الرسالة
الشافعي
1/1
لا توجد أخطاء
اسم الكتاب : الرسالة
الاسم المختصر : الرسالة للشافعي
تصنيف الكتاب : مصطلح/ما قبل مقدمة ابن الصلاح
اسم المؤلف : محمد بن إدريس
الكنية : أبو عبد الله
اللقب والنسب : الشافعي
ت. الميلاد : 150 ت. الوفاة : 204
معلومات عن النشرة التي تم العزو إليها :
مراجعة : أحمد محمد شاكر
بلد النشر : القاهرة
س.النشر : 1939م-1358هـ
عدد الأجزاء : 1
[ 1 ]
الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنورثم الذين كفروا بربهم يعدلون
[ 2 ] و
الذي لا يؤدى شكر نعمة من نهمه الا بنعمة منه توجب مؤدي ماض نعمه بادائها نعمة حادثة يجب عليه شكره بها
[ 3 ] ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه به خلقه
[ 4 ] أحمده حمدا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله
[ 5 ] وأستعينه استعانة من لا حول له ولا قوة الا به
[ 6 ] وأستهديه بهداه الذي لايضل من أنعم به عليه
[ 7 ] وأستغفره لما أزلفت وأخرت استغفار من يقر بعبوديته ويعلم أنه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه الا هو
[ 8 ] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله
[ 9 ] بعثه الله والناس صنفان
[ 1 ] أحدهما أهل الكتاب بدلوا من أحكامه وكفروا بالله فافتعلوا كذبا صاغوه بألسنتهم فخلطوا بحق الله الذي أنزل إليهم
[ 1 ] فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم فقال { وإن منهم فريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون }
[ 1 ] ثم قال { فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مم كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون }
[ 1 ] وقال تبارك وتعالى { وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يأفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا به إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون }
[ 1 ] وقال تبارك وتعالى { الم تر الى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا }
[ 1 ] وصنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ونصبوا بأيديهم حجارة وخشبا وصورا استحسنوا ونبزوا أسماء افتعلوا ودعوها آلهة عبدوها فإذا استحسنوا غير ما عبدوا منها ألقوه ونصبوا بأيديهم غيره فعبدوه فأولئك العرب
[ 1 ] وسلكت طائفة العجم سبيلهم في هذا وفي عبادة ما استحسنوا من حوت ودابة ونجم ونار وغيره
[ 1 ] فذكر الله لنبيه جوابا من جواب بعض من عبد غيره من هذا الصنف فحكى جل ثناؤه عنهم قولهم { إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثارهم مقتدون }
[ 1 ] وحكى تبارك وتعالى عنهم { لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا }
[ 1 ] وقال تبارك وتعالى { واذكر في الكتاب إبراهيم إنه ان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا ابت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا }
[ 2 ] وقال { واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد اصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون } وقال في جماعتهم يذكرهم من نعمه ويخبرهم ضلالتهم عامة ومنه على من آمن منهم { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون }
[ 2 ] قال فكانوا قبل انقاذه إياهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أهل كفر في تفرقهم واجتماعهم يجمعهم أعظم الأمور الكفر بالله وابتداع ما لم يأذن به الله تعالى عما يقولون علوا كبيرا لا إله غيره وسبحانه وبحمده رب كل شيء وخالقه
[ 2 ] من حيي منهم فكما وصف حاله حيا عاملا قائلا بسخط ربه مزدادا من معصيته
[ 2 ] ومن مات فكما وصف قوله وعمله صار الى عذابه
[ 2 ] فلما بلغ الكتاب أجله فحق قضاء الله بإظهار دينه الذي اصطفى بعد استعلاء معصيته التي لم يرض فتح أبواب سماواته برحمته كما لم يزل يجري في سابق علمه عند نزول قضائه في القرون الخالية قضاؤه
[ 2 ] فإن تبارك وتعالى يقول { كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين }
[ 2 ] فكان خيرته المصطفى لوحيه المنتخب لرسالته المفضل على جميع خلقه بفتح رحمته وختم نبوته وأعم ما أرسل به مرسل قبله المرفوع ذكره مع ذكره في الأولى والشافع المشفع في الأخرى أفض خلقه نفسا وأجمعهم لكل خلق رضيه في دين ودنيا وخيرهم نسبا ودارا محمدا عبده ورسوله
[ 2 ] وعرفنا وخلقه نعمه الخاصة العامة النفع في الدين والدنيا
[ 2 ] فقال { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم }
[ 3 ] وقال { لتنذر أم القرى ومن حولها } وأم القرى مكة وفيها قومه
[ 3 ] وقال { وأنذر عشيرتك الاقربين }
[ 3 ] وقال { وإنه لذر لك ولقومك وسوف تسألون }
[ 3 ] قال الشافعي أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله { وإنه لذكر لك ولقومك } قال يقال ممن الرجل فيقال من العرب فيقال من أي العرب فيقال من قريش
[ 3 ] قال الشافعي وما قال مجاهد من هذا بين في الآية مستغنى فيه بالتنزيل عن التفسير
[ 3 ] فخص جل ثناؤه قومه وعشيرته الأقربين في النذارة وعم الخلق بها بعدهم ورفع بالقرآن ذكر رسول الله ثم خص قومه بالنذارة إذ بعثه فقال { وأنذر عشيرتك والاقربين }
[ 3 ] وزعم بعض أهل العلم بالقرآن أن رسول الله قال يا بني عبد مناف إن الله بعثني أن أنذر عشيرتك الأقربين وأنتم عشيرتي الاقربون
[ 3 ] قال الشافعي أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله { ورفعنا لك ذكرك } قال لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
[ 3 ] يعني والله أعلم ذكره عند الإيمان بالله والآذان ويحتمل ذكره عند تلاوة الكتاب وعند العمل بالطاعة والوقوف عن المعصية
[ 3 ] فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وصلى عليه في الأولين والآخرين أفضل وأكثر وأزكى ما صلى على أحد من خلقه وزكانا وإياكم بالصلاة عليه أفضل ما زكى أحد من أمته بصلاته عليه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وجزاه الله عنا أفضل ما جزى مرسلا عن من أخرجت للناس دائنين بدينه الذي ارتضى واصطفى به ملائكته ومن أنعم عليه من خلقه فلم تمس بنا نعمة ظهرت ولا بطنت نلنا بها حظا في دين أو دفع بها عنا مكروه فيهما وفي واحد منهما إلا ومحمد صلى الله عليه سببها القائد إلى خيرها والهادي إلى رشدها الذائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرشد المنبه للأسباب التي تورد الهلكة القائم بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها فصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم إنه حميد مجيد
[ 4 ] وأنزل عليه كتابه فقال { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } فنقلهم من الكفر والعمى إلى الضياء والهدى وبين فيه ما أحل منا بالتوسعة على خلقه وما حرم لما هو أعلم به من حظهم في الكف عنهم في الآخرة والأولى وابتلى طاعتهم بأن تعبدهم بقول وعمل وإمساك عن محارم حماهموها وأثابهم على طاعته من الخلود في جنته والنجاة من نقمته ما عظمت به نعته جل ثناؤه
[ 4 ] وأعلمهم ما أوجب لأهل طاعته
[ 4 ] ووعظهم بالأخبار عمن كان قبلهم ممن كان أكثر منهم اموالا وأولادا وأطول أعمارا وأحمد آثارا فاستمتعوا بخلاقهم في حياة دنياهم فأذاقهم عند نزول قضائه مناياهم دون آماله ونزلت بهم عقوبته عند انقضاء آجالهم ليعتبوا في انف الأوان ويتفهموا بجلية التبيان ويتنبهوا قبل رين الغفلة ويعملوا قبل انقطاع المدة حين لا يعتب مذنب ولا تأخذ فدية و { تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا }
[ 4 ] فكل ما أنزل في كتابه جل ثناؤه رحمة وحجة علمه من علمه وجهله من جهله لا يعلم من جهله ولا يجهل من علمه
[ 4 ] والناس في العلم طبقات موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به
[ 4 ] فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصا واستنباطا والرغبة إلى الله في العون عليه فإنه لا يدرك خير إلا بعونه
[ 4 ] فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه وانتفت عنه الريب ونورت في قلبه الحكمة واستوجب في الدين موضع الإمامة
[ 4 ] فنسأل الله المبتدىء لنا بنعمه قبل استحقاقها المديمها علينا مع تقصيرنا في الإتيان الى ما أوجب به من شكره بها الجاعلنا في خير امة أخرجت للناس أن يرزقنا فهما في كتابه ثم سنة نبيه وقولا وعملا يؤدي به عنا حقه ويوجب لنا نافلة مزيدة
[ 4 ] قال الشافعي فليست تنزل في أحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها
[ 4 ] قال الله تبارك وتعالى { كتاب انزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بأن ربهم