يحكى أن النملة الملكة، لا يشغلها شئ في هذا العالم، سوى حل المشاكل التي يمكن أن تعترض أفراد مملكتها..
بانت حكمتها التي ورثتها عن الأجداد، خلال رحلتها اليومية معهم، بحثا عن الطعام. كانت تبدأ الرحلة بإعلان تعليماتها الصارمة:
"احرصوا دائما بتحاشي ظل الكائنات والأشياء"
وتلك هي حكمة ملكة مملكة النمل.. بينما تكون في مقدمة طابور نمل القبيلة، لذلك فإنها لا تنقض على الوجبة الثمينة لحشرة نافقة أو دودة هلكت, إلا في ضوء الشمس.
خبرة الأيام علمتها أسرار الظل كلها!
أكثر ما تخشاه ظلا يتحرك, أما ظل الشجرة الباسقة والأعشاب الواطئة.. لا تعيرها اهتماما.
وبينما يخشى طابور النمل خلفها ظل الصخور والحصى الصغيرة وكأنها لجبل.. ترشدهم بثقة العارف المحنك، فيشعرون بالاطمئنان والسلام.
إلا ما حدث ذات يوم..
نالت منها الحيرة, إذا بالظل والنور يتبادلان فوق الجميع..
كان القرد الشرس يتقافز في الهواء, وعلى الأرض، ولا ظل ثابت له على الأرض, فهرس من أفراد القبيلة الكثير, وتشتت الطابور الطويل.
فور أن تجاوزت الملكة أرض المعركة, واستقرت في بقعة ضوء ناصعة.
وقفت, ثم نظرت إلى بقايا أفراد المملكة, صاحت قائلة:
"أقبلوا.. هنا نور الشمس من غير ظل"!
فلما تجمعوا وصنعوا معا بقعة ظل على الأرض, اطمأنت قليلا.
يقول الراوي أن أصغر النمل طلبت الكلمة.. صرخت تعلل سر ما حدث قائلة:
"لأن النمل بلا ظل, حتى النملة الملكة.. لذا لا تخشانا الكائنات كلها"
ومنذ ذلك الزمن البعيد, لا يرى الرائي أفراد المملكة، إلا والملكة على قمة طابور النمل المتراصة فوق بعضها البعض.. تصنع ظلا.
عاد وأكد الراوي يقول:
"بعد تلك الواقعة, لم تهرسها أقدام الكائنات أبدا .....
ربما بسبب ظلهم السائر إلى جوارهم دوما, أو لأن عيون الملكة ما عادت ترشدهم وحدها.. شاركتها عيون النمل كله!!