أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان اللّعين الرّجيم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
و
ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على
الخلق والأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا ونفوسنا النبيّ المؤيّد، والرّسول الأمجد المصطفى الأحمد أبي القاسم محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وعلى آله الأطهار الميامين الأبرار (عليهم السلام).
"رب اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي
علوم القرآن الكريم
هجر القرآن الكريم
أ- التحذير من هجره:
جاءت النصوص الكريمة من الكتاب والسنة ترشد الأمة إلى تعاهد القرآن بالتلاوة والتدبر، وتحذر كل الحذر من التقصير في حقِّه، أو هجران تلاوته والعمل به.
ولقد حكى الله عز وجل شكوى الرسول الله صلى الله عليه واله وسلم لربه هجران قومه للقرآن فقال سبحانه: {وقال الرسول ياربِّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } [الفرقان: 30].
وتوعّد الله سبحانه الذين يعرضون عنه فقال: {وقد آتيناك من لدنا ذكراً * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً * خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا } [طه: 99-101] . ثم صوّر حالة ذلك المعرض يوم القيامة فقال: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه: 123-124].
ب- أنواع هجر القرآن :
1.هجر سماعه وتلاوته:
- لا يوجد على وجه البسيطة كتاب يحرم هجره، ويجب تعاهده وتلاوته إلا القرآن الكريم، فإن هذا من خصائصه التي لا يشاركه فيها أي كتاب.
- وقد أثنى الله عز وجل على الذين يتعاهدون كتاب ربهم بالتلاوة فقال: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون }
[آل عمران: 113].
- وحتى لا يقع الناس في هجران القرآن، فقد بحث العلماء مسألة: في كم يقرأ القرآن، وقالوا: "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن ".
2.هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه:
- يحرم هجر العمل بالقرآن الكريم، لأن القرآن إنما نزل لتحليل حلاله وتحريم حرامه والوقوف عند حدوده.
فلا يجوز ترك العمل بالقرآن، فإن العمل به هو المقصود الأهم والمطلوب الأعظم من إنزاله.
3.هجر تحكيمه والتحاكم إليه:
- أنزل الله عز وجل كتابه الكريم حتى يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ونهاهم سبحانه عن تحكيم أو تحاكم إلى غير القرآن.
- فالقرآن الكريم هو دستور المسلمين، وهو الحكم فيما اختلفوا فيه من أمور دينهم ودنياهم، فلا يجوز هجره لابتغاء الحكم في غيره.
4.هجر تدبره وتفهمه وتعقل معانيه:
- تدبر القرآن الكريم وتعقل معانيه مطلب شرعي، دعا إليه القرآن وحثّت عليه السنة، وعمل به الصحابة والتابعون ومن بعدهم، قال تعالى:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [ص: 29]. وقال أيضاً: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } [محمد: 24].
وعليه فلا يجوز هجر تدبره وتأمل معانيه وأحكامه.
5.هجر الاستشفاء به والتداوي به في أمراض القلوب والأبدان:
وردت نصوص كثيرة في أن القرآن الكريم شفاء، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82]. وقال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء }
[فصلت: 44].
وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم صور تطبيقية عديدة للتداوي بالقرآن، سواء كان دواء للأبدان، أو للنفوس .
- وهجر الاستشفاء بالقرآن خلاف السنة، فهو مذموم وممقوت.