--------------------------------------------------------------------------------
الرحمة صفة من صفات الله العليا وأسمائه الحسنى ، فسبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم ، وهو أرحم الراحمين ، وهو الذى وسع كل شىء رحمة وعلما ورحمته سبقت غضبه ، وهو الذى جعل الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل فى الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه .
والرحمة هى الطابع الاسلامى الجميل ، و هى ماثلة فى دستوره القرآن الكريم حيث يقول عزوجل :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{57} قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ{58} يونس
فالمراد بفضل الله ( الاسلام ) ، والمراد بالرحمة ( القرآن ) ، وبالاسلام والقرآن ينبغى أن يفرح المسلمون ، فهما خير ممايجمعون من هذه الدنيا الفانية الزائلة .
والقرآن الكريم شفاء من الله للمؤمنين ، لأنه يطهرهم من الأمراض التى تصيبهم ، وتحول بينهم وبين طاعة ربهم وهى الأمراض الماثلة فى مثل قوله تعالى :
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
والقرآن الكريم رحمة من الله للمؤمنين لأنه يدفعهم الى مايسعدهم فى معاشهم ومعادهم
قال تعالى :
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }الإسراء82
والرحمة اسم للجنة التى هى أمل المؤمنين ، ورجاء الطائعين ، وبغية المخلصين
قال تعالى :
{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }آل عمران107
هذا ولما كان الجزاء من جنس العمل كان على المسلم أن يكون رحيما حتى يستحق رحمة الله – عزوجل – القائل :
{وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }الأعراف56
ويقول رسول الرحمة فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص فى سنن الترمذى :
" الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء "
فالرحمة مطلوبة من كل انسان لكل من هم دونه ، مطلوبة من الحاكم للرعية ، ومن القائد للجنود ، ومن القوى للضعيف ، ومن الغنى للفقير ، ومن المخ
للخادم ، ومن الرئيس للمرؤس ، ومن الكبير للصغير ، ومن الطبيب للمرضى ، ومن المعلم للتلاميذ ، مطلوبه من كل انسان لأصدقائه وجيرانه وأهل بيته .
فالرحمة مطلوبة من كل قادر عليها ، لكل محتاج اليها حتى يستتب الأمن ، ويعم الرخاء ، ويبتشر الخير ، وتستقيم الحياة ، وبالتالى يعيش الناس سعداء ويرضى عنهم رب العباد لاتفرقهم الدنيا ، ولاينزغ بينهم الشيطان .
ندعو المولى الكريم أن يجعلنا ممن يتصفون بهذه الصفة الجميلة ( الرحمة ) ، اللهم آمين .
والله ولى التوفيق