في كل المعادلات التي عرفتها العقلية البشرية متى كانت الحسابات سليمة
كانت النتيجة صحيحة ، وهذا ما ينطبق على المعادلات الحياتية فمتى عرفت ماذا
تفعل وإلى أين تسير ومتى تتوقف كل ما كانت حياتك أكثر انضباطاً وأكثر
إيجابية ، ولكن لإختلاف العقول البشرية وتأثرها بالمؤثرات الخارجية من
الطبيعي أن لا يستطيع البعض جدولة حياته وتنظيمها كما يفترض أن يكون لأنه
سيكون حبيس نفسية معينة أخذها من بيئة معينة أثرت على عقليته وحددت طرق
تعاطيه مع الحياة بسلوكه الخاص ومن هذا الباب نختلف.
لنأخذ مثالاً أراه مهماً ( التربية) إن ما نزرعه في أبنائنا هو
حتماً ما سنجنيه منهم عاجلاً أم آجلاً فلو زرعنا الخير سنحصد الخير والعكس
تماماً.
جميع الأسر تتمنى أن يكون أبنائها ناجحين متفوقين مؤدبين ووو ،
ولكن كيف تتحقق الأمنيات إذا لم يكن هناك غرس سليم ومثال يحتذى به ، لماذا
نطلب من أبنائنا المثالية ونحن أبعد ما نكون عنها في سلوكنا ؟!! كـ أن يقول
الأب لإبنه صلي في المسجد وهو لا يصلي وكـ أن تأمر الأم ابنتها بأن لا
تستخدم المكياج وهي متبرجة، هذه التنقاضات التي يعيش فيها البعض لدرجة
الضياع كفيلة لتخلق أفرادً غير أسوياء نفسياً يعشيون في تضارب مع ما
يريدونه وما يريده أهاليهم وما يريده المجتمع أيضاً، أتصور من أصعب الأمور
أن تعيش ضمن منظومة اجتماعية تنفذ شروطها وأنت غير مقتنع بها في داخلك
ولكنك برمجت على أن تكون طائعاً لها كي لا تخرج عن السرب ، فما حال هؤلاء
الأبناء الذين يجدون أنفسهم متذبذبين الأفكار ضائعين بين ما يريدون وبين ما
يريد الأقوى الذي يضللهم؟! فهم إذا أرادوا الوصول أو التمسك بأي قشة
للنجاة من التخبط النفسي وحاولوا الكلام لا يجدون المنصت الذي قد يرشدهم
إلى مكان آمن في دواخلهم ، ربما هذا طبيعي ضمن مجتمع يفتقد لغة (الحوار) من
الأساس لأنه جُبِلَ على لغة واحدة وهي (الأمر والنهي) فكيف يسمع من لا
يمتلك أذناً للسمع. (المراهقين) هذه الفئة الحساسة التي لا يكاد يخلو منها
بيت تعيش على خط النار الممتد من أعماقهم وعقولهم ورغباتهم المتعشطة لكل
شيء بفضول مقبول وغير مقبول وبين اللامبالاة والصرامة وبين ما يحيط بهم من
مغريات وأفكار تبث على مدار الساعة ما لديها من سلبيات وإيجابيات ، ويبقى
هذا المراهق أو المراهقة متخبطين المشاعر والأفكار وحتى الأحلام والأسوء
أنهم قد ينجرفون إلى الهاوية وعندها الله وحده العالم من سينجو منهم ومن
سيضيع.
بقيت لي سطور..
تربية الأبناء لا تعني فقط توفير كل متطلبات الحياة لهم ولا
ضمان تخطيهم المراحل الدراسية ولا تعليمهم الصلاة وأوامر الدين لمجرد
التعليم هي أكبر من ذلك بكثير، هي التزامنا نحن أولاً ومن ثم تربيتهم
عليها، هي الحوار والتبادل ،هي الإنصات والإحترام ، هي الروح والاستشعار ،
هي الحب الواعي الذي يفصل بين أنانيتنا وبراءتهم.