عدد المساهمات : 461 نقاط : 1313 تاريخ التسجيل : 21/11/2009 العمر : 30 الموقع : مدرسه شنواي
موضوع: قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر عليهما السلام الخميس 17 ديسمبر 2009 - 13:30
ذُكرت هذه القصة في القرآن الكريم في سورة الكهف، يقول سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ..}: فلماذا وردت هذه الآية؟... قال تعالى كما رأينا: أبصر به: أرهم ملكي. وأسمع: أسمعهم بحناني. كان سيدنا موسى قد دعا على فرعون بقوله: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ..}!... {..رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيم، قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} سورة يونس 88-89. فلما دعا سيدنا موسى عليه السلام بهذا أمره الله بالذهاب لمجمع البحرين، وهنالك ترى حيث تجتمع بعبد علَّمه تعالى من لدنه علماً منه ما يدلك على عنايتي بعبادي وحكمتي بخلقي. فقال لفتاه: {..لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}: عمري كله، وهكذا الصادق يطلب العلم ولو بالصين، العلم هذا العلم: معرفة مراد الله في خلقه. {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا..}: لما وصلا لهذا الموضع نسي فتاه الحوت فما قاما. وثب الحوت وصار في البحر، فرآه الفتى ولم يره موسى عليه السلام، وكان الله تعالى قد بيَّن لموسى صلى الله عليه وسلم أنه سيجعل له علامة على الموضع {..فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا}: سرب الحوت إلى البحر. {فَلَمَّا جَاوَزَا..}: موسى عليه السلام وفتاه عن الموضع المطلوب. {..قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}: تعباً. {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ..}: أن أذكر قصته لك. {..وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ..}: أن أذكر لك القصة. {..وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}: ولكن عجباً كيف سرب!... {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ..}: وكان تعالى قد أخبرهما من قبل أن هذه علامة المكان الذي سيوجد فيه العبد. {..فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا}. {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا..}: وهو الخضر عليه السلام. {..آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}. غير علم سيدنا موسى عليه السلام. سيدنا موسى عليه السلام علمه علم التشريع، دلالة الخلق على الله، هذا العبد الصالح علمه غدا بمراد الله من فعله. {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}؟. {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}: قال ولمَ؟ فأجابه. {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}!... {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا..}: أنت شيخي سأصبر. {..وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}. {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}: إن أردت السير معي فلا تتكلم بشيء، إن لم أبيِّن لك فلا تسألنِ. {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا..}: ثقبها الخضر عليه السلام ومن ثم أصلحوها. {..قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا..}؟... أنت رجل صالح وتفعل هذا!... {..لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}: أمره عظيم، هذا أمر عظيم. {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}؟... {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}: لا تعسِّر علي هذا الأمر. {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ..}: هذا بيان بأن الأمور كلها تجري بعلمه تعالى، بأمره سبحانه وكلٌّ بحسب استحقاقه: هذا كله أجراه تعالى ليرى موسى عنايته بعباده وعطفه وحنانه، رب العالمين، على كل حال: هذا كله عطف. {..قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا}. هذا منكر لا يرضى به أحد، شيء منكر لا أحد يقبله. {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}: وأنت لا تعرف شيئاً من سرِّ عملي!... {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}: معك حق، أنت معذور من طرفي لا تعد لصحبتي. {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا..}: طلبا الطعام منهم. {..فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا..}: بخلاً منهم. {..فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ..}: أصلحه ومكَّنه. {..قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}: أنت طلبت منهم طعاماً مع جوعنا فامتنعوا وأنت تصلح!. {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}. {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}: هذه السفينة لجماعة فقراء وملك وراءهم يأخذ كل سفينة غصباً والخضر عليه السلام بخرقها عيَّبها فظلَّت تشتغل وهكذا فما كان للملك أن يصادرها، غيرها توقف عن الشغل لكن هي ظلَّت تعمل. هذا الخرق نتج عنه خير وفائدة. {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا..}: كان عمله بإرادة الله. الله تعالى سأل الخلق ألست بربكم؟... - فأناس نالوا الشهادة: الرسل والأنبياء ونال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أعلى درجة. - من بعدهم المؤمنون أقل درجة: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، يسمو بالدنيا بصاحب القابلية، العمر حتَّى إذا اجتهد ينال. - من لا جدوى له: جعل تعالى عمره قصيراً، دون البلوغ يموت. إذن فهذا الغلام في الأزل يوم ألست بربكم ظهر أنه سيكون كافراً، أمّا أمّه وأبوه فقد نالوا يومها شهادة عالية. نال الولد درجة منحطة وليس له طريق. يريد الله تعالى أن يرحم الطفل وأبويه والخضر عليه السلام، جعل أجل الطفل قصيراً قبل البلوغ، أبواه بموته رضيا بحكم الله فعلا مقامهما عند الله، الولد مات إلى الجنة، ونال الخضر الخير بفعله. {..فَخَشِينَا..}: إرادته تعالى موت الولد. {..أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا}. {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً..}: أهل الإيمان. {..وَأَقْرَبَ رُحْمًا}: فالله تعالى خاطب سيدنا موسى: أنت تدعو على عبادي انظر عطفي وحناني ومعاملتي. {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا..}: المال الحلال يحفظه الله وبعكس ذلك. المال حلال من وجه طيب، فالله أراد أن يحفظ لهما مالهما فأمر الخضر برفع الجدار. {..فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا..}: يكبرا. {..وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي..}: هذا كله بأمر الله: كل ما يقع بأمر الله، وهكذا فلا ظلم في الكون بل كلٌّ يأخذ حقه. فلا إله إلا الله، كل شيء بالله، هو الحي القيوم؛ إن أصابك شيء ارجع إلى الله يرفع عنك البلاء. رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مال أصحابه للدنيا خُذلوا يوم أُحد. {..ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}: هذا كله من الله. فيا موسى أنا لست تاركاً عبادي؛ أنا لي عطف وحنان عليهم كل ما أسوقه لهم، كله خير، أنت لا تدع عليهم فأنا أرتِّب لهم الدواء المناسب. فالله خلق الإنسان للسعادة لا للشقاوة. فإن أصبح المرء ولا طريق له: الآخرة دواء له أيضاً. حاله يسوق له النار المحرقة. المؤمن اً يحمد الله، فإن جاءه ما يسوؤه تذكَّر ورجع.