الدكتور عبدالحى الفرماوى الأستاذ بكلية أصول الدين من أصحاب الرأى والفكر وقد حمل لواء الدفاع عن الإسلام ضد المهاجمين له من خلال كتبه ودراساته ومحاضراته فى جامعة الأزهر.
التقينا معه فى هذا الحوار وناقشنا معه العديد من القضايا والموضوعات التى تهم المسلمين والأمة الإسلامية. حيث أكد أن الإرهاب صنعة أميركية.
من اللحظة الأولى أفصح الإسلام عن نفسه، وكان من بين ما عبر به عن معالم رسالته أنه ما جاء ليرتفع فى بقعة من بقاع الأرض مهما كانت قدسيتها، وإنما جاء ليضبط حركة الحياة لمن ارتضاه دينًا وأخذ به منهجًا من البشر بصرف النظر عن الموطن والجنسية التى ينتمى إليها، من هذا المنطلق ماذا عن عالمية الإسلام فى مواجهة عولمة الغرب ؟
- بداية ننبه إلى أن قضية عالمية الإسلام قضية ناشئة من مبادئه الأولى الأساسية وليست ناشئة من فكر أهله ولا من فكر محمد ( ، ولذلك فقضية العالمية واضحة منذ بداية عهد الإسلام ومنذ العهد النبوى، فنرى على سبيل المثال فى سورة (الفرقان) وهى سورة مكية - أى نزلت فى مكة مع بداية الوحى - يقول فيها رب العزة تعالى: (تبارك الذى أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا)، ولم يكن فى هذا الوقت يطمح محمد ( فى إيمان غير قومه، كانت قضيته هى إيمان قومه.
أما قضية العالمية لم تكن فى ذهنه فقط، وإنما جاءت فى مبادئ الإسلام وانتقلت إلى فكره ( وبدأ يطبقها ويدعو لها، ولذلك فقضية العالمية هى قضية الدين لأنه ليس دينًا محليًا لجماعة بعينها ولا لبيئة بعينها ولا لزمن معين كما كانت الدعوات والأديان قبل ذلك، أمر آخر يدل على عالمية الإسلام هو أن محمدًا ( خاتم الأنبياء والمرسلين، ولا يصح أن يكون خاتم الأنبياء والمرسلين يهتم بقوم دون قوم أو عصر دون عصر، لذلك كانت القضية الملتصقة بمبادئ الدين هى قضية العالمية.
إذن قضية العالمية قضية تسبق أية دعوة عالمية قبل ذلك وتسبق أية هيمنة لأية أمة قبل ذلك، ثم إن قضية العالمية هذه مما ينبغى أن يؤكد عليها أنها ليست لفرض نظام، وإنما هى لإقناع بنظام وإقناع بمنهج بغية الوصول إلى سلام حقيقى وإلى عدالة اجتماعية وإلى أمن حقيقى وإلى رخاء للناس أجمعين، ومن هنا فإن هناك أمورًا عديدة ليصل المسلمون عن طريقها إلى هذه العالمية: فمثلاً كانت الدعوة إلى مبادئ الإسلام بالحسنى " وقولوا للناس حسنًا " ولم تفرض أبدًا بقوة السيف كما يدعى المستشرقون وأعداء الإسلام لأن مبادئ الإسلام " لا إكراه فى الدين" ،"لكم دينكم ولى دين"، "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء" إنما القضية قضية إقناع، قضية مخاطبة للفطرة السليمة السوية فى البشر حتى يقتنعوا بهذا النظام فيكتسبوا خبرة وينالوا من فضله ومن عدالته ومن سماحته.
وهذا ما طبقه المسلمون، ففى الحروب كانت حروبهم دفاعية، ضد هجوم أعدائهم، وإن كانت أحيانًا فى ظاهرها هجومية، فهى هجومية لرد عدوان المعتدين والصادين عن نشر دعوته عز وجل وكانت لمقاومة الذين يمنعون الخير عن الناس، وكان المسلمون يتركون الدعوة لتصل إلى الناس من شاء منهم أن يؤمن ومن شاء فليكفر ، لأن الدعوة الإسلامية لا إكراه فيها إطلاقًا، فلا ينبغى أن تقاوم، ومن هنا كانت قوة العالمية، ومنها أيضًا صدق الواقع لهذه المبادئ ونجحت هذه المبادئ فى واقع الناس وانتشر الإسلام فى فترة يسيرة جدًا وفى زمن قصير جدًا إلى آفاق الدنيا كلها من أقصى الأرض إلى أقصاها ولا يزال عتيدًا حتى الآن بفضل سماحته ومبادئه وعدالته وأهدافه ووضوح أغراضه.
أما قضية العولمة فهى تعنى فرض هيمنة معتدين وباغين وفرض نظم وضعية بشرية لا تحقق العدالة المطلقة فى جميع البلاد وفى جميع البيئات، ولذلك فالعولمة الآن تفرض بالحديد والنار، تفرض بسيف المعز وذهبه، تفرض بالترغيب والترهيب، تفرض لمسح شخصية البيئات والأجناس على غير الإسلام الذى يحافظ على شخصيات الناس، وعلى معادنها وعلى أفكارها، بل كان يرفعها من الحضيض إلى القمة، يرفعها من الجهل إلى العلم، أما العولمة فهى تقيد الناس بشدهم إلى يد واحدة آثمة من تحت الموائد أو من خلف الأسوار، لذلك لن تنجح العولمة إطلاقًا، وهذا ما نراه الآن من المناهضين للعولمة فى أكثر بقاع الأرض، بل فى الدول التى تفرض العولمة، والمظاهرات ضد العولمة فى كندا وأميركا وفى أوروبا.
وهناك مؤشرات تدل على أن الأحداث الأخيرة فى الولايات المتحدة والتفجيرات الإرهابية كان وراءها من يناهضون العولمة ومن يئنون من القهر والظلم الأميركى.
وأما عن النقطة الخاصة بعالمية الإسلام فى مواجهة عولمة الغرب فأقول : إن الإسلام بصفة عامة مبادئه بوضوحها ونقائها تدحض كل فكر وضعى وكل فكر متخلف وكل فكر بشرى لا يرقى إلى درجة ومستوى صالح البشرية، ولذلك ظهرت مذاهب كثيرة مثل - الشيوعية والاشتراكية - ظهرت الأنظمة الكثيرة منذ أن جاء الإسلام، وكل الأنظمة الوضعية تقهر أمام عدالة الإسلام ونوره وأمام خيره وكون أن الإسلام يناهض العولمة ذلك لأنه هو يناهض كل فكر يسئ للناس ويقيد البشرية كل فكر يدعو إلى الهيمنة والاستبداد وإلى الغطرسة يرفضه الإسلام ويقاوم فكره من الأصل، أما أن الإسلام يناهض العولمة بذاتها فهذا غير صحيح فكما قلنا إن الإسلام يرفض ويقاوم جميع الأفكار المقيدة للبشر وليس نظام أو فكرة بذاتها، ومن هنا نقول إنه يجب على المسلمين عدم الاهتمام بالقضايا الشكلية بقدر الاهتمام بجوهر القضية وهو نشر الإسلام لأن فى نشر الإسلام أمانة لكل هذه المعتقدات والأفكار والأنظمة التى تقيد حرية الناس وتستعبدهم وتهيمن عليهم.
إرهاب مَنْ .؟!
الكارهون للإسلام يسعون للحيلولة بين المسلمين وبين نهضتهم بالفتن والوقيعة، وتصوير المسلمين بأنهم رمز التخلف، ومأوى للإرهاب، كيف ترى ذلك، ولماذا هذا الانطباع السيئ عن المسلمين وكيف نتصدى لمثل هذه الصورة النمطية السيئة ؟
لابد هنا أن نفرق بين أمرين الإسلام كمبادئ والمسلمون كواقع، ولا ينبغى أن يحكم على الإسلام بواقع أهله، وإنما ينبغى أن يحكم على الناس بمبادئ الإسلام وليس العكس، ومن هنا فإذا تخلف المسلمون وإذا لم يفهموا مبادئ دينهم، وإذا طبقوها تطبيقًا خاطئًا، كانوا صورة سيئة لهذه المبادئ وللمسلمين ومن هنا كان الهجوم على الإسلام حيث استغل الغرب واقع المسلمين المتخلف وواقع المسلمين غير الفاهم لمبادئ دينه استغلالاً سيئًا فى الإساءة إلى الإسلام ذاته.
وهذا الواقع حقيقة استغلت فيه آليات هى بمثابة إبهار للناس كالتقدم فى مجالات التكنولوجيا، التقدم فى مجالات غزو الفضاء، التقدم فى مجالات العلوم بصفة عامة، فواقع المسلمين متخلف فى هذه المجالات، لكن هذا التخلف يساهم فيه الغرب بقدر كبير جدًا جدًا وذلك من ناحيتين:
الناحية الأولى: أنهم يسرقون العقول المسلمة، يغرونها اعتمادًا على أن الأنظمة العربية والإسلامية لا تساهم فى تمكين هذه العقول من إعلاء شأن الإسلام فى التقدم فى المجالات العلمية.
الناحية الثانية: أن الغرب وأهله لا يحاولون ترك فرصة لدولة إسلامية للتفوق، والأمثلة على ذلك كثيرة، كضرب المفاعل العراقى وتدميره، وضرب العراق المستمر حتى الآن وكالمحاولة للحيلولة بين باكستان وإنتاج القنبلة الذرية، وأيضًا قتل العلماء وهذا معروف، وسرقة الأدمغة العربية والإسلامية وكثير من مراكز الأبحاث مليئة بعقول عربية وإسلامية مما يدل على أن هذا التقدم الذى يعيشه الغرب حاليًا وراءه مسلمون وعرب بكثرة هائلة ولو أن هؤلاء المسلمين والعرب الموجودين فى مراكز البحث العلمى فى دول أوروبا وجدوا الفرصة المناسبة فى بلادهم لتفوقت بلادهم.
أما قضية الإرهاب، فإننا نوضح أن الإسلام دين واضح فى التفرقة بين المفاهيم الإرهابية وغيرها، فالإرهاب الحقيقى هو فرض الهيمنة للتغلب على فكرة بعينها وسرقة حقوق وقتل رغبات الشعوب وحرمانها من أن تتنسم الحريات، والإرهاب الحقيقى هو أن تخيف دولة دولة أخرى، الإرهاب الحقيقى هو سرقة حقوق الشعوب، وانتهاك مقدساتها وتدنيس مقدساتها كما يحدث الآن فى فلسطين من إسرائيل وأميركا، إسرائيل بيدها وأميركا بمد يد العون ماديًا ومعنويًا ووقفوها بجانب الظلم، ثم يسمون الإرهاب عمن يدافعون عن حقوقهم فالذين يدافعون عن حقوقهم ليسوا إرهابيين، الإرهاب ما تفعله إسرائيل، والإرهاب ما تفعله أميركا حاليًا فى أفغانستان واعتداؤها على المدنيين الأبرياء وحق الفيتو حينما تصوت بحق الفيتو ضد أية دولة وتمنعها من الوصول إلى حقها، الإرهاب الحقيقى هو أن تكيل دولة بمكيالين.
ولذلك لابد من تعريف الإرهاب تعريفًا حقيقيًا تتفق عليه جميع الدول ويبنى على الحفاظ على حقوق الناس وصون مقدساتهم ثم بعد ذلك نحارب الإرهاب.
إنما المسلمون حينما يدافعون عن أراضيهم كالفلسطينيين والشيشانيين فهذا ليس إرهابًا كما يدعيه الغرب إنما هو دفاع عن حقوق مشروعه وللأسف وسائل إعلامنا تساهم فى رسم الصورة السيئة لجهاد المسلمين وذلك لنقلها وسائل الإعلام الغربية.
ومن هناك أقول إن الإسلام لا يدعو إلى الإرهاب أبدًا إنما هو أكثر الأديان صونًا لدم الإنسان إلا فى القصاص والحق أقول أيضًا إنه لو كانت هناك وحدة بين المسلمين لأصبحوا قوة كبرى فى مواجهة ظلم الدول العربية.
أما عن فكرة التصدى للهجوم الغربى علينا فيمكن تخليص هذه الفكرة بأمرين:
الأمر الأول: لابد من تفوق الجهاز الإعلامى الإسلامى، فلابد من إعادة النظر فى الجهاز الإعلامى الإسلامى وتمكين المخلصين فى بلاد المسلمين من الدارسين من التصدى فى وسائل الإعلام ما به تغير النظرة العالمية للإسلام والمسلمين.
الأمر الثانى: هو التفوق العلمى لأن الناس ينظرون إلى المتفوق علميًا نظرة إبهار ونظرة إعجاب ويأخذون منه ويصدرون عنه، والآليتان التفوق الإعلامى والتفوق العلمى تلقى التبعية والمسؤولية فيهما على حكام العرب والمسلمين لأن بيدهم رفع مستوى الإعلام ورفع مستوى التعليم، لأن الأفراد والشعوب لا تستطيع إنجاح هذه الآلية إنما الذى يستطيع هم الحكام، ونناشد الحكام الاهتمام بهذا الأمر حتى ننتشر عالميًا وتنتشر مبادئ الإسلام بلغات الدنيا كلها وبأجهزة يتقبلها المواطن فى جميع أنحاء العالم.
ثلاثى مدمر
العلمانية، الاستشراق، التنصير ثلاثى خطر فى مواجهة الإسلام وهناك الصهيونية خطر جديد يمكن أن نضيفه إليهم، كيف نتصدى لتلك الأخطار؟
- بدلاً من إضافة الصهيونية إلى هذا الثلاثى الذى ذكرته، الصحيح هو إضافة هذا الثلاثى إلى الصهيونية، لأن الصهيونية هى أم هذه الخبائث، فالاستشراق والعلمانية والتنصير وسائل صهيونية للنيل من الإسلام وهدمه وتدميره والسيطرة على البلاد الإسلامية. ومن المؤكد أن الاهتمام بالإعلام الإسلامى والتقدم العلمى والتعليم سوف يحبط هذا الثالوث ومن خلفه الصهاينة وإلا فإن هؤلاء يستغلون عجز الإعلام الإسلامى والإعلام العربى ويستغلون جهل الناس بمبادئ الإسلام فى عملهم وإنجاح هذا العمل ويستغلون أيضًا جهل المسلمين كما يحدث من التنصير فى أفريقيا وكما يحدث من المستشرقين فى وسط المثقفين فى غسل المثقفين أو من يسمون أنفسهم بالتنويريين فى العالم العربى والإسلامى.
إنما وضوح مبادئ الدين الإسلامى سوف يحبط مخططات هؤلاء تمامًا فالقوة والقهر لا يفلح مع هؤلاء وإنما التصدى لهم بمثل ما يفعلون وبنفس الوسائل المستخدمة، هم يحاولون غسل أدمغة الناس فلنملأ نحن أدمغة الناس بالخير، هم يحاولون التأثير على عقول المثقفين فنحاول أن نملأ نحن عقول المثقفين بالخير، هم يحاولون تنصير الناس فى أفريقيا، فى آسيا ويضعون الصليب كشعار لهم على خريطة آسيا الذى يبعدهم عن هذا الغرب نشاطنا نحن، إنما نحن للأسف فى غفلة وفى كسل ونحن بين رجل مشغول بلذاته ورجل مشغول بماله وجهلنا ديننا تمامًا ولذلك يعمل هؤلاء فى غفلة منا.
ولو رجع المسلمون إلى دينهم وتقوى المسلمون بمبادئ دينهم بمساعدة الحكام وهيمنتهم فلن ينجح هذا الثالوث ومن وراءه، وإلا فإن الصهاينة وراء كل خبث ووراء كل فساد فى العالم أجمع.
نقل الأرحام
تأجير الأرحام، نقل الأعضاء، قضايا حديثة اختلف حولها العلماء ما بين مؤيد ومعارض، كيف ترى ذلك ؟
- قضية الأرحام ليس حولها خلاف أولاً، أثارها واحد من الناس وهاجمه الجميع، وأصدر فيها مجمع البحوث الإسلامية فتوى بقرار أنهى هذا الإشكال، وذلك لا خلاف حولها، إنما كان رأيًا شخصيًا وصدرت كتب كثيرة ضد هذه الفكرة، وكما قلت أبرزها فتوى مجمع البحوث الإسلامية.
أما نقل الأعضاء فهذه قضية مختلف فيها ونوقشت أيضًا كثيرًا بين الأطباء وبين العلماء ونقول باختصار إن الشريعة تدور حيث تدور مصلحة الناس، فما فيه مصلحة للناس بضوابط شرعية وبدون مخالفة لمعلوم من الدين بالضرورة ودون إيذاء للأحياء والأموات لا مانع فيه إطلاقًا. حرية الفكر
أصبح التطاول على الإسلام وسيلة سهلة لتحقيق الشهرة، وذلك تحت دعوى حرية الفكر والرأى كيف يمكن التصدى لمثل هذا العبث، وماذا عن حرية الفكر فى الإسلام ؟
- أنا أرى أن التطاول على الإسلام فيه شىء طيب للإسلام، ولذلك لا نخاف ولا نجزع فالإسلام دين الله هو الذى سوف يصونه، وفى هذا الأمر نقول كما قال الشاعر:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود
هؤلاء الناس عندما يريدون تحقيق شهرة يسعون إلى التطاول إلى شىء مهم جدًا مثل الإسلام، وطعنهم فى الإسلام أو بعض مبادئه يفيد الإسلام ولا يضره حيث يحقق لهذا الطعن شهرة لهذه المبادئ المطعون فيها والتى ربما يكون قد جهلها البعض.
المشكلة الوحيدة أن هؤلاء الناس يقرأ أفكارهم بعض من لا يعرف عن الإسلام شيئًا، وهنا نلقى باللوم على العلماء الذين عليهم نشر هذا الدين ومبادئه وتبسيطه وتيسيره وتقديمه للناس بصورة سلسة حتى نقطع الطريق أمام هؤلاء.
والدعاوى كثيرة منذ بدء الإسلام إلى وقتنا هذا وقد يراها مسيلمة الكذاب والآن على درب مسيلمة الكذاب يسيرون وإلى يوم الدين وسوف يظل كل من يبغى شهرة يتطاول على الإسلام سواء على القرآن أو على أحاديث النبى (صلى الله عليه وسلم).
والغريب أن هذه المسائل كثرت بعد سلمان رشدى لأنهم وجدوا أن سلمان رشدى حقق شهرة عالمية من خلال تطاوله على الإسلام وسار المغمورون على دربه فى محاولة للبحث عن الشهرة ولكن سرعان ما يتساقطون، وهذه المسألة توضح لنا أن هناك حرية فى الإسلام، أنا شخصيًا أطالب أن يترك لكل إنسان يقول ما يقول وعلينا أن ننشر ما يقال الصواب والله يهدى إلى سواء السبيل، إنما إذا أنكر الذى يهاجم الإسلام معلومات من الدين بالضرورة فهو فى حكم المرتد أما إذا هاجم ولم ينكر فليقل ما يشاء، وعلى العلماء ألا يثوروا وإنما عليهم تقديم الدين بطريقة أنقى وأفضل وعلى وسائل الإعلام التى سمحت بنشر المبادئ الفاسدة أن تفسح المجال لعلماء الإسلام لنشر المبادئ الصحيحة.
وعن حرية الفكر والرأى فى الإسلام فنقول : إن الإسلام يبيح حرية الفكر إلى أبعد مدى فلو تفحصنا كتاب الله سبحانه وتعالى لوجدنا آيات كثيرة توضح هذا المعنى لوجدنا أول آية نزلت فى القرآن تقول: (اقرأ باسم ربك الذى خلق)، والقراءة وسيلة إلى الفكر وإلى فتح مجالات الفكر وإلى حرية التعبير وإلى حرية الكلمة وإلى حرية الرأى.
لكن بشرط ألا ينكر هؤلاء معلومات من الدين بالضرورة وألا يفسدوا على الناس دينهم.
حوار الأديان
الحوار بين الأديان، التقريب بين المذاهب، دعوات جديدة ظهرت على الساحة، ماذا عن وجهة نظركم فى هذه الأمور وهل يمكن أن نصل إلى نقطة لقاء بين الأديان والمذاهب ؟
- هناك فرق بين التقريب بين المذاهب والحوار بين الأديان، أولاً: التقريب بين المذاهب: ماذا يراد بالمذاهب ؟ هل هى مذاهب داخل الدين الإسلامى أم مذاهب فكرية بشرية وضعية ؟ والإسلام كمذهب، لو قلنا الإسلام كمذهب والأفكار البشرية كمذاهب فقد أخطأنا لأنه لا يسوى بين الإسلام وبين المذاهب الفكرية، الإسلام شرع ودين والمذاهب الفكرية اجتهاد من أهلها، ولا يسوى بين ذلك، وإنما إذا قلنا التقريب بين مذهب الشيعة وأهل السنة والمعتزلة ... إلخ، لا مانع أبدًا أن نقرب بينهما لأن هناك مساحات اتفاق ومساحات اختلاف فلو اتفقنا كما قال العقلاء من هذه الأمة، "فلنجتمع على ما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه "لو اجتمعنا على كلمة سواء فى مساحة من الاتفاق بيننا حتى نكون صفًا واحدًا ويعذر كل منا الآخر فيما اختلفنا فيه لا مانع، هذا هو التقريب بين المذاهب.
أما الحوار بين الأديان، فالحوار بين الأديان من أجل أن ننشئ دينًا جديدًا كما يحاول البوذيون أو كما يحاول اليهود أو كما يحاول كرادلة النصارى وأساقفتهم أو كما يحاول الخبثاء، فلا دين إلا الإسلام وذلك فى قوله الله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه)، لكن إذا كان الحوار حتى تتفق الشعوب وتتفق الأمم على ما كان من دين الله قبل الخلاف وعلى الأصول الواحدة من الإيمان بالله الواحد والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالرسل وبالكتب السماوية ككل (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين لا تتفرقوا فيه)، فلو كان الحوار حتى يكون بيننا مساحة من الود ومساحة من الاتفاق على أن نكون جميعًا اتباعًا لله سبحانه وتعالى وعبيدًا له وقدر مشترك من الإنسانية نتعامل فى إطاره ولكل دين ما يدعو إليه من مبادئ وتشريعات، فلا مانع فى ذلك، وإنما كمحاولة للتمييع أو لخلق دين أو هيمنة دين على آخر، حتى ولو كان الإسلام بالقهر، فلا ، إنما بالإقناع، نريد حوارًا متعقلاً بين عقلاء يصلون إلى مساحة من الود والاتفاق.
ولكن هناك عدة اجتماعات عقدت ولم تصل إلى نتيجة ؟
- ربما كان ذلك لأن الداعين إلى هذه الحوارات مشكوك فيهم والدعوة دعوة غربية وقد يكون وراءها اليهود.
الخطاب الدينى فشل فى الوصول إلى لجمهور، بعد أن تضاربت الآراء، واختلفت الفتاوى، هل توافقنى على هذا الرأى؟ وهل يمكن أن توحد جهة الفتوى فى العالم الإسلامى ؟
- الخلاف بين العلماء ظاهرة صحية وليست ظاهرة مرضية فالخلاف هنا فى الفروع وليس الأصول، وهذه من عظمة الإسلام وهذا الدين دين خاتم، ولو لم توجد فيه مساحة للفروق والاختلاف فى الفتوى بحسب اختلاف المكان والأزمان واختلاف حاجات الناس واختلاف القضايا لكان دينًا جامدًا، إنما ديننا دين فيه يسر وفيه مرونة وفيه رخص ومن هنا اختلفت الفتوى والجمهور لا يفهم معنى اختلاف الفتوى. لكن أقول وأنا معك أن الخطاب الشرعى فشل فى الوصول إلى الجماهير وأصبح غير مواكب لتطورات العصر، وللأسف قد يكون وراء هذا عوامل كثيرة منها عجز العلماء وانشغالهم بقضايا خاصة، ومنها فشل المؤسسات التعليمية فى تخريج العالم العصرى المتفقه الميسر، لكن ليس ذلك على الإطلاق فلدينا من المجتهدين والعلماء من نجحوا فى الخطاب الشرعى فى الوصول إلى العالمية مثل الدكتور يوسف القرضاوى والشيخ الغزالى رحمه الله.
وندعو إلى العمل على إنجاح الخطاب الشرعى فى الوصول إلى الجمهور ومستوى العالمية وذلك عن طريق أجهزة الإعلام التى عليها أن تقدم العلماء المتخصصين وهناك الكثير من العلماء الذين لو تم تقديمهم عن طريق وسائل الإعلام لنجحوا فى الوصول بالخطاب الشرعى إلى درجة كبيرة من الرقى.
وأما عن توحيد جهة الفتوى فإنه مطلب طيب وهناك محاولة من مجمع البحوث الإسلامية فى مصر، خاصة أن هذا المجمع يضم فئة من كبار العلماء من أنحاء الدول الإسلامية ومن مختلف المذاهب، وهناك محاولة من رابطة العالم الإسلامى، وهناك محاولة من المجمع الفقهى فى الكويت، لكن الناس ليس عندها العلم فى الوصول إلى هذه الأماكن حتى أنهم يسألون من ليس هو أهل للفتوى، قد ترى الرجل يتساهل ويسأل فى أمور دينه شيخ مسجد أو مقيم شعائر ولو جهته إلى مجمع البحوث أو لجنة الفتوى لا يذهب إنما هو يستسهل السؤال لمن هو أقرب منه، وهذه توجد مشاكل بالفتوى وتعود بالملامة على العلماء.
ومن هنا أقول إنه لو حدث اتفاق بين الدول الإسلامية على مجمع فقهى واحد لإصدار الفتاوى لكان خيرًا للأمة الإسلامية. |