منتدى شنواى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة شنواىأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
هشام سعيد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
هشام سعيد


ذكر
عدد المساهمات : 252
نقاط : 725
تاريخ التسجيل : 01/11/2009
العمر : 28
الموقع : saidsaleh2002@yahoo.com

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية Empty
مُساهمةموضوع: لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية   لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 20:04

مقدمة
حمدلله القائل شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد القائل: العلماء ورثة الأنبياء، وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه ودعا بدعوته من أئمة الدين وعلماء الإسلام وعلى كل قائم لله بدعوة صحيحة داخل في قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}.
وبعد:
الدوافع إلى تأليف هذا الكتاب:
فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه من النفر القليل الذين كانت حياتهم كلها لله، والذين دعوا إلى الله على بصيرة، شاهداً لله سبحانه وتعالى أنه لا إله إلا هو، قائماً بالقسط، فقد كتب وألف عشرات المجلدات بل مئات المجلدات في هذين المعنيين: إثبات وحدانية الله سبحانه وتعالى وتحذير الأمة من الشرك الذي تفشى فيها بعد صدر الإسلام، ثم إثبات عدل الله في تشريعاته وقضائه وقدره، ولقد تعرض شيخ الإسلام في سبيل ذلك إلى تفنيد مزاعم قوى الشر كلها التي انتشرت وسادت المسلمين في عصره في القرن السابع الهجري وأوائل الثامن. فتصدى بالرد على الفلاسفة وأذنابهم والرافضة وأكاذيبهم، والباطنية وخبثهم ونفاقهم، والصوفية وعقائدهم الفاسدة وترهاتهم، وللمتكلمين وخلفائهم وتأويلاتهم الباطلة، وللمقلدين وعبادتهم لشيوخهم وتعصبهم لآرائهم المخالفة للكتاب والسنة، والنصارى وضلالهم، واليهود وخبثهم وإفسادهم، وألف في كل ذلك وكتب ودرس وسافر وارتحل وناقش ولم يكتف بهذا أيضاً بل جرد سيفه لقتال التتار فجمع الجموع لملاقاتهم، ووحد صفوف المسلمين لحربهم، وخاض المعارك ونصره الله عليهم..
وهو في كل هذا عازف عن الدنيا، لم يتزوج ولم يكتنز مالاً أو يبني داراً ويتخذ عقاراً إلا ما أراده من دار الآخرة.
وعالم هذا شأنه لا شك أن يكثر أعداءه وحساده.. فقد عادى الدنيا كلها في الله وخاصم كل منحرف في ذات الله، ولم يداهن أميراً ولا وزيراً في الحق، بل صدع به حيث كان، ولذلك كثرت ابتلاءاته ومحنه فلا يخلص من محنة إلا ودخل في أخرى، ولا ينتهي من سجن حتى يزج به في سجن آخر، ولا ينصر في محاكمة حتى تعقد له محاكمة جديدة.. وكل ذلك وهو صابر محتسب، بل فرح مستبشر أن أكرمه الله بكل هذه الكرامات وهيأ له كل هذه الأسباب لينشر علمه وتعظم محبة أهل الخير له، فكان قدوة للعالمين من أهل الخير في زمانه، ونموذجاً للعلماء العاملين في وقته، بل كان من تلاميذه جهابذة الأمة في كل فرع من فروع المعرفة الدينية فمن تلاميذه ابن كثير إمام المؤرخين والمفسرين، والذهبي علم المحققين والحافظ المزي، إمام من أئمة النقل والرجال والحديث وابن عبد الهادي علم التحقيق، وابن القيم إمام الأمة وفارسها، وروحاني الإسلام.. وخلق كثيرون.. ثم أصبحت كتبه من بعده هي الهادي والمرشد لعقيدة أهل السنة والجماعة، بعد أن لبس الملبسون من أهل الكلام والزندقة على الناس، ونشروا عقائدهم الباطلة في الأمة فقام هذا المجدد الفرداني والعالم الرباني فكشف بنور القرآن والسنة أضاليل أهل الكلام والبدعة والزندقة والردة.
* أعود فأقول عالم هذا شأنه وكثر حساده وأعداؤه في حياته وبعد مماته ينقبون كتبه ويفتشون لعلهم يظفرون له بخطيئة أو بزلة وليس هو بمعصوم فيضخمون ما ظنوه خطأ. فيجعلون خطأه كفراً، وردة، ثم يفترون عليه ويكذبون، وكل ذلك يسعون جاهدين أن ينفروا الأمة عن طريقه ويصرفوا العالم عن مطالعة كتبه، ولكن هذا منهم كان ينقلب في كل مرة عليهم حيث يقف الناس على كذب شانئيه ومبغضيه فينقلب السحر عليهم، وتبتلع آية الله ما أفكه الظالمون، وما افتراه المفترون.
وكان من جملة ما افتراه بعض هؤلاء من زعم أمام مجموعة من الطالبات أن ابن تيمية وابن القيم قد خالفا إجماع المسلمين لقولهما بفناء النار.. وزعم أن هذا إجماع قطعي.
وقال عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه سجن من أجل ذلك ولو لم يمت في السجن لنفذ فيه حد الردة.. وبادرته طالبة من الطالبات قائلة: أنعتبر ابن تيمية كافراً بذلك: فقال: يمكن يكون رجع عن كلامه.. ولا نعلم له رجوعاً، ولكنه زعم في مقام آخر أيضاً أنه لو قام من قبره لنفذ فيه حكم الردة..
الأهداف البعيدة:
أعود فأقول إن السبب في إرادة هدم شيخ الإسلام ابن تيمية من هذا الرجل وأمثاله معروف. لأن كتب شيخ الإسلام أنوار هاديات لكل زيف وبهتان، وتضليل وهذيان، ولذلك يحاربها كل من أراد أن يبني له مجداً في الظلام، ويطمس بعض البصائر ويتخذ مجموعة من الخفافيش تعيش معه في الجحور.. ولذلك يحاذر كل المحاذرة أن يسمع أحد منهم كلمة حق، أو يقرأ كتاباً يفضح باطله وزوره وتخليطه..
وقد بادر مجموعة من الإخوة فكتبوا بعض المقالات في الصحف رداً على فرية هذا الأستاذ على شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتبت مقالاً سريعاً في الجريدة رداً على هذه الفرية وكان هذا نصه:
متى يكون مخالف الإجماع كافراً؟
* يعرف علماء الأصول الإجماع بأنه اتفاق علماء الإسلام في عصر من العصور بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على مسألة من مسائل الدين. ويضربون أمثلة لذلك باتفاق المسلمين على بيعة الصديق، وحروب الردة، وولاية الفاروق، وإعطاء الجدة السدس من الميراث. ونحو ذلك من أمور اشتهرت وعمل بها المسلمون وأفتى بها جميع الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويجعلون مخالف هذا الإجماع الظاهر كافراً وخاصة إذا كان الإجماع مستنداً إلى نص شرعي صريح كتحريم الخمر، والصلوات الخمس وإيجاب التيمم عند فقد الماء ونحو ذلك ما لم يكن مخالف هذا الإجماع متأولاً أو جاهلاً.
وفي دراسة عن الإجماع عمد أحد أساتذة كلية الشريعة بجامعة الكويت أمام طالبات من الكلية إلى ضرب أمثلة لمن خالف إجماع المسلمين فلم يجد مثلاً لذلك إلا الإمامين الجليلين: شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم فأعلن الأستاذ للطالبات أنهما خالفا إجماع المسلمين لأنهما قالا بفناء نار الآخرة بعد أحقاب طويلة من عذاب الكفار فيها.
أقول لم يجد الأستاذ إلا هذين الإمامين ليدلل على مخالفة الإجماع، ولم يكتف بذلك بل زعم أن الشيخ ابن تيمية سجن من أجل فتواه تلك وأنه مات في السجن من أجل ذلك، ولو لم يمت في السجن لنفذ فيه حكم الردة!!
وكلام الأستاذ هذا فيه كثير من الأغاليط بل والأكاذيب عدا عما فيه من عدوان، وإفساد لعقول الشباب والناشئة وتنفير من علماء الإسلام ونحن نبين كل ذلك بحمد الله سبحانه:
أولاً: الإمام ابن تيمية لم يدخل السجن قط في هذه المسألة بالرغم من أنه دخل السجن مراراً وتكراراً، ودخوله السجن من فضل الله عليه، وكذلك فإن هذه المسألة لم تكن قط مثارة في عهده ممن أنكر عليه شيئاً من أقواله وإنما كان آخر مرة سجن فيها شيخ الإسلام -رضي الله عنه- في مسألة شد الرحال لزيارة القبور التي أنكرها هو عملاً بالحديث الصحيح [لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى] ولما أجمعت عليه الأمة، أن السفر لزيارة القبور سفر معصية، ولكن عباد القبور في زمانه ألبوا عليه بعض من لا فقه لهم من الأمراء فسجن لذلك ووافته المنية في سجن قلعة دمشق من أجل ذلك وليس من أجل قوله بفناء النار كما زعم أستاذ كلية الشريعة.
ثانياً: قضية القول بفناء النار ليست ابتداعاً لشيخ الإسلام ابن تيمية (الحق أن ابن تيمية ذكر في هذه المسألة قولين للسلف ولم يرجح واحداً منهما وإنما الذي رجح القول بالفناء هو ابن القيم رحمه الله) وابن القيم وإنما قال بها جمهور كبير من الصحابة والتابعين كعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة وعبد الله بن مسعود، وعلى بن أبي طالب، والحسن البصري، وكثير من أئمة التابعين وعلماء التفسير فكيف تكون هذه القضية من قضايا الإجماع وهؤلاء جميعاً مخالفون لذلك، بل قال الإمام ابن القيم أنه لو طلب ممن يقول بالإجماع في هذه المسألة: أن ينقل عن عشرة فقط من الصحابة فما دونهم إلى الواحد لم يجد إلى ذلك سبيلاً.. فكيف يدعي الإجماع في مثل ذلك الكلام الذي رمى به الأستاذ شيخ الإسلام ابن تيمية كلام عظيم وبهتان كبير فتكفير المسلم شيء عظيم فكيف بتكفير إمام من أئمة المسلمين وعلم من أعلامهم لا يوجد لليوم عالم قد نال من ثناء العلماء عليه مثل ما نال هذا الرجل.
وحسبك من ذلك قول تلميذه الحافظ الذهبي: "لو حُلّفت بين الركن والمقام لحلفت أنني ما رأيت بعيني مثله، ولا رأى هو مثل نفسه في العلم"، وقول تلميذه الحافظ المزي: "ما رأيت مثله، ولا رأى هو مثل نفسه، وما رأيت أحداً أعلم بكتاب الله وسنة رسوله، ولا أتبع لهما منه"، وقول الإمام ابن دقيق العيد: "لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجع كل العلوم بين عينيه يأخذ ما يريد ويدع ما يريده".
ومثل هذا القول أيضاً عن أبي حيان شيخ النحاة.. ولم تؤلف تراجم في الإسلام لرجل مثله. وهو الذي اتبع جنازته أهل دمشق كلها، وقد حضر من النساء فقط خمسة عشر ألف امرأة، ومائتي ألف رجل، ولا يعرف جنازة مثلها في الإسلام إلا للإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فالإقدام على تكفير رجل مثل هذا في حلقة من حلقات العلم وفي كلية الشريعة شيء عظيم جداً.
* وقد يقول قائل إن كلام الأستاذ لا يتضمن التكفير وأقول هذا قول خاطئ.. أولاً: لأن الأستاذ كان في معرض بيان من خالفوا الإجماع ومعلوم أن مخالف الإجماع كافر، وثانياً: أنه زعم أن علماء عصره حكموا بكفره.. وكان هذا إقرار منه بذلك، وثالثاً: أنه قال لو لم يمت لنفذ فيه حكم القتل وحكم القتل لا ينفذ في مثل هذه الحالة المزعومة إلا للردة.. ورابعاً: أنه زعم أنه لم يعرف له رجوع عن قوله هذا. وخامساً: أن هذا الأستاذ يلقي الكفر على كل من يتوهم أنه يخالفه وهذا دأبه أبداً.
رابعاً: كان بودنا ألا يستغل الأستاذ منصبه ومقامه وسط طالبات قد يظن أنهن لن يتمكن من البحث والمعرفة فيبتلعن السموم التي ينفثها لهن.. أقول كان بودنا ألا يستغل الأستاذ ذلك وأن يعمد إلى مخالفي الإجماع الحقيقيين كمن زعموا أن القرآن فقط كاف لنا دون السنة النبوية، ومن زعموا أن الدين أخلاق وعبادات فقط وليس حكماً وتشريعاً، ومن غيروا بعد الرسول وجعلوا ظاهر القرآن والسنة في زعمهم كفر، ونفوا عن الله أسماءه وصفاته العلية، ومن قالوا بوحدة الوجود وأن المخلوق هو عين الخالق، ومن أجازوا التوسل بالأموات والطواف بالقبور وشد الرحيل إلى المزارات، والسجود على العتبات ونحو هذا كثير من الذين أرادوا هدم دين الإسلام بالفعل. أما أن يعمد إلى إمام عاش طيلة دهره مجاهداً بسيفه وقلمه محارباً في كل اتجاه فلا يجد الأستاذ كافراً في الأمة مخالفاً لإجماعها غيره.. سبحان الله أين الفكر والنظر بل أين الدين والخلق؟
خامساً: نحن نقول للأستاذ: إن زمناً كان يمكن فيه التدليس على الناس وطمس الحقائق قد ولى، وأن الطالبات اللاتي ظننت أنهن ليس 52ً للبحث والتحري ومعرفة الحق لسن كذلك وسيصلن حتماً بعون الله ومشيئته إلى معرفة الحق إن كان معك أو عليك وأن من يطاول ابن تيمية ويرميه بسهم حتماً سيعود سهمه إلى نحره.. وأن أناساً يدافعون عنك الآن، ولا يدافعون عن حرمة الأموات يغشونك ويغشون أنفسهم، وقد قال عز وجل في الحديث القدسي: [ومن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب]، والرسول يقول أنتم شهداء في الأرض.. من شهد له وجبت له الجنة، وقد شهد أهل دمشق كلها في عصر ابن تيمية جنازته وشهدوا له وبكوه أحر ما يكون البكاء، ولم يكن ذلك اصطناعاً ولا دعاية وإنما كان شهادة وهداية من الله. فانظر أين وضعت نفسك. وانتظر غداً يوم يعرف الناس الحقائق، وتنجلي الأمور أن العلم ليس باعتجار العمامة، ولا تبديل البشوت، والاختيال في الأردية. وتكفير علماء الإسلام واحتقارهم وتحذير الشباب منهم.
سادساً: وفي الختام نسأل الأستاذ هذه الأسئلة نرجو جوابها.. من أين علمت أن شيخ الإسلام ابن تيمية سجن آخر مرة في قوله بفناء النار؟ وأين إجماع المسلمين الذي زعمته في هذه القضية؟ وهل يكون إجماعاً ما خالفه جمهور من الصحابة والتابعين؟ وماذا تقول في هؤلاء الصحابة الذين خالفوا إجماعك المزعوم؟ هل كفروا هم أيضا مع ابن تيمية وابن القيم؟ ومن الذي حكم في الشيخ بحكم الردة؟ وما هو حكم من كفر إماماً من أئمة المسلمين أجمعت الأمة على إمامته وعدله وعلمه وتقواه؟.. نرجو أن نتلقى رداً منكم على أسئلتنا هذه.
وقد رأيت من واجبي قياماً بحق إمام من أجل أئمة الأمة الإسلامية لا يوجد اليوم مسلم يعرف التوحيد حقاً إلا وهو مدين له بالعلم والفضل فهو الذي أنار للأمة بعده طريق الله بعد تمالأ الباطنية والقرامطة والغلاة والرافضة، والصوفية، والحلولية، والمتفلسفة على إفساد دين المسلمين وطمس طريق رب العالمين، فقام في هذه الأيام يصاول كل هذا الباطل بقلمه السيال، ونور كلماته الوقاد، وسيفه القاطع فما أبقى لهم شبهه إلا ورفعها، ولا تلبيساً إلا وكشفه، ولا ظلاماً إلا وبدده. أقول رأيت من واجبي أن أقتبس جذوة من نور هذا الشيخ الجليل، وأعرض على ناشئتنا الإسلامية لمحة من أضوائه اللامعة ولست في هذا إلا قابساً من جذوته، وناقلاً عمن كتب عنه، وإني لأرجو في مستقبل حياتي إن أطال الله في عمري أن أجمع ترجمة مستفيضة له أجعل القارئ يعيش بها مع هذا الرجل حياته ساعة بساعة، ويجلس في حلقات علمه تلميذاً حلقة حلقة، ودرساً درساً، ولعل الله أن يمكنني من ذلك وأما الآن فإلى هذه اللمحات من حياة شيخنا وأستاذنا شيخ الإسلام أحمد عبد الحليم بن تيمية رحمه الله.
كتبه: عبد الرحمن عبد الخالق
الكويت الأحد 15صفر 1404هـ
الموافق 20/11/1983

الباب الأول
ابن تيمية: الإعداد الرباني
أول ما يطالعنا في دراسة حياة شيخ الإسلام ابن تيمية هو هذا الإعداد والعناية الربانية التي كلأت هذا الإمام منذ أن كان صغيراً وإلى أن توفاه الله سبحانه وتعالى وهذا ما يكاد يجمع عليه كل الذين ترجموا له. وكتبوا عنه ممن أراهم الله حقيقة هذا الرجل العجيب فكأن كل الظروف والأحداث كانت تتهيأ لاستقبال هذا المجدد.. ولا شك أن القارئ الذي سيستمر معنا مطالعاً هذه المقتطفات واللمحات من حياة شيخنا شيخ الإسلام سيخرج بهذه النتيجة.
فالعالم الذي أظلم ظلاماً يكاد أن يكون كاملاً قبل أن يبدأ هذا الرجل دعوته قد كان يتطلع وينتظر ق48 مثل هذا الرجل ليبدد ظلمات الفلسفة والزندقة، والإلحاد، والشرك بكل مظاهره، والباطنية بكل أعلامها والاتحادية، وأيضاً ظلام الحكام المتجبرين والعملاء المأجورين، وأكثر من هذا ظلام وعدوان التتر المتسترين بالإسلام، والنصيرية والرافضة المعادين لأهل الإسلام، والموالين لأهل الكفر والطغيان لقد كان العالم الإسلامي في أمس الحاجة إلى عالم مجدد جرئ شجاع يستطيع أن يقول الحق لكل أولئك وهو لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يخشى سجناً ولا تعذيباً، ولا غربة ولا نفياً.. بل ولا قتلاً.. فكان ابن تيمية الذي جعله الله أولا وعاء عظيما استوعب علم الكتاب والسنة، ثم وسع كل علوم وترهات وأكاذيب أولئك الضلال وعرف بعد ذلك كيف يكر عليها ويبطلها باطلا باطلا، ولا يستطيع أحد منهم أن يقف أمامه أو يحاربه أو يلبس على الناس عنده.. والآن تعالوا نطالع عناية الله بهذا الرجل منذ أن كان صبياً.
شهادة ابن عبد الهادي:
قال الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي في (العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية): انبهر أهل دمشق من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه. واتفق أن بعض مشايخ العلماء بحلب قدم إلى دمشق، وقال: سمعت في البلاد بصبي يقال له: أحمد بن تيمية، وأنه سريع الحفظ، وقد جئت قاصداً، لعلي أراه، فقال له خياط: هذه طريق كتّابه، وهو إلى الآن ما جاء. فاقعد عندنا، الساعة يجيء يعبر علينا ذاهباً إلى الكتّاب (مدرسة صغيرة لتحفيظ القرآن). فجلس الشيخ الحلبي قليلاً، فمر صبيان، فقال الخياط: هذاك الصبي الذي معه اللوح الكبير: هو أحمد بن تيمية. فناداه الشيخ. فجاء إليه. فتناول الشيخ اللوح منه، فنظر فيه ثم قال له: امسح يا ولدي هذا، حتى أملي عليك شيئاً تكتبه، ففعل، فأملى عليه من متون الأحاديث أحد عشر، أو ثلاثة عشر حديثاً، وقال له: اقرأ هذا، فلم يزد على أن تأمله مرة بعد كتابته إياه. ثم دفعه إليه، وقال: اسمعه عليّ، فقرأه عليه عرضا كأحسن ما أنت سامع. فقال له: يا ولدي، امسح هذا، ففعل. فأملى عليه عدة أسانيد انتخبها، ثم قال: اقرأ هذا، فنظر فيه، كما فعل أول مرة. ثم أسمعه إياه كالأول. فقام الشيخ وهو يقول: إن عاش الصبي ليكونن له شأن عظيم. فإن هذا لم يُرَ مثله.

الباب الثاني
ابن تيمية: العالم الذي لم ير العلماء مثله
كان لا بد لابن تيمية الذي سيقابل هذا الواقع الأليم بكل مآسيه وعقباته أن يكون عالماً من طراز آخر، وأن يقر له العلماء جميعاً بالفضل والسبق عليهم، وأن يشهدوا أن أعينهم لم تر مثل هذا الرجل ، وذلك حتى يستطيع أن يشق طريقه إلى الإصلاح، ولا يستطيع أحد أن يتهمه بجهل أو قصور وتعالوا نشاهد شهادات العلماء له في عصره وبعد عصره بالعلم الذي لا يضارع ولا يماثل.
1- شهادة تلميذه الإمام الذهبي:
قال الذهبي في معجم شيوخه: أحمد بن عبد الحليم -وساق نسبه- الحراني، ثم الدمشقي، الحنبلي أبو العباس، تقي الدين، شيخنا وشيخ الإسلام، وفريد العصر علماً ومعرفة، وشجاعة وذكاء، وتنويراً إلهياً، وكرماً ونصحاً للأمة، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر. سمع الحديث، وأكثر بنفسه من طلبه، وكتب وخرج، ونظر في الرجال والطبقات، وحصل ما لم يحصله غيره. برع في تفسير القرآن، وغاص في دقيق معانيه بطبع سيال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها. وبرع في الحديث وحفظه، فقلّ من يحفظ ما يحفظه من الحديث، معزواً إلى أصوله وصحابته، مع شدة استحضاره له وقت إقامة الدليل. وفاق الناس من معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل يقوم بما دليله عنده. وأتقن العربية أصولاً وفروعاً، وتعليلاً واختلافاً. ونظر في العقليات، وعرف أقوال المتكلمين، وردّ عليهم، ونبّه على خطئهم، وحذّر منهم ونصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين. وأوذي في ذات الله من المخالفين، وأخيف في نصر السنة المحضة، حتى أعلى الله مناره، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له، وكبت أعداءه، وهدى به رجالاً من أهل الملل والنحل، وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالباً، وعلى طاعته، وأحيى به الشام، بل والإسلام، بعد أن كاد ينثلم بتثبيت أولي الأمر لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم، فظنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشرأّب النفاق وأبدى صفحته. ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت: أني ما رأيت بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه (طبقات الحنابلة لابن رجب 389،390).
وقال الذهبي أيضاً:
وله خبرة تامة بالرجال، وجرحهم وتعديلهم، وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث، وبالعالي والنازل، والصحيح والسقيم، مع حفظه لمتونه، الذي انفرد به، فلا يبلغ أحد في العصر رتبته، ولا يقاربه، وهو عجيب في استحضاره، واستخراج الحجج منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة، والمسند، بحيث يصدق عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث (المصدر السابق).
وقال أيضاً:
ولما كان معتقلاً بالإسكندرية: التمس منه صاحب سبتة أن يجيز لأولاده، فكتب له في ذلك نحواً من ستمائة سطر، منها سبعة أحاديث بأسانيدها، والكلام على صحتها ومعانيها، وبحث وعمل ما إذا نظر فيه المحدث خضع له من صناعة الحديث. وذكر أسانيده في عدة كتب. ونبّه على العوالي. عمل ذلك كله من حفظه، من غير أن يكون عنده ثبت أو من يراجعه.
ولقد كان عجيباً في معرفة علم الحديث. فأما حفظه متون الصحاح وغالب متون السنن والمسند: فما رأيت من يدانيه في ذلك أصلاً.
قال: وأما التفسير فمسلم إليه. وله من استحضار الآيات من القرآن -وقت إقامة الدليل بها على المسألة- قوة عجيبة. وإذا رآه المقرئ تحير فيه. ولفرط إمامته في التفسير، وعظم اطلاعه. يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين. ويوهي أقوالاً عديدة. وينصر قولاً واحداً، موافقاً لما دل عليه القرآن والحديث. ويكتب في اليوم والليلة من التفسير، أو من الفقه، أو من الأصلين، أو من الرد على الفلاسفة والأوائل: نحواً من أربعة كراريس أو أزيد.
قلت: وقد كتب (الحموية) في قعدة واحدة. وهي أزيد من ذلك. وكتب في بعض الأحيان في اليوم ما يبيض منه مجلد. أ.هـ (المصدر السابق).
وقال الذهبي أيضاً في بيان حملاته على المنحرفين:
وغالب حطه على الفضلاء والمتزهدة فبحق، وفي بعضه هو مجتهد، ومذهبه توسعة العذر للخلق، ولا يكفر أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه.
قال: ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج لها ببراهين ومقدمات، وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هو عليها، حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قياماً لا مزيد عليه، وبدّعوه وناظروه وكابروه، وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي، بل يقول الحق المرّ الذي أدّاه إليه اجتهاده، وحدة ذهنه، وسعة دائرته في السنن والأقوال، مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكر، وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرمات الله.
فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحدة، فينجيه الله فإنه دائم الابتهال، كثير الاستغاثة، والاستعانة به، قوي التوكل، ثابت الجأش، له أوراد وأذكار يدمنها بكيفية وجمعية. وله من الطرف الآخر محبون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه، لأنه منتصب لنفعهم ليلاً ونهاراً، بلسانه وقلمه.
(وله حدة قوية تعتريه في البحث، حتى كأنه ليث حرب. وهو أكبر من أن ينبه مثلى على نعوته. وفيه قلة مداراة، وعدم تؤدة غالباً، والله يغفر له. وله إقدام وشهامة، وقد نفس توقعه في أمور صعبة، فيدفع الله عنه) أ.هـ (المصدر السابق).
وقال أيضاً في وصف شجاعته:
وأما شجاعته: فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتضبه أكابر الأبطال. ولقد أقامه الله تعالى في نوبة قازان (ملك من ملوك التتار قابله ابن تيمية وأنكر عليه وأمره بإطلاق أسرى المسلمين ففعل). والتقى أعباء الأمر بنفسه. وقام وقعد وطلع، ودخل وخرج، واجتمع بالملك -يعني قازان- مرتين، وبقطلو شاه، وبولاي. وكان قبجق يتعجب من إقدامه وجراءته على المغول).
وأقول: إن هذه والله الترجمة ما نال أحد من العلماء فيما أعلم منها قط ومن يستطيع أن يكتب الناس فيه كلاماً صحيحاً صادقاً كالذي يكتبه هذا الإمام المدقق الصادق رحمه الله.
2- شهادة تلميذه الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الهادي المتوفى سنة 744هـ:
"قال الشيخ ابن عبد الهادي: ثم لم يبرح شيخنا في ازدياد من العلوم، وملازمة الاشتغال والإشغال، وبث العلم ونشره، والاجتهاد في سبيل الخير، حتى انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل، والشجاعة والكرم، والتواضع والحلم والأناة والإنابة، والجلالة والمهابة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسائر أنواع الجهاد، مع الصدق والعفة والصيانة، وحسن القصد والإخلاص، والابتهال إلى الله وكثرة الخوف منه، وكثرة المراقبة له، وشدة التمسك بالأثر، والدعاء إلى الله وحسن الأخلاق، ونفع الخلق، والإحسان إليهم، والصبر على من آذاه، والصفح عنه والدعاء له، وسائر أنواع الخير.
وكان رحمه الله سيفاً مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء المبتدعين، وإماماً قائماً ببيان الحق ونصرة الدين. وكان بحراً لا تكدره الدلاء، وحبراً يقتدي به الأخيار الأولياء. طنّت بذكره الأمصار وضنّت بمثله الأعصار.
قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج يوسف المزي (ولد سنة 654 بالمزة. وتوفي سنة 742): ما رأيت مثله. ولا رأى هو مثل نفسه، ولا رأيت أحداً أعلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أتبع لهما منه.
وقال الشيخ الحافظ أبو الفتوح محمد بن سيد الناس اليعمري الأندلسي، ثم المصري (ولد سنة 671 وتوفي بالقاهرة سنة 734) -بعد أن ذكر ترجمة الحافظ جمال الدين المزي- وهو الذي حداني على رؤية الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، تقي الدين، أبي العباس: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية- فألفيته: كاد يستوعب السنن والآثار حفظاً، إن تكلم في التفسير: فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه: فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث: فهو صاحب علمه وروايته، أو حاضر بالنّحل والملل لم ير أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من رايته. برز في كل فن على أبناء جنسه. ولم تر عين من رآه مثله.
ولا رأت عينه مثل نفسه. كان يتكلم في التفسير، يحضر مجلسه الجم الغفير، ويرتوون من بحر علمه العذب النمير، ويرتعون من ربيع فضله في روضة وغدير، إلى أن دب إليه من أهل بلده داء الحسد. وألّب أهل النظر منهم ما ينتقد عليه في حنبليته من أمور المعتقد، فحفظوا عنه في ذلك كلاماً، أوسعوه بسببه ملاماً، وفوّقوا لتبديعه سهاماً، وزعموا أنه خالف طريقهم، وفرق فريقهم، فتنازعهم ونازعوه، وقاطع بعضهم وقاطعوه، ثم نازعه طائفة أخرى ينتسبون من الفقر إلى طريقة، ويزعمون أنهم على أدق باطن منها وأجلى حقيقة، فكشف عن عيوب تلك الطوائف، وذكر لها بوائق، فآضت إلى الطائفة الأولى من منازعيه، واستعانت بذوي الضعن عليه من مقاطعيه، فوصلوا بالأمراء أمره، وأعمل كل منهم في كفره فكره، فكتبوا محاضر. وألّبوا الرويبضة للسعي بها بين الأكابر، وسعوا في نقله إلى حضرة المملكة بالديار المصرية، فنقل وأودع السجن ساعة حضوره، واعتقل، وعقدوا لإراقة دمه مجالس، وحشدوا لذلك قوماً من عمار الزوايا وسكان المدارس، من كل متحامل في المنازعة، مخاتل بالمخادعة، ومن مجاهر بالتفكير مبارز بالمقاطعة، يسومونه ريب المنون {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون}. وليس المجاهر بكفره أسوأ حالاً من المخاتل، وقد دبت إليه عقارب مكره. فرد الله كيد كل في نحره. فنجاه الله على يد من اصطفاه، والله غالب على أمره ثم لم يخل بعد ذلك من فتنة بعد فتنة، ولم ينتقل طول عمره من محنة إلا إلى محنة، إلى أن فوض أمره إلى بعض القضاة، فقلّد ما تقلد من اعتقاله. ولم يزل بمحبسه ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله. وإلى الله ترجع الأمور. وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وكان يومه مشهوداً، ضاقت بجنازته الطريق. وانتابها المسلمون من كل فج عميق، وكان موته رحمه الله في ليلة العشرين من ذي القعدة سنة 728 سجيناً بقلعة دمشق (العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية).
3- شهادة قاضي الشافعية ومفتيهم ابن الزملكاني:
قال ابن كثير:-
وأثنى عليه وعلى علومه وفضائله جماعة من علماء عصره، مثل القاضي الخوبي، وابن دقيق العيد، وابن النحاس، والقاضي الحنفي قاضي قضاة مصر ابن الحريري وابن الزملكاني وغيرهم، ووجدت بخط ابن الزملكاني (قال ابن كثير في وصف ابن الزملكاني: شيخ الشافعية بالشام وغيرها، انتهت إليه رياسة المذهب تدريساً وإفتاء ومناظرة، ويقال نسبه السماكي نسبة إلى أبي دجانة سماك بن خرشة والله أعلم. البداية والنهاية ص140 ج14) أنه قال: اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها، وأن له اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتدوين، وكتب على تصنيف له هذه الأبيات:
ماذا يقول الواصفون له … ومحاسنه جلّت عن الحصر
هـو حجـة لله قاهـرة … هو بيننا أعجوبة الدهــر
هو آية في الخلق ظاهرة ... أنوارها أربت على الفجـر
وبالجملة كان رحمه الله من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب ولكن خطؤه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لجي، وخطؤه أيضاً مغفور له كما في صحيح البخاري: [إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر] فهو مأجور. وقال الإمام مالك بن أنس: "كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر".
4- شهادة الحافظ جلال الدين السيوطي:
ابن تيمية الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع شيخ الإسلام، علم الزهاد، نادرة العصر، تقي الدين أبو العباس أحمد المفتي شهاب الدين عبد الحليم بن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام ابن عبد الله بن أبي القاسم الحراني.
أحد الأعلام، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة.
وسمع ابن أبي اليسر. وابن عبد الدائم، وعدّة.
وعني بالحديث، وخرج وانتقى، وبرع في الرجال، وعلل الحديث وفقهه وفي علوم الإسلام وعلم الكلام، وغير ذلك. وكان من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين، والزهاد، والأفراد، ألف وثلاثمائة مجلدة، وامتحن وأوذي مراراً.
مات في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة (طبقات الحفاظ ص516،517).
5- شهادة أبو الحسن السبكي قاضي القضاة:
ومما وجد في كتاب كتبه العلامة قاضي القضاة أبو الحسن السبكي إلى الحافظ أبي عبد الله الذهبي في أمر الشيخ تقي الدين المذكور: أما قول سيدي في الشيخ فالمملوك يتحقق كبر قدره. وزخارة بحره. وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية. وفرط ذكائه واجتهاده. وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف. والمملوك يقول ذلك دائماً. وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجل. مع ما جمعه الله له من الزهادة والورع والديانة. ونصرة الحق. والقيام فيه لا لغرض سواه. وجريه على سنن السلف. وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى. وغرابة مثله في هذا الزمان. بل من أزمان.
6- شهادة الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي رحمه الله:
قال ابن حجر العسقلاني المولود في القاهرة والمتوفى بها سنة 852هـ وصاحب كتاب فتح الباري شرح البخاري وكتاب التهذيب وهو الذي لقب بأمير المؤمنين في الحديث. قال تقريظاً لكتاب الرد الوافر للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي وهو الذي كتبه مؤلفه رداً على أن من زعم من متعصبي الأحناف أنه لا يجوز تسمية ابن تيمية بشيخ الإسلام وأنه من فعل ذلك فقد كفر!! (انظر) فكتب ابن ناصر الدين الدمشقي كتاباً سماه الرد الوافر ذكر فيه أكثر من بضع وثمانين إماماً من أئمة المسلمين كلهم سمى ابن تيمية بشيخ الإسلام ونقل نقولهم من كتبهم بذلك، ولما قرأ الحافظ بن حجر رحمه الله هذا الكتاب الرد الوافر كتب عليه تقريظاً هذا نصه:
حمدلله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وقفت على هذا التأليف النافع، والمجموع الذي هو للمقاصد التي جمع لأجلها جامع، فتحققت سعة اطلاع الإمام الذيصنفه، وتضلعه من العلوم النافعة بما عظمه بين العلماء وشرفه، وشهرة إمامة الشيخ تقي الدين أشهر من الشمس، وتلقيبه بشيخ الإسلام في عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية ويستمر غداً كما كان بالأمس، ولا ينكر ذلك إلا من جهل مقداره، أو تجنب الأنصاف، فما أغلط من تعاطي ذلك وأكثر عثاره، فالله تعالى هو المسؤول أن يقينا شرور أنفسنا وحصائد ألسنتنا بمنه وفضله، ولو لم يكن من الدليل على إمامة هذا الرجل إلا ما نبه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالي في تاريخه: أنه لم يوجد في الإسلام من اجتمع في جنازته لما مات ما اجتمع في جنازة الشيخ تقي الدين، وأشار إلى أن جنازة الإمام أحمد كانت حافلة جداً شهدها مئات ألوف، ولكن لو كان بدمشق من الخلائق نظير من كان ببغداد أو أضعاف ذلك، لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته، وأيضاً فجميع من كان ببغداد إلا الأقل كانوا يعتقدون إمامة الإمام أحمد، وكان أمير بغداد وخليفة ذلك الوقت إذا ذاك في غاية المحبة له والتعظيم، بخلاف ابن تيمية فكان أمير البلد حين مات غائباً. وكان أكثر من بالبلد من الفقهاء قد تعصبوا عليه حتى مات محبوساً بالقلعة، ومع هذا فلم يتخلف منهم عن حضور جنازته والترحم عليه والتأسف (عليه) إلا ثلاثة أنفس، تأخروا خشية على أنفسهم من العامة.
ومع حضور هذا الجمع العظيم فلم يكن لذلك باعث إلا اعتقاد إمامته وبركته لا بجمع سلطان ولا غيره، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أنتم شهداء الله في الأرض] (رواه البخاري ومسلم). ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة من العلماء مراراً بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع، وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة وبدمشق، ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ولا حكم بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه حينئذ من أهل الدولة، حتى حبس بالقاهرة ثم بالإسكندرية، ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه وكثرة ورعه وزهده، ووصفه بالسخاء والشجاعة، وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام، والدعوة إلى الله تعالى في السر والعلانية، فكيف لا ينكر على من أطلق أنه كافر، بل من أطلق على من سماه شيخ الإسلام الكفر، وليس في تسمية بذلك ما يقتضي ذلك فإنه شيخ في الإسلام بلا ريب، والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليه عناداً، وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم والتبري منه، ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب، فالذي أصاب فيه وهو الأكثر يستفاد منه ويترحم عليه بسببه، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه، بل هو معذور لأن أئمة عصره شهدوا له بأن أدوات الاجتهاد اجتمعت فيه، حتى كان أشد المتعصبين عليه، والقائمين في إيصال الشر إليه، وهو الشيخ كمال الدين الزملكاني شهد له بذلك، وكذلك الشيخ صدر الدين ابن الوكيل الذي لم يثبت لمناظرته غيره، ومن أعجب العجب أن هذا الرجل كان أعظم الناس قياماً على أهل البدع من الروافض والحلولية والاتحادية، وتصانيفه في ذلك كثيرة شهيرة، وفتاويه فيهم لا تدخل تحت الحصر، فيا قرة أعينهم إذ سمعوا بكفره، ويا سرورهم إذا رأوا من يكفر من لا يكفره، فالواجب على من تلبّس بالعلم وكان له عقل أن يتأمل كلام الرجل من تصانيفه المشتهرة، أو من ألسنة من يوثق به من أهل النقل، فيفرد من ذلك ما ينكر فيحذر منه على قصد النصح، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك كدأب غيره من العلماء، ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكن غاية في الدلالة على عظم منزلته، فكيف وقد شهد له بالتقدم في العلوم، والتميز في المنطوق والمفهوم، أئمة عصره من الشافعية وغيرهم! فضلاً عن الحنابلة، فالذي يطلق عليه مع هذه الأشياء الكفر، أو على من سماه شيخ الإسلام، لا يلتفت إليه، ولا يعول في هذا المقام عليه، بل يجب ردعه عن ذلك إلى أن يراجع الحق ويذعن للصواب، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
صفة خطه أدام الله بقاءه.
قال وكتبه أحمد بن علي بن محمد بن حجر الشافعي عفا الله عنه، وذلك في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأول عام خمسة وثلاثين وثمانمائة حامداً لله، ومصلياً على رسوله محمد وآله ومسلماً. أ.هـ (الرد الوافر للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي بتحقيق زهير الشاويش ص145-146).

الباب الثالث
ابن تيمية: العابد الورع
إن مجدداً يقوم في مثل تلك الظلمات التي كانت في القرن الثامن الهجري لا يمكن أن يفلح في دعوته بمجرد العلم حتى لو كان علماً لا يصارع ولا يصاول ولا يطاول.. بل لا بد وأن يكون مع هذا العلم إيمان وتقوى، واستمداد من الله ورجوع دائم إليه، وقيام بحق العباد، وإخلاص في كل ذلك لله حتى يبارك هذا العلم وتؤتي ثماره، وكذلك كان شيخنا شيخ الإسلام العابد الورع التقي وهذه شهادة تلميذه الحافظ أبي عمر بن علي البزار رحمه الله. قال في بيان عبادته وورعه:
قال أما تعبده رضي الله عنه فإنه قل أن سمع بمثله، لأنه كان قد قطع جل وقته وزمانه فيه، حتى إنه لم يجعل لنفسه شاغلة تشغله عن الله تعالى ما يراد له من أهل ولا من مال. وكان في ليلة متفرداً عن الناس كلهم، خالياً بربه عز وجل، ضارعاً، مواظباً على تلاوة القرآن العظيم. مكرّراً لأنواع التعبدات الليلية والنهارية. وكان إذا ذهب الليل وحضر مع الناس بدأ بصلاة الفجر يأتي بسنّها قبل إتيانه إليهم. وكان إذا أحرم بالصلاة يكاد يخلع القلوب لهيبة إتيانه بتكبيرة الإحرام. فإذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤه حتى يميد يمنة ويسرة. وكان إذا قرأ يمد قراءته مداًّ كما صحّ في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ركوعه وسجوده وانتصابه عنهما من أكمل ما ورد في صلاة الفرض. وكان يخف جلوسه للتشهد الأول خفة شديدة، ويجهر بالتسمية الأولى حتى يسمع كل من حضر. فإذا فرغ من الصلاة أثنى على الله عز وجل هو من حضر بما ورد من قوله [اللهم أنت السلام.. الحديث]. ثم يقبل على الجماعة، ثم يأتي بالتهليلات الواردات حينئذ. ثم يسبّح الله ويحمده ويكبره ثلاثاً وثلاثين، ويختم المائة بالتهليل. كما أورد، وكذا الجماعة، ثم يدعو الله تعالى له ولهم وللمسلمين أجناس ما ورد.
وكان غالب دعائه (اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، وأمكر لنا ولا تمكر علينا، وأهدنا ويسّر الهدى لنا، اللهم اجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، إليك راغبين، لك مخبتين، إليك راهبين، لك مطاويع. ربنا تقبل توباتنا، وأغسل حوباتنا، وثبت حججنا، واهد قلوبنا، واسلل سخيمة صدورنا) يفتتحه ويختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يشرع في الذكر. وكان قد عرفت عادته لا يكلمه أحد بغير ضرورة بعد صلاة الفجر. فلا يزال في الذكر يسمع نفسه، وربما يسمع ذكره من الروحانية، مع كونه في خلال ذلك يكثر من تقليب بصره نحو السماء. هكذا دأبه حتى ترتفع الشمس وتزول، وقت النهي عن الصلاة.
وكنت مدة إقامتي بدمشق ملازمه جل النهار وكثيراً من الليل. وكان يدنيني منه حتى يجلسني إلى جانبه. وكنت أسمع ما يتلو وما يذكر حينئذ. فرأيته يقرأ الفاتحة ويكررها، ويقطع ذلك الوقت كله، أعني من الفجر إلى ارتفاع الشمس في تكرير تلاوتها. ففكرت في ذلك لم قد لزم هذه السورة دون غيرها. فبان لي، والله أعلم، أن قصده بذلك أن يجمع بتلاوتها حينئذ بين ما ورد في الأحاديث وما ذكره العلماء: هل يستحب تقديم الأذكار الواردة على تلاوة القرآن أو العكس؟ فرأى رضي الله عنه أن في الفاتحة وتكرارها حينئذ جمعاً بين القولين، وتحصيلاً للفضيلتين. وهذا من قوة فطنته وثاقب بصيرته. ثم إنه كان يركع، فإذا أراد سماع حديث في مكان آخر سارع إليه من فوره، مع من يصحبه. فقل أن يراه أحد ممن له بصيرة إلا وانكب على يديه فيقبلهما، حتى إنه كان إذا رآه أرباب المعايش يتخبطون من حوانيتهم للسلام عليه والتبرك به، وهو مع هذا يعطي كلا منهم نصيباً وافراً من السلام وغيره، وإذا رأى منكراً في طريقه أزاله، أو سمع بجنازة سارع إلى الصلاة عليها، أو تأسف على فواتها، وربما ذهب إلى قبر صاحبها بعد فراغه من سماع الحديث، فصلى عليه. ثم يعود إلى مسجده، فلا يزال تارة في إفتاء الناس، وتارة في قضاء حوائجهم حتى يصلي الظهر من الجماعة، ثم كذلك بقية يومه. وكان مجلسه عاماً للكبير والصغير، والجليل والحقير، والحر والعبد، والذكر والأنثى. وقد وسع كل من يرد عليه من الناس. يرى كل منهم في نفسه أن لم يكرم أحداً بقدره. ثم يصلّي المغرب، ثم يتطوع بما يسره الله. ثم أقرأ عليه من مؤلفاته أنا أو غيري، فيفدنا بالطرائف، ويمدنا باللطائف، حتى يصلي العشاء ثم بعدها كما كنّا وكان: من الإقبال على العلوم إلى أن يذهب هوي من الليل طويل. وهو في خلال ذلك كله، في النهار والليل، لا يزال يذكر الله تعالى ويوحده، ويستغفره.
وكان رضي الله عنه كثيراً ما يرفع طرفه إلى السماء، لا يكاد يفتر عن ذلك، كأنه يرى شيئاً يثبته بنظره. فكان هذا دأبه مدة إقامتي بحضرته. فسبحان الله ما أقصر ما كانت! يا ليتها كانت طالت. ما مرّ على عمري إلى الآن زمان كان أحبّ إليّ من ذلك الحين، ولا رأيتني في وقت أحسن حالاً منّي حينئذ، وما كان إلاّ ببركة الشيخ رضي الله عنه.
وكان في كل أسبوع يعود المرضى، خصوصاً الذي بالمارستان وأخبرني غير واحد ممن لا يشك في عدالته أن جميع زمن الشيخ ينقضي على من رأيته. فأي عبادة واجتهاد أفضل من ذلك؟ فسبحان الموفق من يشاء لما يشاء.
ورعه رضي الله عنه:
وكان رضي الله عنه في الغاية التي ينتهي إليها في الورع. لأن الله تعالى أجراه مدة عمره كلها عليه. فإنه ما خلط الناس في بيع ولا شراء ولا معاملة، ولا تجارة، ولا مشاركة، ولا زراعة، ولا عمارة. ولا كان ناظراً مباشراً لما وقف، ولا يكن يقبل جراية ولا صلة لنفسه من سلطان ولا أمير ولا تاجر، ولا كان مدخراً ديناراً ولا درهماً ولا متاعاً ولا طعاماً ، وإنما كانت بضاعته مدة حياته، وميراثه بعد وفاته، رضي الله عنه، العلم اقتداء بسيد المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، فإنه قال: [إن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر].
وكان ينبّه العاقل بحسن الملاطفة ورقيق المخاطبة ليختار لنفسه طريقتهم، ويسلك سبيلهم. وإن كان دونها من الطرائق من اتخاذ المباحات جائز، لكان العاقل يدله عقله على طلب الأعلى. فانظر بعين الإنصاف إلى ما وفق الله له هذا الإمام وأجرى، مما أقعد عنه غيره وخذله عن طلبه، ولكن لكل شيء سبب، وعلامة عدم التوفيق سلب للأسباب. ومن أعظم الأسباب لترك فضول الدنيا التخلي عن غير الضروري منها، فلما وفق الله هذا الإمام لرفض غير الضروري منها انصبت عليه العواطف الإلهية فحصل بها كل فضيلة جليلة، بخلاف غيره من علماء الدنيا، مختاريها وطالبيها والساعين لتحصيلها، فإنهم لما اختاروا ملاذها وزينتها ورياستها انسدت عليهم غالباً طرق الرشاد فوقعوا في شركها يخبطون خبط عشواء، ويحطبونها كحاطب ليل، لا يبالون ما يأكلون ولا ما يلبسون ولا ما يتأولون إلا ما يحصل لهم أغراضهم الدنيئة ومقاصدهم الخبيثة الخسيسة، فهم متعاضدون على طلبها متحاسدون بسببها، أجسامهم ميتة، وقلوبهم من غيرها فارغة، وظواهرهم مزخرفة معمورة، وقلوبهم خربة مأبورة. ولم يكفهم ما هم عليه حتى أصبحوا قالين رافضها، معادين باغضها. ولما رأوا هذا الإمام عالم الآخرة، تاركاً هم عليه من تحصيل الحطام من المشتبه الحرام، رافضاً الفضل المباح فضلاً عن الحرام، تحققوا أن أحواله تفضح أحوالهم وتوضح خفي انفعالهم، وأخذتهم الغيرة النفسانية على صفاتهم الشيطانية، المباينة لصفاته الروحانية. فحرصوا على الفتك به أين ما وجدوا، وأنسوا أنهم ثعالب وهو أسد. فحماه الله تعالى منهم بحراسته، وصنع له غير مرة ما صنع لخاصته، وحفظه مدة حياته وحماه، ونشر له عند وفاته علماً في الأقطار بما والاه. انتهى (الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية 37-43).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جابور المصرى
عضو فضى
عضو فضى
avatar


ذكر
عدد المساهمات : 202
نقاط : 413
تاريخ التسجيل : 12/11/2009

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية   لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 20:06

اللة على هزا الموضوع الرائع ونرجو منكم المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هشام سعيد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
هشام سعيد


ذكر
عدد المساهمات : 252
نقاط : 725
تاريخ التسجيل : 01/11/2009
العمر : 28
الموقع : saidsaleh2002@yahoo.com

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية Empty
مُساهمةموضوع: فى القدس   لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 20:07

اايوا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شيخ الإسلام ابن تيمية
» لمحات من حياة العقاد
» لمحات من حياة عمر بن الخطاب
»  لمحات من حياة العقاد د/ نعمات أحمد فؤاد
» شمولية الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شنواى  :: القسم العام والإسلامى :: الحوار الدينى العام-
انتقل الى: