ان العالم اليوم يموج بالنظريات التربوية المتباينة ورغم زخم تلك النظريات إلا النشاط المدرسي يحتل مكانة مرموقة في سلم البرامج والمقررات التربوية والتعليمية.. لذلك لابد من تحصين الذاتية الروحية والثقافية والحضارية والقيمية من سلبيات العولمة وآثارها الآنية أو المستقبلية.. فأهمية الأنشطة المدرسية لاتقل شأناً عن أهمية المناهج التعليمية.. فمفهوم وظيفة المدرسة اليوم لايقتصر على التعليم والتعلم فقط بل مفهومها أوسع وأشمل من ذلك لأن التربية تستهدف في المقام الأول تحقيق النمو الأمثل والأفضل للطفل من جميع النواحي جسمياً وذهنياً ووجدانياً وروحياً ونفسياً وخلقياً.. كل هذا يصب في بوتقة تكوين شخصية متزنةومتكاملة قادرة على العطاء والإبداع..
ولن يتحقق هذا إلا بتوافر برامج تربوية ناجحة ودعم مادي لتلك الأنشطة المدرسية من مسرح مفتوح ورياضة متنوعة وشاملة واشغال فنية ويدوية ورحلات تعليمية وترفيهية ومعارض ثقافية وعينية واقامة مخيمات صيفية هادفة ومبرمجة يسهم فيها القطاع الخاص بنصيب وافر حتى نستطيع تحقيق اهداف تلك البرامج والمقررات اللاصفية بنجاح متواصل لإيجاد شباب وجيل قادر على تحمل المسؤولية والأمانة بروح عالية وهمة وثابة وارادة صلبة لاتلين ولاتستكين أمام التحديات والعقبات.
فقد أثبت خبراء التربية بأن النشاط المدرسي خارج الفصل يلعب دوراً فاعلاً وكبيراً في تكوين شخصية الفرد خاصة في المجال التربوي والسلوكي والقيمي.. ومن أهم اهداف النشاط المدرسي:
- اشباع الميول والرغبات النفسية والوجدانية للطالب والطالبة.. لأننا إذا لم نشبع تلك الرغبات بالبرامج المفيدة والفعاليات المتنوعة والأنشطة المختلفة فإنهم سوف يشغلون انفسهم بالمعاصي واقتراف الآثام والجرائم وحينها لاينفع الندم.
- غرس قيم وموروثات حضارية واجتماعية وروحية سامية.. فالمدرسة ليست وظيفتها التلقين للمعلومات.. واكمال المناهج المقررة.. والاختبارات نهاية العام الدراسي.. بل توفيرالمناخ التربوي الحقيقي الذي يتيح للطالب والطالبة اشباع رغباتهم النفسية والوجدانية والروحية والبدنية.. الى أقصى حد ممكن لايجاد مجتمع صالح وسليم.
- يتعلم الطالب والطالبة من خلال تلك الانشطة المتنوعة أشياء جديدة ومفيدة كالحرية في التفكير وفي القول وفي العمل وفي اتخاذ القرار المناسب.. والى تقوية أواصر العلاقات بين الطلبة من وئام وتعاون وتعاطف وديمقراطية في النقاش والحوار واحترام آراء الآخرين دون عسف أو إكراه.
- عند ممارسة الطالب لتلك الأنشطة المدرسية يتعلم بالممارسة والتجربة وتصقل مواهبه وهواياته أثناء الاحتكاك العملي مع زملائه ممايكسبهم خبرات جديدة وتجارب تربوية ومهنية وعلمية تساعدهم في حياتهم المستقبلية..
- تجعل الطالب أكثر قرباً وتعلقاً وحباً لمدرسته ومعلميه.. وأكثر قابلية لمواجهة المواقف التعليمية والتربوية بروح عالية وعزيمة قوية تضطلع الى بناء مستقبل مملوء بالحيوية والنشاط والهمة العالية من أجل بناء الوطن أرضاً وانساناً.
- تهيئ تلك الأنشطة للطالب مواقف تعليمية متباينة شبيهة بمواقف الحياة ان لم تكن مماثلة لها مماتترتب عليه سهولة التعلم والاقبال عليه بصورة فاعلة تسهم في الإرتقاء بمستوى نضجهم وقدراتهم ومهاراتهم وامكاناتهم التي ينبغي مراعاتها عند اختيار أوجه النشاط المناسب الملائم للأعمار والمرحلة الدراسية.
هذه الصورة مختصرة عن أهمية الأنشطة المدرسية وفوائدها وعلاقتها بحياة وميول ورغبات النشء.. وكما نعلم جميعاً أن المناهج الدراسية وحدها ليست كافية ولايمكن ان تحتوي على كل الخبرات والتجارب والمواقف التي يحتاج اليها الطالب أو الطالبة عندما يتخرجون الى الحياة العملية الواقعية.. ولذلك إن حشو عقول الطلاب بالمعلومات الجافة لايجدي بل يعرقل الذكاء ويخنقه ويجعل الطالب عبارة عن آلة تسجيل ليس إلا.. فلكي يتم هضم المعرفة هضماً صحيحاً وبصورة فاعلة وسلسة لابد من بلعها بشهية طيبة ونفس مفتوحة.. ومن هنا نستطيع القول: ان الانشطة المدرسية هي بمثابة ملح الطعام للمقررات الدراسية وبدون الأنشطة المدرسية يصبح التعليم علقماً مر المذاق