سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
منحة من نور أحـمد
أولياء الله على أرض الشام
سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
هو أبو عمارة وأبو يعلي حمزة بن عبد المطلب بن هاشم سيد الشهداء - أسد الله وأسد رسول الله وخير أعمام النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة (أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب). وأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وهي بنت عم السيدة آمنة بنت وهب أم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
مولده رضي الله عنه
ولد سيدنا حمزة رضي الله عنه قبل عام الفيل بنحو سنتين أو أربع وأسلم ما بين السنة الثانية أو السادسة من البعثة واستشهد في غزوة أحد في شوال سنة ثلاث من الهجرة وعاش نحو سبعة أو تسعة وخمسون سنة.
شجاعته ومكانته
كان له من القوة والشجاعة وعزة النفس وإباء الضيم نصيب وافر رفع شأنه وأعلى مكانه فكان أعز فتيان قريش وأشدهم شكيمة وأقواهم عزيمة وأعظمهم في النفوس محبة ومهابة. فكان صاحب قنص يخرج له، ثم يرجع من قنصه فيطوف الكعبة قبل أن يصل إلى أهله ولا يمر على نادٍ من قريش إلا وقف وسلم، وتحدث معهم فأنسوا به وأنس بهم. كانت ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم به عظيمة، فعقد له أول لواء في الإسلام وأقامه على رأس أول بعث إلى سِيف البحر ساحل البحر في ثلاثين راكباً من المهاجرين ليأخذ الطريق على أبي جهل بن هشام وكان في ثلاثمائة راكب من أهل مكة. وعقد له أيضاً اللواء في غزوة بني قينقاع (من اليهود).
ولسيدنا حمزة رضي الله عنه في غزوة بدر مقام مشهور وجهاد مشكور فقد كان قتلى المشركين فيها سبعين حيث انفرد سيدنا حمزة بقتل خمسة من رؤوسهم وشارك في قتل مثلهم وقد شهد له المشركون بهذه الشجاعة. قال أمية بن خلف المشرك في أثناء القتال لعبد الرحمن بن عوف: يا عبد الإله من الرجل منكم المعلَم بريشة نعامة في صدره ؟ قال: ذاك حمزة بن عبد المطلب. قال أمية: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل.
سبب إسلام سيدنا حمزة
رضي الله عنه
مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعييف لشأنه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بل رجع إلى بيته وانصرف أبو جهل إلى نادٍ من قريش عند الكعبة فجلس معهم فخوراً بما فعل، وسمعت مولاة لعبد الله بن جدعان وهي في مسكنها سباب أبي جهل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلبث سيدنا حمزة رضي الله عنه أن أقبل من صيدٍ له متقلداً قوسه، فأخبرته المولاة بإيذاء أبي جهل لابن أخيه فامتلأ غضباً وأسرع إلى الكعبة ليوقع بأبي جهل فرآه جالساً بين القوم فأقبل نحوهم وضربه بالقوس على رأسه فشجَّه شجةً منكرة وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرُدّ ذلك عليّ إن استطعت، فقامت رجال من بني مخزوم لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً وأعلن سيدنا حمزة رضي الله عنه إسلامه
وعاهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على نصرته والتضحية في سبيل الله حتى النهاية.
أثر إسلام سيدنا حمزة رضي الله عنه
على الدعوة الإسلامية
كان له رضي الله عنه همة عالية وشجاعة نادرة ومنزلة سامية وكان لإسلامه أثر بعيد ووقع شديد لدى المشركين والمسلمين على السواء، أما عند المشركين فألم أليم وحزن مقيم وأما عند المسلمين ففرح عام وسرور تام فقد عز النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وامتنعوا وبه وكَفَّ المشركون عن بعض ما كانوا ينالون منهم وقد شاء الله العظيم أن يمد قوة الإسلام سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ثم يزيد هذه القوة بإسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد إسلام سيدنا حمزة بقليل.
استشهاد سيدنا حمزة
رضي الله عنه
قاتل حمزة يوم (أحد) قتالاً مأثوراً ودافع دفاعاً مشكوراً فقد قتل ثلاثة من كبار المشركين منهم - اثنان من حملة اللواء ثم استشهد رضي الله عنه بحربة قذفه بها وحشي بن حرب خلسةً بعد أن أغرته هند بنت عتبة بالأعطيات ووعده سيده بالعتق إن هو قتل حمزة. قال وحشي: كنت غلاماً لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى (أحد) قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق، قال وحشي: فخرجت مع الناس وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئاً فلما التقى الجمعان، خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، فرأيته يهدُّ الناس بسيفه هدَّاً ما يقوم له شيء فوالله أني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني، إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فضربه حمزة ضربة قاضية سريعة كأنما أخطأ رأسه وهززت حربتي ودفعتها إليه، فوقعت في أسفل بطنه وخرجت من بين رجليه فأقبل نحوي فانقلب فوقع، وأمهلته حتى مات، فأخذت حربتي وتنحيت إلى العسكر ولم يكن لي بغيره حاجة فإنما قتلته لأعتق.
تمثيل هند بنت عتبة بسيدنا حمزة رضي الله عنه
مثلت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جدعن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خلاخيل وقلائد، وأعطت وحشياً خلاخيلها وقلائدها وقرطتها وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تبتلعها فطرحتها، فعلت ذلك إطفاءاً للنار التي أشعلها بين جوانحها من قتل أبيها وعمها وأخيها يوم بدر. وبلغ عن شناعة ما فعلت من الفظائع أن تبرأ أبوسفيان من تبعة ذلك وأعلن أنه لم يأمر به وإن كان قد اشترك فيه. حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة بعد انتهاء القتال في غزوة أحد، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس عمه حمزة فوجده ببطن الوادي، قد بقر بطنه عن كبده ومثل به (جدع أنفه وأذناه) فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شيء لم ينظر إلى أوجع منه لقلبه، فقال: (رحمة الله عليك، لقد كنت فعولاً للخيـر وصولاً للرحم، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك). أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوماً لنمثلن بهم مثلة لم يمثِلها أحد من العرب، فنزل قوله تعالى في آخر سورة النحل: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}. فصبر النبي صلى الله عليه وسلم، وعدل عما أراد وكفّر عن يمينه، ونهى عن المثلة.
وصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم على شهداء أحد فصلَّى على حمزة رضي الله عنه أوَّلا ثمَّ كان يؤتى بالشهيد فيوضع إلى جانب حمزة فيصلي عليهما معاً حتَّى صلَّى عليه سبعين مرَّة.
وكانت السيدة فاطمة رضي الله عنها شديدة الحبِّ لسيدنا حمزة فبكت عليه بكاءً شديداً وكانت تزور قبره كلَّ جمعة وتبكي عنده.
صلوات الله وسلامه عليكم آل البيت.
الأمين العقلي
منحة من نور أحـمد
الفطـرة والأصل
الفطرة كلمة أثارت كثيرا من الجدل حول معانيها ومدلولاتها ومن الأسئلة التي فرضت نفسها حول مضمون الفطرة هي هل الفطرة هي الإسلام أم الاستعداد لقبول الإسلام ؟ واتفق كثير من العلماء على أن الفطرة هي الجبلّة السليمة والطبع المتهيء لقبول الدين والتوحيد وتحديداً الدين الإسلامي لأن نقاءه وحسنه يتلاقى مع الفطرة السليمة ويتلاءم مع طهارتها ولا يعدل عنها الإنسان إلا بتأثير البيئة التي يعيش فيها وتقليد أبويه وعن هذا ورد الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانِه أو ينصرانِه أو يمجسانِه كما تُنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من ج
) وجمعاء في الحديث معناها تامة الخلق، ج
معناها مقطوعة الأذن والأنف.. وقال تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
ويتضح لنا جلياً أن كلمة الفطرة التي وردت من الحديث والآية معناها قبولهم للحق واستعدادهم للدين الصحيح متمكنين من إدراكه وأنهم لو تركوا لفطرتهم السليمة لاختاروا الإسلام على غيره لأن هنالك بديهيات مركزة في الفطرة فلا تحتاج إلى عمل من العقل ولا حركة من الفكر كإيجاد الإنسان لنفسه في الكون محال في الفطرة، لأن الصانع لا بد أن يكون متقدماً على ضعته ولا يصح في بداهة العقول أن يتقدم على نفسه. وقد يتبادر إلى الأذهان سؤال عن ماهية استعداد الطفل لاستيعاب تعاليم الإسلام جزئياً أو كلياً على أساس الفطرة. وهنا لا بد أن نتفق سوياً على أن هنالك أموراً بديهية لا يختلف فيها الصغير والكبير فهي عند الطفل كما هي عند الرجل توجد في كل فطرةإنسانية فمثلاً إذا أعطيته نصف برتقالة بكى وتضجر حتى إذا أعطيته النصف الثاني سكت ورضا وذلك لكونه يعلم أن الجزء أقل من الكل والكل أكبر من الجزء وإن لم ينتبه إلى ذلك تنبيهاً فكري. وتفرقته بين الحق والباطل عند محاولة انخداعه لا ينخدع لك إلا إذا كان هنالك فرد تضافر معك فأخبره بخبرك بعدها يركن إلى صدق الخبر والأمثلة كثيرة.
هادية محمد الشلالي
أولياء الله على أرض الشام
سيدنا أويس القرني رضي الله عنه
سيدنا أويس عامر القرني ولد باليمن وليس بهاإلا أمه وهو حريص على أن يبرها وليس لها خادم سواه، وكان يشتاق لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ويتمتع بالنظر إليه ولكن بره بأمه منعه من ذلك ولكن القلوب المؤمنة تحس بنور الإيمان وسيدنا رسول الله بالمؤمنين رؤوف رحيم فقال صلى الله عليه وسلم: (خير التابعين رجل يقال له أويس).
أصابه البرص وهو يريد أن يخدم أمه وهي راضية النفس فرفع يده وقال (اللهم أذهب ما بي إلا شيء أذكر به نعمتك عليَّ) فأجاب الله
ه فبرئ من ذلك المرض ولم يبق منه إلا موضع درهم تحت منكبه الأيسر، لمعة بيضاء، وعاش في بلده قليل الزاد قليل المتاع رث الثياب رضى بالقليل من الدنيا مع الكثير من العبادة، كان كل همه عبادة ربه ورضاه عنه، كان يكسب القليل من المال فيبر أمه ويشتري من الطعام ما يقتات به ويعينه على العبادة ويتصدق بالباقي وربما يبيت جائعاً، ومع ذلك يعتذر إلى الله فيقول: (اللهم إني أعتذر إليك من كبد جائع فإنه ليس في بيتي من الطعام إلا ما في بطني).
عاش رضي الله عنه مجاهداً في سبيل الله راهباً بالليل فارساً بالنهار لا يتأخر لحظة واحدة عن الجهاد في سبيل الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر حتى قال رضي الله عنه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدع لنا أصدقاء فكلما أمرناهم بالمعروف ونهيناهم عن المنكر شتموا أعراضنا ووجدوا على ذلك أعوانا.
اختلفوا في موته قيل في زمن سيدنا عمر بن الخطاب وقيل في زمن سيدنا علي بن أبي طالب.. فرضي الله تبارك وتعالى عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.
إشراف
الشيخ دسوقي الشيخ إبراهيم
السابق التالي