منتدى شنواى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة شنواىأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أشرف على
admin

admin
أشرف على


ذكر
عدد المساهمات : 27639
نقاط : 60776
تاريخ التسجيل : 04/09/2009
الموقع : http://elawa2l.com/vb

الأوسمة
 :
11:

الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Empty
مُساهمةموضوع: الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن   الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Emptyالجمعة 27 أبريل 2012 - 4:37

لقد كانت دراسة صور الأجنبي وتجلياته، خلال عقود طويلة، أحد الأنشطة المفضلة للمدرسة الفرنسية) في الأدب المقارن : لقد بدأت هذ الدراسة مع جان - ماري كاريه، ثم أخذها ماريو - فرانسوا غويار، ودافع عنها، ونشرها في الفصل الأخير من كتابه الصغير ضمن سلسلة كوسيج - ماذا أعرف ؟) عام 1951): " الأجنبي مثلما نراه ". بعد ذلك بوقت قصير، أبدى رينيه ويلك، ضمن مقالة في الكتاب السنوي للأدب المقارن والأدب العام، معارضة شديدة للدراسات التي يعدها أقرب إلى التاريخ أو تاريخ الأفكار منها إلى الأدب. بعد عشر سنوات، ندد إيتامبل في كتابة مقارنة ليست صواباً) بالأعمال التي تهم المؤرخ، وعالم الاجتماع أو رجل الدولة )، إنه يشير إلى أن هذه الأعمال كانت مزدهرة في فرنسا). " تقريباً مثل الدراسات حول الرحالة الإيسلنديين في مدغشقر، والمالغاش في KAMTCHATKA أو السويديين في بانكوك ... ". لقد أثارت دراسات الصور انتقادات. وكانت تمتلك هذه الانتقادات بعض المسوغات، إذا أخذنا بعين الاعتبار بعض رسائل الدكتوراه القديمة أو المقالات التي يظهر فيها، بصورة كاريكاتورية) سقطات هذا النوع من البحث : قائمة بالموضوعات، تجريد النصوص المقبوسة ودراستها كوثائق، توسع في الاقتباسات، تفسيرات مسهبة، خلط بين مجال الأدب ومجال التاريخ .... مع ذلك، وفي الوقت نفسه، وضعت سلسلة من الرسائل قاعدة دراسة الصورة IMAGOLOGIE )(1) :‏

نذكر منها رسالة أندرية مونشو ألمانيا أمام الآداب الفرنسية من عام 1814 إلى عام 1835، تولوز، 1953)، ورسالة ماريو - فرانسوا غويار صورة بريطانيا العظمى في الرواية الفرنسية - 1914 - 1940، ديدييه، 1954)، ورسالة رينيه شوفال ألمانيا والحرب P.U.F ، 1963)، ورسالة ميشيل كادو صورة روسيا في الحياة العقلية الفرنسية - 1839 - 1856 - فايارد، 1967)، وبعض الرسائل الأخرى التي ستذكر لاحقاً. يمكنها أن تدعم ... المقارنة مع الرسائل التي قدمها مؤرخون مثل رينيه ريمون، الذين طرحوا غالباً دراسات عن الرأي العام مثل الولايات المتحدة أمام الرأي العام الفرنسي - 1815- 1852، كولان، 1962، مجلدان). وحتى إذا ظهر ماريو - فرانسوا غويار مهتماً برسم حدود بين المؤرخين والمقارنين الذين يعطيهم مهمة النقل الأدبي) لصورة، فإنه من الواضح أن دراسة الصورة كانت مشتركة بين المعارف قبل الأدب.‏

- دراسة الصورة : تأمل معرفي مشترك :‏

يتقاطع هذا النوع من الدراسات مع البحوث التي يقوم بها علماء السلالات البشرية، وعلماء الإنسانيات، وعلماء الاجتماع، ومؤرخو العقليات والحساسيات، الذين يطرحون مسائل حول ثقافات أخرى، والغيرية (2) ، والهوية، والمثاقفة، والتنافر الثقافي، والاستلاب الثقافي، والرأي العام أو الخيال الاجتماعي. من المهم بالنسبة للمقارن، أن يأخذ بعين الاعتبار التساؤلات التي يمارسها باحثون متقاربون، ليس من أجل نسيان الدراسة الأدبية وتوسيع أرضيتها كثيراً، ولكن من أجل مقابلة هذه المناهج مع مناهج أخرى، خاصة الصورة الأدبية مع شهادات متوازية ومعاصرة، ومع صور انتشرت عبر الصحافة، والأدب الموازي، والسينما، والفنون. يتعلق الأمر جيداً بإعادة تسجيل التأمل الأدبي ضمن تحليل عام يخص ثقافة أو ثقافات عديدة تعود لمجتمعات محددة جيداً. تعد الصورة الأدبية، بهذا الشكل، مجموعة من الأفكار عن الأجنبي مأخوذة ضمن تطور التأديب (3) ) وكذلك أيضاً المجمعة (4) ). هذا المنظور يجبر المقارن على أخذ النصوص الأدبية في الحسبان، وكذلك شروط إبداعها، ونشرها، وتلقيها، وكل أداة ثقافية كتبنا بها، أو عشنا معها، أو فكرنا، وربما حلمنا بها. تقود الصورة إلى مفترقات إشكالية تبدو فيها ككاشف موضح، بصورة خاصة لآليات عمل مجتمع ما ضمن أيديولوجيته التمييز العنصري، والإغرابية مثلاً)، وضمن منظومته الأدبية بوضوح، وضمن خياله الاجتماعي.(5)‏

مع ذلك، من غير الممكن أن ينفي المقارن خصوصية الفعل الأدبي غالباً عبر قصص الارتحال، والدراسات، والقصص الخيالية، والمسرح - نماذج أجنبية - والشعر بصورة أكثر ندره ).‏

هذه الحاجة المضاعفة، وهذا التغيير للأفق ليسا دون نتائج ضمن إعادة تحديد حقل تأمل دراسة الصورة )، وكلمة الصورة نفسها.‏

- الصورة المقارنية :‏

في المعنى المقارني، يستدعي مفهوم الصورة تعريفاً أو على الأصح فرضية عمل يمكن أن تصاغ على الشكل التالي : كل صورة تنبثق عن إحساس، مهما كان ضئيلاً بالأنا) بالمقارنة مع الآخر، وبهنا) بالمقارنة مع مكان آخر. الصورة هي إذن تعبير، أدبي أوغير أدبي، عن انزياح ذي مغزى بين منظومتين من الواقع الثقافي. إننا نجد، مع مفهوم الانزياح، البعد الأجنبي الذي يؤسس كل فكر مقارني. في علم الاجتماع، يصبح هذا الانزياح اختلاف طبقات اجتماعية، أو أصول، أو فضاءات جغرافية - ثقافية منطقة رئيسية). وفي علم الإناسة ما يتعلق بالإنسان) يصبح الانزياح تعارضاً بين مجتمعات لها كتابتها وتاريخها، ومجتمعات تسمى بدائية ).‏

إعادة التقديم والانزياح :‏

الصورة إذن هي إعادة تقديم واقع ثقافي يكشف من خلاله الفرد والجماعة الذين شكلوه أو الذين يتقاسمونه أو ينشرونه)، ويترجمون الفضاء الاجتماعي، والثقافي، والأيديولوجي، والخيالي الذي يريدون أن يتموضعوا ضمنه. هذا الفضاء، المطروح كأفق للدراسة، هو المسرح، والمكان اللذان تتوضح بهما، بطريقة مزخرفة، أي بمساعدة الصور، الكيفية التي ينظر وفقها مجتمع إلى نفسه ويتأمل فيها، وكذلك الكيفية التي يفكر بها بالآخر ويحلم به. مما لاشك فيه، في الواقع، أن صورة الأجنبي يمكن أن تعبر أيضاً عن أشياء حول الثقافة الأصلية الثقافة الناظرة) التي من الصعب أحياناً تصورها، والتعبير عنها، وتخيلها. تستطيع صورة الأجنبي الثقافة المنظورة) إذن، أن تنقل، على مستوى مجازي، حقائق وطنية) لم يعلن عنها وتحدد بصورة واضحة، والتي، من أجل هذا، تقوم على العقيدة) وهي تقوم كذلك، بالنسبة للمقارن، على خيال اجتماعي، مطبوع بالثنائية: هوية غيرية، وتعابير متعارضة ومتكاملة في الوقت نفسه، إن مفهوم دراسة الصورة لاينحصر فقط بدراسة درجة تزييف الصورة، مثلما يطرح الآن أحياناً كل صورة كاذبة بالضرورة، بوصفها تقديماً لبعض الحقائق وتحويلاً لها إلى كلمات)، ولاينحصر كذلك بدراسة الانتقالات الأدبية لما يسمى، للسهولة، واقعاً، ويجب أن ينفتح على دراسة مختلف الصور التي تشكل، في لحظة معينة، تقديم الأجنبي، وعلى دراسة خطوط القوة التي تحكم مجتمعاً، ومنظومته الأدبية، وخياله الاجتماعي.‏

لايستطيع المقارن، وإن كان أسير الكلام، أن يمنع نفسه من الاقتباس من الحقل المعجمي للبصريات إدراك، نظر، قراءات، رؤيا، وهم) من الثابت أن الصورة تقديم، أي عناصر ماثلة في ذهن الكاتب، والجماعة)، والتي تحل محل عنصر أصلي غائب الأجنبي)، وتقدم بدلاً عنه خليطاً من المشاعر والأفكار التي من المهم معرفة صداها الانفعالي والعقائدي، والمنطق، نريد القول الانزياح الخيالي. الصورة المقارنة ليست نسخة عن الواقع، إنها تتشكل وتكتب بالاعتماد على مخططات، وإجراءات توجد قبلها ضمن الثقافة الناظرة. الصورة لغة، إلى نقطة معينة، وهي لغة ثانية موازية للغة التي يتكلم بها الأنا)، ومتعايشة معها، ومضاعفة لها بصورة من الصور، من أجل التعبير عن الآخر، وقول شيء آخر.‏

- الصورة لغة رمزية :‏

الصورة تحمل كل سمات اللغة مثلما حددها اللغويون، مثل إميل بينفينيست. ويمكن تطبيقها، دون تعسف، على الصورة : تعبير الحديث هو حديث عن شيء معين انطلاقاً من مكان التعبير) ؛ وتشكيل ضمن وحدات متميزة كل واحدة منها هي إشارة من هنا تأتي ضرورة وصف هذه اللغة التي هي الصورة )؛ ومرجع بالنسبة لكل أعضاء جماعة بشرية واحدة تكشف صور الآخر الانتساب إلى ثقافة)، وتحيين (6) واحد للاتصال بين الأفراد : تخدم الصورة، خاصة الأدبية، في قول شيء معين)، وهذا الشكل من الدلالة الثقافية الأحادية حالة النمط )(7) هو الذي يسبب مشكلة ضمن إطار دراسة أدبية. ولكن الصورة هي أيضاً لغة ثانية لأسباب أخرى.‏

إنني أنظر إلى الآخر، وصورة الآخر تنقل أيضاً نوعاً من الصورة عن هذه الأنا) التي تنظر، وتتكلم، وتكتب. من المستحيل تجنب ألاّ تبدو صورة الآخر، على مستوى فردي كاتب)، وجماعي مجتمع، أو بلد، أو أمة)، ونصف جماعي عائلة فكرية، رأي، أدب)، نفياً للآخر أيضاً، وتتمة وتعميقاً للأنا) وفضائها. تريد الأنا) الحديث إلى الآخر لأسباب ضرورية ومعقدة غالباً) ولكن في حديثها إلى الآخر، تصل إلى نفيه، وتحادث نفسها. في مستوى آخر، من بين كل اللغات الرمزية التي يمتلكها مجتمع معين للتعبير عن نفسه، وللتفكير لنفكر - بالموضة - التي درسها رولان بارت في - نظام الموضة)، تعد الصورة واحدة منها، ووظيفتها التعبير عن العلاقات بين الشعوب والثقافات، وهي علاقات ليست فعّالة بمقدار ماهي مُعتقدة، أو يحلم بها بين المجتمع الذي يعبر وينظر والمجتمع المنظور. الصورة فعل ثقافة ، وممارسة إناسية متعلقة بالإنسان) للتعبير عن الهوية والغيرية في الوقت نفسه واللباس، والمطبخ لغات رمزية أخرى) ضمن هذا المجال، للصورة مكانتها ضمن العالم الرمزي الذي نسميه خيالاً)، والذي سمي خيالاً اجتماعياً لأنه لاينفصل عن تنظيم اجتماعي، وثقافي.‏

أخيراً، الصورة لغة لأن كل تقديم، بالمعنى الذي قصدناه هنا، يوجد من أجل التواصل. ولهذا فإن الصورة تستحق تحليلاً يستطيع أن يتبنى نوعاً من علم الدلالة، بتوسع وحرية بصورة خاصة. من أجل إعادة استخدام كلمات رولان بارت في عناصر علم الدلالة )، فإن للصورة وظيفة - إشارة).‏

نقول إن هذه السمة متعددة المعاني، تطال أحياناً الدلالة الأحادية، وهي التي تسبب مشكلة في دراسة أدبية. في لحظة تاريخية معينة، وضمن ثقافة ما، ليس ممكناً قول أي شيء عن الآخر) وكتابة. إن النصوص التي يدرسها علم الصورة، والتي تسمى أحياناً صورية - نمطية، هي نصوص مبرمجة، في قسم منها، ويمكن تأويلها مباشرة إلى حد ما عن طريق الجمهور الذي يعرف الصورة كلياً أو جزئياً للثقافة، والقول اللذين عبر عنها بهما. بالإضافة إلى ذلك، إن الخطابات عن الآخر) المتنكرة بالخيال، ليست مطلقة عددياً، إنها متسلسلة بحسب رأي المؤرخين. وتعدادها، وإظهارها، وشرحها يعني فهم كيف أن الصورة لغة رمزية داخل منظومة ثقافية، وخيال اجتماعي، هذا هو موضوع دراسة الصورة‏

- الأنماط Stéréotypes‏

تبقى الصورة كلمة مبهمة، متنقله في كل مكان، مناسبة زوراً. هل من المفيد التفكير بشكل خاص وشامل للصورة :‏

النمط. هنا أيضاً، أصاب الغموض غالباً هذه الدراسة غير المعروفة كثيراً في الأدب) بسبب مسألة زيف النمط ونتائجه الأساسية على المستوى الثقافي .‏

- من العلامة إلى الإشارة :‏

إذا قبلنا أنه يمكن مواجهة كل ثقافة بوصفها فضاء لابتكار علامات وإنتاجها، ونشرها هذا يؤدي إلى تصور كل ظاهرة ثقافية كتطور تعبير وأيضاً كاتصال متعدد المعاني ضمن آليته ووظيفته)، فإن النمط) يبدو ليس كعلامة كظاهرة مولدة لدلالات) وأيضاً كإشارة ترجع بصورة آلية إلى تفسير واحد ممكن. يصبح النمط) دليلاً على اتصال مشارك(8) ، وثقافة في طريقها إلى التوقف. ضمن هذه الثقافة، أو بدقة أكثر ضمن هذا القطاع الاجتماعي - الثقافي أو ذاك، أو ضمن أي نص مهما كان نوعه، يجد الخيال نفسه مقتصراً على رسالة وحيدة، أي القدرة على انتاح أشكال، وإذن دلالات، القدرة على التشكلية الشعرية التي تتطلبها كل ثقافة أو ظاهرة ثقافية :‏

يصبح النمط) إذن رمزاً متعدد الدالات والدلالات. مع ذلك، من الصعب قبول ألايكون للنمط الدعائي، مثلاً، إلا رسالة واحدة يجب إيصالها. سيكون أكثر صحة القول وبطريقة أكثر بساطة) بأن النمط يطلق، في الواقع، رسالة أساسية). ينشر هذا الرمز صورة) أساسية، أولية وأخيرة وجوهرية.‏

- الخلط بين الخاصية والأساس :‏

إذا تأملنا في إنتاج النمط، نلاحظ أنه يخضع لتطور بسيط في التكوين : الخلط بين الخاصية والأساس يجعل ممكناً التعميم الدائم من الخاص إلى العام، ومن المفرد إلى الجمع : " X هي واحد [....] "، " إنهم كلهم ...[...] ". يتموضع النمط، في النص، في مستوى الوصف غالباً : إن الوصف هو الذي سيصبح أساسياً، والتابع يرجع إلى تعريف واحد ممكن. إن الاتصال المتصور مثالياً، ونظرياً) يتطلب الترميز الذي يسمح بالانتاج الجماعي للمعنى، في حين أن الاتصال النمطي، يتموضع في مستوى تطور التعريف والإسناد. من هنا جاءت الصيغة : " هذا الشعب هو ... "، " هذا الشعب ليس ..." " هذا الشعب يعرف أن يعمل .... " أو " لايعرف " . بيان في الحاضر لماهيات لازمانية يستطيع النمط بتوسع أن يكون عالمياً جمعياً، ويستخدم أيضاً في حكاية مع زمن ماضٍ )، إنه التعبير عن زمن متوقف : زمن الماهيات. من هنا التقنين الممكن للنمط، وانتشاره ضمن كل تعبير ثقافي يقدم على شكل سلسلة الأدب الصناعي في القرن التاسع عشر، حلقات، ميلودراما، إعلانات، دعاية ....)، أو ضمن كل إنتاج ينزع إلى شكل مشترك المثل مثلاً ).‏

- الماهية والتفرع الثنائي :‏

إن فائدة النمط، ضمن الاتصال، واضحة : إنه يطلق شكلاً أدنى من المعلومات من أجل اتصال أشمل، وأكثر اتساعاً ممكناً، وينزع، في كل حالة، إلى التعميم. وهذا ما يتناسب مع الأساس.‏

إنه شكل من الموجز، والمختصر الرمزي لثقافة نمط، " فكرة مستقبلة " عزيزة على فلوبير). النمط هوالذي يقيم علاقة تناسب بين مجتمع وتعبير ثقافي مبسط : رفع الملحق، والصفة إلى مكانة الماهية الأساس) يستدعي التوافق الاجتماعي - الثقافي في حده الأعلى الممكن.‏

النمط حامل لتعريف الآخر)، وهو البيان عن معرفة جماعية دنيا تريد أن تكون مشروعة، في أي لحظة تاريخية مهما كانت.‏

النمط ليس متعدد الدلالات الثقافية : في المقابل، إنه متعدد السياقات كثيراً، وقابل لإعادة الاستخدام في كل لحظة. نضيف أنه إذا كانت العقيدة تتميز، من بين ما تتميز به، بالخلط الحاصل بين القاعدة الأخلاقية، والاجتماعية) والخطاب، فإن النمط يمثّل، غموضاً ناجحاً، ولهذا السبب فعّالاً.‏

من هنا، يطرح النمط، بطريقة خفيّة، طبقة دائمة، وتفرعاً ثنائياً حقيقياً للعالم والثقافات. القول بأن الفرنسي شارب للنبيذ يعد نمطاً، ونمطاً ذاتياً إذا كان الأمر يتعلق بالفرنسي الذي يلفظ هذا القول. يتعارض هذا التعريف الذاتي بطريقة مبدئية، وأساسية مع الانكليزي شارب الشاي أو الألماني شارب الجعة. في الواقع، يهدف هذا التعارض إلى وضع طبقة لصالح الفرنسي، داخل ثقافة فرنسية. هذا المثال التبسيطي يقود إلى نسيان كتابة لأحد أساتذة النثر الفرنسي في عصر الردة) موريس باريس، في روايته الصغيرة مثلاً COLETTE BAUDOCHE التي لاقت نجاحاً كبيراً، وتتقابل فيها بطريقة نظامية الثقافة الفرنسية أو بصورة أدق ثقافة لورين)، والثقافة البروسية، أي اللاتينية الحضارية من وجهة نظر الكاتب والجمهور الذي يتوجه إليه )، والجرمانية، أي البربرية.‏

هكذا، يطرح النمط في تعارضه، وهو يعارض لسبب واحد هو أنه ملفوظ : إنه يثبت في الوقت نفسه الذي يلفظ. إنه إضمار استثنائي للروح، والمحاكمة العقلية، وقياس دائرة متواصل : إنه يظهرما يجب إثباته. وهو ليس فقط دليلاً على ثقافة متجمدة، بل يكشف عن ثقافة ضعيفة، تكرارية تستبعد كل مقاربة نقدية لصالح بعض الإثباتات من النوع الجوهري والانتقائي التمييزي ).‏

- الخلط بين الطبيعة والثقافة :‏

هل يجب أيضاً رؤية كيف يتشكل التعريف الذي يحمله النمط. إنه يحدث خلطاً بين نظامين لوقائع متمايزة ومتكاملة : الطبيعة، والثقافة، الإنسان والفعل. لن نندهش من أهمية التسجيل الفيزيولوجي في خدمة لفظ نمط وإنتاجه الأنف المعقوف بالنسبة لليهود، ابتسامة - أسنان - بيض عند الزنوج ... إلخ)‏

الطبيعة تسوّغ، وتضمن وضعاً ثقافياً : بسبب الأنف المعقوف يأخذ اليهود نقودنا، أسنان بيض - وجه ضاحك لطفل كبير، يجب إذن تنشئته بشدة ضمن استعمار جيد. إن طبيعة الآخر هي التي تفسر ثقافته، ووجوده يفسر عمله الدوني) والعمل المتفوق) للأنا التي تلفظ .يحافظ النمط على الخلط النموذجي للعقيدة بين الوصفي الخطاب : " هذا الشعب هو " ...) والمعياري المعيار، نقول "هذا الشعب لايعرف " .... " لايستطيع ") يختلط الوصفي الخاصية الجسدية) مع النظام المعياري دونية هذا الشعب، أو هذه الثقافة ). ترتكز العقيدة العنصرية، في كل تجلياتها، على العرض الكاذب للدونية الجسدية، والعقلية للآخر أو شذوذه بالمقارنة مع المعيار الذي يطرحه متكلم يعد متفوقاً ).‏

من الواضح أن هذا التأملات تدين للعلوم الإنسانية أكثر مما تدين به للأدب. إنها تشارك، بطريقة ما، في إشكالية تخص الأدب العام النمط كعلاقة بين التعبير الأدبي، أوالموازي للأدب والمجتمع) بمقدار ما تخص الأدب المقارن. ولكن دراسات الصور الأدبية، أو الثقافية، لها الفضل في إعادة توجيه تأمل الأدب نحو مشاكل ذات طبيعة اجتماعية وثقافية لها مكانتها ضمن الدراسات التي تسمى بحق أدباً عاماً )(9) .‏

نعود إلى تعريف الصورة كجزء من نص، واتصال مبرمج جزئياً، من أجل تمييز ثلاثة عناصر مركبات) للصورة، بطريقة نظرية، أو ثلاثة مستويات للدراسة الإيماغولوجية)، التي ستشرح لمزيد من الإيضاح، وفق نظام التركيب المتصاعد : الكلمة، العلاقة الطبقية، السيناريو ).‏

- من الكلمة إلى الصورة :‏

كعنصر أولي، تشكيلي للصورة، نعاين مخزوناً واسعاً إلى حد ما من الكلمات التي تسمح، في عصر وثقافة معينين، بالنشر الفوري لصورة الآخر ).‏

- اختبار المعجم المصطلح ).‏

تشكل هذه الكلمات، وضمن نصوص، هذه المجموعات الفعلية، وهذه الشبكات المعجمية، وهذه الحقول الدلالية، مخزناً مفهومياً وشعورياً مشتركاً إلى حد ما، من حيث المبدأ، بين الكاتب وجمهوره القارئ. نميز بين كلمات أساسية وكلمات مبتكرة، وبين منظومتين معجميتين ترجع إلى مشاكل مرت سابقاً عند الحديث عن الترجمة للكلمات النابعة من البلد الناظر التي تخدم في تحديد البلد المنظور):‏

والكلمات المأخوذة من البلد المنظور، كلمات اللغة - المنبع، والتي وضعت، دون ترجمة، في نصوص البلد الناظر، وفي لغة - المصب، وأيضاً في خياله. من أجل إظهار المجموعة الأولى والاستفادة من الصور الفرنسية عن إسبانيا، نذكر بصورة عشوائية : " شهامة "، " نبل "، " شرف "، "عاطفة "، " غيرة"، " كسل " التي تستخدم منذ قرون في وصف الرجل الإسباني ضمن الثقافة الفرنسية.‏

تستطيع مثل هذه المفردات أن تبعث دراسة تطورية الحقبة الطويلة للمؤرخين) من أجل العودة حتى القرن السابع عشر، أو ما قبله، وتقديم ملاحظات حول حضور هذا الإسباني المتخيل، وطبيعته، ووظيفته، والذي عبر عنه من خلال الصور، أي وضع في كلمات داخل الخيال الفرنسي العلماني الجمعي. ولكن هناك كلمات استخدمت بين القرنين السادس عشر والثامن عشر مثل حذلقة، تبجح، هوس، رومانسي). إن التعرّف على مثل هذه الكلمات، وتركيب شبكات معجمية منها مع غيرها، وتقديم نظائر ممكنة انطلاقاً منها، كل ذلك يعد غوصاً داخل الخيال الاجتماعي والذي هو موضوع اهتمامنا. وسيكون البحث أكثر خصوبة أيضاً وأكثر مقارنية) مع الكلمات غير المترجمة، أي المتعذر ترجمتها، لأنها تنقل واقعاً أجنبياً مطلقاً وتدل عليها، وهذا الواقع عنصر غيري لايتبدل :" HIDALGO - نبيل بالإسباني "، " ANDANGO - رقصة إسبانية "، " SOMBRERO - قبعة مكسيكية " ، " في حين أننا نستطيع أن نقول CHAPEAU أو FEUTRE وهما كلمتان فرنسيتان تعنيان قبعة ـ "، وكذلك CASTAGNETTES (10) و MANTILLES ،(11)‏

وهي كلمات لم تستطع الفرنسية التغلب عليها، وبقيت مرتبطة بجذورها الإسبانية. عند الحديث عن الأسبنة، نتذكر الإيطالينة التي يتكلم عنها رولان بارت بخصوص دعاية غذائية اتصالات 4)‏

- كتابة الغيرية :‏

لأن اهتمامنا ينصب على الكتابة عن الغيرية الغير)، من المهم أن نكون يقظين إزاء كل مايسمح بالاختلاف الآخر مقابل الأنا)، أو التمثّل الآخر الشبيه، أو المختلف قليلاً عن الأنا).‏

- اختلاف أو تمثل :‏

في الحالة الثانية، نرى كل ما تستطيع دراسة معجمية في البداية استخلاصه من مفهومات عملياتية مثل التناظر، وبصورة عامة، من كل طبقات المقارنة التي تسمح بالانتقال من سلسلة إلى أخرى، ومن كل التكافؤات الممكنة. إننا نجد مع التكافؤ) مسائل طُرحت في فصل الترجمة. الصورة هي ترجمة للآخر)، وهي أيضاً ترجمة ذاتية. إذا أعدنا أخذ المفردات الفرنسية عن إسبانيا، مثلا من الواضح أنه في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر كانت الكلمات التكبّر، الغيرة، الكسل، الرومانسي) تتعارض بطريقة منهجية مع صورة فرنسية تقوم على القياس، والمحفوظ، والعمل، والعقل.‏

وإذا تبين لنا، عرضاً، أن هذه الكلمات توجد بوضوح ضمن الأدب الإسباني بدرجات متفاوته، فإننا نتصور، عندئذ، حقيقتين مهمتين : دور التوسيط الثقافي والرمزي الذي يستطيع أن يقوم به الأدب والفن بصورة عامة في تشكيل الصور وحتى البسيطة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أهمية السياق الثقافي، لأن هذه الكلمات لا تحمل القيمة نفسها ولا الوظيفة نفسها عندما تشكل صورة ذاتية ويلفظها أسبان للاستخدام الداخلي)، أو صورة مختلفة الكلام الذي يقوله فرنسي عن الإسبان)‏

- تعداد الاتفاقات :‏

ضمن النص المدروس، سيكون التحليل المعجمي يقظاً إزاء كل أثر للتكرار، والإعادة، وإزاء بعض الاتفاقات، وكل ظهور آلي في اختيار المفردات المتعلقة خاصة برسم الأماكن فضاءات أجنبية، كما سنرى لاحقاً)، والمقاييس الزمنية حجز تسلسلي، تاريخي أو مغلوط تاريخياً للآخر)، وإزاء معجم الحجز الخارجي أو الداخلي للآخر. واختيار الأعلام اهتمام موجه للكنية، وبعض الأسماء القريبة من الرسم الساخر من خلال تناغمها مثلاً)، وإزاء كل ما يسمح، في مستوى الكلمة، بمنظومة علاقات، وتبادلات بين الآخر والأنا. من المناسب نزع الصفة بانتباه إيجابية أو سلبية)، ومبادئ تشكلها، وتوزيعها والتي تساعد على فهم بعض أساليب الوصف. ظاهرياً، سننزع الأساليب التي تسمح بالانتقال من المجهول إلى المعلوم أو العكس سيرورة طرحت في الفصل السابق)، من آثار الابتعاد، والدخيل، والتجنس، والإلحاق، والنفي أوالتهميش.‏

- فهرس صور وأفكار:‏

في هذا المستوى، يعد الخيال الذي تُرجع إليه هذه الصورة بالكلمات أوهذا المعجم المصور، نوعاً من الفهرس، أو معجم صور : وهذا، كما نقول، الأداة المفهومية، والشعورية لجيل أوعدة أجيال، أو لطبقة اجتماعية معينة، أو مشتركاً بين عدة عناصر اجتماعية - ثقافية تحمل آراء مختلفة. يعتقد أن مادعي حديثاً تاريخ الأفكار) هوهنا تاريخ كلمات وصور. تعيد مثل هذه الكلمة، مبدئياً إلى خيار ديني، وسياسي، وفلسفي مع آثار جمعية قابلة للتبدل : هذا عمل العقيدة. أي مقارن سيقول، بعد عدة عقود، الثروة الأدبية، والعقائدية لكلمات مثل goulag أو Shoah) في الغرب؟‏

الفظاظة) الإسبانية صفة انتقلت إلى صف الجوهر الماهية)، وخدمت بصور مختلفة ولكن مع معاني مختلفة وفق العصور والسياقات) الرأي العام البروتستانتي في القرن السادس عشر، والرجل الشريف في القرن السابع عشر، والفيلسوف والموسوعي في القرن الثامن عشر، والرومانسي الدخيل في القرن التاسع عشر، والديمقراطي المعادي للفرانكونية في القرن العشرين.‏

يمكن لدراسة الصورة) أن تكون المساعد الفعّال لتاريخ الأفكار إلى نقطة معينة، لأن الأمر لايتعلق بكشف تصورات أو مفهومات ضمن منظومات فلسفية أو سياسية، ولكن بأفكار ومشاعر داخل جماعات، وعائلات ذات رأي ضمن محيطات أكثر حركة.‏

- الكلمات، والأفكار، والاستيهامات.‏

إننا نرى كيف تستطيع مثل هذه الاستدلالات المعجمية أن تساعد في تحليل الخطاب النقدي، مثلاً في حالة التلقي انظر الفصل الثالث)، لأن هذه النصوص تستطيع أن تكون منظمة، إلى نقطة معينة، بالنسبة للصور، ويمكن لبعض العناصر المعجمية أن تتطابق مع تطورات بسيطة للدلالة. الكلمة المقصودة هنا ليست بعيدة، في طبيعتها ووظيفتها، عن النمط .‏

إنها تستطيع أن تولد انعكاسات دلالية متشابهة غالباً : هذا ما دعوناه سابقاً فك الرموز الفوري إلى حد ما. يتعلق الأمر، إذن، بكلمات رئيسية، موثقة من التاريخ والعالم - الجمعي. في حالة الكلمات الاستيهامية، تكون النتائج أكثر تعقيداً لأن الدلالات المضمرة أكثر عدداً، وترسم حقولاً دلالية أكثر سعة، أي فك رموز أقل تشابهاً أو آلية. إن الكلمة Fantasme لا تخدم فقط التواصل اللغوي ولكن أيضاً فعل الحلم والتواصل الرمزي. نقتبس، بصورة عشوائية، كلمات مثل Harem - حريم) حلم كل تلاميذ الإعدادية) كما يقول فلوبير في معجمه، و Odalisque - جارية الحريم)، و Desert - صحراء التي تدعى آثارها بصورة عامة إثارية)، وتساعد على تشكيل فضاء شرقي هذا الشرق الذي اخترعه الغرب) من أجل إعادة أخذ العنوان الفرعي لكتاب إدوارد سعيد الاستشراقية ، سوي، 1980 ). ألا تستحق هذه الكلمات الاستيهامية تسمية مشابهة لأنها تواريخ ممكنة، و سيناريو) في حالة مضمرة، وإذن أسطورة)، وتواريخ أسطورية بالقوة، أو على الأقل تستطيع أن تخدم ميثولوجيا) جماعية أو فردية.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elawa2l.com/vb
أشرف على
admin

admin
أشرف على


ذكر
عدد المساهمات : 27639
نقاط : 60776
تاريخ التسجيل : 04/09/2009
الموقع : http://elawa2l.com/vb

الأوسمة
 :
11:

الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن   الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Emptyالجمعة 27 أبريل 2012 - 4:37


- الكلمة بين النمط والأسطورة.‏

لايمر هذا التأكيد دون نتيجة ضمن دراسة ذات طبيعة معجمية ظاهرياً. لنأخذ كلمات أخرى تتأرجح بين المفردات النقدية والتعريف المختصر لمظاهر ثقافية : هو ميري(12) ، دانتي (13) ، بيكارسكية، فاوستي، فولتيري، كافكي ... هل يتأرجح قسم من خيالنا الاجتماعي، والثقافي على مستوى التقديم والإتصال، بين مفاهيم نمطية، وبين أنماط تحمل مضموناً عقلياً وانفعالياً مضمراً، يمكن أن يتطور في التاريخ، إذن ضمن سلسلات من الكلمات التي تفتح أمام الخيال إمكانية خطاب، و سيناريو)، والتي لهذا السبب تقترب من الأسطورة، ضمن هذه الشروط، النمط أسطورة ليس لها تاريخ أو لم يعد لها تاريخ، و سيناريو)، أسطورة أوعنصر أستدلالي مجرد أو بانتظار التطور إلى سيناريو)، " دونجوان " هو نمط بانتظار تاريخ أوعقوبة ممكنة، أوهوالأسطورة الواقعة في مستوى التسمية النمطية. لن نفاجأ كثيراً عند رؤية كيف أن هذه اللغة الرمزية التي هي الصورة تتلاقى مع هذه اللغة الرمزية الأخرى التي هي الأسطورة.‏

ويجب تذكر هذا اللقاء عند دراسة فصل الأساطير الفعل السادس).‏

الصورة، في البداية إذن، هي مفردة أساسية تستخدم في التقديم.‏

يتعلق الأمر بالانتقال من جرد يمكن أن يستغل في مناهج التحليل المتسلسلة والكمية الإحصائية) أو مناهج التحليل المضموني التي تظهر بوضوح حدود مثل هذه المقاربة في الأدب)، إلى فحص إنتاج النص. يتعلق الأمر حالياً برؤية كيف تتحول العلاقات بين الأنا) والآخر) إلى إحساس تعبيري، مثلما قال ميشيل فوكو في كتابه تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي). إن تتبع كتابة هذه الأنا) يعني تتبع منطق خيال، وأيضاً خطاب عن الآخر) بأبعاد أنتروبولوجية) واضحة. إن كلود ليفي شترواس مؤلف المدارات الحزينة)، قارئ كبير للأساطير، وقد استخدم، أكثر من أي أديب آخر، المنهج البنيوي، ويستطيع أيضاً أن يقدم نوعاً من المساعدة عندما يجب صنع ما يسميه بنيات) أو مجموعات من العلاقات ). يمكن تطبيق هذه الصيغة أيضاً على الصورة. ولكن لنحدد مسبقاً، أن ذلك بسبب علاقات القوة التي تفرضها كل علاقة مع الآخر ): وهي علاقات طبقية.‏

- الصورة أوالعلاقة الطبقية :‏

من المهم حالياً التعرف على التعارضات الكبرى التي تشكل النص الصوري - النموذجي. من أجل التبسيط : الأنا - راو - الثقافة الأصلية للآخر - الشخصية - الثقافة المقدمة. يتعلق الأمر بعزل العناصر التي يتركب منها النص. وكذلك الصورة، وبعزل الوحدات الموضوعاتية، ومكانة العناصر الزخرفية ووظيفتها، والوقفات الوصفية، والمتتاليات التي تتجمع فيها العناصر المحفزة للصورة. في مجال الاهتمامات النابعة أيضاً من الإناسة علم الإنسان) البنيوية، يتوجه التحليل إلى الإطار الفضائي - الزماني الفضاء الأجنبي والزمن اللذان رئي فيهما - الآخر - في حين أن الأنا، تكتب)، ثم يواجه نظام الشخصيات، وأخيراً يقرأ النص كوثيقة إناسية ).‏

- الإطار الفضائي - الزماني :‏

سندرس إجراءات تنظيم، وإعادة تنظيم الفضاء الأجنبي : طرق التحديد الفضائي، والتفرعات النابعة من المتخيّل عن الفضاء الأجنبي. ارتفاع مقابل انخفاض، حركة عظيمة، التصاعد مقابل حركات سقوط أو انهيار، نزولات رمزية)، والثنائيات المتناقضة وكتابتها الأدبية الشمال مقابل الجنوب أوالوسط، المدينة مقابل الريف، الفضاء المدني مقابل الفضاء الريفي والطبيعي، البعيد مقابل العائلي - الأنيس ...)، وكل مبادئ التقطيعات للفضاء مع تفضيل تعارض الأنا وبديلاتها في الثقافة الناظرة) مقابل الآخر، كلما سنحت الفرصة في ذلك.‏

غالباً ما يؤخذ الفضاء، ويكتب عنه وفق سيرورة من الأسطرة. الفضاء ليس دائماً ولا متجانساً، ضمن صورة ثقافة مثلما هوالحال ضمن فضاء أسطوري أثير عند ميرسيا إلياد. يفضل الفكر الأسطوري الأماكن، يعزل بعضاً منها، ويدين بعضها الآخر، إنه يضفي على بعضها وظيفة فضاء انتساب للأنا وجماعة مختارة، ولهذا، فهي تعد فضاءات منسجمة، في حين أن أقساماً أخرى تقوم بالوظيفة السلبية للسديم أو البديل لأماكن جهنمية. سنكون يقظين إزاء العلاقات التي تقوم بين الفضاء وجسد الشخصيات، وإزاء تسجيل الشخصية ضمن الفضاء واستخدام الفضاء من قبل الجسد(14) ، وهذا ما يجعل الفضاء الخارجي) مماثلاً للفضاء الداخلي لشخصية، أو لأنا راوٍ )، طالما أنه صحيح أن الفضاء الأجنبي يستطيع أن يعيد إنتاج منظر عقلي ويعبر عنه. كان يمكن لعلاقات أيضاً أن توضع بين الفضاء الجغرافي والفضاء الجسدي، على الأقل، في المستوى المجازي. بالتفصيل، سنهتم بالدخول إلى مباديء توزع العناصر الفضائية : الأماكن المفضلة مداخل، نوافذ، شق، هضبة)، والمناطق المعطاة قيماً إيجابية مكان amoenus مثلاً)، أو سلبية السيرك الجهنمي أوالمأساوي)، وكل ما يسمح بترميز الفضاء أو جعله شعرياً في المكان الذي يتحدث فيه ميرسيا إلياد عن - تقديس - بالمقارنة مع فضاء - مدنس) تؤدي دراسة الصورة إلى طوبولوجيا) معممة ومختلفة.‏

إن ما قيل عن الفضاء يصح أيضاً بالنسبة للزمن. بعد بيان الإشارات التاريخية، والتواريخ، إذا وجدت، سنركز الانتباه على كل ما يمكن أن يظهر كأسطرة للزمن، زمن الآخر، والزمن الذي تتحرك فيه العلاقات بين الأنا والآخر. نحن نعرف أن الأنماط، إذا وجدت، فهي توجد من أجل إضفاء معنى لا تاريخي على النص.‏

سنراقب كل حركة تمتد إلى عمق الزمن والتاريخ، وإلى زمن الفرح المتعارض مع لحظات القلق، وسنراقب كيف يستطيع أن يوجد في النص الزمن الخطي للتاريخ، الذي يسير في اتجاه واحد، ولا يتكرر، ويتقدم، وغائي، والزمن الدائري للصورة الذي يمكن عكسه، ويتكرر، ويكون طقسياً وهو أيضاً زمن الأسطورة). إن الغوص في الزمن الأسطوري يجذب النص نحو زمن العصر الذهبي .‏

- نظام الشخصيات‏

بعد التمييز التشكلي للعناصر التي تعبر فيها الغيرية سمات جسدية، حركة، حديث) والتي تقوم أيضاً، في مستوى أول، على الدراسة المعجمية، سنتعرف على العناصر التي هي ذات طبيعة غريزية أكثر من كونها ذات طبيعة عقلانية، وهي تشرف على تشكيل صورة شخص، وعلى خط الفصل الذي يمكن أن يوجد بين الشخصيات أوبين الأنا والشخصيات. يجب الانتباه إذن إلى كل تصرف جمعي أواستبعادي، وإلى اختيار الشخصيات المذكرة والمؤنثة، وجنسها بالمقارنة مع انتسابها السياسي والثقافي مثلاً.‏

سنبين نظام التصنيف الاختلافي الذي يسمح بصياغة الغيرية، من خلال ثنائيات متقابلة : متوحش مقابل متمدن، بربري مقابل مثقف، الإنسان والحيوان الإنسانية والحيوانية)، راشد وطفل أو صبياني)، الارتقاء والانحطاط. سنرى كيف تستطيع بنيات أن تبدل مبادئ كتابة، وتسمية لتجعل منها مبادئ سيطرة رمزية.‏

- النص كوثيقة إناسية Anthropolgique) :‏

يتعلق الأمر بفحص منظومة قيم الآخر، وتعابير ثقافته بالمعنى الإناسي، مما يسمح بوصوفات أكثر أو أقل اتساعاً أو بمتتاليات سردية : نشاطات فنية، دين، موسيقا، لباس، مطبخ، ... إلخ، كل من يهتم بالصورية الإيبيرية يعلم إلى أي حد يشكل المسكن، والمنزل، والمطبخ عناصر مهمة للصورة. في مستوى القراءة هذا، يتعلق الأمر بنوع من المعنى الأدبي المضاد المقصود والمؤمّن : البحث عما يقوله النص عن الآخر عندما يقرأ كشاهد، ويعد كتلة من المعلومات. يدرس النص الأدبي هنا بوصفه تطوراً سردياً، ووصفياً، وإدراكياً أيضاً حيث يجب ملاحظة الذي قيل وكذلك الذي قرأ.‏

- الصورة كسيناريو.‏

لقد ألغى وصف النص وتحليل البنيات كل منظور تاريخي وكل تفسير حقيقي. سيكون هذا الزمن الثالث إذن لحظة تأويلية، نُسيت أحياناً، كما لو أن التفكيك كان يكفي، وأن تحليل الآلية كان يستطيع أن يفسح مجالاً لشرح الوظائف الاجتماعية، والشعرية، والرمزية للنص. من المهم إذن مقابلة نتائج التحليل المعجمي والبنيوي مع المعطيات التي يقدمها التاريخ وهي ذات طبيعة سياسية، ودبلوماسية، وحتى اقتصادية، وتتطابق مع الحقبة المعاصرة للنص، وهناك أيضاً حدود قوة هي التي تحكم ثقافة في لحظة معينة، يساعد فحصها على رؤية إذا كان النص متلائماً أم لا مع وضع اجتماعي وثقافي معين، ومع أي تقاليد عقائدية، وثقافية، وأدبية، وجمالية، يتناسب الربط الإجباري بين الأدب والتاريخ، أو بصورة أدق بين الإنتاج النصي والتطور التاريخي)، وأي خيال يستثمر، ولأي خيال يتوجه. من المناسب القيام باستعراض للتاريخ، خاصة تاريخ العقليات والحساسيات، وليس إجراء مقابلة بسيطة، آلية بين النص والسياق .ومن المؤكد أن هذا الاستعراض هوالذي يبعد أيضاً دراسة الصورة عن الأدب وبالعكس. إنه ضروري ولكنه ليس كافياً. في الواقع، إن تفسير الصورة لايقوم فقط على التاريخ. بل يتطلب، بالإضافة إلى دراسة حول طبيعته الشعرية، بالمعنى الأكثر حياداً جزءاً من كلٍٍ الذي هو النص الأدبي )، دراسة تقوم على معطيات تنتج عن الإناسة الثقافية.‏

- من الكلمة إلى السيناريو : " المجموعة الأسطورية ".‏

يجب العودة ثانية إلى هذه الكلمات التي ذكرت سابقاً كسيناريوات بالقوة. لقد وضعناها في منتصف الطريق بين النمط الأسطورة.‏

في البيان الختامي للمؤتمر الرابع عشر لـ SFLGC الذي انعقد في ليموج عام 1977(15) ، أطلق ميشيل كادو الفكرة أي ... الكلمة ) مجموعة أسطورية) بخصوص التعابير مثل " الروح الروسية ". هناك آخرون أمكنهم الحديث عن أنماط أوتراكيب جامدة، لأنهم يستطيعون تقديم قصص، وأنساق من المتتاليات الشبيهة بالمتتاليات التي استخدمها كلود ليفي - شتراوس وحللها كأساطير. واقترح ميشيل كادو مجموعات) أخرى مثل " العاهرة بقلب كبير " أو " الحاضرة بؤرة الطموحات). أعاد جان - مارك مورا أخذ مفهوم المجموعة الأسطورية)، واستخدمه من أجل قراءة أو إيضاح بعض النصوص الصورية _ النمطية المخصصة لفضاءات العالم الثالث مثل - صحراء - ل. ج. م. غ. لوكليزيو (16) . لقد استطاع أن يستخلص ثلاثة ثوابت) تؤلف مايمكن تسميته اختياراً " نموذجاً " إذا تأملنا أعمال كلود ليفي - شتراوس أو بعض أعمال جان روسية)، أو " سيناريو " : الفرح البدائي، الشخصية الغربية المفتونة وتدمير العالم البدائي.‏

نستطيع مع ذلك الاحتفاظ بالكلمة نموذج) انظر الفصل السابع)، وفي حالات عديدة ستكتب الصورة بالاعتماد على مرجعيات نصية، ونماذج مأخوذة من الثقافة المنظورة، ومن الأدب - المصدر. بالإضافة إلى ذلك، كانت هذه المسألة قد طرحت ضمن شعرية الرحلة نماذج يستطيع الرحالة انطلاقاً منها كتابة قصته، ويضع نفسه على المسرح). من يستطيع الحديث عن ثبات نماذج الرواية البيكارسكية، ودون كيشوت من حالة الرحلات إلى إسبانيا، وفي تشكيل صورة، وسيناريو؟ تبدو هذه الكلمة، بدءاً من الآن فصاعداً، مفضلة بسبب الاستخدامات العديدة لكلمة نموذج modele) . في هذا المستوى، لم تعد الصورة شبكات معجمية ولا علاقات طبقية : إنها تاريخ)، ووضع في نص انطلاقاً من حوار بين ثقافتين، وأدبين، وسلسلتين من النصوص إذن شكل من التناصية، انظر الفصل الأول)، مع كلمات رئيسية، كلمات استيهامية، وأوضاع معقلنة إلى حد ما، وطقوسية، ومتتاليات وموضوعات متوقعة، " مبرمجة" لأنها تستطيع أن توجد بصورة مفهرسة إلى حد ما، ومترسبة ضمن الثقافة الناظرة، وضمن خيال هذه الثقافة.‏

إذا، بالنسبة لعدد من الرحالة، والدارسين، والروائيين، يعد الحديث عن إسبانيا، وبدء الكتابة عنها صف متتاليات بطريقة إجبارية، ومنظمة، عن نزل خبيث، ومطبخ سيء، ولقاء مع لصوص على الطرق الكبيرة .... إلخ. ربما كان يمكننا التعرف، قليلاً على بداية Carmen لبروسبير ميريميه، وهي مختارات روحية عن كتابات فرنسية عن إسبانيا تقارن فيها المرأة الغاوية التي لم تكن امرأة ميلها ك وهاليفي، وأوبيرا بيزيه) مع ذئب حديقة النباتات، أو إن لم يوجد، مع قطتك عندما ما تراقب عصفوراً).‏

- التوظيف الرمزي والتناصية :‏

هناك توظيف رمزي، نريد القول : هناك امتلاء) بالمعنى الذي يأخذ فيه فرويد هذه الكلمة من أجل الحديث عن الحلم استجابة لرغبة)، وعن كلمات، ومتتاليات لتركيب سيناريو من المهم تتبع منطقه. لأن الخيال الصوري - النمطي لايستحوذ على أي نص أجنبي، و أي سيناريو معد مسبقاً لكتابة سيناريو آخر. هنا يجب تتبع آلية التناصية بمساعدة الإشكالية المقارنية أو بمساعدة علاقة القوة التي توجد بين الثقافات). إن نصوص الثقافة المنظورة التي تخدم السيناريوات هي غالباً مرجعيات ثقافية، و سلطات). يخضع الكاتب الذي يختار هذه النصوص لردود فعل ثقافية، وتوجهات قراءة يمكن أن تكون متبادلة بين أكبر عدد ممكن ضمن الثقافة الناظرة. قد تكون أحياناً خيار جيل، ومدرسة، وحركة .... ويمكنها أيضاً أن تتفسر على أساس المعادلة الشخصية للكاتب استخدمت هذه الكلمات سابقاً للرحالة)، أو وفق ما أمكن تسميته بالأسطورة الشخصية. أشار شارل بودوان في كتابه الذي أصبح كلاسيكياً التحليل النفسي لفيكتور هوغو (17) ) كيف أن الصور التي احتفظ بها الشاعر عن إسبانيا مطبوعة أيضاً بصورة الأب، العام لنابليون في إسبانيا، من خلال إقامة الشاب فيكتور في مدريد في عمر معين. سيقوم الخيال ومنطقه في التوظيف الرمزي اللذان هما المحركان الرئيسيان لإنتاج هذا السيناريو، بجعل متتاليات، وأجزاء، ومقاطع من نصوص جاءت من الخارج، وموجودة ضمن الثقافة الناظرة، والمترجمة، والمفهرسة، آنية. التناصية التي نتحدث عنها، بعيدة عن أن تقود إلى الآلية الداخلية لنص، وهي وسيلة لفهم كيف أن مثل هذا النص الأجنبي، استطاع أن يصبح، ضمن ثقافة وبالنسبة لهذا الكاتب، موضوعاً أدبياً وثقافياً متميزاً، وأداة اتصال رمزية، ولماذا؟‏

التاريخ الثقافي والأدب المقارن قادران على تقديم إجابات عن هذه الأسئلة. يجب حتماً التمتع بالوضوح : يخدم النص الصوري - النمطي، والصورة عامة شيئاً ما ضمن المجتمع ومن أجله، وهما تعبير هارب ومجزّأ عنه. تخدم صورة الآخر في الكتابة، والتفكير، والحلم بطريقة مختلفة. بعبارات أخرى، تحافظ صورة الآخر، حتى ضمن خيار كتابة السيناريو، على علاقات مع حالة معينة للمجتمع، ولثقافة ما. يبدو من السهل ربط العمل الرائع لفيركور صمت البحر) بوضع معين لفرنسا المحتلة. هناك أوضاع أكثر تعقيداً، أوعلاقات أقل اشتراكاً.‏

ليس من الضرورة أن تكون حوارات الثقافات، التي يهتم بها الأدب المقارن، تبادلات مثمرة. يجب أن يعاد فحص بعض الكلمات التي تستخدم كثيراً مثل - صلة وعلاقة.‏

والميزة المهمة للصورة هي أنها تجبر على هذه المراجعة المتأنية لمفردات أساس المقارنة. في الواقع، هناك علاقات، أو تبادلات أحادية الجانب أو ثنائية، متبادلة أو مشتركة. يقودنا هذا التمييز إلى مواجهة مواقف أساسية إزاء الأجنبي يشكل مجموعها ما يمكن أن نسميه نموذجاً) أو منظومة رمزية)، تتحكم بالسيناريو الذي هو النص الأدبي، وفق نماذج مركبة انظر أيضاً الفصل الثامن).‏

- المواقف الأساسية أو النموذج الرمزي :‏

- الموقف الأساسي الأول :‏

الهوس. يعد الواقع الأجنبي، بالنسبة للكاتب أو الجماعة، متفوقاً حتماً على الثقافة الناظرة، الثقافة الأصلية. هذا التفوق يؤثر، جزئياً أو كلياً في الثقافة الأجنبية المنظورة. ومن نتيجة ذلك بالنسبة للثقافة الأصلية أن الكاتب أو الجماعة تعدها أقل مستوى. في موازاة التفضيل الإيجابي للأجنبي هناك رؤية سلبية، انتقاصية للثقافة الأصلية. يوجد هوس)، ويقوم تقديم الأجنبي على وهم) أكثر مما يقوم على صورة. يفسر الهوس الإنكليزي لفلاسفة الأنوار الفرنسيين، في قسم كبير منه، عبر الشعور بالتفوق الإنكليزي والدونية الفرنسية، وحتى عبر الشعور بالنقص حريات وتسامح أقل). والأمر نفسه بالنسبة للهوس الروسي) الذي درسه سابقاً. أ. لورثولاري، فلاسفة القرن الثامن عشر وروسيا، الوهم الروسي في فرنسا في القرن الثامن عشر، بوفان، 1951) والذي يقوم على تفضيل أحادي الجانب لبعض الشخصيات مثل بيير العظيم، أوكاترين الثانية. ويوضع الهوس الإسباني لبعض الرومانسيين الفرنسيين في موازاة ذلك مع تسربات دخيلة في الزمن والفضاء حالة إغرابية خاصة) تؤدي إلى الإعجاب بشدة بإسبانيا الفروسية ضمن فضاء اجتماعي بورجوازي مخيب للآمال مرض العصر - اغتنوا ... بغيزو).‏

وكذلك يربط الوهم الكاستيلي أو الروماني) لمونثيرلانت في مسرحه مع إزدرائه لمظاهر الحياة الحديثة والديمقراطية.‏

- الموقف الأساسي الثاني : الرهاب(18) la phobie) :‏

إن الرهاب عكس الهوس، ويؤدي إلى اعتبار الواقع الأجنبي متدنياً مقابل تفوق الثقافة الأصلية. هناك رُهاب)، ويؤثر الوهم الخادع هذه المرة، في الثقافة الأصلية. إن الرهاب الالماني لفرنسا (19) نتيجة طبيعية للوهم) اللاتيني مقابل البربرية الجرمانية. وعليه، فالتخلف حقيقي لأنه كان هناك هزيمة وضم أراضٍ. وهذا تقدير بعيد عن منطق التقديم، جاء عمل العقيدة ليدعم الخيال أوالعكس) من أجل تشكيل صورة إيجابية لفرنسا في مواجهة بروسيا، فالأولى تمتلك قيماً معروفة ومحددة مبدئياً، ومتفوقة بصورة أساسية مثلما هو موجود في روايات موريس باريس. إن الهوس الشمالي) لبعض المثقفين الإسبان - الأمريكيين، الذي أدانه الباحث جوزي إنريك رودو من الأرغوي)، يفسّر أيضاً ضمن سياق السياسة العدائية للولايات المتحدة التي أدت إلى هزيمة إسبانيا عام 1898 واحتلال الأولى للمستعمرات الإسبانية القديمة كوبا، بورتوريكو، والفيلبين ).‏

- الموقف الأساسي الثالث : التسامح La philie) :‏

هنا ينظر إلى الواقع الأجنبي، ويحكم عليه بصورة إيجابية، ويدرج ضمن الثقافة الناظرة التي تعد هي بدورها إيجابية ومكملة للثقافة المنظورة. التسامح هو الحالة الوحيدة للتبادل الحقيقي والثنائي.‏

إننا نفهم أنه من المهم عدم خلطه بالهوس. ففي حين أن الهوس يعيش على الاستعارات سواء تعلق الأمر بأفكار أم بملابس، أم إذا تأملنا الهوس الإنكليزي الملابسي)، وهذه الكلمة لم تترجم تحديداً لأنه ليس لها مقابل في الثقافة الفرنسية مثلاً، واعتبرت سلبية، وأقل مستوى)، فإن التسامح يعيش على المعارف، والمعارف المتبادلة، والتبادلات النقدية، وحوارات الند للند. إن المثاقفة الآلية التي يفرضها الهوس تتعارض مع حوار الثقافات) الحقيقي الذي يطوره التسامح.‏

ففي حين أن الرهاب يفترض إبعاد الآخر وموته الرمزي، فإن التسامح يحاول فرض الطريق الصعب، الموجب، التي تمر عبر الاعتراف بالآخر الذي يعيش إلى جانب الأنا، وفي مقابلها، لامتفوقاً، ولا متدنياً، ولكنه متميز، ولا يستغنى عنه. إذا فكرنا في التأملات الأخلاقية للفيلسوف إيمانويل ليفيناس، نرى أن التسامح نظر إلى الآخر واكتشاف بأنه وجه) وذلك لأن النظر إلى الآخر يؤدي، دون شك، إلى عودة إلى الذات، والنظر إلى الذات لم ينس التحول عبر الآخر. إن الآخر للتسامح، هو تحديد آخر، لايمكن التفكير به بصورة أخلاقية.‏

- احتمال رابع ..؟‏

تبقى حالة رابعة للرمز تنتفي فيها مثلاً ظاهرة التبادلات والحوارات لإفساح المجال أمام مجموعات أخرى في طريق الاندماج، أو في طريق إعادة بناء وحدة ضائعة : وحدة لاتينية، وحدة جرمانية، وحدة سلافية، وكذلك أممية، وعالميات من كل الألوان حيث يبدو من الصعب الكشف عن الحركات الإيجابية أو السلبية. في حالة المجموعات التي في طريقها إلى الاندماج وحدة)، من الواضح أن العلاقات إيجابية بين الأخوة والأخوات من اللغة نفسها أخوة جرمانيين، وسلافيين، وأخوات لاتينيات). ولكن الأخوات اللاتينيات يرين أنفسهن إيجابيات) لمعارضة الجرمانيين، الذين يعدون سلبيين. نحن نعرف ما الذي يجب التفكير به عن الوحدة الجرمانية في الثلاثينيات ... وهكذا يتشكل الرهاب على سلم أكبر من سلم بلد. في حالة الأممية، وهي موقف نستطيع عده مفتوحاً وكريماً، يجب الانتباه إلى التاريخ : تستلزم أممية الأنوار تسامحاً) بين جماعات نخبوية ومركز إيجابي : باريس أوربا الفرنسية ... من أجل إعادة أخذ عنوان كتاب كلاسيكي للويس ريو ).‏

أما فيما يتعلق بالباقي مثل أوربا الجنوبية)، فإنها غرقت في ظلمات التعصب هكذا نظر إليها) يمكننا أن نضيف إلى ذلك نوعاً من Démomanie) كل شيء للشعب دون الشعب). نكون حذرين إذن إزاء التبادلات التي تقدم غالباً وفق مظاهرها الجزئية أو التحيزية. لن ننسى، للذاكرة، حالة الرمز التالية : ينظر إلى الثقافة الأجنبية بصورة عامة على أنها سلبية، وكذلك الثقافة الناظرة.‏

إذا تأملنا في حالة كاتب مثل سيلين : تتغير الثقافة الأجنبية ضمن دورة معادية للسامية. مع ذلك، لايمكن للثقافة الفرنسية الناظرة أن تكون إيجابية : إنها سلبية بسبب ديمقراطيتها العميقة، والبرجوازية وينظر إليها على أنها ميالة لليهود). يبقى تطوير الوجه الإيجابي الوحيد يجب تتبع كثرة الدراسات عن الكاتب)، والخطاب، والهذيان اللفظي الذي يشق طريقاً بين هوتين من الاحتقار والحقد، ويمكن وصف هذا المسار، اختياراً، بالجني، والذهان الهذياني (20) ، والفصامي (21) ... هناك ما هو أكثر فائدة بسبب السمة الأقل خصوصية : يشار إلى أن بعض علماء الاجتماع - اللغويين لايترددون في نزع التصرفات الفصامية في حالة ازدواجية اللغة غير المستفاد منها أو يستفاد منها بصورة سيئة: " تحتقر لغة الآخر وثقافته، ولكن يتوجه الاحتقار ضد اللغة والثقافة اللتين تعدان أصليتين) مثل هذا الشاهد يظهر إلى أي حد يستطيع علم الصورة معرفة امتدادات متعددة، وأن مجالاته متنوعة.‏

(1) هي الدراسة التي تهتم بمعرفة الصورة الذهنية التي يشكلها شخص عن نفسه وعن الآخرين.‏

(2) ما يخص الآخر في مقابل الأنا .‏

(3) جعل الشيء أدبياً‏

(4) تكييف الإنسان مع حياة الجماعة‏

(5) حول هذا المفهوم الذي استخدمه المؤرخون، انظر مثلاً برونيسلاف بازكو، الخيال الاجتماعي، بايوت، 1984‏

(6) جعل الشيء حينياً أو حالياً‏

(7) سلوك مكرر على نحو لا يتغير وتعوزه الصفات الفردية المميزة .‏

(8) محافظ على المعنى نفسه في مختلف أشكاله‏

(9) انظر، وجهة نظر مؤرخ عقليات يستطيع الأدب أن يستفيد منها : موريس أغولهون، ماريان في المعركة : المصورات والجمهورية الرمزية 1789-1880، فلاماريون، 1979 .‏

(10) صناجات : قطع خشبية صغيرة ومجوفة تربط في الأصابع وتقرع الواحدة بالأخرى م)‏

(11) وشاح ترتديه النساء المترجم ).‏

(12) نسبة إلى الشاعر هوميروس‏

(13) نسبة إلى الشاعر الإيطالي دانتي مؤلف الكوميديا الإلهية.‏

(14) مفهوم Proxémie أنظر إدوارد ت. هال، البعد المخفي، سوي، 1971‏

(15) انظر، أساطير، صور، تقديمات، ديدييه، 1981، ترام عدد /79 .‏

(16) انظر R.l.c. 1990/1‏

(17) دار كولان، 1972‏

(18) الرهاب : هلع أوذعر شديد مرضي من شيء معين.‏

(19) درست هذه المسألة بصورة جيدة من قبل كلود ديجون، الأزمة الألمانية للفكر الفرنسي - 1870 -1914 - p.u.f 1959، ويعد هذا من أفضل الأمثلة عن ابتكار مقارني لعنوان رسالة.‏

(20) الذهان الهذياني : ذهان مزمن من أعراضه الرئيسية الهذاء الثابت المنظم، مع نزعة للشك والارتياب.‏

(21) الفصام : بلاهة مبكرة ينطوي المريض المصاب بها على نفسه، مندفعاً، تحت تيار التجول الذهني، في عالم الخيال والوهم، وعدم الاتساق بين المزاج والفكر .‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elawa2l.com/vb
جومانة
عضو vip
عضو vip
جومانة


انثى
عدد المساهمات : 6816
نقاط : 6982
تاريخ التسجيل : 02/11/2009

الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن   الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Emptyالسبت 18 يناير 2014 - 20:52

الله يـع’ـــطــيك الع’ــاأإأفــيه ..
.. بانتظـأإأإأر ج’ـــديــــدك الممـــيز ..
.. تقــبل م’ـــروري ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أشرف على
admin

admin
أشرف على


ذكر
عدد المساهمات : 27639
نقاط : 60776
تاريخ التسجيل : 04/09/2009
الموقع : http://elawa2l.com/vb

الأوسمة
 :
11:

الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن   الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Emptyالأربعاء 22 يناير 2014 - 4:13

شوك لمروركم وردكم الذى أسعدنى
أرق تحية من القلب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elawa2l.com/vb
استاذ عادل حسنى
عضو ذهبى
عضو ذهبى
avatar


ذكر
عدد المساهمات : 287
نقاط : 303
تاريخ التسجيل : 28/09/2013
العمر : 50

الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن   الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Emptyالأحد 31 أغسطس 2014 - 7:10

موضوع مفيد جدا جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shadow
عضو vip
عضو vip
shadow


ذكر
عدد المساهمات : 3980
نقاط : 3981
تاريخ التسجيل : 11/12/2014
العمر : 26

الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن   الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن Emptyالإثنين 8 يوليو 2019 - 10:47

جزاك الله خيراً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الـــصـور فى كتاب الأدب العام المقارن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأدب والفنون فى كتاب الأدب العام المقارن
» الأساطير فى كتاب الأدب العام المقارن
» الاتصالات والتبادلات فى كتاب الأدب العام المقارن
» البحث وعلم أصول التدريس فى كتاب الأدب العام المقارن
» الأشكال والأجناس فى كتاب الأدب العام والمقارن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شنواى  :: القسم الأدبى والثقافى :: مكتبة اللغة العربية-
انتقل الى: