سليمان والحمامة
كــــان ابن داود يقــــرِّب فـــي مجـالسـه حـمامــه
خدمته عـمراً مثلـما قد شــاء صـدقـاً واسـتقامـــه
فــمـضــت إلــى عُـمَّــالـــه يومـاً تـبلـغــهم سـلامــه
والكُتْبُ تحـت جـناحها كُتِبَت لها في الكرامـه
فــأرادت الحــمـقـاء تعـرف مـن رسائلـــه مــرامــه
عَمَـدَت لأولــهـا وكـــان إلـــى خــلـيفـتـه بـِرامـــه
فرأتــــه يأمـــر فــيـه عـامـلـه بتـــاج للحــمـامـــه
ويقول : وفُّوها الرِّعايـة في الرحيل وفي الإقامه
ويشير في الثاني بأن تُعطَى رياضاً في تهامـه
وأتت لثالثها ولـــم تسـتـــح أن فَضَّـــت خِـتامـــه
فرأتــه يأمر أن تكـون لهـا علـى الطير الزعامـه
فبكـت لـذاك تَنَدُّماً هـيهـات لا تُجـدي الندامـــه
وأتـت نبــي الله وهــي تقول يا رب السـلامـــــــه
قالت فقَدْتُ الكُتْبَ يا مــولاي في أرض اليمامـــه
لتسرعــي لمَّــا أتانـي البــاز يدفعـنـي أمـامــــــه
فأجــاب بل جـئـت الــذي كــادت تقوم له القيامه
لكـــن كــفـاك عُـقُوْبة مـن خـان خانته الكرامه
الشاعر:
هو احمد شوقي الملقب أمير الشعراء, ولد بالقاهرة, ودرس القانون في مصر ثم سافر وأكمل دراسة القانون في فرنسا كما درس الأدب, ونفي إلى أسبانيا بسبب أثناء الحرب العالمية الأولى ثم عاد لمصر بعد انتهائها بعامين, 1920م.
اختاره الشعراء أميرا لهم لما اتصف به من جمال الأسلوب وصدق العاطفة, وله ديوان شعر اسمه الشوقيات جمع فيه شعره, كما أنه كتب أول من كتب المسرحيات الشعرية
ومنها (عنترة ومصرع كليوباترا والست هدى) وغيرها كثير.
خدمة وإخلاص:
كــــان ابن داود يقــــرِّب فـــي مجـالسـه حـمامــه
خدمته عـمراً مثلـما قد شــاء صـدقـاً واسـتقامـــه
فــمـضــت إلــى عُـمَّــالـــه يومـاً تـبلـغــهم سـلامــه
والكُتْبُ تحـت جـناحها كُتِبَت لها في الكرامـه
اللغويات
ابن داود: سليمان عليه السلام – مجالسه: (م) مجلس وهو مكان الاجتماع – حمامة: طائر جميل يضرب به المثل في السلام والخير(ج) حمام وحمائم - خدمته: أطاعته – عمرا: زمنا طويلا (ج) أعمار – مثلما: مثل أداة تشبيه وما اسم موصول – شاء: أراد × أبى – صدقا: صادقة في أقوالها وأفعالها × كذبا – استقامة: × اعوجاج – مضت: ذهبت × عادت – عماله: (م) عامل وهو الخادم والمرؤوس – تبلغهم: توصل إليهم – سلامه: تحيته – الكتب: الرسائل –الكرامة: العزة والشرف× الضعة والذلة.
الشرح:
يحكي الشاعر حكاية حمامة كانت مقربة من سيدنا سلمان الحكيم فيقول:
لقد كان لسليمان الحكيم حمامة تخدمه بإخلاص وأمانة لذلك كانت مقربة منه يرسل معها رسائله الهامة إلى عماله في البلاد.
وفي أحد الأيام أرسلها لخليفته برامه تبلغه السلام ومعها ثلاث رسائل فيها تكريم للحمامة على أمانتها واستقامتها.
مظاهر الجمال
ابن داود: تكريم الله لنبيه داود بأن جعله وابنه سليمان من الأنبياء.
يقرب في مجالسه : تعبير جميل يدل على القرب والمنزلة العالية للحمامة عند سليمان.
خدمته عمرا: تعبير جميل يوحي بالطاعة من الحمامة لسليمان عليه السلام.
مثلما قد شاء: أسلوب مؤكد بقد .
وتعبير جميل يدل على الإخلاص والطاعة .
صدقا واستقاما: تعبير جميل يدل على حسن أخلاق الحمامة .
والعطف يفيد الإخلاص والطاعة الشديدة .
مضت إلى عماله: استخدام الماضي يدول على الثبوت والتحقق .
وتعبير جميل يدل على ثقة سليمان عليه السلام في الحمامة.
تبلغهم سلامه : تعبير جميل يدل على حسن معاملة سليمان لعماله.
تعليل لما قبلها. يوما: تفيد العموم والشمول .
والكتب تحت جناحها : تعبير جميل يدل على شدة حرص الحمامة وحفاظها على الرسائل.
كتبت لها فيها الكرامة : تعبير جميل يدل على حسن جزاء الحمامة لإخلاصها.
وأسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (لها) على نائب الفاعل (الكرامة).
رسائل سليمان لعماله
فــأرادت الحــمـقـاء تعـرف مـن رسائلـــه مــرامــه
عَمَـدَت لأولــهـا وكـــان إلـــى خــلـيفـتـه بـِرامـــه
فرأتــــه يأمـــر فــيـه عـامـلـه بتـــاج للحــمـامـــه
ويقول : وفُّوها الرِّعايـة في الرحيل وفي الإقامه
ويشير في الثاني بأن تُعطَى رياضاً في تهامـه
وأتت لثالثها ولـــم تسـتـــح أن فَضَّـــت خِـتامـــه
فرأتــه يأمر أن تكـون لهـا علـى الطير الزعامـه
اللغويات:
أرادت: رغبت × عفت – الحمقاء: قليلة العقل وقبيحة التصرف (ج) حمقى وحمقاوات× العاقلة- مرامه: هدفه وأوامره – عمدت: اتجهت وقصدت × غُصبت وأُجبرت – خليفته: نائبه (ج) خلفاء – رأته: شاهدت وعلمت – تاج: هو ما يتزين به العظماء على رؤوسهم (ج) تيجان- وفوها: أتموا حقها × انقصوا – الرعاية: الاهتمام × الإهمال – الرحيل: العودة × الإقامة – ويشير: بمعنى يأمر – رياضا: حدائق غناء (م) روضة – وأتت: فتحت – تستحي: تخجل× تتبجح وتتجرأ – فضت ختمامه: فتحت قفله × أغلقت – الزعامة: الرئاسة والقيادة.
الشرح
أرادت الحمامة أن تعرف ما تحتويه الرسائل من أوامر سليمان لعماله.
ففتحت الرسالة الأولى ووجدت فيها أمر من سليمان لخليفته برامه يأمره أن يصنع تاج للحمامة ويضعه على رأسها, ويأمر بأن يراعوا شؤونها أثناء وجودها عندهم وأثناء رحيلها.
ثم فتحت الثاني فوجدته يأمر فيه بأن تُعطى جزاء خدمتها بأمانة حدائق واسعة في تهامة.
ثم فتحت الثالث بجرأة وعدم مبالاة فرأته يأمر بأن تكون زعيمة الطير.
مظاهر الجمال
أرادت الحمقاء: تعبير يوحي بتوبيخ الحمامة بسبب قلة عقلها وسوء تصرفها.
تعرف مرامه: تعبير يدل على سوء تصف الحمامة.
عمدت لأولها: تعبير جميل يدل على القصد والإصرار.
يأمر عامله بتاج للحمامة: تعبير يدل على التكريم وحسن الجزاء والمكانة العالية.
وفوها الرعاية في الرحيل وفي الإقامة: تعبير جميل يوحي بالمبالغة في التكريم
وأسلوب أمر غرضه الحث.
وتضاد بين الرحيل والإقامة.
ويشير في الثاني: تعبير جميل يوحي بعدل سليمان فهو يستشير عماله في أوامره.
بأن تعطى رياضا في تهامة : أسلوب مؤكد بأن.
رياضا : نكرة للتعظيم وجمع للكثرة, وتوحي بزيادة التكريم للحمامة.
أتت لثالثها: تعبير جميل يدل على العمد والقصد والإصرار على خيانة الأمانة.
ولم تستح أن فضت ختامه: تعبير يدل على الجرأة والتبجح, وسوء التصرف.
وأسلوب مؤكد بأن.
أن تكون لها على الطير الزعامة: أسلوب مؤكد بأن.
وأسلوب قصر وتخصيص بتقديم الجار والمجرور على اسم تكون (الزعامة)
وتعبير جميل يوحي بالمنزلة العالية والتكريم العظيم للحمامة.
ندم وكذب وحرمان
فبكـت لـذاك تَنَدُّماً هـيهـات لا تُجـدي الندامـــه
وأتـت نبــي الله وهــي تقول يا رب السـلامـــــــه
قالت فقَدْتُ الكُتْبَ يا مــولاي في أرض اليمامـــه
لتسرعــي لمَّــا أتانـي البــاز يدفعـنـي أمـامــــــه
فأجــاب بل جـئـت الــذي كــادت تقوم له القيامه
لكـــن كــفـاك عُـقُوْبة مـن خـان خانته الكرامه
اللغويات
تندما: ندما – هيهات: بعد – تجدي: تنفع× تضر – الندامة: الشعور بالذنب – أتت: حضرت – نبي الله: سليمان – يا رب: تدعو الله – السلامة: النجاة × الهلاك – فقدت: أضعت – الكتب: الرسائل – مولاي: سيدي – أرض: مكان (ج) أراضي – تسرعي: سرعتي الزائدة بدون انتباه – أتاني: فاجأني وهاجمني – الباز: أحد أنواع الصقور – يدفعني: يسوقني – فأجاب: أخبرها الحقيقة – جئت: فعلت وارتكبت – كادت: أوشكت – كفاك: يكفيك × ينقصك – عقوبة: جزاء الفعل السيئ – الكرامة: العز والشرف × الذل.
الشرح
فلما قرأت الرسائل وعرفت بأنها تحتوي جزاء إخلاصها له بكت بكاءا شديدا ندما على خيانتها لهذه الأمانة.
ثم عادت لنبي الله سليمان وهي تسأل الله السلامة والنجاة من هذا الذنب, فكذبت وقالت بأنها فقدت الرسائل أثناء طيرانها بسبب الباز (أحد أنواع الصقور) الذي حاول قتلها واصطيادها.
ولكن نبي الله سليمان الحكيم أخبرها بأنه يعلم بأنها فعلت إحدى علامات الساعة وهي خيانة الأمانة.
ثم جزاها بأن حرمها ما كان أمر به لها لأن من يخون الأمانة لا يمكن أن يعطى الخير عليها.
مظاهر الجمال
فبكت لذلك : تعبير جميل يدل على الندم . تندما : تعليل لما قبله
هيهات لا تجدي الندامة: تعبير جميل يدل على عدم فائدة الندم بعد الإصرار على الخطأ.
وهي تقول يا رب السلامة : أسلوب نداء غرضه الدعاء والرجاء,
وتعبير جميل يدل على شدة خوفها من عقاب نبي الله لها.
قالت فقد الكتب : تعبير يدل على الكذب والاستمرار في الخطأ.
يا مولاي : نداء غرضه التعظيم, وتعبير يوحي بمكانة سليمان وقدره.
مولاي: توحي بالضعف والخضوع من الحمامة لسليمان عليه السلام.
لتسرعي : تعليل لما قبله.
الباز يدفعني أمامه: تعبير يدل على المطاردة والإجبار, وإلقاء المسئولية على الباز
فأجاب : الفاء للسرعة وتوحي بعلم سليمان بما حدث من خيانة الحمامة.
بل جئت الذي كادت تقوم له القيامة: تعبير يدل على علم سليمان لما حدث
ويوحي بقبح وشناعة الفعل الذي قامت به الحمامة.
لكن : للاستدراك.
كفاك عقوبة: تعبير يدل على أن الحرمان من المنزلة العالية والمكانة عقوبة كافية.
من خان خانته الكرامة: تعبير يدل على أن الجزاء من جنس العمل.
وتصوير جميل للكرامة بإنسان يخون من خانه الأمانة.
مناقشة الفصيح
س1: أجب عما يأتي:
كــــان ابن داود يقــــرِّب فـــي مجـالسـه حـمامــه
خدمته عـمراً مثلـما قد شــاء صـدقـاً واسـتقامـــه
فــمـضــت إلــى عُـمَّــالـــه يومـاً تـبلـغــهم سـلامــه
والكُتْبُ تحـت جـناحها كُتِبَت لها في الكرامـه
1- ضع مرادف(الكرامة), ومضاد (صدقا), ومفرد (مجالس) في جمل تامية.
2- صف حال الحمامة عند سليمان الحكيم عليه السلام.
3- ما الجمال في قول الشاعر:
صدقا واستقامة – الكتب تحت جناحها – تبلغهم سلامة
س2: أجب عما يأتي:
قالت فقَدْتُ الكُتْبَ يا مــولاي في أرض اليمامـــه
لتسرعــي لمَّــا أتانـي البــاز يدفعـنـي أمـامــــــه
فأجــاب بل جـئـت الــذي كــادت تقوم له القيامه
لكـــن كــفـاك عُـقُوْبة مـن خـان خانته الكرامه
1- ما مضاد(تسرعي)؟ وما المقصود ب(خانته الأمانة)؟
2- كيف بررت الحمامة ما فعلت؟ وبم فاجأها سليمان الحكيم عليه السلام؟
3- ما عقوبة الحمامة التي أقرها سليمان عليه السلام؟
4- ما الجمال فيما يأتي:
يا مولاي- الباز يدفعني أمامه- كفاك عقوبة من خان خانته الأمانة