رأفت الجمال مع مذكرات (رفعت) عن هذه الفترة تقول
"مرة أخرى وجدت نفسي أقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور أنني ما أزال مدينًا لهم، ولكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات. فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد. فليس ثمة مكان للاختباء في (إسرائيل)، وإذا قبض عليَّ هناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائيًا والمعروف أن (إسرائيل) لا تضيع وقتًا مع العملاء الأجانب. يستجوبونهم ثم يقتلونهم. ولست مشوقًا إلى ذلك. ولكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمصته، كما لو كنت أمثل دورًا في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور (جاك بيتون). أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية. وقلت في نفسي أي عرض مسرحي مذهل هذا؟... لقد اعتدت دائمًا وبصورة ما أن أكون مغامرًا مقامرًا، وأحببت مذاق المخاطرة. وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي. سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أن يقبض عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة الأوسكار".
تسلم الجمال مبلغ 3000 دولار أمريكي من المخابرات المصرية ليبدأ عمله وحياته في إسرائيل. وفي يونيو 1956 استقل سفينة متجهة إلى نابولي قاصدًا أرض الميعاد.
البدايات حسب الروايات الإسرائيلية
ايتان هابر مؤلف كتاب الجواسيس في عام 2002 صدر في إسرائيل كتاب الجواسيس من تأليف الصحفيين ايتان هابر (الذي عمل سنوات طويلة إلى جانب رئيس الحكومة الراحل اسحق رابين، وتولى مسؤولية مدير ديوانه) ويوسي ملمن ويحكي الكتاب قصة أكثر من 20 جاسوسًا ومن بينهم رفعت الجمال ولكن القصة في ذلك الكتاب مغايرة تماما لما ورد في نسخة المخابرات المصرية والتي تم توثيقها في المسلسل التلفزيوني رأفت الهجان وفي القصة إ
بان الإسرائيليين عرفوا هوية الجمال منذ البداية، وجندوه كعميل وجاسوس لهم علي مصر، وأن المعلومات التي نقلها إليهم، ساهمت في القبض علي شبكات تجسس مصرية عديدة مزروعة في إسرائيل من قبل المصريين، وأنه نقل للمصريين معلومات أدت إلي تدمير طائرات لسلاح الجو المصري وإلي هزيمة حرب 1967. وكل هذا تدحضه الرواية المصرية التي تؤكد أن الجمال (الهجان) كان مواطنا مصريا خالصا أعطى وطنه الكثير
إستنادا إلى كتاب الجواسيس وكما اوردها صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية فإن المخابرات المصرية جندت في مطلع الخمسينيات مواطنًا مصريًا اسمه رفعت علي الجمال، بعد تورطه مع القانون ومقابل عدم تقديمه للمحاكمة عرض عليه العمل جاسوسا وأعطيت إليه هوية يهودية واسم جاك بيتون. وجري إدخاله إلي إسرائيل بين مئات المهاجرين الذين وصلوا من مصر في تلك الفترة، وكان الهدف من إدخاله استقراره في إسرائيل وإقامة مصلحة تجارية تستخدم تمويها جيدا لنشاطاته التجسسية، ولكن الشاباك وهو جهاز الإستخبارات الداخلي لإسرائيل عكس الموساد مهمته مكافحة التجسس و تدقيق ماضي المهاجرين الجدد المشكوك في ولائهم لمعرفة إذا كانوا جواسيس وإسترعى إنتباه الشاباك إن الهجان كان يتحدث الفرنسية بطلاقة لا يمكن أن يتحدث بها يهودي من مواليد مصر وقرر الموساد وضعه تحت المراقبة وقاموا بتفتيش منزله وعثروا على حبر سري وكتاب شيفرات لالتقاط بث إذاعي، وإستنادا إلى نفس الكتاب فإن شموئيل موريه رئيس قسم إحباط التجسس العربي و ضباط في الاستخبارات العسكرية والموساد و عاموس منور ورئيس الاستخبارات العسكرية يهوشفاط هيركابي قرروا محاولة القيام بعملية خطيرة وهي تحويل العميل المصري إلي عميل مزدوج.
يستمر الكتاب بسرد القصة قائلا بان الهجان أقام عام 1956 شركة سفر صغيرة باسم (سيتور) في شارع برنر بتل أبيب وهكذا وجد من الناحية العملية تعاونًا تجاريًا سريًا بين المخابرات المصرية التي مولت جزءا من تكلفة إقامة الشركة والشاباك التي ساهمت أيضا في تمويل الشركة وكان الهجان مشهورا بمغامراته النسائية، ليس فقط في إسرائيل بل وفي أوروبا أيضا حيث تعرف بيتون في إحدي جولاته بأوروبا في أكتوبر عام 1963 علي فالفرود وهي امرأة ألمانية مطلقة لديها طفلة اسمها أندريه عمرها أربع سنوات وتزوجها بعد عشرة أيام في كنيسة بطقوس دينية كاملة.
إنجازاته حسب المخابرات المصرية
تزويد مصر بميعاد العدوان الثلاثي على مصر قبله بفترة مناسبة إلا أن السلطات لم تأخذ الأمر بمأخذ الجد .
تزويد مصر بميعاد الهجوم عليها في 1967 إلا أن المعلومات لم تأخذ مأخذ الجد لوجود معلومات أخرى تشير بأن الهجوم سيكون منصبا على سوريا .
إبلاغ مصر باعتزام إسرائيل إجراء تجارب نووية، واختبار بعض الأسلحة التكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه علي غالي في ميلانو
زود مصر بالعديد من المعلومات التي ساعدت مصر على الانتصار في حرب أكتوبر .
كانت له علاقة صداقة وطيدة بينه وبين موشي ديان و عيزر وايزمان و شواب و بن غوريون
إنجازاته حسب المخابرات الإسرائيلية
قلل مسؤولي المخابرات الأسرائية من شأن المعلومات التي نقلها بيتون, ويرون أنه خدمهم أيضا بمعلومات عن مصر لأنه عمل كعميل مزدوج حسب روايتهم.
تتلخص أهم النقاط التي ذكرتهاالمخابرات الإسرائيلية كالتالي:
نقل معلومات سرية دقيقة وصحيحة لا تلحق أضرارا بأمن إسرائيل لكنها من جهة ثانية ترفع من شأن بيتون لدى المخابرات المصرية
إعطاء إنطباع إن الجيش الأسرائيلي يستعد لعملية انتقامية واسعة النطاق ضد الأردن
تغذية المخابرات المصرية بمعلومات كاذبة حول المخططات العسكرية الإسرائيلية، ومكنت هذه المعلومات مصر من الوصول إلي نتيجة مفادها أن إسرائيل لن تبدأ بتوجيه ضربة وقائية للحشود العسكرية المصرية في سيناء، وتضمنت المعلومات التي نقلها (بيتون) لمصر ما يستشف منه أن إسرائيل وفي حال شنها هجوما على القوات المصرية لن تستخدم سلاح الجو، وأن الهجوم سيشن في موعد متأخر عن الموعد الذي خطط له فعلا.
تصديق المصريين لمعلومات الهجان وإبقاء طائراتهم الحربية على الأرض في المطارات معرضة لهجوم جوي.