(أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المربي إلى الترهيب، وأن الطفل الذي يتسامح معه والداه يستمر في إزعاجهما والعقاب يصحح السلوك والأخلاق، والترهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة الغضب والعتاب, وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس والحرمان من الجماعة، أو الحرمان المادي والضرب وهو آخر درجاته.
ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطفل قدر الإمكان، وإن كان لابد منه ففي السن التي يميز فيها، ويعرف مغزى العقاب وسببه) [كيف تربي ولدك؟ ليلى بنت عبد الرحمن الجريبة, ص(51-52)].
وللترهيب ضوابط منها:
أن الخطأ إذا حدث أول مرة فلا يعاقب الطفل، بل يُعلَّم ويوجه.
يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها، وإفهام الطفل خطأ سلوكه؛ لأنه ربما ينسى ما فعل إذا تأخرت العقوبة.
إذا كان خطأ الطفل ظاهرًا أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم؛ لأن ذلك سيحقق وظيفة تربوية للأسرة كلها.
إذا كانت العقوبة هي الضرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد، وأن يتجنب الضرب على الرأس أو الصدر أو الوجه أو البطن، وأن تكون العصا غير غليظة ومعتدلة الرطوبة، وأن يكون الضرب من واحدة إلى ثلاث إذا كان دون البلوغ، ويفرقها فلا تكون في محل واحد، وإذا ذكر الطفل ربه واستغاث به فيجب إيقاف الضرب؛ لأنه بذلك يغرس في نفس الطفل تعظيم الله.
ويجب أن يتولى المربي الضرب بنفسه؛ حتى لا يحقد بعضهم على بعض.
ألا يعاقبه حال الغضب؛ لأنه قد يزيد في العقاب.
أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ، ويكفي بيان ذلك.
ولابد أن يعرف المربي (أن العقاب هو آخر وسيلة للتربية، إن لم ينفع مع الطفل الموعظة والتوجيه والإرشاد والملاطفة والاقتداء؛ فيكون العقاب بعد ذلك, ولكن العقاب درجات وليس الضرب وحده هو وسيلة العقاب، بل إنه قد لا يجدي في بعض الأحيان، أو يأتي بنتيجة عكسية, ومن وسائل العقاب:
1. النظرة الحادة:
وهي تردع بعض الأطفال ويبكون منها أحيانًا.
2. الهمهمة:
وهي صوت يخرج من الحنجرة، يدل على الإنكار، وينبه الطفل إلى ما وقع أو سيقع منه.
3. الإهمال:
وهو عكس إظهار الاهتمام، فإذا أخطأ الطفل وأردت أن تعاقبه، فيمكن أن تدخل وتسلم، ولا تخصه بالتحية، ولا تسأل عما فعل اليوم كما كنت تسأل, وإذا حدَّثك فَأدِر وجهك للجانب الآخر، وهكذا حتى يشعر بخطئه, وحينئذ أَسرِع ببيان خطئه، ولا تتمادى في إهماله؛ لأن دورك التعليم وليس التعنيف.
4. الحرمان:
من مصروف أو نزهة أو أي شيء يحبه الطفل: كالدراجة، أو الكمبيوتر، أو التلفزيون، أو ألعابه الخاصة، أو زيارة زملائه وأقاربه، وغير ذلك.
5. الهجر والخصام:
على ألا يزيد على ثلاثة أيام، وأن يرجع عنه مباشرة عندما يعترف الطفل بخطئه، أو صحح ما أخطأ فيه، أو أظهر ندمًا على ما فعل.
6. التهديد:
بشرط أن ينفذ إن تهاون الطفل, وأيضًا لا تهدد ثم تنفذ قبل إمهاله فرصة للرجوع والتصحيح.
7. شد الأذن:
وذلك كنوع من التمهيد للضرب، فشد الأذن أول جرعات الإيلام.
8. الضرب:
وآخر الدواء الكي، فلا يكون الضرب إلا بعد استنفاد أساليب التربية جميعها، ووسائل العقاب كلها, فإن لم ينفع كل ذلك، وكان الطفل مميزًا يُستخدم أسلوب الضرب؛ لأن غير المميزين بين الصواب والخطأ لا يضرب؛ لأنه لا يدرك خطأه وبالتالي لا يُجدِي معه الضرب، بل سيأتي معه غالبًا بنتيجة عكسية؛ كأن يتعود عليه ويألفه، أو يصاب بالكبت والإحباط، أو الخوف والتبول اللاإرادي أو الانطواء، وغير ذلك من أمراض نفسية, وكذلك لا يُضرب الطفل قبل سن العاشرة الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا اضطررنا للضرب في سن التمييز، فهناك أشياء يجب مراعاتها، وهي:
· الضرب للتأديب كالملح للطعام لا يزيد ولا ينقص.
· لا تضرب بعد وعدك بعدم الضرب؛ لئلا يفقد الثقة فيك.
· مراعاة حالة الطفل المخطئ وسبب الخطأ.
· لا يضرب الطفل على أمر صعب التحقق؛ (لأنه لم يحصل على الدرجة النهائية مثلاً).
· يعطى الفرصة إذا كان الخطأ للمرة الأولى.
· لا يضرب أمام من يحبه.
· اضربه بنفسك ولا تتركه لغيرك، خاصة إخوته وزملاءه.
· لا يضرب في مكان واحد.
· لا يضرب في الأماكن المؤذية كالوجه والبطن والصدر.
· لا يضرب بالحذاء أو النعل.
· الامتناع عن الضرب فورًا، إن أصر الطفل على خطئه ولم ينفع الضرب.
· عدم الضرب أثناء الغضب الشديد.
· عدم الانفعال أثناء الضرب.
· عدد الضربات لا يزيد على عشر ضربات ويُفضَّل أن يكون ثلاثًا.
· لا ترفع يديك أكثر من اللازم لئلا يتضاعف الألم.
· أن يكون بين الضربة والأخرى زمن لتخفيف الألم.
· العصا تكون متوسطة الطول والغلظة، وألا تكون دقيقة جدًّا أو صلبة أو جافة أو بها سلك أو مسمار.
· نسيان أو تناسي الذنب بعد الضرب، وعدم تذكير الطفل به.
· لا تأمر الطفل بعدم البكاء أثناء وبعد الضرب.
· عدم إرغام الطفل على الاعتذار بعد الضرب، وقبل أن يهدأ؛ لأن فيه إذلالاً ومهانة.
· أشعره أنك عاقبته لمصلحته، وابتسم في وجهه، وحاول أن تنسيه الضرب) [فن تربية الأولاد في الإسلام, محمد سعيد مرسي, ص(112-114)].
مع الحزم ننجح:
لن نشجع أطفالنا على التمادي في الخطأ، وسنقول: لا في وقتها المناسب.
إن الطفل الذي قد اعتاد أن كل ما هو مرغوب مجاب, سيواجه مشكلة عندما نمنع عنه شيئًا يومًا من الأيام، أو عندما يحتاج أن يعطي الدور لزميله، أو يكتفي بنصيبه من الكعكة أو من الحلوى, فإذا عوَّدناه ذلك ثم منعنا من شيئًا بعد التدليل سوف يأخذ سلوكًا عدوانيًّا لمواجهة هذا التغيير في النمط من المعاملة؛ ولذلك كان لابد لنا كي نتجنب هذا السلوك العدواني الناتج عن التدليل أن نستخدم أسلوك الحزم في التربية، وأن نتعلم أن نقول للطفل كلمة: لا.
(إن الحزم صفة لازمة للمربي لا يمكن الاستغناء عنها، وبها يستطيع المربي أن يقول: "لا" لأطفاله في الوقت المناسب، وهو يعنيها, وبالحزم يكون جادًّا عند الخطأ المتعمد، والمتكرر من الطفل؛ كي يعلمه أن المزاح ينبغي ألا يصحبنا في كل الأمور.
وبالحزم يضع القواعد التربوية اللازمة داخل البيت، ولجميع أفراد العائلة، وبالحزم يدرك الفرق بين الحرية التي لا حدود لها وبين الحرية القانونية، والتي معيارها احترام القواعد والمبادئ والقيم.
إننا نتحدث عن الحزم الإيجابي الهادف، ولا نقصد التجهم والغضب والإيذاء, وهناك آباء لا يستطيعون أن يقولوا كلمة: "لا"، هم يشعرون بأنهم سيفقدون استحسان وحب أطفالهم لهم، أو ببساطة يستسلمون من أجل ضمان حياة سلسة.
ولكن الأطفال يحترمون الآباء الذين يضعون لهم قواعد وحدودًا، ويشعرون بالأمن والاطمئنان في ظلها, جميع الأطفال في حاجة إلى أن يعملوا في إطار نظام صحي للتربية والتأديب، ويشعرون في ظله بالأمن، ويعرفون ما لهم وما عليهم، والبديل أمر مخيف ومرعب؛ فالفشل في قول كلمة: "لا" في الوقت المناسب الملائم يعني آباء متهاونين أو مهملين، وبالطبع لا أحد يقبل أن يتصف بهذه الصفة) [أحسن مربي في العالم, محمد سعيد مرسي, ص( 295)].
تعليم الطفل الطيبة عمليًّا يُجنِّبه تقليد الأقران:
(إن طفلك يكتسب جل خبرته ومعلوماته في الطيبة وحسن الخلق، من مراقبة سلوكك أنت, كيف كنت في الآونة الأخيرة؟ ما هي القدوة التي جسدتها له؟ إن كنت تريد أن يكون ابنك طيبًا في كل مرة تكون فيها سويًّا يجب أن تبدي سلوكًا طيبًا.
وهناك العديد من الفرص اليومية، مثل: العناية بابن صديق لك, أو الاتصال بصديق يمر بضائقة, أو جمع المهملات, أو التهدئة من روع طفل, أو السؤال عن أحوال الآخرين, أو إعداد البسكويت لأفراد العائلة, أو التحدث بحساسية وحب عن الآخرين بشكل دائم, بعدما تمارس هذا السلوك الطيب يجب أن تحرص على إخبار ابنك بمدى ما يشعرك به ذلك من سعادة.
إن رؤيتك للطيبة والممارسات الطيبة الدمثة من خلال الأعمال والأفعال اليومية, وتركيزك على مدى كيفية تأثير هذا السلوك الطيب على نفسك وإشعارك بالسعادة؛ سوف يجعل ابنك أكثر ميلاً إلى الاقتداء بك, وكما يقول المثل القديم: إن الطفل يتعلم مما يعايشه, فإنها بالفعل مقولة صادقة إلى حد كبير) [لا تعاملني بهذا الأسلوب, د.ميشيلي بوربا, ص(142-143)].
إن الطفل يرى في كل مكان نماذج العدوانية, ويشاهد أقرانه في المدرسة، وفي الشارع، وفي الأسرة، الذين يمارسون السلوكيات العدوانية, وإذا لم تقم أنت بتوجيهه نحو السلوك القويم وتقبيح السلوك السيئ له؛ فسيسير وراء أقرانه يُقلِّدهم في كل أفعالهم.
كيف تجنب طفلك الوقوع في الخطأ؟
أ. ساعد طفلك على استشعار الطيبة عمليًّا:
(إن أفضل طريقة لمساعدة ابنك على إدراك قيمة وقوة الطيبة ليس الكلام عنها أو القراءة عنها؛ وإنما تجربتها عمليًّا, فكِّر في أداء بعض الأعمال التطوعية بصحبة كل أفراد الأسرة, الكثير من العائلات في كل مكان تسعى للمشاركة والإسهام في الأعمال الخيرية التطوعية لكي تجعل عالمنا أفضل, إن الطفل من خلال مراقبته للقدوة المتمثلة في أهله سوف يكتسب حس الاهتمام بالآخرين، وسوف يدرك قيمة المحبة والتعاطف والاكتراث.
وجد أحد الباحثين أن شرح الطرق المحددة، التي يؤثر بها العمل الطيب إيجابيًّا على الآخرين للطفل يكون فاعلاً في تغذية وغرس هذا الشعور لديه, يجب إذًا أن تبحث عن سلوكيات يمارسها ابنك بشكل طبيعي أثناء اليوم، وتحرص على استخدامها كفرص ممتازة لمناقشة مدى تأثير تصرفاته على المتلقي, والاستراتيجية التالية سوف تساعد الأبناء على التعرف على الأفعال الطيبة، التي قاموا بها ومدى تأثيرها على الآخرين، وإحداثها لأثر إيجابي:
· تعرف على الطيبة كلما بدرت كلمة أو فعل طيب أمامك.
· أشر إلى الفعل الطيب ووقعه، وكيف أنه أحدث فارقًا لدى المتلقي، مثال: لقد كنت طيبًا عندما ساعدت فلان في ارتداء حقيبة ظهره.
· لقد رأيت كيف كان أخوك غاضبًا بسبب تصرفات هؤلاء الصبية الذين أثاروا حنقه.
ب. ساعد طفلك على التعاطف مع مشاعر الضحية:
ما لم يتعلم الطفل التفكير في مشاعر الآخرين واحتياجاتهم، واستشعار مدى ما يشعرون به من أذى وجرح بسبب تصرفاته؛ فإنه سوف يواصل سلوكه على الأرجح, وإليك بعض الأسئلة التي سوف تساعد الأطفال على التفكير في تأثير تصرفاتهم المشينة على مشاعر الضحية:
· هل رأيت، كيف كانت مستاءة؟ هل رأيت تأثير تصرفك عليها؟
· هل رأيت لقد أحرجتها, ما الذي يجب أن تقوله لها الآن؟!
· كيف سيكون حالك إن قال لك أحدهم ما قلته أنت؟
جـ. اطلب من ابنك أن يصلح ما يفسده:
وجد البحث الذي قام به "مارتن هوفمان" أن الأهل الذين يلتفتون إلى الأذى الذي أحدثه ابنهم ويشجعونه على إصلاح ما أفسده، يعملون بالفعل على دعم شعور الطيبة لدى الابن, كما أنه من الضروري للغاية أيضًا أن يتعلم الطفل أنه بالرغم من أنه أساء؛ فإن هذه الإساءة يمكن تداركها, وأنه يمكن أن يخفَّف من الألم والأذى الذي تسبب فيه للطرف الآخر من خلال بعض الأفعال الطيبة) [لا تعاملني بهذا الأسلوب, د.ميشيلي بوربا, ص(146-152)]. ========== المصادر:
· لا تعاملني بهذا الأسلوب, د.ميشيلي بوربا.
· أحسن مربي في العالم, محمد سعيد مرسي.
· كيف تربي ولدك؟ ليلى بنت عبد الرحمن الجريبة.
· فن تربية الأولاد في الإسلام, محمد سعيد مرسي. ==========
</TD></TR></TABLE>
_________________
أشرف على
admin
عدد المساهمات : 27639 نقاط : 60776 تاريخ التسجيل : 04/09/2009 الموقع : http://elawa2l.com/vb