/ للغة والأدب الفرنسيين 499/346)، و/367/ للغات القديمة 218/149). يمثل المقارنون إذن 3.60% من مجموع الفريق الثالث. يضاف إلى ذلك أنهم غائبون من مراكز البحث مثل مركز البحوث العلمية، ومعهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية يجب الحديث عن مقارن مدعو إلى دراسته العلاقات الدولية للأدب العالمي.
-الأدب العام والمقارن والأدب الفرنسي:
تبدو ضرورة التجذر) الثقافي مصطلح لإيف شيفريل) بالنسبة للمقارن ليست فقط مستحبة ولكنها أيضاً لا يستغنى عنها. يقود التجذر الحقل المعرفي بالضرورة إلى مفصلة برامجه مع برامج الأدب الفرنسي، وإلى دمج أعمال من الأدب الفرنسي ونصوص باللغة الفرنسية، بصورة مادية وعملية، والأخذ في الحسبان المسائل الثقافية، التي يسمح فيها المرجع الفرنسي المعروف) بالانتقال من المثال المعروف إلى غير المعروف، أو أقل شهرة، ليس من أجل فرضه، ولكن من أجل صنع نقطة استناد منه، ونقطة انطلاق، ونادراً نقطة وصول. ولكن كلما ازداد عدد المراجع الفرنسية، كلما صغر البعد المقارني. بالنسبة للمقارنين، إن تعليم الأدب العام والمقارن وتعليم الفرنسية متكاملان)، وليس من المعقول أن يتجاهلا بعضهما بعضاً. الأسوأ من ذلك، أن أحدهما يعد الآخر منافساً له. بالنسبة للمتفرنسين، يظهر التطبيق آراء مختلفة، ويعد الحوار والعلاقة أيضاً بيانات قوة والمقارن يعرف ذلك) نتابع مع إيف شيفريل ضمن مقالة في الأخبار الأدبية، 1976، لم تفقد شيئاً من راهنيتها) "ليس لنا أن نبرز دراسة مسرحية فيدر لراسين"، "يجب علينا أن نبرر البرنامج الذي وضعها إلى جانب الملك لير وPENTHéSILée من أجل تحديد إشكالية التراجيدي في الأدب الدرامي الأوربي". هناك تبعات ومخاطر لا بد للمتفرنسين وكل اختصاصي من الإشارة إليها: أصحاب التعليم السطحي، والمتكلف والمقلق إذا طور مذهب الشك في مواجهة كل مفهوم قيمة). وهناك فوائد منها المنظور التاريخي، تطور الروح النقدية، تعليم الفطنة، تحويل الطالب إلى قارئ يواجه عملاً أجنبياً بمعارفه. نتيجة لذلك: "لا يستطيع المقارن تبني وجهة نظر SIRIUS"، إنه متجذر في ثقافته التي يجب أن يأخذها في عين الاعتبار. الأدب والثقافة الفرنسيان إذن ضروريان، ولكنهما غير كافيين، يجب إضافة دراسة الثقافات الأجنبية إليهما. هناك مجالات بحوث متجاورة بين المتفرنسين والمقارنين دراسة البعد الأجنبي لعمل فرنسي: ستاندال وإيطاليا، الشرق وموريس باريس...)، وهناك أيضاً إشكاليات مشتركة تقريباً، للبعد الأجنبي في جمالية التلقي، -قراءات×مؤلف فرنسي، أوجه×..)، وأراضٍ مشتركة غنية: مثل الفرانكوفونية... ينضوي هذا المجموع الذي لم يشر أبداً إلى تنوعه تحت قطاع الدراسات المقارنة يمكن بحق الحديث عن فرانكوفونية متعددة الأشكال. من الممكن إجراء البرنامج المقارني كله ضمن الفضاء الفرانكوفوني: يتعلق الأمر بنصوص أدبية مكتوبة باللغة الفرنسية غالباً، مختلطة بلغات محلية بصورة واسعة حالة أمادو كوروما مثلاً مع عمله الكلاسيكي- شموس الاستقلال)، وتتغذى على أسس تاريخية، واجتماعية، وثقافية، تجعل من هذه النصوص مظاهر انزياحات لغوية وثقافية بالنسبة للفرنسي الأصلي. تعد بعض التساؤلات المقارنية هامة خاصة بالنسبة لفهم هذه الآداب: مثل صورة الآخر الأوربي أو الفرنسي القريب أو الألماني)، وانتقال النماذج الأدبية، وظواهر المثاقفة، وتبني موضوعاتيات جديدة، وتطور بعض الأجناس المجهولة ضمن المنظومة الأدبية المستقبلة، وأهمية الموروث الشفهي. هناك إذن مجالات بحث هامة يجب استكشافها، وفرص عديدة من أجل تشذيب الإشكالية المقارنية. إن أعمال البحث مثل أطروحات الدبلوم، ورسائل الدكتوراه) كثيرة. ولكن يجب الإشارة إلى أنه إلى اليوم لم يظهر أي مؤلف فرانكوفوني ضمن برنامج اللغة الفرنسية الثانية الأدب العام والمقارن) في شهادة الأستاذية للآداب الحديثة. قضت تعليمات آذار 1994 الخاصة بتعليم الآداب في الصفوف النهائية L وES) بإدخال نصوص فرانكوفونية إيمي سيزير)، ومنظورات مفيدة في الأدب العام.
-الأدب العام والمقارن والآداب الحديثة:
كان يجب لفترة طويلة فك) العلاقات بين الآداب الكلاسيكية والآداب الحديثة: أبدت الآداب الكلاسيكية معارضتها الشديدة لشهادة الأستاذية في الآداب الحديثة التي أحدثت عام 1959. هناك حالياً عدد من مدرسي اللغات القديمة يمارس مع دراسة الأساطير أو مع اللاتينية الجديدة نوعاً من الأدب العام والمقارن. لم يفكر المقارنون أبداً بالانقطاع عن الجذور القديمة، وإن أصبح الوصول إلى اللغة اللاتينية، أو اليونانية نادراً شيئاً فشيئاً لسوء الحظ، وتبقى الحقبة القديمة المتأخرة أو الباقية صعبة في الدراسة.
يجب الاغتباط من التعاون الذي يتوطد ضمن بعض الجامعات. ومن تشكيل فرق بين أقليتين، مع ذلك ما زالتا غير متساويتين.
-الأدب العام والمقارن واللغات الحية.
يتعلق الأمر بمشاكل معقدة تُطرح على مستويات عدة.
-أخصائيون)وعامون):
سنتجاوز سريعاً هذه النقطة التي ليست إلا نوعاً من التنازع بين المقارنين والمتفرنسين. ليس هناك فائدة لهذا المعطى الثابت للحياة الفكرية الجامعية إلا فائدة طرح مشكلة مستويات معرفة لغة أجنبية. من المشروع التمييز بين القراءة الممكنة بلغة أجنبية وبين تعلم اللغة نفسها، مع جلسات في كبين) من أجل تصحيح حرف صوتي مفتوح بصورة ضعيفة جداً، أو من أجل تناوب حرف صامت مفخم بصورة غير كافية. من الممكن الحديث عن معرفة منفعلة) للغة حية هذا التعبير لبيشوار روسو وإيف شيفريل). وهذا الأخير يواجه الممارسة الشائعة للغتين أو ثلاث لغات) والوصول) أو المعرفة المنفعلة) لنصف دزينة من اللغات الآخرى: وهذا ليس يوتوبياً) ويشكل استثماراً معقولاً). وسنعيد أخذ إحدى أفكاره المطروقة من زاوية المعنى الجيد: "إن قراءة توماس مان مُترْجَماً أفضل من عدم قراءته في اللغة الألمانية"
-فن تعليم خاص يجب ابتكاره.
يبدو طبيعياً مواجهة تعلم مبادئ اللغات الأجنبية، وربط ممارسة اللغة مع ممارسة قراءة أدبها، وهذا يوازي في أهميته امتلاك برامج حضارة، المكرسة بصورة واسعة للحياة اليومية الراهنة مثل الأحزاب السياسية، والانتخابات، والنقل، والاقتصاد، والجغرافية المدنية والبشرية... إلخ). إن معرفة المقارن أكبر عدد ممكن من اللغات تعد مبدأ أو بصورة أصح، وضعاً مثالياً. ولكن ماذا تعني معرفة لغة؟ يجب إذن مواجهة التعلم التدريجي للغات الحية، ومستويات المعارف، وهذا ليس اختصاص المقارن، وليس هذا هو الواقع اليوم لأننا نلاحظ أنه قلما يوجد غالباً اختلافات في البكلوريا) بين معارف الإنكليزية LV1) أي سبع سنوات، ومعارف LV2) أي خمس سنوات. أما بالنسبة للمقارن، فيجب عليه تطوير فن تعليمي خاص استناداً إلى نصوص أدبية متزحمة، والتفكير في مختلف الإمكانيات لاستخدام ترجمة حالة القراءة الأكثر شيوعاً)، وضمن إطار الدروس، استخدام كفاءات الطلاب الأجانب كمحرضين: يجب أن يكونوا أكثر عدداً ضمن التبادلات الأوربية. ويجب أيضاً تطوير استخدام الطبعات مزدوجة اللغة، وإعادة أخذ فكرة زميلنا ريني غيز في سلسلة من ترجمات العصر المعاصر للنص الأصلي والمشروحة حسب الأصول).
-المجالات اللغوية ومستويات المعارف:
أي لغات يعرفها جمهور الطلاب الذي يتوجه إليه المقارن؟ هنا تُطرح مسألة اللغات النادرة) من المؤكد أننا نستطيع أن نرثي، مع إيتامبل، حالة جهل بعض اللغات، ولكن هذا الجهل ليس بالضرورة، مرادفاً لفرانكوفونية مركزية، أو مركزية أوربية. وهناك أيضاً حدود للروح المتعاطفة مع الانفتاح:
عمل إيتامبل كيف نقرأ رواية يابانية؟) يجب أن يُفكر بـ إيبيل- فانلاكت، 1980) من قبل أولئك الذين يريدون الإقتراب من الترجمة دون احتياط. إذا أخذنا مثال الجامعات النادرة التي تطرح فيها مسائل الشعرية المقارنة بين الشرق والغرب(8) ، فإن التعليم المقارني لا ينفصل عن امتلاك العناصر اللغوية والثقافية. بالنسبة للمجالات اللغوية والثقافية الأخرى، يجب على المقارن أن يقبل، طوعاً أو كرهاً، حالة معرفة الفئات) الكبيرة من الشباب: الانكليزية -الإسبانية، والإنكليزية -الألمانية للعكس نتائج أقل أهمية).
وما هو أكثر خطورة، وشذوذاً هو الجهل المنتشر بين طلاب اللغات الحية للأدب العام والمقارن في الوقت الذي يستطيع فيه هذا الأدب أن يساعدهم في معرفة الأجنبي، ودراسة الاختلافات، والمظاهر، وتقويم الترجمة، وظواهر التلقي. ولكن وكما أشار سابقاً عام 1976 إيف شيفريل: "إن معارف الشباب الفرنسيين الضعيفة للغات يقود UER للغات الحية إلى التركيز على تعلم اللغة والأدب المختار، ونتيجة لذلك، إلى عدم توجيه طلابهم طوعاً نحو الدراسات التي تعد موازية".
ويسجل أندريه -ميشيل روسو سابقاً ضمن حكم نهائي(9) أن: عدم كفاية المعرفة اللغوية تعد إحدى نقاط الضعف الكبيرة في تعليمنا العالي.)
يجب ألا تنسينا مشكلة اللغات الحية والخطيرة مشكلة الثقافة العامة الضرورية للمقارن، والطالب أو... المدرس.
- الأدب العام والمقارن والثقافة العامة.
ماذا يجب أن يُفهم من ثقافة عامة مطلوبة من طالب في الآداب الحديثة؟ وما يحمله معه من التعليم الثانوي، وما يجب أن يكسبه خلال ثلاث سنوات في الأدب العام والمقارن مستوى الليسنس*).
لنتجاوز المعرفة الأدبية في المرحلة الثانوية لكي نقول بعض الكلمات عن تعليم عابر: هو تعليم الفلسفة في الصف النهائي والذي لا يعود إليه طالب الآداب الحديثة) أبداً بصورة عامة. يوجد هنا موقف متناقض وضار بصورة خطيرة بالنسبة للطلاب العامين). يمكن أن نتصور أن الأدب العام والمقارن يُستخدم للمحافظة على نوع من التفكير الفلسفي: تاريخ الأفكار، العلاقات بين الفلسفة واللغة، وبين الفلسفة والشعر، وعلم الجمال العام، وغير ذلك من التوجهات التي تشكل جزءاً من الثقافة العامة التي نحددها.
على ماذا تركز إذن خبرة ثلاث سنوات؟
1-امتلاك تاريخ أدبي عام، يكون متنوعاً بأكبر قدر ممكن، يشمل أوربا وفضاءات غير أوربية.
2-امتلاك أداة مفهومية، وتصورية نابعة من الإطلاع على أعمال نظرية عظيمة، ومقالات منشورة في مجلات أدبية ومقارنية)، والقراءة السريعة بمساعدة الأستاذ) لبعض أعمال البحث الأساسية بالنسبة لهذا الحقل المعرفي رسائل دكتوراه، أعمال توليفية، ودراسات).
3-تمثُّل الحد الأقصى من المعارف الخاصة بتاريخ الأفكار والأشكال مثل الفلسفة والفنون).
إن امتلاك الأدوات يتماشى مع امتلاك فكر نقدي. ولن يكون هذا الفكر معفى بطريقة مسبقة ونظرية، ولكن في الوقت نفسه الذي تتوسع فيه وتتنوع معارف محددة، ومتباينة، وتنفتح على تطورية واسعة وليس على عالم حديث، راهن، ومعاصر. إننا نفهم الحاضر بصورة كاملة عن طريق معرفة الماضي، ونعطيه مداه الحقيقي. كتب ميشيل دوسيرتو(10) : "يعطي مجتمع معين لنفسه حاضراً بفضل الكتابة التاريخية." يجب أخيراً أن يجد الطالب إيقاعاً ومضموناً لقراءاته ويستطيع أن يحدد حدود قراءته.
يجب أن يسمح التعليم المقارني للطالب على مدى ثلاث سنوات، لكي يبقى محافظاً على معارفه في هذا المجال، بالتآلف، والتحرك عبر الأساطير القديمة الكبيرة إنه سيكتشفها بعد الزيارة الأولى للمتحف حتى وإن لم يجدها في آخر Goncourt، والمتتاليات التوراتية الكبيرة التي تسمح له بالتقاط أكثر من إشارة وإذن مادة التناصية وليس فقط الآلية)، والأجناس الكبيرة) وتعبيراتها الأساسية الملحمة، الشعر، المسرح، الرواية)، والاستمراريات والانقطاعات الهامة، ولحظات الانشقاق الثقافي، وظهور أجناس جديدة، وموضوعات وآداب جديدة، وإشارات وعنوانات، ومضمونات، وتحليلات، يجب ممارستها وفق إيقاعات مختلفة، كما بالنسبة للقراءات بعضها سريع، وبعضها الآخر دقيق) يجب القيام بانفتحات على الآداب غير الأوربية في أسرع وقت ممكن: نقول مثل ذلك عن العلاقات بين الأدب والفنون. مثلما أنه يجب إبعاد الإنسان عن المنهج الواحد، والكتاب الواحد، يجب أيضاً إبعاده عن القرن الواحد، والعقد الواحد. يجب أن تمنح اللغات الأجنبية، والمفهومات النقدية، وعناصر الثقافة العامة، للطالب توسعاً في أفقه، وقدرة على التأمل، وتطبيق معارفه.
-التدريب على البحث.
على الطالب أن يتعوّد خلال السنوات الثلاث التي يقضيها قبل الليسنس) أيضاً على البحث الأدبي كلياً أو جزئياً) إذا كان هناك ميل لتعويد الطالب على البحث دون انتظار سنة الميتريز) السنة الرابعة)، وذلك بتقليد بلدان أخرى مثل ألمانيا، فإنه يبدو منطقياً عدم إلزام مجموع الطلاب بهذا التدريب: لحسن الحظ لا يرغبون كلهم بأن يكونوا مدرسين -باحثين. سيؤدي مثل هذا التطور، على المدى المنظور، إلى مواجهة دروس أكثر انفتاحاً)، وأكثر قرباً من صيغة السيمينير)وهذا لا يمر دون نتائج متعددة بالنسبة لاستخدام زمن المدرسين، وساعات أكثر ملاءمة بالنسبة لعمل جماعي ضمن مجموعات صغيرة في المكتبات:
يستطيع التوتورا- Tutorat) الذي يُطبق بخجل، والطلاب -الباحثون الذين يجب تحديد وضعهم والتزاماتهم) أن يقوموا بدور مفيد كمتدربين ووسطاء.
يتطلب التدريب على البحث التحليل شبه التسلسلي للرسائل ميتريز) من أجل الإطلاع على الإيجابيات والسلبيات في المنهج المتبع، وفي اختيار خطة معينة. إن القراءة الإجبارية والمُفسّرة للرسائل خلال سنة الليسنس) تساعد الطالب على التعود على العمل الذي ينتظره، وتحديد خيارات الموضوعات.
-الأعمال والتمارين المقارنية:
يبدو للوهلة الأولى، أن هذا الاختصاص قلما يمتلك تمارين خاصة. إذا أخذنا كتاب ف. كلودون وك. هاداد وتلينغ الصغير الوجيز في الأدب المقارن) والمُخصص في جزء كبير منه لمناهج المقاربة المقارنية)، فإننا سنجد، بعد جوابين عن سؤال كيف نقارن؟)، تمرينين مع- أشكال مختلفة- بالنسبة للثاني): مثل البحث والشرح المقارني المركب). يذكّر هذا المخرج بتمرينين يعطيان في دبلوم الأستاذية في الآداب الحديثة، بالنسبة لكل ما هو أدب عام ومقارن. في كل سنة، هناك مسألتان تؤلفان منهاج الأدب العام والمقارن في المسابقة. وكمثال على ذلك، أعطي عام 1994: "وجوه الرواية الطبيعية: زولا، الخّمارة المريبة، وجيوفاني فيرغا، les Malanoglia وتوماس مان، les Buddenbrook"، و"موضوع دون جوان: تيرسو
ولينا، محتال سيفيل؛ موليير، دون جوان؛ بوشكين، ضيف الصخرة؛ لينو، دون جوان"
هناك دراسات بحجم الكتاب الحاضر بالنسبة لتقديم تمرينين مع نصائح وأمثلة(11) سنعطي هنا، إذن، بعض الإشارات السريعة والأفكار العامة.