عدد المساهمات : 124 نقاط : 372 تاريخ التسجيل : 27/12/2009
موضوع: خبراء: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مهددة بالانقراض السبت 16 يناير 2010 - 19:59
خبراء: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مهددة بالانقراض في السعودية
تحتضن 82% من القوى العاملة.. وشح التمويل وبيروقراطية الإجراءات أهم العقبات
المنشآت الصغيرة والمتوسطة تواجه عقبات تتهددها («الشرق الاوسط»)
الرياض: زيد بن كمي بدأت السعودية منذ 3 سنوات خطوات لإعادة هيكلة ومساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تستحوذ على نحو 90 في المائة من المنشآت العاملة في البلاد، بعد أن تم تحديد أهم 3 عراقيل تواجهها والتي تتمثل في التمويل والإدارة الداخلية والتسويق، إلا أن التحرك مازال يراه البعض يسير ببطء شديد في ظل التقدم والنمو الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وانطلقت شرارة التحرك في ذلك الوقت لانتشال المنشآت الصغيرة المتوسطة في السعودية حينما أطلق الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي محافظ هيئة الاستثمار السابق ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة عام 2003. وأثمرت هذه الخطوة عن دعم صندوق التنمية الصناعية السعودية عبر برنامج كفالة مع البنوك المحلية وصندوق المئوية، وبرنامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، إلا أنه على الرغم من تلك المبادرات ما تزال قليلة خاصة أن تلك المنشآت الصغيرة تستحوذ على 90 في المائة من مجمل القطاع الخاص لتستمر تواجه العديد من العراقيل للحصول على التمويل.
ويشير هنا، فهد الحمادي عضو مجلس إدارة غرفة الرياض رئيس مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلى أن المرحلة المقبلة أمام تلك المنشآت تختلف عما قبل انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، وهو ما يتطلب تهيئة القطاعات الاقتصادية في البلاد على المستويين الخاص والعام، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في الكثير من الأنظمة القائمة بما يتلائم ويطابق المرحلة المقبلة حفاظا على تلك المنشآت.
وبين الحمادي في حديث مع «الشرق الأوسط» أن أهم المشاكل التي تواجه المنشآت الصغيرة بحسب الدراسات التي أجرتها الغرفة التجارية إصدار التأشيرات بنسبة 81 في المائة تليها العمالة الماهرة بنسبة 78 في المائة، ومشاكل العمل وتوظيف السعوديين بنسبة 74 في المائة، ومشاكل التمويل والمنافسة والتقليد والتسويق والتستر.
وسارع الحمادي منذ توليه حقيبة تلك المنشآت في غرفة الرياض بتنظيم ورش عمل لاندماج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل الدراسات حول اندماجات تلك المؤسسات، وإيجاد الحلول المناسبة لها ليحرك بذلك المياه الراكدة. إذ يضيف أنه حينما تولى تلك الحقيبة بدأ بدراستها بتمعن شديد خاصة انه يرى أن تلك المنشآت هي التي تعتبر من أهم مقومات الاقتصاد في كافة دول العالم والتي تحتاج الدعم الكبير.
وقال الحمادي «مع الأسف حتى أنه لا يوجد تعريف يمكن مخاطبة به تلك المنشآت لدى الأجهزة الحكومية»، مضيفاً «على الرغم من وجود المنشآت الصغيرة، إلا أنها ما تزال شبه غائبة حتى من ناحية التعريف بتلك المنشآت».
وأشار إلى أن التعريف السائد لها في السعودية هو المنشأة التي يقل العاملون فيها عن 20 عاملاً ويقدر حجمها بأقل من مليون ريال ولا تزيد مبيعاتها عن 5 ملايين ريال.
ولعل أهم الدراسات التي طرحت وتنذر بخطر انقراض المؤسسات الصغيرة ما قدمه الدكتور عماد شبلاق في دراسة حول ضمور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الرياض وهي الدراسة التي أعدها قبل 3 سنوات بناء على دراسة استطلاعية أظهرت أن 80 في المائة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الرياض المعروضة للبيع تتراوح أعمارها التجارية بين سنة وثلاث سنوات.
وذكر أن 90 في المائة من رأس المال المستثمر في هذه المنشآت أقل من مليون ريال، وأن نسبة تتراوح بين 80 إلى 90 في المائة من أصحاب هذه المنشآت من أصحاب الدرجات العلمية أقل من البكالوريوس, و80 في المائة من أصحابها أيضا لا يملكون خطة عمل واضحة، وأن 70 في المائة منهم لا يجيدون استخدام التقنيات الحديثة.
وبين شبلاق في دراسته أن معدل التقبيل الأسبوعي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في الرياض بلغ 50 منشأة، وازداد هذا المعدل إلى 60 منشأة. وهنا يشير محمد النقا صاحب مؤسسة مقاولات إلى أنه على الرغم من أن مؤسسته تعتبر حديثة إلا أنه واجه صعوبات عديدة من قبل مراجعته الجهات الحكومية لاستخراج التصاريح وتوفير الأيدي العاملة والتمويل.
وقال النقا لـ«الشرق الأوسط» إنه أضطر إلى الحصول على ضمانات بنكية مقابل الحصول على المستخلصات من الجهات الحكومية التي نفذ لها بعض المشاريع، مفيدا أنه على الرغم من تأخير صرف المستحقات إلا أنه وجد له منفذاً لتمويل مشاريع، لكنه مع ذلك وصفها بأنها «تعتبر قليلة وشحيحة».
فيما أشار لـ«الشرق الأوسط» عبد الرحمن المويعزي صاحب سلسلة مطاعم في مدينة جدة إلى أن أصحاب المنشآت الصغيرة يواجهون مشاكل كبيرة خاصة فيما يتعلق بالتمويل والعمالة.
وأبان أنه أضطر إلى إغلاق عدد من المطاعم وعدم تشغيلها لعدم وجود العمالة الماهرة، إضافة إلى الإجراءات البيروقراطية التي يواجهها من قبل بعض الجهات الحكومية عند مراجعتها للحصول على التراخيص اللازمة.
وتطرق إلى أنه عمل على توظيف عدد من السعوديين إلا أنهم لا يستمروا في العمل أكثر من شهر، على الرغم من تقديم حوافز مجزية لهم، موضحا أن البقية يرفضون العمل كمقدمي طلبات للعملاء في المطاعم أو في الملحمة مما زاد من مشكلة قلة الأيدي العاملة التي يمكن تدريبها وخاصة من السعوديين.
ولعل تدشين الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث، مؤخرا ورشة عمل لتقنية المعلومات والاتصالات، يسهم في إيجاد توصيات وحلول لانتشال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إذ شدد الأمير تركي على أهمية حاضنات التقنية باعتبارها وسيلة حديثة وهامة لإنشاء الصناعة في الدولة، مبيناً أن الشركات الصغيرة تمثل أكبر قطاع في الاقتصاد في كثير من اقتصاديات العالم.
وأشار إلى أن بلاده متجهة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال وسائل عديدة لدعم هذا التوجه، كتكليف بنك التسليف لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ ستة مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، إضافة إلى أن هناك وسائل أخرى للدعم والاستثمار في هذا المجال. وبين الأمير تركي أن حاضنات التقنية تساعد على إنجاح هذه المنشآت بنسبة تصل إلى 90 في المائة، مشيراً إلى أنها تقدم خدمات عديدة لهذه الشركات المبتدئة، ومن خلال هذه الخدمات تستطيع الشركات أن تقلل التكلفة وتحصل على الدعم سواء كان تقنيا أو ماليا، أو تسويقيا.
وتؤكد توصيات الملتقى الثاني للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الذي عقد في منتصف العام الماضي، ضرورة إنشاء جهاز رسمي مرتبط بمجلس الوزراء لرعاية وإدارة شؤون المنشآت الصغيرة. وجاءت التوصية خاصة أن هذه المنشآت تساهم بنسبة 38 في الناتج المحلي وتوظف نحو 82 في المائة من الأيدي العاملة، إضافة إلى ضرورة تسهيل وتوضيح عملية الإقراض من الجهات الممولة لأصحاب المنشآت، وتوحيد وتقليص جميع الإجراءات الحكومية الداعمة للمنشآت الصغيرة بنظام الشباك الواحد وتسهيلها. وركزت على أهمية دعم الاستثمار المحلي، وإيجاد فرص استثمارية صغيرة الناجح منها، والاهتمام بحق الامتياز التجاري «الفرنشايز».
وحملت التوصيات على ضرورة دعم الشركات الكبرى بإنشاء صناديق لدعم أصحاب المؤسسات على غرار صندوقي عبد اللطيف جميل والبنك الأهلي، وخلق ونشر روح الريادة في المناهج التعليمية، وأهمية التأهيل والتدريب لأصحاب المنشآت الصغيرة، وإنشاء حاضنات الأعمال للمنشآت الصغيرة في كافة القطاعات الاقتصادية، وإيجاد تعريف موحد للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتعزيز خدماتها.
ورغم تنامي سطوة الشركات العملاقة في ميدان الاقتصاد العالمي بشكل عام، وفي الدول الصناعية الكبرى على وجه الخصوص، إلا أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة ما زالت تستحوذ في مجملها على أكبر نسبة من أعداد المنشآت القائمة في تلك الدول.
ويؤكد الخبراء أن نسبتها في أي من تلك الدول لا تقل عن 85 في المائة إن لم تكسر حاجز الـ 90 في المائة. ويمنح الاقتصاديون أهمية كبرى للمنشآت الصغيرة والمتوسطة باعتبارها المحور الأساسي في حركة الأعمال والتجارة، وتمثل ترسا أساسيا في أية صناعة كبرى تستهدف التألق، فضلا عن كونها القناة التصديرية الرئيسية لدى بعض الدول.