سلسلة قصص الأطفال : قصة الضب والسلحفاة
وقف الضب فوق سياج الكرم الحجري،وهز رأسه كعادته
وتظاهر بالبهجة، وقال: أنا غني جداً، أغنى أغنياء هذه الناحية
سمعته السلحفاة الباحثة عن طعامها، فتوقفت
وسألته: إن كنت غنياً فأين ثروتك، وكيف جمعتها
فقال الضب متابعاً هز رأسه: في مكان ما، وقد جمعتها بالكد والحيلة
وهز ضب آخر على السياج رأسه، وقال: صحيح وثروته في مكان ما
قالت السلحفاة: إن كانت ثروتك كبيرة كما تدعي، فلماذا لا توزع قسماً منها على المحتاجين
قال الضب المتباهي، في وقت لاحق، وهز زميله الآخر رأسه وكرر العبارة نفسها..
ابتسمت السلحفاة ساخرة من هذين الضبين الأحمقين، وأرادت أن تتابع سيرها، لكنها سألت الضب الأول قائلة
لم أرك تقوم بأي عمل، فكيف استطعت أن تجمع ثروة كبيرة؟.. فرد الضب محتجاً: أنا أعمل كثيراً
أليس هز الرأس عملاً؟.. والوقوف في الشمس والقفز فوق سياج الكروم أليس عملاً؟
قالت السلحفاة: لو كان هز الرأس والقفز فوق حيطان الكروم يكسب ثروة لما بقي محتاج
واحد في هذا الكون، ثم أضافت: أنا جارتك منذ زمن
ولم يظهر لي أنك صاحب ثروة
قال الضب: انظري إلى تلك الجبال العالية، أترينها؟ إنها لي، وسأبيعها وأغدو غنياً جداً، وإن كنت
تملكين منزلاً كبيراً أيتها السلحفاة فسأعينك على بيعه، وتصبحين غنية مثلي
قالت السلحفاة: ليس الغني من يبيع أرضه وبيته، ولن يكون غنياً في أي يوم
قال الضب: لا تضيعي هذه الفرصة فلن تتكرر كثيراً
سلسلة الأطفال الضب والسلحفاة
قالت السلحفاة: من أين أتتك هذه البراعة في التجارة
فمنذ عرفتك لم أرك إلا مكتفياً بقشور الثمار اليابسة
غضب الضب وقال: أنت لا تقدرين براعتي يا سلحفاة، وأضاف: ربما كانت إقامتك
الطويلة في جحرك، أو داخل درعك
لا تسعفك على تمييز ما يجري حولك
رأت السلحفاة أخيراً أنها تضيع وقتها، وأن تبجح الضب وأقواله المؤيدة من ضب مثله لن تنتهي
فتابعت رحلتها للبحث عن طعامها، لكن الضب ناداها قائلاً: فكري جيداً بما قلته لك، وأجيبي بسرعة.
قالت السلحفاة: امضِ أنت وأحلامك، وصفقاتك وفرصك
أما أنا فسأمضي إلى عملي، لأنه الحقيقة الوحيدة التي أعرفها..
قال الضب: ستظلين جائعة وحمقاء، لا يكترث بك أحد
فأجابت السلحفاة ساخرة: أخشى أن يؤدي بك هز رأسك وادعاؤك إلى انهيار الجدار تحتك
وإني أفضل أن أبقى داخل جحري، على أن أسمع خطاباتك ومشروعاتك الفارغة
استمر الضب في هز رأسه، وحاول أن يقفز فوق السياج الحجري، فسقط حجر منه، واختل توازنه فوقع على الأرض
وشعر بدوار شديد، لكنه تماسك، وتذكر عبارات السلحفاة الصائبة، فنادى بصوت مستنجد: أين أنت أيتها السلحفاة
توقفي، ساعديني، يا جارتي الحكيمة، أشيري علي وأوجدي لي عملاً نافعاً
لكن الضب الآخر هز رأسه، وقال: ما أغرب الدنيا! غني، ويطلب المساعدة والمشورة من سلحفاة ضعيفة
أعتقد أنه أحمق وليس غنياً، ويحتمل أن تكون عادات هز الرأس والتبجح
والقفز فوق حيطان الكروم قد أخذها عن ضب كسول آخر
سمعت السلحفاة عبارات الضبين، وأرادت أن تهز رأسها، لكنها لم تفعل واكتفت بالابتسام
وتساءلت ماذا يحل بالكون إذا استمر عدد الحمقى في التزايد؟.. ثم مضت إلى عملها دون أن تلتفت