عدد المساهمات : 124 نقاط : 372 تاريخ التسجيل : 27/12/2009
موضوع: أهمية التوحيد في القرآن الكريم الأحد 24 يناير 2010 - 17:16
التوحيد هو الأصل الذي بنيت عليه الملة الحنيفية؛ فالاهتمام به اهتمام بالأصل، وإذا تدبرنا القرآن الكريم وجدنا أنه بيَّن التوحيد تبيانًا كاملاً، حتى إنه لا تخلو سورة من سور القرآن إلا وفيها تناول للتوحيد، وبيان له ونهى عن ضده. وقد قرر الإمام ابن القيم رحمه الله أن القرآن كله في التوحيد؛ لأنه: - إما إخبار عن الله وأسمائه وصفاته، وهذا هو التوحيد العلمي الذي هو توحيد الربوبية. - وإما أمر بعبادة الله وحده لا شريك له ونهي عن الشرك، وهذا هو التوحيد العملي الطلبي، وهو توحيد الألوهية. - وإما أمر بطاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ونهي عن معصية الله ومعصية رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا من حقوق التوحيد ومكملاته. - وإما إخبار عما أعد الله للموحدين من النعيم والفوز والنجاة والنصر في الدنيا والآخرة، أو إخبار عما حل بالمشركين من النكال في الدنيا والآخرة، أو إخبار عما حل بالمشركين من النكال في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة من العذاب الدائم والخلود المؤبد في جهنم، وهذا فيمن حقق التوحيد، وفيمن أهمل التوحيد. (1) [مدارج السالكين: 468/3 بتصرف]
إذن فالقرآن كله يدور على التوحيد. وأنت إذا تأملت السور المكية تجد غالبها في التوحيد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد وينهى عن الشرك. ما نزلت عليه أغلب الفرائض من زكاة وصيام وحج وغير ذلك من أمور الحلال والحرام، وأمور المعاملات، ما نزل هذا إلا بعد الهجرة في المدينة. إلا الصلاة فقد فرضت عليه في مكة ليلة المعراج حين أسري به -صلى الله عليه وسلم- (2) ولكن كان هذا قبيل الهجرة بقليل.
ولذلك كان غالب السور المكية التي نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة، كلها في قضايا التوحيد، مما يدل على أهميته، وأن الفرائض لم تنزل إلا بعد أن تقرر التوحيد، ورسخ في النفوس، وبانت العقيدة الصحيحة؛ لأن الأعمال لا تصح إلا بالتوحيد، ولا تؤسس إلا على التوحيد.
وقد أوضح القرآن أن الرسل عليهم الصلاة والسلام أول ما يبدءون دعوتهم بالدعوة إلى التوحيد قبل كل شيء، قال تعالى: ﴿ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]، وقال تعالى: ﴿ ومَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون ﴾ [الأنبياء: 25]، وكل نبي يقول لقومه: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: 59]، ها هو شأن الرسل البُداءةُ بالتوحيد.
وكذلك أتباع الرسل من الدعاة والمصلحين أول ما يهتمون بالتوحيد؛ لأن كل دعوة لا تقوم على التوحيد فإنها دعوة فاشلة، لا تحقق أهدافها، ولا تكون لها نتيجة. كل دعوة تهمش التوحيد ولا تهتم به؛ فإنها تكون دعوة خاسرة في نتائجها. وهذا شيء مشاهد ومعروف.
وكل دعوة تركز على التوحيد؛ فإنها تنجح بإذن الله وتثمر وتفيد المجتمع، كما هو معروف من قضايا التاريخ.
ونحن لا نهمل قضايا المسلمين بل نهتم بها، ونناصرهم ونحاول كف الأذى عنهم بكل وسيلة، وليس من السهل علينا أن المسلمين يقتلون ويشردون، ولكن ليس الاهتمام بقضايا المسلمين أننا نبكي ونتباكى، ونملأ الدنيا بالكلام والكتابة، والصياح والعويل؛ فإن هذا لا يجدي شيئًا.
لكن العلاج الصحيح لقضايا المسلمين، أن نبحث أولاً عن الأسباب التى أوجبت هذه العقوبات التي حلت بالمسلمين، وسلطت عليهم عدوهم.