موضوع: مراحل التطور التاريخي للجودة الجمعة 15 يناير 2010 - 15:31
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ورحمة الله وبركاته
مراحل التطور التاريخي للجودة
يمكن إرجاع أصول التفكير في مفهوم الجودة إلى حقب زمنية بعيدة حيث كانت الدقة والإتقان هي المرادف الأساسي للجودة ،حيث ظهرت في حضارات متعددة في مقدمتها الحضارة الفرعونية (في بناء الأهرامات ) والحضارة الصينية ( كما في بناء سور الصين العظيم) والحضارة المسيحية ( في بناء الكاتدرائيات) والحضارة الإسلامية ( في بناء المساجد والقصور) . ومع تطور هذا المفهوم أعيد تشكيله بأبعاد جديدة منذ بدايات القرن العشرين وانطلاق الثورة العلميةوالتكنولوجية، حيث ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالإدارة كوظيفة أساسية،وقد اتفق معظم الباحثين على المراحل التاريخية التالية لإدارة الجودة الشاملة في القرن العشرين وهي متداخلة التأثير وهي كالتالي:
1_ مرحلة الفحص أو المطابقة ( or Conform ) Inspection : يطلق عليها أحياناً مرحلة التفتيش وهي تمثل بدايات حركة الجودة الشاملة، ظهرت بداياتها في أواخر القرن الثامن عشر مع بدايات تصاعد حركة الثورة الصناعية ، وتبلورت بعد ظهور نظرية ( تايلور) في الإدارة العلمية. وفقاً لهذا التصور فإنه يفترض أن المنتجات جيدة وأنها ستلبي حاجات المستفيدين. وعليه فإن عمليات الفحص تتم على المنتج الذي تم إنتاجه فعلاً ، فهي لا تمنع وقوع الخطأ ولكن تساعد على اكتشافه بعد وقوعه ومن ثم استبعاد المنتج المعيب . وقد امتد هذا الفكر التفتيشي إلى قطاعات الخدمات أيضاً ومن ضمنها التعليم ، فقد كان في كل مؤسسة تعليمية تحوي ضمن هيكلها جهاز إشرافي ( يسمى التفتيش) يقوم بالتحقيق وفحص سير العمليات التعليمية والتربوية وتقييمها في ضوء الأهداف، دون تقديم أي نوع من التوجيه والإرشاد أو طرق التطوير والتحسين.
2_ مرحلة مراقبة الجودة Quality Control : ظهرت إرهاصات هذه المرحلة في بدايات القرن العشرين عندما تم استخدام بعض الأساليب الإحصائية في الرقابة على الجودة ، حيث تطور استخدام هذه الأساليب في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية ومنها: العينات الإحصائية، خرائط الرقابة .. من أهم أساليبها دورة شيوارت ذات المراحل الثلاث: المواصفة – الإنتاج – المراقبة والتي تهدف إلى تحقيق جودة المنتج. فالأصل في هذه المرحلة هو مراقبة وتعديل المواصفات أثناء الإنتاج وليست عملية تتم في نهاية الإنتاج لضبط الأخطاء واستبعاد المنتجات غير المطابقة للمعايير والمواصفات الموضوعة كما هو الحال في مرحلة التفتيش.أما نظام مراقبة الجودة فإنه يتضمن عدداً من الأنشطة التي تستخدم لإتمام متطلبات الجودة وأهمها: • منع أو تقليل المنتجات غير المطابقة للمواصفات اعتماداً على معلومات مراقبة الجودة. • تحسين تكنولوجيا العمليات وتخطيط وتصميم المنتج. • استخدام معلومات التوريد والموردين( العملاء) لإحكام المراقبة على مستويات جودة المنتج. • مراجعة الاحتياجات وجدولة العمل بحيث يمكن تعويض المنتجات المعيبة.
3_ مرحلة ضمان ( أو تأكيد الجودة ) Quality Assurance : هي مرحلة تتجاوز المراحل السابقة وذلك من خلال منع حدوث الأخطاء قبل وقوعها، والاهتمام بالمنتج في مرحلة التصميم والعمليات ، وتوجيه جميع الجهود الإدارية والفنية نحو منع وقوع المشكلات من مصادرها حيث قاد هذا الاهتمام إلى ( التحسين المستمر) الذي يعرف بتوكيد الجودة والذي يركز على : • مفهوم التكامل والتنسيق بين برامج الإدارة ومستوياتها المختلفة، ومشاركتها في تخطيط مراقبة الجودة. • مفهوم منع العيوب قبل وقوعها وليس بعد وقوعها. • الاهتمام بالتحسين يشمل جميع مراحل المنتج والخدمة بدلاً من التركيز على الفحص بعد الإنتاج. • التركيز على الدور الذي يجب أن تطلع به كافة المستويات الإدارية في التنظيم لعملية التخطيط ورقابة الجودة. • الاهتمام بقيـاس درجة الاعتمادية ويقصـد بها أن تؤدي السلعة عملها ووظيفتها بشكل جيد ولفترة زمنية محددة بأقل عدد من المشاكل والأعطال وحسب المواصفات المحددة. وكذلك تحقيق (Zero Defects ) أي اختفاء نسبة العيوب. وعموماً فقد أثرت الرقابة على التعليم بهذه التطورات الإدارية حيث اتجهت إلى مفهوم جديد يقوم على: التركيز على العمليات التعليمية بدلاً من النواتج التعليمية. كما اتجه مراقبو الجودة إلى مساعدة المعلمين في تطوير عملية التعليم من خلال برامج تعليمية ، ومناخ مدرسي قائم على التعاون والاحترام.
4_ مرحلة إدارة الجود الشاملة ( 1980 حتى الآن ) : شهدت هذه الفترة صراعاً تنافسياً تبين فيه أن مدخل (ضمان الجودة ) لم يعد قادراً في حد ذاته على تحقيق التميز الواضح في كافة العمليات التي تقوم بها المنظمة بما يضمن الجودة المتميزة للمنتجات والخدمات المؤداة. كما زاد الاهتمام برغبات العملاء بمفهومها الواسع داخل المنظمة والسعي لتحقيقها، فبات من الضروري البحث عن سبل لتخطيط استراتيجي يضمن تضافر كافة الجهود لتحقيق مهام محددة وأهداف واضحة في ضوء رغبات وتوقعات العملاء. وأصبح أيضاً من الضروري البحـث عن فلسـفة تنظيمية تحكم العمل بالمنظمـة يكون أسـاسها ( التحسين المستمر في أداء المنظمة وتحليل المشكلات وحلها) فحاولت العديد من المؤسسات والمنظمات العاملة تحسين أوضاعها و فق ما أطلق عليه ( إدارة الجودة الشاملة) كمدخل إداري حديث أدى إلى التغيير الجذري في مفاهيم الجودة لتصبح ( أداة للإدارة ) بدلاً من كونها (أداة للرقابة) .
وبالتالي فقد امتد مفهوم الجودة الشاملة ليشمل النظام التعليمي وأصبح نظاماً متكاملاً تناول جميع عناصر العملية التعليمية ، حيث أصبحت لا تفصل بين العمليات التعليمية والتربوية فهي متشابكة ومتداخلة وغير محددة وتعتبر مسؤولية كل فرد داخل المؤسسة. ومن هنا ظهر فكر فلسفي جديد يقوم على القناعة بأن الجودة العالية للمنتج أو الخدمة وما يرتبط بها من رضا المستفيد تمثل مفتاح النجاح لأي منظمة،
وقد ذكر (الدرادكة والشبلي ، 2002 م، ص33) عدد من مميزات هذه المرحلة منها:
• إعطاء الجودة الشاملة اهتماماً خاصاً من قبل الإدارة العليا. • إيجاد ربط بين الجودة الشاملة وزيادة تحقيق الأرباح. • إعطاء الجودة الشاملة تعريفاً خاصا من وجهة نظر العملاء. • إدراج الجودة الشاملة ضمن التخطيط الاستراتيجي للمنظمة. • استخدام الجودة الشاملة كميزة تنافسية. وفي عام 1992 قدم العالم سينج (senge) بعداً جديداً لحركة الجودة في العصر الحديث يقوم على: 1. ضرورة أن تتعلم المؤسسات من تجربتها ومن تجارب الآخرين. 2. أن تعمل المؤسسات على تطوير وتحسين نفسها بشكل دائم ، وللوصول لهذا النوع من المؤسسات يرى سنج ضرورة توفر ثلاثة أمور أساسية : • تركيز المؤسسة على العاملين فيها من خلال خلق روح الرغبة والتطوير المستمر لديهم، والعمل على إزالة المعوقات التي تحد من قدرة العاملين على الإبداع ،وتدعيم الممارسات الجيدة التي تهدف إلى تحسين عملية الممارسة في كافة أجزاء المؤسسة. • تركيز المؤسسة على المديرين فيها من خلال تغيير الطريقة التي يفكرون بها وتركيزهم على العوامل والظروف الحقيقية للأداء في المؤسسة واهتمامهم بالتعليم والتدريب الدائم للعاملين بالمؤسسة .
• جعل عملية التعليم والتدريب جزءاً أساسياً من فلسفة المؤسسة وهو نتاج طبيعي لتركيز المؤسسة على العاملين والمديرين فيها.
وبهذا يتأكد أن الجودة هي من أساس العمل فهي نظام منهجي ولا يمكن اعتبارها مشروعاً محدداً بوقت معين .
وبالتوووووووفيق للجميع
كبير المعلمين عضو نشيط
عدد المساهمات : 39 نقاط : 51 تاريخ التسجيل : 01/05/2013 العمر : 56
موضوع: رد: مراحل التطور التاريخي للجودة الجمعة 28 مارس 2014 - 3:05