عرض كتاب بيشوا - روسو مسائل المورفولوجيا الأدبية) بعد عرض الدراسة الموضوعاتية )، وأعيد أخذ هذا التوجه في كتاب عام 1983(1) الذي اختفى فيه، مع ذلك، العنوان الرئيسي البنيوية الأدبية). يمكن أن نستغرب السرعة التي عولجت فيها مسألة الأشكال، ولكن الاستغراب يزول عندما نتذكر أننا قرأنا في الفصل المخصص للتاريخ الأدبي العام) عرضاً للأجناس الأدبية التي تندمج تحت منظور دراسة تاريخية موسعة : حيث تعرض مشاكل الأسلوب، والحقبنة، والأجيال. مع ذلك، أدير التفكير حول الأجناس ضمن منظور شعري. بشهادة هذه الكلمات في المقدمة : " إن الوجود التعاقبي - التاريخي - للأجناس الأدبية هو الدليل الساطع على تقليد يفرض نفسه على المؤلفين. يحصل أحياناً أن يبدع العمل شكله، ويحصل غالباً، أو على الأقل كان قد حصل، أن ينزلق العمل ضمن شكل يكون موروثاً من الماضي القديم [ ....]. " كانت فكرة الشكل) حاضرة، إلى حد أن الملحمة، والقصيدة الغنائية، والمأساة، والملهاة كانت تقارن ببراميل حقيقية من فراشات الليل الأوربية التي تملأ في كل مرة بسائل مختلف). ولكن يشار، في الحال، إلى أن " البراميل يتغير شكلها تحت تأثير المواد التي نسكبها فيها " وكأن هذا من أجل تأييد هنري فوسيلون أوجان روسيه ربما من المناسب، عندئذ، الحديث ليس عن براميل) ولكن عن هذه القرب القديمة وعن هذا النبيذ الجديد اللواتي حكم العهد الجديد بتعارضها بصورة نهائية، وقد يكون من المناسب خاصة حل بعض المسائل المصطلحية التي تقارن بغرابة بالمسائل التي تقاطعت سابقاً.
- مسائل المصطلح :
يمكن أن تستخدم كلمة شكل) لكي تعيّن عنصراً يؤدي إلى التنظيم الداخلي للنص المدروس أو يسمح بدراسات ماوراء نصية ذات طبيعة تاريخية أو شعرية مثل حياة الأشكال الأدبية. وتسمح الكلمة بالتجريد الأكبر، والتعميم في دراسة المورفولوجيا). علاوة على ذلك، عند الاستخدام، وبالرجوع إلى دراسات الأدب العام والمقارن أو إلى أعمال أكثر اختصاصية في الشعرية، يبدو أن الجنس ليس إلا وجهاً خاصاً للشكل. وتستدعي كلمة الشكل عناصر تعريف خاصة : هي السمات الجنسية، وتثير امتدادات : سنتحدث عن طبقات جنسية) لايمكنها أن تندمج مع مفهوم الجنس يتجاوز الشعري والتراجيديا الشعر والمسرح). أخيراً، لايمكن التفكير بالجنس خارج السلسلة أو المجموعة التي نسميها منظومة) الأجناس، في أدب وعصر معينين يمكننا أن نتمرد ضد المقاربات الأولى هذه ونقرر أن الشكل يحيل إلى إجراءات تنظم الكتابة وتحددها، وتكون مُقنّنة، وثابتة مثل تقاليد النظم، والمجموعات المقطعية الشعرية والعروضية، والتقسيم إلى فصول ... ولكن يجب القبول مباشرة أنه في حالة السونيتة (2) الحدود بين الجنس والشكل غير واضحة المعالم كثيراً، ونجد الجنس، أوبصورة أصح الجنيس فئة مستخدمة كثيراً في الواقع) مع السونيتة الغزلية أو السونيتة الساخرة، والهجائية، إلخ. وإذا كان بعضهم يفضل الحديث، حول هذه النقطة، عن نماذج وفي الانكليزية Modes) فإن الهجاء، والمجاز، والمحاكاة الساخرة، والهزأة نماذج بنية شاملة لنص وتؤكد على الميزة الجزئية للنص المدروس (3) . سنتحدث عندئذ عن طبقة جمالية _ أديبة) أو عن نغمة انفعالية) (4) ، أو عن نغمة مسيطرة )(5) ، وهذا يتطلب، في الحالات كلها، شكلاً أو أشكالاً عدة يستطيع المقارن أن يجمعها بدلاً من أن يحاول تضيفها.
يمكن أيضاً تأييد أن الانتقال من الشكل إلى الجنس ظاهرة تاريخية : يصبح الشكل) سونيتة أو الشكل) حوار جنسين في عصر النهضة(6) عندما ينزع الشكل لأن يتطابق مع النص في كليته، يمكن القول إن الشكل ينزع لأن يصبح جنساً.
يدخل الموضوع ثالثاً في الجدال بين الشكل والجنس. مثلما يظهر
ينيك كومب ضمن توضيح تركيبي قيّم (7) ، فإن مفهوم الجنس) تقاطع لمعايير موضوعاتية) مثل موضوع العمل المقصود، ومعايير شكلية) لغوية، وأسلوبية، وطرق التعبير، والشكل المنظوم أم لا، والبنية). ولكن كما أن، المادة التي تدرس، لفظية تعرف الفنون غير اللفظية أيضاً التضيف ضمن أجناس )، فإنه من المستحيل مواجهة فحص المعايير الشكلية الخالصة) : سيكون هناك دائماً مزيج) من المسائل الدلالية والشكلية. فضلاً عن ذلك، فإن مشكلة الهوية الجنسية) لنص هل هو رواية مغامرات أو رواية نفسية؟ أو كوميديا أو تراجي - كوميديا ؟) تختفي في الحالة التي يتفوق فيها النص الأدبي على الجنس المحدد هل البحث رواية ؟).
- الجنس والنموذج :
ينزع البعد الشعري لنص ما إذن إلى إزالة الجنسانية ونفيها، هذه الجنسانية التي يبدو أن النص يحييها. على العكس من ذلك، يستطيع نص أن يستعير من نص آخر عناصر جنسية، وبالتأكيد، موضوعاتية. نعلم أن هذا الشكل من الاستعارة) يفيد المقارنين في المقام الأول (8) . يمكننا أن نطلق اسم النموذج) على النص الذي يقدم إمكانية لاستعارات عناصر شكلية وموضوعاتية وتقليدها واقتباسها. يبدو وأن مفهوم النموذج) إذن يقودنا نحو تطورات التبادلات، ولكن هنا أيضاً يمكن أن نستخدم الكلمة عندما نفحص التشكل الداخلي لنص مسألة في الشعرية ). النموذج، مثل الموضوع أو الأسطورة، تناص، وما وراء نصي في الوقت نفسه. مما لا شك فيه أن هذه الميزة المزدوجة هي التي تصنع من النموذج عنصراً يتجاوز حدود النص، ومفهوماً مناسباً مع ذلك، يستخدمه المقارنون بإرادة. يظهر تاريخ العلاقات الأدبية أنه يمكن للنص أن يصبح نموذجاً) مثل الكوميديا الإلهية )، وضمن هذه الحالة، تصبح صورة الكاتب نموذجاً). لا يمكن لنص أن يكوّن جنساً : إن سلسلة معينة هي التي تعطي وجوداً للجنس في تاريخ تطور أدبي كما في التاريخ الأدبي) وتستطيع السلسلة أيضاً أن تصبح نموذجاً) : سنتحدث، بهذا المعنى، عن نموذج مولييري، أو زولي نسبة إلى زولا )، انطلاقاً من عدد من النصوص التي تتعدد وفق مخططات خاصة، أوالتي تسمح بالتقليد، وإعادة الإنتاج. كل نص يجيب عن أشكال متعددة ويخضع لها، يشكل جزءاً من سلسلة تسمى جنساً، إلا إذا كان مثالاً أو نموذجاً. إن دراسة حالة محددة ستوضح هذه المفهومات.
- الشكل المثال والنموذج:
في المؤتمر الثاني للرابطة الدولية للأدب المقارن شابيل هيل، 1958) طرح مارسيل باتايون في بضع صفحات رائعة المشكلة المحددة والنظرية للشكل) بخصوص عمل عظيم لايخضع للتصنيف من الأدب الإسباني : هو Celestina) 1499) لفيرناندو روجاس.
ويحدد مباشرة أنه سيأخذ كلمة الشكل) ضمن المعنى التالي : "العمل بوصفه مثالاً عن جنس مقيّد ". فالشكل هنا إذن خاضع لغاية أو على الأقل لقصد) يوجه البنية) أو البنية الدقيقة )، وهو يختلط أحياناً بالأسلوب أو المعمارية العامة).
يسمح مفهوم الشكل) إذن بالذهاب إلى أقرب ما يمكن من تشكل نص متميز وأول).
هذه المسرحية الغريبة ليست رواية، ولا رائدة للشكل الروائي، ولا مأساة شكسبيرية قبل الأدب، ولا شكلاً مبكراً للرواية البيكارسكية بسبب الأم القوادة سيليستينا )، وجددت بجرأة، وبلغة دارجة، الكوميديا الإنسانية في اللغة اللاتينية. وهي غير قابلة للتمثيل. لأنها صممت من أجل متعة القراءة بصوت مرتفع) انطلاقاً من تحليل النص الأول، يمكن فحص النسخ والإضافات اللاحقة. وعليه لايمكن أن يفصل التحليل الواضح للمادة، عن تحليل طرق التعبير .وتركيبهما وحده يحدد الجنس السيليسيتني ).
ويعرف مارسيل باتايون هذا الجنس وفق نموذج داخلي) بمكونين اثنين نتذكر عمل جان روسيه حول أسطورة دونجوان) : ولد زوج من العشاق، ولعبة محترفي الدعارة، والقوادة.
ما الذي نقص هذا أم ذاك من المكونين )، وطور في جنس آخر، ونغمة أخرى، سواء كان نوعاً من الكوميديا نسيان المكوّن الأول )، أم ضمن فعل نثري مثل La Dorotea للوب دوفيغا عبر الخضوع للمكوّن الثاني). انطلاقاً من هذا المثال الشاذ خلص مارسيل باتايون إلى ضرورة دراسة الأشكال كضرورة للأدب العام). ولكنه يسجل أيضاً أن الجنس السيليستيني قلما كان له امتدادات خارج إسبانيا. هذه الملاحظة التي أرعبت المقارنين المتزمتين والصلبين مع ماذا ستقارنون هذا النص ؟) سمحت، بالعكس، لهذا الأستاذ المقارن باقتراح برنامج صغير للأدب العام والمقارن : استجواب الاقتباسات ومقدماتها، وسبر مجال الأشكال المتقاربه، والتفكير باتجاه التراجي - كوميديا )، وأخيراً مراجعة الموروث الوطني) والتساؤل عما إذا لم يكن هناك دعوة للاستقبال بالنسبة لبعض الأشكال الأدبية، أو بالعكس للرفض بالنسبة لأشكال أخرى. نقر أيضاً أن الشكل المقصود قلما سمح بتكوين جنس، ولكنه كان من نوع الجنس الذي جدده.
لم يكن هناك نموذج) سيليستيني، ونكبة تعوضها ثروة النمط لسيليسيتنا، رمز بديل للأم القوّادة. إخفاق تاريخي وشعري، ولكنه نصر للشكل المتفرد عمل وحيد دون خلف)، ونصر حقيقي على المستوى الخيالي ومشكوك فيه على المستوى الأخلاقي ...) : ربما يكونون مجددين، ولكنهم ليسوا مبتدئين. أليس التجديد، بالنسبة لماريفو هذا " الكلام المصطنع "، وشكلاً من الدعابة، ودون شك، شكلاً من الروح والحساسية، وأكثر من ذلك أيضاً، بحسب التعريف الموفق لديلوفر، معنى جديداً للحوار الذي لم يحلم أحد قبله بجعله ...) عنصراً مستقلاً). سيصبح الإصلاح) بالنسبة لغولدوني وليسينغ المفهوم الأساسي الذي يلخص مشروعهم. مع ذلك، وكما أظهر في دراسة مقارنة (9) ، إذا كانت إرادة التجديد عند ليسينغ تحمل بصحة ماريفو، وإذا توصل إلى الأصالة بفضل نموذج أجنبي، يمكن شرعاً التساؤل عن المدى التجديدي لهذه الأشكال الجديدة. هل كانت الحقبة التي تغطيها المسرحيات، وهي إجمالاً منتصف القرن، حقبة تجديد حقيقة؟ ألم تنزع التواريخ الأدبية إلى تفضيل القسم الثاني من القرن، وظهور المأساة البرجوازية)؟ من المناسب إذن دراسة المسرحيات داخل إطار مرن ونظري في الوقت نفسه من أجل احترام كل مسرحية، وكذلك من أجل الوصول إلى منظورات للتركيب. لايمكن لهذه المنظورات أن تظهر بوضوح إلا في نهاية الدراسة. ولكنها تستطيع أيضاً أن تبرز كفرضيات يجب التحقق منها أي إشكالية المسألة )، انطلاقاً من تفكير عام) حول البعد التجديدي) لمثل هذا المسرح. من هنا يأتي التحليل المقارن الذي يتبع النقاط التالية : التقليد والتجديد، استخدامات وأدوار : من الشخصية إلى الشخص، والشكل الهزلي والهزل.
- التقليد والتجديد :
يجب وضع هذه المسرحيات بين هذا الرهان المزدوج، ودراسة نماذج العمل في المسرحيات تقليد موليير، وتأثير المسرحيات الإنكليزية العاطفية). تجرى هذه الدراسة من خلال قراءات نقدية، وفهرسة إضافية، ومن خلال إعادة فحص المسرحيات في الوقت نفسه. سندرس أيضاً فعل الفضاء والزمان ومشاكلهما، خاصة ضغط الأحداث الداخلية وقيمتها، وهي غير موجودة تقريباً عند ماريفو، من هنا يأتي عدم عمل يغني الواقع ويعدله، ويطبعه بطابعه، وشكله، وخياله ضمن فضاء اجتماعي وثقافي معين.
- من المورفولوجيا إلى التاريخ الأدبي العام :
إن المقاربة التاريخية والشعرية لمسائل الموضوعاتية والمورفولوجيا ذكرت في كتاب بيشوا - روسو، وفي كتاب برونيل - بيشوا - روسو، بوصفها الإمكانية الأولى، الخصبة لدراسة التاريخ الأدبي العام. لهذا، فإن القسم الأعظم من برامج الإجازة )، ومن المسائل الواردة في شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة، يتوجه نحو هذه الإشكالية المزدوجة التي تسمح بتعددية القراءات : " يمكن لدراسة الأجناس الأدبية التعاقيبة والتزامنية، في الوقت نفسه، أن تشكل، إذن إسهاماً مفيداً في التاريخ الأدبي العام، خاصة إذا اهتمت بالموضوع نفسه الذي عالجه الكتّاب الأكثر تنوعاً، في الزمن والفضاء الموضوعاتيين) : les Antiganes ، les Amphitryons ، والقصائد المكرسة لمآثر الأبطال الوطنيين، تكشف في الوقت نفسه كمونات الموضوع، وسمات العصور والبلدان، وأخيراً، عبقرية كل مؤلف " هل يجب أيضاً ملاحظة المدى المحدود لهذا الكشف إذا أثبت تفرد كل كاتب أو كل عمل؟ في المقابل، إذا كانت المسألة المحفوظة تسمح بقراءة حقبة من التاريخ الأدبي، وإذا كان اختيار النصوص المجموعة يسمح بتمييز هذا العرض أوغيره للشعرية أو التاريخ الأدبي، فإن المسألة الموجهة نحوالأشكال أو الأجناس الأدبية سيكون لها مستويات دراسة متنوعة.
- مثال على الدراسة الشكلية والموضوعاتية :
عام 1992 -1993، كانت إحدى المسائل الموضوعة في شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة تحت عنوان : " أشكال جديدة للكوميديا في القرن الثامن عشر "، واقترح كنماذج للدراسة : مدرسة الأمهات والأم الحميمة لماريفو، والخادمة العاشقة لغولدوني، و Mirna von Barnhelm لليسينع.
- من النص إلى الإشكالية.
إذا دققنا في هذه المسرحيات الأربع، يلاحظ بقوة أن المؤلفين الثلاثة لم يكونوا مبتدئين في اللحظة التي أعطوا فيها مسرحياتهم الكوميدية :
فائدة العرض) التقليدي والثقل الكبير للماضي عند ليسينغ، ولكنه عرض كاذب، ومعلومات غير صحيحة تثير موقفاً فعالاً عند المشاهد المشترك في الفعل؛ ودراسة النهايات المولييرية جداً عند غولدوني، ومحاكاة معروفة للمريض الخيالي)، والنهاية الغامضة في الأم الحميمة)، وهي تجديد حقيقي عائد إلى المقاربة الخاصة للأم، مدام أرغانت، والنهايات في أزمنة عديدة عند ليسينغ، مع انتباه خاص موجه نحو التلاؤم النفسي والاجتماعي مصالحة بين وتيلهام، ثم الوصول المثقف عليه للعم، وزواج التالية- التي ليست جارية- بالمساعد وليس الوصيفة).
- الشخصيات والأفراد:
من فوز اللعبة، ننتقل إلى فحص منظومة الشخصيات بالنسبة للأعمال، وإعادة أخذ الأدوار النسائية، سندرس الانتقال من العمل المقنَّن) إلى تثبيت الشخصية كفرد، ستدرس أيضاً تبدلات الثنائي سيد- خادم بوصفها أوجهاً شكلية بنيوية)، وكذلك تغيرات الأعمال أو الأدوار دور الأم، ودور الجارية).
لا تسجل ترقية الجارية فقط في مستوى اللعبة المأساوية:
يتعلق الأمر بدقة أكثر، بحديث أتى ليفسد ترتيب الأعمال والأدوار، من هنا يأتي تحليل أهمية اللغة تحليل) أشكال الحوار وتنوع النبرة، رائع عند ليسينغ، والعلاقة بين اللغة والجسد عند الضابط تيلهيم)، إن الحديث بالنسبة للشخصيات النسائية كارولين غولدوني) يعني تطوير استراتيجية الكلام، وإقامة علاقة قوة لصالح المرأة التي لا تستبعد الأثر المضحك، ولا الدرس الأخلاقي.
*- الشكل الهزلي والهزل:
هل يمكن حصر دلائل حساسية جديدة، أي حساسية جمهور جديد مولع بموضوعات تفكير منسجمة مع اهتمامات المرحلة، أو يتوجه طوعاً نحو مسائل جديدة في الأخلاق، فردية كانت أم اجتماعية؟ سنلاحظ التباعد الذي يتعمق بين الشكل الهزلي) والهزل) بوصفه مجموعة من التصرفات الغياب شبه الكامل للهزل التهريجي، وهزل الحبكة، ويميل هزل الموقف نحو الهزل اللفظي)، يقود تحليل الهزل إلى الكشف في سلوك تيلهيم عن نموذج) مولييري قريب من ألسيست)، وفجأة، عن غنج عند مينا التي تشبه سيليمين قراءة ثانية للنص وإعادة تقويم له).
يمكن أخيراً حصر دلائل حساسية جديدة جمالية الدموع عند غولدوني، وحنان عند ماريفو)، تطرح مشكلة مزدوجة: ازدهار جنس فرعي هو الكوميديا العاطفية) وأكثر أهمية: ولادة جمهور جديد يفرض هذه النبرة الجديدة، جمهور مولع بموضوعات تفكير منسجمة مع اهتمامات المرحلة، ويتوجه نحو مسائل جديدة في الأخلاق، فردية كانت أم اجتماعية، هذا تفصيل مقارني) ليس واحداً فيها:
تستند اثنتان من مسرحياتنا بوضوح على الكرم: تُرجمت مسرحية غولدوني في فرنسا تحت عنوان : الخادمة الكريمة، وعرفت مسرحية ليسينغ اقتباساً بعنوان: العشاق الكرماء.
إذا أضفنا آثار معنى كلمة الحميمة)، فإننا نسلط الضوء هنا على علاقات إنسانية جديدة تسمح بربط الحساسية والاجتماعية، وهي موضوعات مهمة بالنسبة للعصر المدروس.
وليس أقل صحة من ذلك أن الكوميديات صدعت منظومة الأجناس، هذه المنظومة لم تتزعزع: كان يجب انتظار بومارشي من أجل تجديد الهزل والكوميديا دون أي مركزية فرنسية).
لقد شاهدنا تخريب الإرث المولييري وما بعده، ضمن تجريب الأشكال والبنيات الجديدة، كان ليسينغ هو الذي قدم الكوميديا الأكثر إعداداً في معنى تجريب أشكال أو صيغ جديدة).
على الرغم من اختلافات هذه المسرحيات، فإنها قدمت كلها مخاطر محتملة، يمكن أن يقود تبسيط الفعل رفض كوميديا الحبكة)، إلى مسرح سكوني وقع ديدرو والجنس- البرجوازي- في هذا الفخ).
لأننا نريد بقوة أن نجعل من شخصية ما نموذجاً، ننسى فردانيتها، أو تميزها ليسينغ، وغولدوني) يمكن أن تؤدي أسبقية اللغة إلى مسرح مهذار، وذلك اعوجاج أدانه روسو(10) ، أخيراً، تكشف هذه المسرحيات أن النقاش الكبير يبقى نقاش التوازن بين المسرحة والعودة إلى الواقع. من الواضح أن مسرحيينا وثقوا بالأشكال؛ فإذا لم يدافعوا عن جمالية جديدة حقيقة على الرغم من جهود غولدوني وليسينغ) فإن بعض العناصر الشلكية، على الأقل، تسير في اتجاه تجديد جزئي ضمن إطار لم يُطرح ثانية للمناقشة: وهذا ماصنعه ديدرو لكن دون نجاح.
إننا نلاحظ، من خلال هذا المثال، إلى أي حد يعد هذا المفهوم للشكل) ملائماً ومرناً ويسمح بالانتقال من حقيقة موضوع إلى مفهوم جنس) مرافق طوعاً لمنظور تاريخي؛ سيقال مثل ذلك عن مفهوم النموذج)، الذي يتضمن الأبعاد التاريخية، والشعرية، والمقارني، وهذا المفهوم هو الذي يقيم رابطاً مفهومياً وجمالياً، في الوقت نفسه، بين الأشكال والأجناس، وتبقى هذه الأشكال والأجناس، بدءً من الآن فصاعداً، في مركز كل تفكير للشعرية المقارنية.
- عناصر من أجل شعرية مقارنة:
عرض كتاب بيشوا- روسو تمييزاً مفيداً بين جنس حقيقي)، وجنس مضمر) وجنس مفيد)، غالباً مايتطابق الجنس الحقيقي)، مع المقاربة التاريخية، ويبدو أن الجنس المضمر) يقوم على تفكير شعري، أما الجنس المفيد)، وهي كلمة مستغربة، فإنه يشدد على الجانب الكشفي، زوراً، لمثل هذا المفهوم، الذي يناسب أكثر درج مكتبة أو فرعاً بسيطاً منها، وتصنيفاً غير متقن، ولكن مناسب وجدير بإرضاء الروح العملية، دون أن نجعل منه معياراً أساسياً:
"تاريخ، راوية، بلاغة، مسرح"، ونصنع من هذه الفائدة)، أو من هذه الميزة المناسبة) مستوى مستقلاً للتفكير: هو مستوى الأدب العام، أو مستوى نوع من النظرية الأدبية.
-الجنس الحقيقي) أو المستوى التاريخي:
يجب أن نفهم من الجنس الحقيقي) الجنس المحدد تاريخياً والممارس بوعي)، مثل التراجيديا الكلاسيكية، والموشح الغنائي، والقصيدة الغنائية، وحوار الأموات، يمكن أن يعطي التعريف مكاناً لكتابات نقدية أو نظرية(11) . في هذه الدراسة القصيرة، ننتقل من أرسطو إلى خطب تاس، وإلى مؤسسات فوسيوس، كان يمكننا أن نستمر مع فولتير لكي نلاحظ أن الجنس الملحمي تحول إلى شعر سردي وتعليمي في القرن الثامن عشر، وأنه استمر بصعوبة في القرن التاسع عشر، ولم يظهر إلا نادراً في القرن العشرين.
يحدد دانييل ماديلينا(12) ، الأوديسا لكازانتزاكي كآخر مثال، نستطيع أن نضيف إليه، جزئياً فقط، مثال القصيدة العامة) لبابلو نيرودا، إن فائدة مثل هذا المسار التاريخي التعاقبي والشعري مضاعفة: حصر الكلام النقدي للعصر عن جنس محدد، ودراسة خطاب الأدب عن ذاته وتوضيح أن الأجناس، المدروسة هكذا، هي، كما يقول بيشو- روسو "أعضاء حية لا تقبل المنازعة"، لا يتعلق الأمر بموقف أثير عند برونيتيير(13) ، ولا بمنظور دارويني تقريباً مطبق على الأدب، لم ينس الشكلانيون الروس بصورة كاملة وجهة النظر هذه عندما قبلوا نضوب الأشكال والنماذج وزوالها، وكذلك ارتقاء أشكال، وأجناس جاءت من محيط منظومة الأدب، وعندما تحدثوا عن أجناس معروفة، ومقننة، وفكروا بطبقة ضمن الأجناس الأدبية.
يفكر المقارِن بأشكال، وأجناس، ونماذج موجودة استطاعت أن تثير حركة، واتجاهاً، وتتمة لمحاكاة، في لحظات محددة(14) . إما أن يكون الجنس أو الجنيس)، موضوع دراسة تزامنية أو تعاقبية في سبيل إشكالية(15) ؛ أو أن نبقى ضمن منظور تاريخي، حيث سيسمح الشكل أو الجنيس بإضاءات شعرية: الرواية، القصيدة)، ليس القصة ولا القصة القصيرة)(16) ، أوأيضاً الحوار الداخلي، وهو شكل هارب، صعب التعريف ومع ذلك يمكن تأريخه وأصبح نموذجاً) منذ أكاليل الغار قُطعت)، لإدوارد دو جاردان(17) .
من المفيد إذن تتبع مسار الأشكال، والأجناس التي أصبحت نماذج من خلال ثروتها)، بهذه الصفة، تشكل أيضاً جزءاً من الأدب كمؤسسة، وسيعاد أخذ هذه المسألة في الفصل القادم، يدفع البعد التاريخي إلى التفكير في العلاقات التي تقيمها الأجناس مع الجمهور أو الجماهير، ومع منظومات قيم هذه الجماهير، والمجتمعات التي تشكلها، أليس لاختفاء التراجيديا اليونانية أو الكلاسيكية) علاقة مع اختفاءات ذات طبيعة عقائدية تطهيرية مثلاً)، يُفسر تطور بعض طقوس القراءة، التطور الموازي للأجناس أو الأجناس الفرعية في حالة الرواية والانتقال إلى الراوية الجديدة).
هناك أشعار، تسمى أشعار مناسَبة)، لا تخص فقط أحداثاً تمت، ولكنها تخص أيضاً بعض الجماهير التي اختفت، وسيكون تطور اجتماعي معين تفسيراً لموت بعض الأجناس: يجب تحديد العلاقات.
يجهل أدبنا الحالي، تقريباً، عظات الأموات والتأبين، حتى وإن أعطى أندريه مالرو بنجاح نوعاً من الرونق لهذا الجنيس، ويجهل أكثر قصيدة العرس، والمدح، والانتخاب، والرسالة الشعرية، والحكاية الشعبية، المنظومة لا الشعارات...... ولكن روايات بوليسية يمكن أن نقرأ من خلالها في القرن الأخير، ولادة علم- التخييل، أو تغييرات تعبيرية: لم يعد للساغة(18) علاقة مع الملحمة الشمالية(19) ، ولكنها تصف شكلاً من نموذج الرواية الدارجة نموذج غالسورثي ليس غريباً عن هذه الثروة)، يخاطر المنظور التاريخي دائماً بالسقوط في التأريخية، إذا لم يقم على تفكير شعري ومقارني موسع.
- الجنس المضمر أو المستوى الشعري:
استطاع كلوديو غوين، بقدرة، الحديث عن جنس كنموذج عقلي) بالنسبة للكاتب كما هو الحال بالنسبة للناقد، ربما لا يبتعد هذا المفهوم عن الجنس المضمر) الذي تحدث عنه بيشوا- روسو، والذي يتحدد من خلال وظيفته وغايته، ومادته أو أسلوبه).
لا يمكن لنص أدبي أن ينتسب إلى صنف واحد، عند طرحه للمقارنة، لم يتردد كلوديو غوين من الإشارة إلى أن الحصان الأشقر لا ينتسب إلا لجنس الخيل، ولكن ينتسب نص أدبي إلى أصناف أو أجناس عدة، قد يكون أكثر براعة مقارنة السفينة، بمنارتين: تحدد السفينة طريقها متجاوزة أحد المضائق، بفضل منارتين تقودانها، ولكن هاتين المنارتين لا تلغيان حرية المناورة للربان؛ لا بل بالعكس، تفرضان عليه المناورة، وتشجعان عليها، يوجد هنا استعارة جميلة في الإبداع الأدبي بين الواجب الشكلي والحرية الخلاقة، أما بالنسبة للمقارِن فإنه يهتم بدراسة التطورات الشعرية، أي، في هذا المستوى، بظواهر انتقال الأشكال والأجناس الأدبية وتبنيها أو رفضها.
- من الموروفولوجيا إلى الشعرية:
بحسب بيشوا-روسو، تدمج المورفولوجيا الأدبية الأجناس ضمن تفكير واسع حول الأشكال، منظور إليها من جانبين أساسيين: أشكال التأليف وأشكال التعبير، شكل يؤخذ ضمن "معنى تقني" شكل المُقولب(20) أو البناء) "مخطط أو خطة من أجل تنظيم المواد"، وأيضاً " نموذج أصلي لجنس محصور" نجد ثانية كلمات مارسيل باتايون). يُقدَم الشكل، أو المخطط، والنموذج الأصلي، كأنها مبتكرة من عبقرية كاتب عظيم، وأكثر ندرة من منظر، أو أنها توضحت بصبر عبر أجيال عدة [....]" ضمن هذا المنظور، وُجِدت الأجناس ثانية لكي تحاط مباشرة باستقبالات منهجية: وجب إعطاؤها تعريفاً "في مكان مابين" سلسلتين من الصعوبات: "ذات مجردة ومستنزفة"، نقصد النظرة النظرية) و"فيض من الإبداعات الفردية" شعرية لن تكون مقارنة).
وهذا هو موضوع تفكير جان- لويس باكي في كتابه الوجيز) 1989)، ضمن صفحات مثيرة، حيث وُزِعَت، في الفقرة، ملاحظات حول المعنى المنشط الجيد، مثلاً السهولة التي نستطيع بواسطتها بناء "نظرية للرواية بالاستناد إلى زولا لوحده" _موجهة إلى متفرنسين يستهويهم مايسمى بالأدب العام)، وحول ضرورة انفتاح التفكير الشعري على تعددية المنظومات العروضية، معلياً من شان البلاغة، ومقترحاً التوجه نحو نظرية للأدب، ولكن دون "الاندفاع نحو التعميم الذي يستهوي بعض المختصين"، ونحو الدفاع عن شعرية مقارنية للاختلافات)، تكون موثوقة ومبجلة، ومفتوحة أمام الشعريات غير الأوروبية، التي تستطيع أن تُظهر "عبر التضاد" بعض "السمات الأساسية للبلاغة الغربية".*)
إننا نجد بطريقة أقل طموحاً وأكثر صرامة، المشاكل القديمة للثوابت).
يظهر ج.ل.باكي كل الفائدة التي تأتي من تشجيع المقارنات بين الغرب والشرق، والمتحررة من كل فكرة انتماء، أو تأثير "لا تصبح المقاربة هنا، بعد فوات الأوان مجالاً للتساؤل حول شرعيتها الخاصة، عندما تطرح قضية التأثير، يتساءل المقارن، إذا كان يملك الحق بإيجاد جو من الإلفة بين عملين، ويجد نوعاً من العزاء إذا استطاع إظهار أن أحدهما يولد الثاني، وإن كان ذلك خفية، المقارنة، هنا بالعكس، لها قيمة كشفية: يُستخدم الدخيل كنموذج، من أجل إيضاح النظام الغربي، والكشف عن الاستثناءات".
نستطيع عندئذ أن نتساءل: إذا كان ضرورياً ترك المجال الغربي من أجل فهم شيء معين عن حياة الأشكال، وعن الشعرية المقارنة.
ليس خطأ القول إن المقارن غالباً مايجمع أشكالاً متشابهة ويقارن بينها، من المؤكد أن الرواية الغزلية الأوروبية تستحق أن تقارن وتقرّب من Monogatori اليابانية التي ظهرت في العصر نفسه، وضمن بنيات اجتماعية يمكن أن تكون متشابهة، من المؤكد أيضاً، أنه يجب معرفة المبدأ الأساسي للشعرية السنسكريتية، وRasa) التي تنظر إلى الشعر على أنه خطاب انفعالي من أجل استخدام تأملات متوازية بين منظومات الفكر والخيالات المختلفة(21) .
*- شعرية الاختلاف:
دون الذهاب بعيداً أي بما معناه: الاستفادة من المعارف اللغوية المتوسطة والشائعة)، يمكن أن نجمع حصاداً وافراً من الاختلافات الشعرية، عن طريق البحث داخل المنظومات الأدبية الغربية وتواريخها الأدبية: يعني فهم أن الكلاسيكية الألمانية ليس لها علاقة كبيرة مع كلاسيكيتنا، وأن كوميديا dell_Arte تتطلب معرفة جمالية تراجيدية خاصة متحررة من ماريفو، وأن الحقائقية* الإيطالية ليس من مصلحتها أن تدمج مع الطبيعية الفرنسية، وأن -طقس الأسرار الذاتي** -ليس المعادل للسرّية* )، وأن الكوميديا لايمكن أن تعرض مع مبادئ الوحدات الثلاث، وأن النهار) ليس مشهداً، وأن المهرج المسرحي ليس بهلولاً ولا خادماً، وأن الغريغوريا شكلاً قصيراً ابتكره رامون غوميز الذي عرّفه كمركب، من استعارة وجرعة من الدعابة.... إن التشابهات بين الأشكال الأوروبية أو الغربية تقود المقارِن إلى مواجهة شعرية اختلافية) تركز على الأجناس الفرعية، وتمارس تجميعات بارعة للنصوص، سمح المفهوم الأثير عند أرتود مسرح الفظاظة) منذ عدة سنوات، بإدخال مسألة في شهادة الأستاذية حول هذا الموضوع): استخلص منها بيير برونيل تركيباً موحياً(22) .
انطلاقاً من التمييز الذي قدمته مارغريت يورسينار في ملحق العمل في السواد) بين الرواية التاريخية وهي جنس قننه والتر سكوت، ورواية التاريخ حيث تكون المادة التاريخية موضوعاتية وإشكالية، يمكننا أن نكوّن فكرة حول جنس فرعي غير منتظر، ومع ذلك واضح يضيء مثلاً رواية مثل عصر الأنوار) الكاربنتييه.
وانطلاقاً من بعض الصفحات المثيرة للفيلسوفة الإسبانية ماريا زامبرانو الاعتراف: جنس أدبي)، يمكننا أن نقرأ، ليس في اعترافات سان أوغستان أو روسو، ولكن في النفق) لإيرنيستو سيباتو، وفي Alescis لمارغريت يورسينار، ونجد بعض الاختلافات بين الاعتراف، والسيرة الذاتية، واليوميات أو المذكرات أو هذا الشكل المختفي الذي هو دفتر المذكرات).
*- البلاغي والشعري:
في موازاة أشكال التأليف، يميز بيشوا-روسو، مثلما هو الحال في كتاب عام 1983، أشكال التعبير)، مشيراً مباشرة إلى أن هذا المجال لا يستميل كثيراً البحث)، يبدو للوهلة الأولى خاصة أنه غير متجانس ومعقد: "يجب على هذا النوع من الدراسة، الذي يركز على جمل منعزلة، وأحياناً على أجزاء من جمل ونادراً على مقاطع، أن ينتقل من مجموعة من التفصيلات الفضولية إلى تركيب مُقنع، من يسجل منهجه يقدم خدمة عظيمة".
ومن أجل إعطاء المثال يتابع المؤلفون: لتوجيه البحث، سنحدد بإرادة طرق التعبير، في المعنى الذي تحدث فيه الإغريق عن الدوري متعلق بالدوريين) أو الهوائي، إن الألعاب المتحركة للأسلوب، والنبرة، والكلمة، والعلاقات بين الكلمة، والفكر، والصمت تقرب أعمالاً، وتظهر ظواهر معمّدة مثل سخرية، ومحاكاة ساخرة، وهزل، وفي بعض العصور، هُزأة macaronees، ونقديات مجموعة من النصوص النقدية)، وmongense أو dada عرف المقابل أقل من التبدلات: سمو، رصانة، فصاحة".)
سيبدو أنه يوجد في ذهن المؤلفين حلم بحث بين البلاغة والأسلوبية العامة والمقارنة، وهذاالبحث نهاية تتكرر ويوصل إليها استخدام كلمة الشكل عندما نضيّع من أمامنا ضرورة وظيفة بنيوية في حدها الأدني، إن مايمكن أن يغني من وجهة نظرنا، التفكير حول مفهوم الشكل، كما يفهم هنا، هو الربط الذي لا ينفصل، والجوهري بين الكلام، أي بين شكل من الأسلوب، لبعض الصور، وبين شكل متفرد، وجنس أو نموذج، إن الحديث عن أدب عام ومقارن لنموذج دانتي، وراسيني، وهوغوي، يعني، بحسب الحالة، عرض موضوعات، وبنيات، وكذلك، أيضاً مصطلح، بهذا المعنى، يجب أن تتجه الدراسة إلى الجزء من الجملة، ونحو عبارة بارت الشهيرة أفضل فضاء ممكن نستطيع منه ملاحظة المعاني(23) ، مروراً برموز البلاغة نفكر بتحليل بول ريكور للاستعارة) وصولاً إلى الكلمة شرط أن تقدم تعريفاً للشكل، أو على الأقل عنصراً مشكِّلاً، سنحدد الفائدة الثابتة لبعض الدراسات مثل دراسات إيريك أو يرباخ(24) ، وليو سبيتزر(25) .
من بين هذه الأشكال الدقيقة)، أو الوحدات الدنيا، يحتفظ مثلاً بالعنوان والاستهلال أو بالبيت الأخير من السونيتة السقوط الشهير)، هذه الأشكال ليست مستقلة بعكس -الأشكال البسيطة(26) - لأندريه جول، أو التي درسها آلان مونتاندون مثل قصيدة الهجاء، والمثل، والحكمة، والحقيقة العامة، والقول المأثور)(27) .
يجب أيضاً أن نحتفظ بالعلل، النموذج) الذي أشار إليه كتاب بيشوا- روسو، وعُرف عبر الدراسة القديمة لإيرنست- روبير كورتيوس(28) .
إن نقطة انطلاق هذا التركيب المدهش الذي يعود إلى ألماني مختص بالأمور الرومانية، بلاغية: يتعلق الأمر برؤية ما احتُفظ به من الموروث القديم، اللاتيني خاصة، ضمن آداب العصر الوسيط الأوروبي، وحتى ماوراء ذلك في نهايةعصر الأنوار، في الفصل المخصص للنموذج) دُرست الإجراءات الاستدلالية مثل خطاب التعازي، ونموذج الاستهلال، ونموذج الخاتمة، والمتتاليات النمطية، مثل است
الطبيعة، والعالم المعكوس، والطفل والكهل، والمرأة المسنة، والفتاة الشابة، من الواضح أن الاستعارات قد عولجت: مثل الاستعارات المتعلقة بالملاحة، والشخصيات، والتغذية، وأجزاء الجسد، والمسرح مسرح العالم العظيم، الذي كان مفضلاً في العصر الباروكي، موجود مسبقاً عند أفلاطون، وفي كتابات شيشرون، وسينيك أو بويس)، يجب الإشارة إلى أن هذه الدراسة للاستعارات، أُخذت ثانية منذ عهد قريب، ضمن منظور فلسفي، عبر هانس بلوميمبيرغ الذي عُرفت أعماله من المقارنين وترجمت إلى الفرنسية(29) .