موضوع: حكم : تلاوة القرآن على المقامات الأحد 25 مارس 2012 - 20:54
السؤال:
تعلمون حفظكم الله تعالى ما أعده الله سبحانه من الجزاء العظيم على من قرأ القرآن الكريم ، فقال عليه الصلاة والسلام : (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه له أجران) ، وقد انتشر في وقتنا الحاضر ما يسمى بعلم المقامات ، وهو علم يهتم بالصوت وتحسين الأداء ، طبعا في أصله أنه وضع لأهل الغناء . فهل يجوز لي أن أتعلم هذا العلم وأستخدمه في قراءة القرآن الكريم لكي أبتعد عن اللحن فيه ، وأدخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الماهر بالقرآن مع السفرة .... ) ؟ .
الجواب: الحمد لله أولاً : المقامات التي جاء ذِكرها في السؤال هي أنواع الألحان التي يغني بها أهل الغناء ، وقد حصر أهلُ ذلك الفن الألحانَ بأوزان معينة وسموها " مقامات " ، وليس هو علم مخترع بل هو جمع بالتتبع والاستقراء لألحان الناس ، كما فعل الخليل بن أحمد الفراهيدي في أوزان الشِّعر ، وكان ما جمعه رحمه الله ستة عشر بحراً ، وأما المقامات التي جمعها أهل اللحن فقد بلغت ستة مقامات ، وهي : 1 . مقام البيَّات : هو مقام يمتاز بالخشوع والرهبانية ، وهو المقام الذي يجلب القلب ويجعله يتفكر في آيات الله ومعانيها . 2. مقام الرست : و " الرِّست " كلمة فارسية تعني الاستقامة ، ويفضل أهل المقامات هذا المقام عند تلاوة الآيات ذات الطابع القصصي أو التشريعي . 3. مقام النهاوند : هذا المقام يمتاز بالعاطفة والحنان والرقة ، ويبعث على الخشوع والتفكر ، و " نهاوند " مدينة إيرانية نسب إليها هذا المقام . 4. مقام السيكا : هو مقام يمتاز بالبطء والترسل . 5. مقام الصبا : وهو مقام يمتاز بالروحانية الجياشة والعاطفة والحنان . 6. مقام الحجاز وهو مقام من أصل عربي ، نسب إلى بلاد الحجاز العربية ، وهو من أكثر المقامات روحانية وخشوعا في القرآن . هذا كلام أهل ذلك الفن ، وهذه تعريفاتهم بحروفها ، وكما هو ملاحظ فإنها مقامات أعجمية إلا الأخير منها ، ومن الملاحظ أيضاً أن المقامات هي جمع لألحان الناس في غنائهم ، فهو علم سابق على القرآن والقراءة به ، ويمكن للقراء أن يقرؤوا بإحدى المقامات وهم لم يعرفوا عنها شيئاً ، كما يمكن أن ينوِّع القارئ بين عدة مقامات بحسب الآيات ومعانيها .
ثانياً : أما حكم القراءة بهذه المقامات : فقد سبق في جواب السؤال رقم ( 9330 ) ذِكر فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في المنع من القراءة بهذه المقامات الغنائية . وفي جواب السؤال رقم ( 1377 ) تفصيل وتوسع في المسألة ، فلينظر . ونزيد هنا فنذكر فوائد من أهل الاختصاص ، فنقول : قال الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه ورئيس قسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمد بن سعود : القراءة بالألحان لا تخرج عن حالتين : الحالة الأولى : الألحان التي تسمح بها طبيعة الإنسان من غير تصنّع ، وهذا ما يفعله أكثر الناس عند قراءة القرآن ، فإن كل من تغنّى بالقرآن فإنه لا يخرج عن ذلك التلحين البسيط ، وذلك جائز ، وهو من التغني الممدوح المحمود ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ليس منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن ) - أخرجه البخاري في صحيحه (7527) ، وعلى هذه الحالة يحمل الحكم بالجواز والاستحباب . الحالة الثانية : الألحان المصنوعة والإيقاعات الموسيقائية التي لا تحصل إلا بالتعلم والتمرين ، ولها مقادير ونسب صوتية لا تتم إلا بها ، فذلك لا يجوز ؛ لأن أداء القرآن له مقاديره التجويدية المنقولة التي لا يمكن أن تتوافق مع مقادير قواعد تلك الألحان إلا على حساب الإخلال بقواعد التجويد ، وذلك أمر ممنوع . وفي ذلك يقول ابن القيم في " زاد المعاد في هدي خير العباد " (1/493) : " وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعاً أنهم برءاء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة ، وأنهم أتقى لله من أن يقرؤوا بها ويسوِّغوها ، ويعلم قطعاً أنهم كانوا يقرؤون بالتحزين والتطريب ، ويحسِّنون أصواتهم بالقرآن ، ويقرؤونه بشجي تارة ، وبطرب تارة ، وبشوق تارة ، وهذا أمر مركوز في الطباع تقاضيه ، ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطباع له ، بل أرشد إليه وندب إليه ، وأخبر عن استماع الله لمن قرأ به ، وقال : ( ليس منَّا من لم يتغنّ بالقرآن ) ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه إخبار بالواقع الذي كلنا نفعله ، والثاني : أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته " . ويقول ابن كثير في " فضائل القرآن " (ص 114) : " والغرض أن المطلوب شرعاً إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة ، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي فالقرآن ينزه عن هذا ويُجلّ ، ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب " . وما ينادي به بعض الناس من تلحين القرآن بزعم تصوير المعاني وضبط الأنغام ، وربما تمادى بعضهم وطالب بما يقارن تلك الألحان بالآلات الموسيقية : فكل ذلك جرأة على كتاب الله تعالى ذِكرُه وتقدس اسمُه ، ولا شك أن الاشتغال بتلك الأنغام يوقع القارئ في تحوير الألفاظ ، ويصرف السامع عن تدبر المعاني ، بل يفضي بها إلى التغيير ، وكتاب الله تعالى مجد المسلمين ينزه عن ذلك . انتهى من مقال في " ملتقى أهل التفسير " . ونعجب ممن اشتهر في العالم الإسلامي بحسن قراءته أن يكون طريقه في التعلم وإتقان القراءة : الأغاني الماجنة ! وقد اعترف بعضهم أنه كان يستمع للأغنية ذات المعازف حتى يتعلم طريقة القراءة ! وقد انتشرت صورة لبعض كبار القراء وهو بجانب " البيانو " ! بل وتشترط إذاعة عربية على كل مقرئ فيها أن يحمل شهادة من معهد موسيقي ! وإلا حرِم القراءة فيها ، وقد وفق الله تعالى كثيراً من القراء في العالم الإسلامي ، وأبكوا الناس بقراءتهم ولم يتعلموا مقاماً ولم يسمعوا أغنية ، وبعض المهووسين بهذه المقامات يسمع القارئ المتقن الموفَّق فينسب قراءته لإحدى المقامات ويوهم نفسه وغيره أن هذا القارئ ممن يمشي على طريقته بالقراءة على حسب أغنية أو لحن معيَّن ، وليس الأمر كذلك ، وإنما هو وهم محض .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
مصطفى يونس عضو vip
عدد المساهمات : 2160 نقاط : 2317 تاريخ التسجيل : 05/09/2009 الموقع : bnatelzarka.newgoo.net
موضوع: رد: حكم : تلاوة القرآن على المقامات الأربعاء 3 أبريل 2013 - 8:39
جزاكم الله خيراً وجعل مثواكم الجنة
_________________ مع تحياتى مصطفى يونس younes.moustafa@yahoo.com
shadow عضو vip
عدد المساهمات : 3980 نقاط : 3981 تاريخ التسجيل : 11/12/2014 العمر : 26
موضوع: رد: حكم : تلاوة القرآن على المقامات الخميس 11 يوليو 2019 - 1:24