الجامعة الافتراضية والتعليم عن بعد بقلم د.عبدالرحمن جامل

الجامعة الافتراضية والتعليم عن بعد بقلم د.عبدالرحمن جامل

إن من نافلة القول أن نشير الى أن التعليم اصبح يحتل مكانة متميزة بين كافة قطاعات المجتمع وإداراته التي تهتم بالإنسان، وتستشعر حاجاته المتجددة وتعمل على تحسين نوعية حياته والارتقاء بها، فالتعليم يتولّى مسئولية اعداد الانسان لمواجهة كافة أشكال التحديات التي تفرضها الحياة المعاصرة، ومواكبة التغيرات التي لاتقف عند حد التكيف معها بل فهمها واستيعابها والسيطرة عليها.
لقد فرض الطلب المتزايد على التعليم في مختلف المراحل التعليمية والحاجة الى مواكبة التطورات السريعة في العلوم والتكنولوجيا، على «المجتمعات المعاصرة» في كل بلد، أن يبحث عن أنظمة تعليمية رديفة للأنظمة التقليدية لدى المجتمع.
ومن هذا المنطلق ازداد في العقود الأخيرة عدد الدول التي شرعت في استكشاف أساليب التعليم المفتوح والتعليم عن بُعد كرديف للدراسة التقليدية، فبرزت مؤسسات التعليم عن بعد مسخرة التكنولوجيا الحديثة قدر ماتستطيع وبذلك أسهمت الوسائل السمعية والبصرية، والحاسوب، والانترنت، والاقمار الصناعية، الى جانب الكلمة المطبوعة في تعليم الطلبة في منازلهم أو في أماكن عملهم.
وفي إطار الصيحة التي أطلقها دولة الاستاذ عبدالقادر باجمال - رئيس مجلس الوزراء منذ عام حول التفكير في الاعداد للجامعة الافتراضية والتعليم عن بعد خدمة لأبنائنا في المهجر ولمن لاتستوعبهم الجامعات اليمنية، أضع بين يدي القارئ الكريم في هذا المقال لمحة موجزة عن المتغيرات التي يشهدها العالم العربي المعاصر في التعليم وبلادنا اليمن جزء من هذا الوطن، ثم التعرض لمفاهيم التعليم المفتوح، والتعليم عن بعد، والجامعة الافتراضية، والجامعات المفتوحة، وأهداف ومميزات هذا النوع من التعليم ومميزاته، من أجل ايجاد وعي لهذه الفكرة التي سبقنا الكثير إليها، ومن واقع آراء الخبراء والمختصين في ورشة العمل العربية التي عقدت في تونس اغسطس 2001م حول التعليم عن بعد والتعليم المفتوح.
لقد بدأت فكرة التعليم المفتوح والتعليم عن بعد نتيجة لما يشهده العالم العربي المعاصر من تغيرات في مجال التعليم فرض علينا التحرر من الأنماط التقليدية، في مواجهة هذه التحديات، والتفكير في أساليب جديدة يستطيع الانسان العربي فيها ان يعوض مافاته، وأن يلحق بغيره وأن يحقق أمله، من أهم تلك التغيرات الآتي:
- تزايد الطلب على التعليم في الوقت التي تعجز مؤسساته الحالية في مواجهة هذا الطلب.
- الاختلال في التوزيع الجغرافي لغرض التعليم.
- الارتفاع المستمر في تكاليف التعليم مما يشكل عبئاً على كل مؤسساته وطلابه.
- القصور الواضح في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.
- تزايد حاجات الفئات الخاصة في التعليم.
ويأتي التعليم عن بعد والجامعات الافتراضية، والجامعات المفتوحة نتيجة لهذه المتغيرات التي حصلت في واقعنا، لتكون من أهم الأساليب التي تساعد الانسان العربي -بعد الله- على ان ينهض من كبوته وأن يعوض مافاته ويحقق غاياته.
فالتعليم عن بعد لم يعد مجرد حل لمشكلات أو ضرورة من ضرورات مواجهة التغير المتسارع، بل إنه يسهم في تلافي جوانب القصور الناتجة عن عدم تلبية متطلبات الانسان العربي المعاصر من التعليم والتدريب والتثقيف في ضوء الأنماط المعاصرة من التعليم النظامي وغير النظامي، ويمكن أن نستعرض المفاهيم المختلفة لهذه الأنواع من التعليم كالآتي:
1- التعليم عن بعد: Distance Education
التعليم عن بعد هو نظام تعليمي يقوم على فكرة ايصال المادة التعليمية الى الطالب عبر وسائل اتصالات تقنية مختلفة حيث يكون المتعلم بعيداً ومنفصلاً عن المعلم.
أي أن التعلم عن بعد هو الطريقة التي يكون فيه المتعلم بعيداً أو منفصلاً عن المعلم، ويتلقى خلالها المادة التعليمية مقروءة أو مبثوثة أو الكترونية عبر وسائل اتصال مختلفة.
2- الجامعة الافتراضية: virtual university
هي مؤسسة تعليمية عن بعد تعتمد في المقام الأول في أداء مهامها على الانترنت وتحتوي على اقل مايمكن من المكونات المادية من المباني الجامعية، ومعظم نشاطات الجامعة تم تنفيذها بواسطة الانترنت وعن بعد.
اذ ان الجامعة تشمل مجموعة مكونات افتراضية، مثل المكتبات، والصفوف الدراسية، والمسافات، ومكتب القبول والتسجيل ومكتب المالية.
ويتركز نشاط هيئة التدريس والادارة والدارسين من خلال الاتصال عبر شبكات الحاسوب، وهذا النوع يغطي مناطق جغرافية واسعة.

3- الجامعة المفتوحة: The open university
هي مؤسسة تعليمية مفتوحة لكل افراد المجتمع بغرض توفير التعليم والتدريب والثقافة لمن حالت ظروفهم دون الحصول على التعلم النظامي لاسباب تعود اليهم او للمجتمع او الاثنين معاً. باستخدام اساليب وتقنيات اتصال مختلفة، ويتصف نظام الالتحاق بالمرونة من حيث السن، والمؤهل، وعدم اجبار الدارسين على الحضور.

4- التعليم المفتوح: open Education
هي وسيلة تعليمية تقوم فلسفتها على حق الافراد والوصول الى الفرص التعليمية المتاحة، اي انه تعليم جماهيري مفتوح لجميع الناس، ويتسم بالمرونة من حيث شروط القبول، واختيار الدارسين طريقة التعليم وزمنه ومكانه ومحتواه طبقاً لظروفهم واحتياجاتهم.
وهناك العديد من الاهداف والمميزات للتعليم عن بعد والتعليم المفتوح منها مايلي:
1- اتاحة فرصة التعلم لشرائح المجتمع المختلفة، خاصة تلك التي حالت ظروفها دون الالتحاق بالتعلم النظامي لأسباب سياسية او اقتصادية او اجتماعية او جغرافية.

2- توفير فرص التعليم العالي والتدريب في مختلف مجالات المعرفة والعلم والتكنولوجيا لأكثر عدد ممكن من افراد الشعب وممن فاتتهم فرص التعلم والتدريب.
3- تسيير وصول المعرفة اليهم في أماكن إقامتهم بمعنى آخر نقل المعرفة الى الدارسين حيثما وجد بدلاً من حضوره الى الجامعة، كما هو الحال في الجامعات التقليدية، ولذلك من مميزاتها التحرر من قيود المكان والزمان من خلال استخدام وسائط تعليمية متعددة.
تحويل التعليم الى تعلم وبالتالي التركيز على العملية التعليمية الذاتية والمتعلم وفقاً لحاجاته وظروفه وامكاناته، وبحيث يمكن للفرد من الجمع بين الدراسة والعمل او التدريب في موقع العمل كتدريب المعلمين في اثناء الخدمة مثلاً.

4- مضاعفة فرص التعليم للنساء وربات البيوت وخاصة في المجتمعات التي تعاني منها النساء من عدم المساواة في فرص المشاركة في التدريب، بالاضافة الى ميزة اخرى لهذا النوع من التعليم أنه أقل كلفة من نظم التعليم الاخرى، ويقدم برامج دراسية متضمنة تلبية إحتياجات خطط التنمية وسوق العمل لكي لايؤدي التوسع في قاعدة التعليم العالي الى تفاقم اوضاع البطالة في أوساط جملة الدرجات الجامعية.
وهناك شروط ومتطلبات لهذا النوع من التعليم لايتسع المقال لذكره.
في الأخير.. إن فكرة الجامعة الافتراضية التي دعا اليها رئيس مجلس الوزراء وطالب وزارة التعليم العالي ان تفكر بها، هي فكرة جديرة بالاهتمام والدراسة حتى لاتتخلف بلادنا عن ركب الحضارة والتطور السريع في مجال تكنولوجيا الاتصالات وتقنيات المعلومات والتعليم عن بعد.. فهل انتم فاعلون؟؟

الشكر مووووووووووووووووووصول
جزاك الله خير الجزاء