يعد وجود الطيور بمثابة مؤشر على صحة البيئة، واختفاؤها أو انقراضها يعتبر علامة على تعرض البيئة بشكل عام للخطر، حيث تقوم الطيور بدور كبير في الحفاظ على التوازن البيئي، فهي تتغذى على الحشرات الضارة وتنظم أعداد هذه الحشرات وفقاً للمعدل الطبيعي، كما تساهم في تغذية النباتات بالسماد وتقوم بتلقيح الكثير من الأشجار المثمرة، فضلاً عن أهميتها كغذاء للإنسان والحيوان والطيور الأخرى.
وقد اهتم الكثير من العلماء بمتابعة الطيور منذ عدة قرون ولاحظوا تناقص أعدادها مع تقدم البشرية وانتشار المصانع والتكنولوجيا الحديثة واستنزاف الموارد الطبيعية وتدخل الإنسان في الطبيعية باستخدام مبيدات حشرية لحماية الزراعة، أدت بدورها لهلاك الكثير من الطيور.
تكشف الدراسات الحديثة، أن هناك
نوعا من الطيور مهدد بالانقراض بما يمثل 12.4% من أنواع الطيور في العالم، والبالغ عددها 9775 نوع، ومن هذه الأنواع هناك 179 نوع يعتبر على حافة الانقراضCritically Endangered ، ومعرض بشدة للاختفاء من الطبيعة، بالإضافة إلى 788 نوع آخر يعتبر معرض للانقراض تقريباً Near Threatened ليصل العدد إلى نحو 2000 نوع بنسبة 20%.
وخلال القرون الخمسة الأخيرة انقرض 132 نوع من الطيور، بالإضافة إلى أربعة أنوع من الطيور التي تعتبر منقرضة في الطبيعة لكنها تعيش في الأسر تحت إشراف الإنسان، وهناك أيضاً 17نوع من الطيور يعتقد العلماء أنها انقرضت بالفعل لكنهم لم يعلنوا انقراضها بعد حتى تمر فترة من الزمن ويتأكدوا من ذلك، وبالتالي يصل عدد الأنواع التي انقرضت بالفعل من الطيور إلى 153 نوع.
مؤشر القائمة الحمراءRed List Index ، الذي يرصد وضع الطيور المهددة بالانقراض في العالم يوضح أن ثمة تدهور متسارع في أنواع الطيور منذ سنة 1988، وأن هبوط أعداد الطيور وصل إلى مستوى مخيف خصوصاً في بعض المناطق الهندية-الماليزية بسبب قطع الأشجار وتدهور وضع الغابات بفعل الإنسان.
وتشير الأرقام إلى أن البرازيل واندونيسيا تتصدران قائمة الدول في أنواع الطيور المهددة بالانقراض ليصل العدد إلى 115 و118 لكل منهما على التوالي.
وتعتبر الغابات من أهم بيئات الطيور المهددة بالانقراض، إذ تأوي 76% منها، بينما تعد المناطق الاستوائية ومناطق الغابات الرطبة من أهم أنواع الغابات التي تعيش فيها هذه الطيور، إذ تمثل كل منهما 40% و30% من مناطق الطيور المهددة بالانقراض على التوالي، كما تعد البحار والمحيطات الدافئة والجزر البحرية أهم البيئات الطبيعية للطيور البحرية المهددة بالانقراض.
وتواجه المناطق الهامة للطيور في العالم مخاطر عديدة أهمها تدمير البيئات الطبيعية وتدهورها بفعل الإنسان من خلال استصلاح الأراضي، والرعي الجائر، والسياحة غير المستدامة، كذلك فإن التخلص العشوائي من النفايات الصلبة يؤدي إلى تدهور الكثير من البيئات الطبيعية، كما تقع ملايين الطيور في شباك الصيادين كل خريف، وبصفة خاصة على شواطئ البحر المتوسط، وكثير من هذه الطيور مهددة بالانقراض دولياً.
ويمثل التلوث البترولي أهم مصادر التهديد للطيور البحرية، التي تتأثر مباشرة وسريعاً بالبقع النفطية، وعلى الأخص طيور الأوك والجلموت والموسوي والمنقار وبط البحر، فعندما يتلوث ريش أحد الطيور بالزيت، فإنه يخترق ذلك الريش ويحل محل الهواء المختزن بين الجلد والريش، وبذلك يحرم الطائر من الطبقة الهوائية التي كانت تسهم في تمكينه من الطفو فوق الماء، وفي الوقت نفسه تعمل كعازل حراري.
كما يؤدي النفط إلى تشبع ريش الطائر بالماء، وهو ما يترتب عليه غرقه، وحتى إذا لم يغرق، فإن درجة حرارته تنخفض بسرعة بسبب العزل الحراري الذي يؤدي إلى استنزاف سريع للكميات الاحتياطية من الغذاء المخزن في جسم الطائر، مما يؤدي إلى موته.
المنظمة الدولية لحياة الطيور تتولى حماية نحو 42% من الطيور المهددة بالانقراض في العالم، وقد قامت بجهود كبيرة لحماية الطيور المعرضة للانقراض في مناطق عديدة، وأحد هذه المحاولات الناجحة كانت للحفاظ على طائر القطرس قصير الذيل في شرق آسيا، من خلال حماية موطنه الأصلي، وفرض حظر على صيده، وهو ما أدى إلى زيادة أعداد هذا الطائر لتصل إلى 1200 زوج.
ويوجد القطرس قصير الذيل، الذي يشبه الدجاج، في جزيرة فانواتو في المحيط الهادي، ولا يوجد في مكان آخر من العالم.
ورغم ما تقوم به المنظمة من جهود لحماية الطيور المهددة بالانقراض، فإنها تحتاج إلى مساعدة الجهات الأخرى، وخصوصاً الحكومات، سواء من الناحية المادية أو عن طريق إنشاء المحميات الطبيعية، فمازالت هناك 400 فصيلة من الطيور لا تحصل على أي مساعدة على الإطلاق على الرغم من تعرضها لخطر الانقراض.
وهناك حاجة ملحة لحماية ما تبقى من الطيور النادرة في العديد من مناطق العالم، ومنها على سبيل المثال منطقة جزيرة ساوتومي بغرب أفريقيا الاستوائية، فهناك أربع فصائل من الطيور معرضة للانقراض في هذه الجزيرة، هي أبو منجل الزيتوني القزم، والحمام الكستنائي، والصافر الساوتومي الأزرق، وبومة ساوتومي الصغيرة.
الخبراء يحذرون من تناقص أعداد الطيور بدرجة كبيرة منذ بدايات القرن الماضي وانقراض البعض وتعرض الكثير لنفس المصير، مطالبين بضرورة تضافر الجهود في العالم من أجل العمل على زيادة أعداد الطيور إلى المستوى الطبيعي، والتأكد من استقرار العدد وعدم انخفاضه والمحافظة على استمرار مواقع انتشار الطيور وتكاثرها، وذلك بالمحافظة عليها وإعادة تأهيلها وبناء مواقع جديدة ودراسة أنواع الطيور والبيئات المفضلة لها، والعمل على توفيرها لها والحث على ممارسات غير ضارة ببيئات الطيور كعدم استخدام المبيدات الحشرية الضارة بالطيور في المزارع.
كما يطالب الخبراء بضرورة تعزيز المعرفة والشعور الإيجابي تجاه الطيور بما يساعد كثيراً في المحافظة عليها، وخلق بيئة نظيفة ومتوازنة من شأنها أن تكون ذات فائدة كبيرة للإنسان ولمستقبل البشرية