فالصحة العقلية جزء لا يتجزأ من الصحة، وتعني أكثر من مجرد غياب المرض العقلي ولها صلة قوية بالصحة البدنية والنفسية.
ومثل المرض الجسدي، فالمرض النفسي يمكن أن يصيب أي شخص وفي أي عمر. أحد الأسباب لعدم تشخيص المرض العقلي عند الأطفال هو قلة المعرفة وعدم توقع حدوث مشاكل نفسية للطفل.
بعض الدراسات الحديثة أظهرت ما لا يقل عن 20 في المائة من الأطفال والمراهقين يعانون من اضطرابات نفسية.
في دراسة أجريت في أميركا شملت 4000 طفل دون الخامسة، وجد أن 21 في المائة منهم مصابون باضطرابات نفسية، من ضمنهم 9.1 في المائة لديهم اضطراب حاد.
أما في بريطانيا فقد أشار المكتب الوطني للإحصاء إلى أن 10 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و16 عاما، شخصوا باضطراب عقلي تسبب في تغيرات شديدة في السلوك، أثرت على قدرتهم على أداء الأعمال اليومية.
وبين الدول العربية، فقد أشار موضوع نشر في مجلة الدراسات العربية عن خدمات الصحة النفسية في العالم العربي، إلى غياب المعلومات عن نمو وتطور صحة الأطفال النفسية والاجتماعية عند معظم الآباء والمعلمين.
وبينت دراسة أجريت في مصر أن ربع عينة الأطفال قبل سن المدرسة الذين شملتهم الدراسة يعانون من مشاكل سلوكية، بينما أفادت دراسة أعدت في مدرسة في المملكة العربية السعودية أن 13.4 في المائة من الذكور يعانون من اضطرابات سلوكية أو نفسية.
وتشير الأبحاث إلى أن إصابات الاضطرابات النفسية متقاربة في البنين والبنات ما بين 5 و10 أعوام.
أهمية الصحة النفسية:
الصحة النفسية هي الطريقة التي يفكر بها الإنسان، وكيف يتصرف لمواجهة الحياة. فهي تؤثر على كيفية تعامل الإنسان مع الضغوط العديدة، والتواصل مع الآخرين، واتخاذ القرارات.
ومثل الصحة البدنية فإن الصحة العقلية مهمة في كل مرحلة من مراحل الحياة. ويبدأ نمو وتطور الصحة النفسية من سن الرضاعة ويستمر حتى سن المراهقة.
في أغلب الأحيان يحمي الكبار أطفالهم من الصعوبات، ولكن في بعض الأحيان يضطر الأطفال على التعامل مع هذه الظروف الصعبة وقد يكون من الصعب عليهم التأقلم معها مثل وفاة شخص قريب، أو طلاق والديهم وغيرها من أوضاع الحياة المتغيرة.
وبعض الأطفال لديهم قابلية أقل لمواجهة المشاكل فهم أكثر حساسية من غيرهم.
أما البعض الآخر فهم أكثر مرونة ويستطيعون مواجهة هذه المواقف بسهولة. فالحياة أصبحت قاسية وأكثر صعوبة بالنسبة للطفل أن ينمو في مجتمع اليوم، فالضغوط مختلفة وعديدة تحتاج إلى صحة عقلية سليمة ومرنة.
وتشير جمعية العقول الشابة الخيرية البريطانية المختصة بالصحة العقلية للأطفال إلى أن هناك أدلة قوية تشير إلى أن الطريقة التي يتطور بها الدماغ مرتبطة بعلاقات الرضيع المبكرة، في معظم الأحيان مع والديه.
فنوعية ومضمون العلاقة بين الطفل ووالديه يمكن أن تؤثر على تطور الدماغ بطريقة يصعب تغييرها.
والواقع أن أول سنتين من عمر الطفل ينمو فيها الدماغ بسرعة كبيرة، وإن كان الدماغ يواصل النمو خلال مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ المبكر.
أسباب المرض النفسي:
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي يمكن أن تزيد من خطر تطوير المرض العقلي. والأسباب الرئيسية في الأطفال والمراهقين هي العوامل البيولوجية والبيئة.
ومن الممكن أن يكون هنالك عدة عوامل وأسباب تعمل معا لإحداث الضرر. وبعض هذه العوامل هي:
1- الأسباب البيولوجية:
- أسباب وراثية، فبعض الأمراض النفسية ممكن أن تكون وراثية.
- عدم التوازن الكيميائي في الجسم.
- الأضرار التي تلحق بالجهاز العصبي المركزي، مثل الجروح أو الالتهابات.
2- الأسباب البيئية:
- التعرض للسموم البيئية مثل النسب العالية من الرصاص.
- التعرض للعنف، مثل رؤية مشهد عنيف كالقتل أو الضرب المبرح أو التعرض الشخصي للعنف مثل الضرب أو التحرش الجنسي أو اللفظي، خاصة في سن مبكرة.
- الإجهاد المتصل بالفقر والتمييز وغيرها من المصاعب.
- فقدان الأحباب بسبب الموت أو الطلاق. ويختلف كل طفل في كيفية مواجهة هذه العوامل، ومن الممكن أن تكون هنالك عدة عوامل تتسبب في إصابة الطفل بمرض نفسي. وقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات عرضة لمشاكل الصحة العقلية.
علامات المرض العقلي:
كلما كان التشخيص مبكرا للأطفال والمراهقين، سهل العلاج. وتوجد العديد من الدلائل التي تشير إلى أن هنالك اضطرابات في صحة الطفل النفسية، أو اضطرابات عقلية خطيرة في الأطفال. وكوالدين، فإننا بحاجة إلى أن نكون دائما منتبهين، وإيلاء الاهتمام لسلوك أطفالنا.
عادة قبل