وهناك عدة استخدامات عامة للنفط على مختلف أنواع مشتقاته الخفيفة والثقيلة بما فيها طبعا الغاز الطبيعي ، ومن ابرز هذه الاستخدامات :
أولا : الطاقة :
تزايدت استخدامات النفط في الطاقة على اختلاف أنواعها وأشكالها كوقود ، وإنارة وتدفئة في المنازل والمركبات والمصانع والمنشآت الاقتصادية وغيرها ، ويستخدم النفط بشكل واسع في توليد الكهرباء . ويمتاز النفط عن غيره من مصادر الطاقة بأنه ارخص سعرا وأسهل استعمالا واقل تلويثا للبيئة ، وبلغ استهلاك الطاقة بمختلف مصادرها ومواردها في العالم في العقد التاسع من القرن العشرين الفائت كما يلي : عام 1990 890,5 مليون طن ، وفي عام 1995 1023,5 مليون طن ، وفي عام 2000 حيث إزداد استهلاك الطاقة في العالم إلى حوالي 1165 مليون طن ، على أساس إن الزيادة السنوية بمتوسط حسابي قدره 65ر2 % ، وتتألف مساهمة النفط من الاستهلاك الإجمالي للطاقة في العالم بنسبة تتراوح ما بين 36 % - 40 % حتى أواخر هذا العقد التاسع من القرن العشرين المنصرم ( 2 ) .
على العموم ، إن النفط يستخدم في كافة المجالات المدنية والعسكرية حيث يستعمل في النقل البري والبحري والجوي للمركبات على اختلاف أشكالها وأنواعها والقطارات وفي البواخر والسفن والطائرات في الحياة المدنية العامة كما يستخدم النفط كوقود في الأسلحة البرية والبحرية والجوية ، في الدبابات والمدرعات والقوارب والبوارج الحربية وفي الطائرات الحربية النفاثة والعادية ، إضافة إلى تصنيع الغازات السامة كنوع من الأسلحة العصرية الفتاكة .
ثانيا : الصناعة :
يشكل النفط احد أهم مصادر المواد الخام للصناعات المختلفة في أوقات السلم والحرب على حد سواء ، إذ يدخل في إنتاج حوالي 300 ألف منتج صناعي بشكل كامل أو جزئي ، في الصناعات الحربية والزراعية والصحية والنسيجية والكتابية والمنزلية وتعبيد الشوارع والطرقات وغيرها ، ومن أبرز هذه الصناعات ( 3 ) : " النابالم ، أل ( تي . أن . تي ) ، النايلون ، الدكرون ، الارلون ، مبيدات الحشرات ، الأسمدة الكيميائية ، صناعة المركبات ، الصحون ، خراطيم المياه ، مراهم التجميل ، طاولات الحدائق ، أغطية الطاولات ، البرنيق ، الأزهار الاصطناعية ، السقوف ، الستائر ، احمر الشفاه ، الكحل الحديث ، طلاء الأظافر ، الألبسة الداخلية ، الإسفنج الاصطناعي ، فرشاة الأسنان ، الشمع ، الأحواض ، الغاز المستخدم في المنازل ، حبر الطباعة ، الإسفلت ، الأفلام ... الخ " .
إضافة إلى الصناعات السابقة ، هناك العديد من المواد البتروكيماوية التي يجرى تصنيعها من النفط : مثل الغازات التالية ( 4 ) : " اثيلين ، ميثانول ، ايثانول ، بروبلين ، بنزين ، تولوين ، مخلوط الزايلين ، بارازالين ، اثلين كلايكول ، ستارين ، ميلامين ، فورمالدهيد ، فينول ، بولي اثيلين ( م ) ، بولي اثيلين ( ع ) ، بي في سي ، بولي ستارين ، الكيل بنزين ، ميثيل بوتيل الثلاثي ايثر ، بولي بروبلين ، بولي بول ، مثالك الهيدريد ، راتنجات الالكيد ، الياف بولي اميد ، الياف بولي استر ، راتنجات بولي ، استر غير مشبع ، راتنجات ثنائي
تيل ، راتنجات فورمالدهيد ، راتنجات بولي فلات فنيل" ، وهي غازات ضرورية لمختلف الاستعمالات البشرية اليومية .
ثالثا : النفط كسلاح سياسي :
يمكن للدول المصدرة للنفط استخدام هذا المورد الاقتصادي كوسيلة للضغط السياسي والاقتصادي على أي دولة من الدول في منطقة أو اقليم جغرافي معين ، إلا إن هذا الاستخدام هو سلاح ذو حدين ، إذ انه يمكن استخدامه لتحقيق أهداف أو غايات محددة ضمن فترة زمنية محددة أو مفتوحة لأجل غير مسمى ، فمثلا استخدم العرب سلاح النفط عام 1973 كسلاح اقتصادي وسياسي ضد الولايات المتحدة وهولندا لدعمهما السياسة الصهيونية العدوانية تجاه الوطن العربي وكان له مفعول قوي ، وعلى النقيض من ذلك ، استخدم سلاح النفط عام 1991 كعقاب ضد العراق اثر حرب الخليج الثانية من خلال منع بيع وتصدير النفط العراقي مما الحق أضرارا بالغة بالشعب العراقي من النواحي الاقتصادية والمعيشية الداخلية ، وجمد أو شل العلاقات العراقية الخارجية مع العديد من الدول العربية أو الأجنبية . وبناء عليه ، فإن النفط سلاح متعدد الاستخدامات والأهداف كنعمة ونقمة في آن واحد ، يمكن إن يؤثر على الدولة المصدرة أو المست
على حد سواء ، ولكن بتبعات وآثار مختلفة ومن آن لآخر ومن دولة لأخرى .
رابعا: النفط كسلاح اقتصادي ومصدر ثروة عامة :
يتأتى من بيع عشرات ملايين براميل النفط أو آلاف الأطنان من مختلف المشتقات النفطية عائدات مالية وفيرة للدولة المصدرة تتباين من دولة لأخرى حسب كمية الإنتاج أو شكل المادة المباعة هل هي صلبة أو سائلة أو غازية ، وهل هي مادة خام أو مصنعة ، وتراوح سعر برميل النفط الخام في العقد التاسع من القرن الحالي ما بين 15 - 18 دولارا ، بينما وصل أقصى سعر له حوالي 150 دولار ، ثم انخفض لحوالي 30 دولار ، ويتراوح الآن سعر برميل النفط ما بين 60 – 70 دولار بأسعار حزيران 2009 .
" وبالنسبة إلى الدول العربية يشكل النفط مصدر ثروتها الأساسي حيث تعادل صادرات النفط 25 % من الناتج القومي للدول العربية النفطية وغير النفطية ، وحوالي 80 % من مجمل الصادرات . أما في الدول العربية النفطية فبطبيعة الحال تعتمد بأكثر من ذلك على النفط . وإن حاجة الدول الأوروبية والغربية عموما إلى النفط العربي من جهة وأهمية النفط للدول العربية كمصدر ثروة أساسي ، وللحصول على العملات الأجنبية من جهة أخرى ، هما الأساس لإمكانية أن يكون النفط جسرا للعلاقات بين الدول العربية وأوروبا ، وان كان تفتيت الموقف العربي وتجزئته حاليا يضعف ذلك " ( 5 ) .
وعلى كل الأحوال ، فان النفط العربي يبقى احد أهم مصادر القوة العربية إقليميا وعالميا ، وذلك تبعا لأساليب الضغط العربية السياسية والاقتصادية وتوفر الإرادة لذلك ، وقد لعب النفط العربي دورا كان له مردوده الايجابي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية في مؤتمرات الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي دول عدم الانحياز وفي المؤتمرات الإسلامية والإفريقية عندما كانت تتوفر الإرادة السياسية حيال هذا الموضوع ، وكذلك إن بعض الدول النفطية تلجأ إلى استخدام النفط للتأثير على السياسة العامة لدولة أخرى حيال مسالة معينة كمبادلة النفط للحصول على خبرة تكنولوجية أو الحصول على معدات وآليات مدنية أو عسكرية من إحدى الدول الصناعية الغربية أو دول جنوب شرق آسيا .
مميزات النفط العربي
يمتاز الوطن العربي الكبير بشكل عام بعدة مميزات جغرافية وإستراتيجية واقتصادية وعسكرية وحضارية وثقافية ودينية هامة ، تؤثر بشكل أو بآخر على مجمل الأوضاع العامة ، سواء بشكل داخلي أو خارجي على النطاق العالمي ، لقارات آسيا وأوروبا وإفريقيا وأمريكيا وغيرها ، وتنبع هذه الأهمية من كون الوطن العربي يقع جغرافيا في موقع متوسط ما بين العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه ، فهو يربط القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا ، في حلقة وصل جغرافية واستراتيجية تتمثل في وقوعة على سواحل بحرية طويلة تبلغ نحو 14 مليون كم ( 6 ) ، تتوزع على ثلاثة منافذ مائية دولية وهي : البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس التي تربطه مع البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج العربي إضافة إلى سواحله على المحيط الأطلسي ، وهذه المسطحات المائية مهمة في الملاحة الدولية الاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية العامة ، للتنقل بين القارات ودولها المختلفة .
وكنتيجة عامة فان النفط العربي يكتسب كافة هذه المميزات إضافة إلى نوعية وكمية تدفق براميل النفط بغزارة ووصول الكميات النفطية إلى المستهلك بسعر اقل من سعر البرميل الواحد من دول أو أقاليم أخرى وخاصة إلى الدول الصناعية الكبرى ، وفيما يلي أهم مميزات النفط العربي :
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
حقل نفط في السودان
1 - تدفق كميات كبيرة من النفط من مختلف الموارد المنتشرة على الخارطة العربية بكلفة مالية اقل ، وغزارة إنتاجية أفضل من المناطق الأخرى المنتجة للنفط سواء من الدول الأخرى الأعضاء في منظمة الأوبك أو خارج منظمة الأوبك : " هذا وان تدفق البترول العربي بكميات ضخمة أدى إلى ازدياد أهمية هذا الموقع مما جعله يكتسب أهمية استراتيجية عظيمة في السلم والحرب .وإن البترول تتوقف أهميته على عدة جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية يمكن للأمة العربية إن تستغله لصالحها في حل قضاياها ، ومن هذا المنطلق أصبح موقع الوطن العربي ميدانا للتنافس حاميا في الصراع بين القوى السياسية الدولية الكبيرة ومحورا يدور حوله الكثير من الأحداث العالمية "( 7 ) .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
ولا تصل مصاريف إنتاج برميل النفط العربي الإجمالية إلى 33 % من إنتاجه في فنزويلا ، العضو في منظمة الأوبك ، وكذلك إن تكاليف إنتاج برميل النفط العربي يعادل 10 % من تكاليف إنتاج البرميل النفطي من الولايات المتحدة ( 8 ) . وحسب بعض المصادر النفطية ، فان إنتاج برميل النفط العربي يتراوح ما بين 1 – 2 دولار قياسا لإنتاج برميل النفط الفنزويلي ، في حين إن إنتاج برميل النفط من بحر الشمال البريطاني يصل إلى 7 دولارات ، وهذا يعادل عدة إضعاف إنتاج برميل النفط العربي .
2 - المساهمة الكبيرة في التجارة الدولية ، إذ يساهم النفط العربي بنحو 60 % من التجارة الدولية( 9 ) ، حيث ينتج الوطن العربي حوالي 40 % من الإنتاج النفطي العالمي ، وفي المقابل لا يستهلك أكثر من 5 % من إنتاجه مما يعطيه ميزة تصدير ضخمة تتراوح ما بين 80 % - 90 % من الصادرات العربية العامة .
3 - قلة تكاليف نقله ، من منابعه إلى المستهلكين في العالم ، فهو يستخرج من عدة دول عربية هي : السعودية والعراق والكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وليبيا والجزائر واليمن وسوريا والسودان ومصر بشكل تجاري ، وتختلف كميات الإنتاج من بلد عربي لآخر لعدة أسباب جغرافية وجيولوجية وفنية وسياسية ( من خلال سياسة الأوبك التي تحدد كميات إنتاج كل قطر من أعضاءها ) . وبالتالي فان التوزيع الجغرافي لإنتاج النفط العربي يكسبه أهمية كبرى ، لسهولة عملية نقله إلى مختلف الدول المستهلكة ، سواء عبر الأنابيب أو عبر الناقلات النفطية العملاقة المخصصة لهذا الأمر .
4 - وجود احتياطي نفطي عربي كبير يتراوح ما بين 65 % - 70 % من الاحتياطي أو المخزون النفطي العالمي ، وحوالي 21 % من مخزون الغاز الطبيعي ، والذي يقدر ب 600 مليار برميل نفط و 2406 ألف مليار م3 من الغاز الطبيعي ، في كافة أرجاء الكرة الأرضية ( 10 ) .
وختاما ، فأن النفط العربي لا يستغل الاستغلال والاستثمار الأمثل حيث يتم تصدير كمادة خام ، حيث يتم تصنيعه في المصافي النفطية الغربية التي تعيد جزءا منه للأمة العربية وهو مصنع مع ارتفاع في تكاليف تصنيعه بدرجة خيالية تصل قيمة برميل النفط المصنع عدة أضعاف .
الحواشي
1 . هشام سمعان : أساسيات الطاقة ( دمشق : منشورات وزارة الثقافة ، 1994 ) ، ص 62 - 65 .
2 . عبد الأمير السعد ، " أسعار النفط في التسعينات " ، المستقبل العربي ، العدد 166 ، كانون أول 1992 ، ص 64 .
3 . جاك بيرجيه ، وبيرنار توماس : حرب البترول السرية ، ترجمة : محمد سميح السيد ( دمشق : طلاس للدراسات والترجمة والنشر ، 1984 ) ، ص 5 .
4 . فرهنك جلال ، " الصناعة البتروكيماوية والتكامل الاقتصادي " ، المستقبل العربي ، العدد 156 ، شباط 1992 ، ص 112 .
5 . احمد السعدي ، " أما زال النفط عامل لقاء وتعاون بين مجموعة الدول العربية ومجموعة الدول الأوروبية " ، المستقبل العربي ، السنة 17 ، العدد 187 ، أيلول 1994 ، ص 39 .
6 . صالح الطيطي ، وغالب محمد إسماعيل : استراتيجية التنمية العربية والتطلعات المستقبلية ( عمان : دون مكان نشر ، 1990 ) ، ص 9 .
7 . المرجع السابق ، ص 8 .
8. المرجع السابق ، ص 16 .
9. المرجع السابق ، ص 9 .
10 . احمد عتيقة ، " دور الطاقة في تنمية الأقطار العربية " ، المستقبل العربي ، السنة 14 ، العدد 156 ، شباط 1992 ، ص 91 - 92 .
11 . شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) 2008 – 2009 .