النوع الحادي والثلاثون في الإدغام والإظهار والإخفاء والإقلاب أفرد ذلك بالتصنيف جماعة من القراء.
الإدغام: هو اللفظ بحرفين حرفاً كالثاني مشدداً.
وينقسم إلى كبير وصغير: فالكبير ما كان أول الحرفين متحركاً فيه سواء كانا مثلين أم جنسين أم متقاربين وسمى كبيراً لكثرة وقوعه إذ الحركة أكثر من السكون.
وقيل لتأثيره في إسكان المتحرك قبل إدغامه وقيل لما فيه من الصعوبة وقيل لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين والمشهور بنسبته إليه من الأئمة العشرة هو أبو عمرو بن العلاء وورد عن جماعة خارج العشرة كالحسن البصري والأعمش وابن محيصن وغيرهم.
ووجهه طلب التخفيف.
وكثير ن المصنفين في القراءات لم يذكروه البتة كأبي عبيد في كتابه وابن مجاهد في مسبعته ومكي في تبصرته والطلمنكي في روضته وابن شفيان في هاديه وابن شريح في كافيه والمهدوي في هدايته وغيرهم.
قال في تقريب النشر: ونعني بالمتماثلين ما اتفقا مخرجاً وصفة والمتجانسين ما اتفقا مخرجاً واختلفا صفة والمتقاربين ما تقاربا مخرجاً أو صفة فأما المدغم من المتماثلين فوقع في سبعة عشر حرفاً وهي الباء والتاء والثاء والحاء والراء والسين والعين والغين والفاء والقاف والكاف واللام والميم والنون والواووالهاء والياء نحو: الكتاب بالحق.
الموت تحبسونهما.
حيث ثقفتموهم.
النكاح حتى.
شهر رمضان.
الناس سكارى.
يشفع عنده.
يبتغ غير الإسلام.
اختلف فيه.
أفاق قال.
إنك كنت.
لا قبل لهم.
الرحيم ملك.
نحن نسبح.
فهووليهم.
فيه هدى.
يأتي يوم.
وشرطه: أن يلتقي المثلان خطاً فلا يدغم في نحو: أنا نذير من أجل وجود الألف خطاً وأن يكون من كلمتين فإن التقيا من كلمة لا يدغم إلا في حرفين: مناسككم في البقرة وما سلككم في المدثر.
وأن لا يكون الأول تاء ضمير المتكلم أوخطاباً فلا يدغم: كنت تراباً.
فأنت تسمع.
ولا مشدداً فلا يدغم نحو: مس سقر.
رب بما.
ولا منوناً فلا يدغم نحو: غفور رحيم سميع عليم.
وأما المدغم من المتجانسين والمتقاربين فهوستة عشر حرفاً يجمعها رض سنشد حجتك بذل فنم وشرطه: أن لا يكون الأول مشدداً نحو: أشد ذكراً.
ولا منوناً نحو: في ظلمات ثلاث.
ولا تاء ضمير نحو: خلقت طيناً.
فالباء تدغم في الميم في: يعذب من يشاء.
فقط.
والتاء في عشرة أحرف: التاء: بالبينات ثم.
والجيم: الصالحات جنات.
والذال: السيئات ذلك.
الزاي: الجنة زمراً.
والسين: الصالحات سندخلهم.
ولم يدغم: ولم يؤت سعة.
للجزم مع خفة الفتحة.
والشين: بأربعة شهداء.
والصاد: والملائكة صفا.
والضاد: حديث ضيف.
والجيم: في حرفين.
الشين: أخرج شطاه.
والتاء: ذي المعارج تعرج.
والحاء في العين: زحزح عن النار فقط.
والدال في عشرة أحرف: التاء: المساجد تلك.
بعد توكيدها.
والثاء: يريد ثواب.
والجيم: داود جالوت.
والذال: القلائد ذلك.
والزاي: يكاد زيتها.
والسين: والأصفاد سرابيلهم.
والشين: وشهد شاهد.
والصاد: نفقد صواع.
والضاد: من بعد ضراء.
والظاء: يريد ظلماً.
ولا تدغم مفتوحة بعد ساكن إلا في التاء لقوة التجانس.
والذال في السين في قوله: فاتخذ سبيله.
والصاد في قوله: ما اتخذ صاحبة.
والراء في اللام نحو: هن أطهر لكم.
المصير لا يكلف.
والنهار لآيات.
فإن فتحت وسكن ما قبلها لم تدغم نحو: والحمير لتركبوها.
والسين في الزاي في قوله: وإذا النفوس زوجت.
والشين في قوله: الرأس شيباً.
والشين في السين: في ذي العرش سبيلاً فقط.
والضاد في: لبعض شأنهم فقط.
والقاف في الكاف إذا ما تحرك ما قبلها نحو: ينفق كيف يشاء وكذا إذا كانت معها كلمة واحدة وبعدها ميم نحو: خلقكم.
والكاف في القاف إذا تحرك ما قبلها نحو: رسل ربك.
قال: ونقدس لك: قال: لا إن سكن قال: لا إن سكن نحو: وتركوك قائماً.
واللام في الراء إذا تحرك ما قبلها نحو: رسل ربك.
أوسكن وهي مضمومة أومكسورة نحو: لقول رسول.
إلى سبيل ربك.
لا إن فتحت نحو: فيقول رب إلا لام قال: فإنها تدعم حيث وقعت نحو: قال رب.
قال رجلان.
والميم تسكن عند الباء إذا تحرك ما قبلها فتخفى بغنة نحو: أعلم بالشاكرين.
يحكم بينهم.
مريم بهتاناً.
وهذا نوع من الإخفاء المذكور في الترجمة.
وذكر ابن الجزري له في أنواع الإدغام وتبع فيه بعض المتقدمين وقد قال هوفي النشر إنه غير صواب فإن سكن ما قبلها أظهرت نحو: إبراهيم بنيه.
والنون تدغم إذا تحرك ما قبلها في الراء وفي اللام نحو: تأذن ربك.
لن نؤمن لك.
إن سكت أظهرت عندهما نحو: يخافون ربهم.
أن تكون لهم.
غلا نون نحن فإنها تدغم نحو: نحن له.
وما نحن لك لكثرة دورها وتكرار النون فيها ولزوم حركتها وثقلها.
تنبيهان: الأول وافق أبو عمرو وحمزة ويعقوب في أحرف مخصوصة استوعبها ابن الجزري في كتابيه النشر والتقريب.
الثاني أجمع الأئمة العشرة على إدغام: مالك لا تأمنا على يوسف.
واختلفوا في اللفظ به فقرأ أبوجعفر بإدغامه محضاً بلا إشارة وقرأ الباقون بالإشارة روماً وإشماماً.
ضابط: قال ابن الجزري: جميع ما أدغمه أبو عمر من المثلين والمتقاربين إذا وصل السورة بالسورة ألف حرف وثلاثمائة وأربعة أحرف لدخول آخر القدر بلم يكن وإذا بسمل ووصل آخر السورة بالبسملة ألف وثلاثمائة وخمسة لدخول آخر الرعد إبراهيم وآخر إبراهيم بأول الحجر وإذا فصل بالسكت ولم يبسمل ألف وثلاثمائة وثلاثة.
وأما الإدغام الصغير: فهوما كان الحرف الأول فيه ساكناً وهو واجب وممتنع وجائز والذي جرت عادة القراء بذكره في كتب الخلاف هو الجائز لأنه الذي اختلف القراء فيه وهوقسمان: الأول: إدغام حرف من كلمة في حروف متعددة من كلمات متفرقة ووتنحصر في إذ وقد وتاء التأنيث وهل وبل فإذا اختلف في إدغامها وإظهارها عند ستة أحرف: التاء: إذا تبرا.
والجيم: إذ جعل.
والدال: إذ دخلت.
والزاي: إذ زاغت.
والسين: إذ سمعتموه.
والصاد: وإذ صرفنا.
وقد اختلف فيها عند ثمانية أحرف: الجيم: ولقد جاءكم.
والذال: ولقد ذرأنا.
والزاي: ولقد زينا.
والسين: قد سألها.
والشين: قد شغفها.
والصاد: ولقد صرفنا.
والضاد: فقد ضلوا.
والظاء: فقد ظلم.
وتاء التأنيث اختلف فيها عند ستة أحرف: التاء: بعدت ثمود.
والجيم: نضجت جلودهم.
والزاي: خبت زدناهم.
والسين: أنبتت سبع سنابل.
والصاد: لهدمت صوامع.
والظاء: كانت ظالمة.
لام: هل وبل اختلف فيها عند ثمانية أحرف تختص بل منها بخمسة.
الزاي: بل زين.
والسين: بل سولت.
والضاد: بل ضلوا.
والطاء: بل كبع.
والظاء: بل ظننتم.
وتختص هل بالثاء: هل ثوب.
ويشتركان في التاء والنون: هل تنقمون بل تأتيهم هل نحن بل نتبع.
القسم الثاني: إدغام حروف قربت مخارجها وهي سبعة عشر حرفاً اختلف فيها.
أحدها: الباء عند الفاء في: أويغلب فسوف.
وإن تعجب فعجب اذهب فمن فاذهب.
فإن.
ومن لم يتب فأولئك.
الثاني: يعذب من يشاء في البقرة.
الثالث: اركب معنا في هود.
الرابع: نخسف بهم في سبأ.
الخامس: الراء الساكنة عند اللام نحو: يغفر لكم.
واصبر لحكم ربك.
السادس: اللام الساكنة في الذال: من يفعل ذلك حيث وقع.
السابع: الثاء في الذال في: يلهث ذلك.
الثامن: الدال في الثاء: من يرد ثواب حيث وقع.
التاسع: الذال في التاء من: اتخذتم وما جاء من لفظه.
العاشر: الذال فيها من: فنبذتها في طه الحادي عشر: الدال فيها أيضاً في: غافر والدخان.
الثاني عشر: الثاء من لبثتم.
ولبثت كيف جاء.
الثالث عشر: التاء في فيها في: أورثتموها في الأعراف والزخرف.
الرابع عشر: الدال في الذال في: كهيعص ذكر.
الخامس عشر: النون في الواومن: يس والقرآن.
السادس عشر: النون فيها من: ن والقلم.
السابع عشر: النون عند الميم من طسم أول الشعراء أوالقصص.
قاعدة كل حرفين التقيا أولهما ساكن وكانا مثلين أوجنسين وجب إدغام الأول منهما لغة وقراءة.
فالمثلان نحو: اضرب بعصاك.
ربحت تجارتهم.
وقد دخلوا.
اذهب.
وقل لهم.
وهم من.
عن نفس.
يدرككم يوجهه.
والجنسان: نحو: قالت طائفة.
وقد تبين.
إذ ظلمتم.
بل ران.
هل رأيتم.
قل رب ما لم يكن أول المثلين حرف مد: قالوا وهم.
الذي يوسوس.
أوأول الجنسين فائدة كره قوم الإدغام في القرآن.
وعن حمزة أنه كرهه في الصلاة فتحصلنا على ثلاثة أقوال.
تذنيب يلحق بالقسمين السابق ينقسم آخر اختلف في بعضه وهوأحكام النون الساكنة والتنوين: ولهما أحكام أربعة: إظهار وإدغام وإقلاب وإخفاء.
فالإظهار لجميع القراء عند ستة أحرف وهي حروف الحلق: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء نحو: ينأون.
من آمن.
فإنهار.
من هاد.
جرف هار.
أنعمت.
من عمل.
عذاب عظيم.
وانجر.
من حكيم حميد.
فسينغصون.
من غل.
إله غيره.
والمنخنقة.
من خير: فإن لم تفعلوا.
هدى للمتقين.
من ربهم.
ثمرة رزقاً.
وأربعة بغنة وهي النون والميم والياء والواونحو: عن نفس.
حطة نغفر.
من مال.
مثلا ما.
من وال.
ورعد وبرق يجعلون.
والإقلاب: عند حرف واحد وهوالباء نحو: أنبئهم.
من بعدهم.
صم بكم بقلب النون والتنوين عند الباء ميماً خاصة فتخفى بغنة.
والإخفاء عند باقي الحروف وهي خمسة عشرة: التاء والثاء والجيم والدال والذال والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والفاء والقاف والكاف نحو: كنتم من باب.
جنات تجري.
والأنثى.
من ثمرة.
قولاً ثقيلاً.
أنجيتنا.
أن جعل.
خلقاً جديداً.
أنداداً أن دعوا.
كأساً دهاقاً.
أأنذرتهم.
من ذهب.
وكيلا ذرية.
تنزيل.
من زوال.
صعيداً زلقاً.
الإنسان.
من سوء.
ورجلاً سلماً.
أنشره.
إن شاء.
غفور شكور.
الأنصار.
أن صدوكم.
جمالات صفر.
منضود.
من ضل.
وكلا ضربنا.
المقنطرة.
من طين.
صعيداً طيباً.
ينظرون.
من ظهير.
ظلاً ظليلاً.
فانفلق.
من فضله.
خالداً فيها.
انقلبوا.
من قرار.
سميع قريب.
المنكر من.
كتاب كريم.
والإخفاء حالة بين الإدغام والإظهار ولا بد من الغنة معه.
النوع الثاني والثلاثون في المد والقصر أفرده جماعة من القراء بالتصنيف والأصل ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه: حدثنا شهاب بن حراش حدثني مسعود بن يزيد الكندي قال: كان ابن مسعود يقرئ رجلاً فقرأ الرجل: إنما الصدقات للفقراء والمساكين مرسلة فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف أقرأكما يا أبا عبد الرحمن فقال: أقرأنيها: إنما الصدقات للفقراء والمساكين فمدوها.
وهذا حديث حسن جليل حجة ونص في الباب رجال إسناده ثقات أخرجه الطبراني في الكبير.
المد: عبارة عن زيادة مط في حرف المد على المد الطبيعي وهوالذي لا تقوم ذات حرف المد دونه.
والقصر: ترك تلك الزيادة وإبقاء المد الطبيعي على حاله.
وحرف المد الألف مطلقاً والواوالساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة المكسور ما قبلها.
وسببه لفظي ومعنوي: فاللفظي إما همزة أوسكون فالهمز يكون بعد حرف المد وقبله.
والثاني نحو: آدم.
ورآى.
وإيمان.
وخاطئين.
وأوتوا.
والموؤدة.
والأول إن كان معه في كلمة واحدة فهوالمتصل نحو: أولئك.
شاء الله.
والسوآي.
ومن سوء.
ويضيء.
وإن كان حرف المد آخر كلمة والهمز أول أخرى فهوالمنفصل نحو: بما أنزل.
يا أيها.
قالوا آمنا.
أمره إلى الله.
في أنفسكم.
به إلا الفاسقين.
ووجه المد لأجل الهمز أن حرف المد خفيّ والهمز صعب فزيد في الخفي ليتمكن من النطق بالصعب.
والسكون: إما لازم وهوالذي لا يتغير في حاليه نحو: الضالين.
ودابة وآلم.
وأتحاجوني.
أوعارض وهوالذي يعرض للوقف ونحوه نحو: العباد.
والحساب.
ونستعين.
والرحيم.
ويوقنون حالة الوقف.
وفيه هدى.
وقال لهم.
ويقول ربنا حالة الإدغام.
ووجه المد وللسكون التمكن من الجمع بين الساكنين فكأنه قام مقام حركة.
وقد أجمع القراء على مد نوعي المتصل وذي الساكن اللازم وإن اختلفوا في مقداره واختلفوا في مد النوعين الآخرين وهما المنفصل وهوالساكن العارض وفي فصلهما.
فأما المتصل فاتفق الجمهور على مده قدراً واحداً مشبعاً من غير إفحاش وذهب آخرون إلى تفاضله كتفاضل المنفصل فالطولي لحمزة وورش ودونها لعاصم ودونها لابن عامر والكسائي وخلف ودونها لأبي عمرو والباقين.
وذهب بعضهم إلى أنه مرتبتان فقط: الطولي لمن ذكر والوسطى لمن بقى.
وأما ذوالساكن ويقال له العدل لأنه يعدل حركة فالجمهور أيضاً على مده مشيعاً قدراً واحداً من غير إفراط.
وذهب بعضهم إلى تفاوته.
وأما المنفصل ويقال له مد الفصل لأنه يفصل بين الكلمتين ومد البسط لأنه يبسط بين الكلمتين ومد الاعتبار لاعتبار الكلمتين من كلمة ومد حرف بحرف: أي مد كلمة بكلمة.
والمد جائز من أجل الخلاف في مده وقصره فقد اختلفت العبارات في مقدار مده اختلافاً لا يمكن ضبطه والحاصل أن له سبع مراتب.
الأولى: القصر وهوحذف المد العرضي وإبقاء ذات حرف المد على ما فيها من غير زيادة وهي في المنفصل خاصة لأبي جعفر وابن كثير ولأبي عمروعند الجمهور.
الثانية: فويق القصر قليلاً وقدرت بألفين.
وبعضهم بألف ونصف وهي لأبي عمرو.
وفي المتصل والمنفصل عند صاحب التيسير.
الثالثة: فويقها قليلاً وهي التوسط عند الجميع وقدرت بثلاث ألفات وقيل بألفين ونصف وقيل بألفين على أن ما قبلها بألف ونصف وهي لابن عامر والكسائي في الضربين عند صاحب التيسير.
الرابعة: فويقها قليلاً وقدرت بأربع ألفات وقيل بثلاث ونصف وقيل بثلاث على الخلاف فيما قبلها وهي لعاصم في الضربين عند صاحب التيسير.
الخامسة: فويقها قليلاً وقدرت بخمس ألفات وبأربع ونصف وبأربع على الخلاف.
وهي فيها لحمزة وورش عنده.
السادسة: فوق ذلك وقدرها الهذلي بخمس ألفات على تقديره الخامسة بأربع وذكر أنها لحمزة.
السابعة: الإفراط قدرها الهذلي بست وذكرها لورش.
قال ابن الجزري: وهذا الاختلاف في تقدير المراتب بالألفات لا تحقيق وراءه بل هولفظي لأن المرتبة الدنيا وهي القصر إذا زيد عليها أدنى زيادة صارت ثانية ثم كذلك حتى تنتهي إلى القصوى.
وأما العارض فيجوز فيه لكل من القراء كل من الأوجه الثلاثة: المد والتوسط والقصر.
وهي أوجه تخيير.
وأما السبب المعنوي فهوقصد المبالغة في النفي وهوسبب قوي مقصود عند العرب وإن كان أضعف من اللفظي عند القراء ومنه مد التعظيم في نحو: لا إله إلا هو.
لا إله إلا الله.
لا إله إلا أنت.
وقد ورد عن أصحاب القصر في المنفصل لهذا المعنى ويسمى مد المبالغة.
قال ابن مهران في كتاب المدات: إنما سمى مد المبالغة لأنه طلب للمبالغة في نفي إلهية سوى الله تعالى.
قال: وهذا مذهب معروف عند العرب لأنها تمد عند ال
وعند الاستعانة وعند المبالغة في نفي شيء ويمدون ما لا اصل له بهذه العلة.
قال ابن الجزري: وقد ورد عن حكزة مد المبالغة للنفي في لا التي للتبرئة نحو: لا ريب فيه.
لا شية فيها.
لا مرد له.
لا جرم.
وقدره في ذلك وسط لا يبلغ الإشباع لضعف سببه نص عليه ابن القصاع.
وقد يجتمع السببان اللفظي والمعنوي في نحو: لا إله إلا الله.
ولا إكراه في الدين.
ولا إثم عليه فيمد لحمزة مداً مشبعاً على أصله في المد لأجل الهمز ويلغي المعنوي إعمالاً للأقوى وإلغاء للأضعف.
قاعدة إذا تغير سبب المد جاز المد مراعاة الأصل والقصر نظراً للفظ سواء كان السبب همزاً أوسكوناً سواء تغير الهمز بين بين أوبإبدال أوحذف والمد أولى فيما بقي لتغير أثره نحو: هؤلاء إن كنتم في قراءة قالون والبزي والقصر فيما ذهب أثره نحوها في قراءة أبي عمرو.
قاعدة متى اجتمع سببان قوي وضعيف عمل بالقوي وألغى الضعيف إجماعاً ويتخرج عليها فروع منها: الفرع السابق في اجتماع اللفظي والمعنوي ومنها: نحو: جاءوا أباهم.
ورأى أيديهم إذا قرئ لورش لا يجوز فيه القصر ولا التوسط بالإشباع عملاً بأقوى السببين وهوالمد لأجل الهمز فإن وقف جاءوا ورأى جازت الأوجه الثلاثة بسبب تقدم الهمز على حرف المد وذهاب سببية الهمز بعده.
فائدة قال أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران النيسابوري: مدات القرآن على عشرة أوجه: مد الحجز في ونحو: أأنذرتهم.
أأنت قلت للناس.
أئذا متنا.
ألقى الذكر عليه لأنه أدخل بين الهمزتين حاجزاً خففهما لاستثقال العرب جمعهما وقدره ألف تامة في الإجماع فحصول الحجز بذلك ومد العدل في كل حرف مشدد وقبله حرف مد ولين ونحو: الضالين لأنه يعدل حركة: أي يقوم مقامها في الحجز بين الساكنين ومد التمكين في نحو: أولئك والمالئكة وسائر المدات التي تليها همزة لأنه جاب ليتمكن به من تحقيقها وإخراجها من مخرجها.
ومد البسط ويسمى أيضاً مد الفصل في نحو: بما أنزل لأنه يبسط بين كلمتين ويفصل به بين كلمتين متصلتين.
ومد الروم في نحو: ها أنتم لأنهم يرومون الهمزة من أنتم ولا يخفونها ولا يتركونها أصلاً ولكن يلينونها ويشيرون إليها وهذا على مذهب من لا يهمز ها أنتم وقدره ألف ونصف.
ومد الفرق في نحو: الآن لأنه يفرق به بين الاستفهام والخبر وقدره ألف تامة بالإجماع فإن كان بين ألف المد حرف مشدد زيد ألف أخرى ليتمكن به من تحقيق الهمزة نحو: الذاكرين الله.
ومد البنية في نحو: ساء و
ونداء وزكرياء لأن الاسم بني على المد فرقاً بينه وبين المقصور.
ومد المبالغة في نحو: لا إله إلا الله.
ومد البدل من الهمزة في نحو: آدم وآخر وآمن وقدره ألف تامة بالإجماع.
ومد الأصل في الأفعال المدودة نحو: جاء وشاء والفرق بينه وبين مد البنية أن تلك الأسماء بنيت على المد فرقاً بينها وبين المقصور وهذه مدات في أصول أفعال أحدثت لمعان انتهى.
النوع الثالث والثلاثون في تخفيف الهمز فيه تصانيف مفردة.
اعلم أن الهمز لما كان أثقل الحروف نطقاً وأبعدها مخرجاً تنوع العرب في تحقيقه بأنواع التخفيف وكانت قريش وأهل الحجاز أكثرهم تخفيفاً ولذلك أكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم كابن كثير من رواية ابن فليح وكنافع من رواية ورش وكأبي عمرو فإن مادة قراءته عن أهل الحجاز.
وقد أخرج ابن عدي من طريق موسى بن عبيدة عن نافع عن ابن عمر قال: ما همز رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.
قال أبو شامة: هذا حديث لا يحتج به وموسى بن عبيدة الربذي ضعيف عند أئمة الحديث.
قلت: وكذا الحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق حمران بن أعين عن أبي الأسود الدؤلي عن أبي ذرّ قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله فقال: لست بنبىء الله ولكني نبي الله قال الذهبي: حديث منكر وحمران رافضي ليس بثقة.
وأحكام الهمز كثيرة لا يحصيها أقل من مجلد والذي نورده هنا أن تحقيقه أربعة أنواع.
أحدها: النقل لحركته إلى الساكن قهله فيسقط قد أفلح بفتح الدال وبه قرأ نافع من طريق ورش وذلك حيث كان الساك صحيحاً آخراً والهمزة أولاً.
واستثنى أصحاب يعقوب عن ورش: كتابيه.
إني ظننت فسكنوا الهاء وحققوا الهمزة.
وأما الباقون فحققوا وسكنوا في جميع القرآن ثانيها: الإبدا أن تبدل الهمزة الساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها فتبدل ألفاً بعد الفتح نحو: وأمر أهلك وواواً بعد الضم نحو: يؤمنون وياء بعد الكسر نحو: جيت وبه يقرأ أبو عمرو وسواء كانت الهمزة فاءاً أم عيناً أم لاماً إلا أن يكون سكونها جزماً نحو: ننساها ونحو: أرجئه.
أويكون ترك الهمز فيه أثقل وهو: تؤوى إليك في الأحزاب أويوقع في الالتباس وهو: رئياً في مريم فإن تحركت فلا خلاف عنه في التحقيق نحو: يئوده.
ثالثها: التسهيل بينها وبين حركتها فإن اتفق الهمزتان في الفتح سهل الثانية الحرميان وأبو عمرو وهشام وأبدلها ورش ألفاً وابن كثير لا يدخل قبلها ألفاً وقالون وهشام وأبو عمرويدخلونها والباقون من السبعة يحققون.
وإن اختلفا بالفتح والكسر سهل الحرميان وأبو عمروالثانية وأدخل قالون وأبو عمروقبلها ألفاً والباقون يحققون أوبالفتح والضم وذلك في: قل أؤنبئكم.
وأأنزل عليه الذكر وأألقى فقط فالثلاثة يسهلون وقالون يدخل ألفاً والباقون يحققون.
قال الداني: وقد أشار الصحابة إلى التسهيل بكتابة الثانية واواً.
رابعها: الإسقاط بلا نقل وبه قرأ أبو عمروإذا اتفقا في الحركة وكانا فثي كلمتين فإن اتفقا كسرا نحو: هؤلاء إن كنتم جعل ورش وقنبل الثانية كياء ساكنة وقالون والبزي الأولى كياء مكسورة وأسقطها أبو عمرو والباقون يحققون.
وإن اتفقا فتحا نحو: جاء أجلهم جعل ورش وقنبل الثانية كمدة وأسقط الثلاثة الأولى والباقون يحققون.
أوضماً وهو: أولياء أولئك فقط أسقكها أبو عمرو وجعلها قالون والبزي كواومضمومة والآخران يجعلان الثانية كواوساكنة والباقون يخفقون.
ثم اختلف في الساقط هل هو الأولى أوالثانية والأول عن أبي عمرو.
والثاني عن الخليل من النحاة وتظهر فائدة الخلاف في المد فإن كان الساقط الأولى فهومنفصل أوالثانية فهومتصل.
النوع الرابع والثلاثون في كيفية تحمله اعلم أن حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة صرح به الجرجاني في الشافي والعبادي وغيرهما قال الجويني: والمعنى فيه أن لا ينقطع عدد التواتر فيه فلا يتطرق إليه التبديل والتحريف فإن قام بذلك قوم يبلغون هذا العدد سقط من الباقين وإلا أثم الكل.
وتعليمه أيضاً فرض كفاية وهوأفضل القرب ففي الصحيح خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وأوجه التحمل عند أهل الحديث السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه والسماع عليه بقراءة غيره والمناولة والإجازة والمكاتبة والعرضية والإعلام والوجادة.
فأما غير الأولين فلا يأتي هنا لما يعلم مما سنذكره.
وأما القراءة على الشيخ فهي المستعملة سلفاً وخلفاً.
وأما السماع من لفظ الشيخ فيحتمل أن يقال به هنا لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم لكن لم يأخذ به أحد من القراء.
والمنع ظاهر لأن المقصود هنا كيفية الأداء وليس كل من سمع لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته بخلاف الحديث فإن المقصود فيه المعنى أواللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم.
ومما يدل للقراءة على الشيخ عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل في رمضان كل عام.
ويحكى أن الشيخ شمس الدين بن الجزري لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة فلم يكتف بقراءته.
وتجوز القراءة على الشيخ ولوكان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة إذا كان بحيث لا يخفى عليهم حالهم.
وقد كان الشيخ علم الدين السخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويرد على كل منهم.
وكذا لوكان الشيخ مشتغلاً بشغل آخر كنسخ ومطالعة.
وأما القراءة من الحفظ فالظاهر أنها ليست بشرط بل يكتفى ولومن المصحف.
فصل كيفيات القراءة ثلاث.
إحداها: التحقيق وهوإعطاء كل حرف حقه من إشباع المد وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وبيان الحروف وتفكيكها وإخراج بعضها من بعض بالسكت والتنزيل والتؤدة وملاحظة الجائز من الوقوف بلا قصر ولا اختلاس ولا إسكان محرك ولا إدغامه وهويكون لرياضة الألسن وتقويم الألفاظ.
ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط بتوليد الحروف من الحركات وتكرير الراءات وتحريك السواكن وتطنين النونات بالمبالغة في الغنات كما قال حمزة لبعض من سمعه يبالغ في ذلك: أما علمت أن ما فوق البياض برص وما فوق الجعودة قطط وما ليس فوق القراءة ليس بقراءة.
وكذا يحترز من الفصل بين حروف الكلمة كمن يقف على التاء من نستعين وقفة لطيفة مدعياً أنه يرتل وهذا النوع من القراءة مذهب حمزة وورش وقد أخرج فيه الداني حديثاً في كتاب التجويد مسلسلاً لي أبيّ بن كعب أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم التحقيق وقال: إنه غريب مستقيم الإسناد.
الثانية: الحدر بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين وهوإدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمزة ونحوذلك مما صحت به الرواية مع مراعاة إقامة الإعراب وتقويم اللفظ وتمكين الحروف بدون بتر حروف المد واختلاس أكثر الحركات وذهاب صوت الغنة والتفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة ولا توصف بها التلاوة.
وهذا النوع مذهب ابن كثير وأبي جعفر ومن قصر المنفصل كأبي عمرو ويعقوب.
الثالثة: التدوير وهوالتوسط بين المقامين بين التحقيق والحدر وهوالذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مد المنفصل ولم يبلغ فيه الإشباع وهومذهب سائر القراء وهوالمختار عند أكثر أهل الأداء.
تنبيه سيأتي في النوع الذي يلي هذا استحباب الترتيل في القراءة والفرق بينه وبين التحقيق فيما ذكره بعضهم أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين والترتيل يكون للتدبير والتفكر فصل من المهمات تجويد القرآن وقد أفرده جماعة كثيرون بالتصنيف منهم الداني وغيره.
أخرج عن ابن مسعود أنه قال: جودوا القرآن.
قال القراء: التجويد حلية القراءة وهوإعطاء الحروف حقوقها وترتيبها ورد الحرف إلى مخرجه وأصله وتلطيف النطق به على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد يعني ابن مسعود.
وكان رضي الله عنه قد أعطى حظاً عظيماً في تجويد القرآن.
ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية وقد عد العلماء القراءة بغير تجويد لحناً فقسموا اللحن إلى جلي وخفي.
فاللحن خلل يطرأ على الألفاظ فيخل إلا أن الجلي يخل إخلالاً يختص بمعرفته علماء القراءة وأئمة الأداء الذين تلقوه من أفواه العلماء وضبطوه من ألفاظ أهل الأداء.
قال ابن الجزري: ولا أعلم لبلوغ النهاية في التجويد مثل رياضة الألسن والتكرار على اللفظ المتلقى من فم المحسن وقاعدته ترجع إلى كيفية الوقف والإمالة والإدغام وأحكام الهمز والترقيق والتفخيم ومخارج الحروف وقد تقدمت الأربعة الأول.
وأما الترقيق فالحروف المستقلة كلها مرققة لا يجوز تفخيمها إلا اللام من اسم الله بعد فتحة أوضمة إجماعاً أوبعد حروف الإطباق في رواية إلا الراء المضمومة أوالمفتوحة مطلقاً أوالساكنة في بعض الأحوال والحروف المستعلية كلها مفخمة لا يستثنى منها شيء في حال من الأحوال.
وأما مخارج الحروف: فالصحيح عند القراء ومتقدمي النحاة كالخليل أنها سبعة عشرة وقال كثير من الفريقين: ستة عشر فأسقطوا مخرج الحروف الحرفية وهي حروف المد واللين وجعلوا مخرج الألف من أقصى الحلق والواومن مخرج المتحركة وكذا الياء.
وقال قوم: أربعة عشر فأسقطوا مخرج النون واللام والراء وجعلوها من مخرج واحد.
قال ابن الحاجب: وكل ذلك تقريب وإلا فلكل حرف مخرج على حدة.
قال القراء: واختار مخرج الحرف محققاً أن تلفظ بهمز الوصل وتأتي بالحرف بعده ساكناً أومشدداً وهوأبين ملاحظاً فيه صفات ذلك الحرف المخرج الأول: الجوف للألف والواووالياء الساكنين بعد حركة تجانسهما.
الثاني: أقصى الحلق للهمزة والهاء.
الثالث: وسطه للعين والحاء المهملتين.
الرابع: أدناه للفم الغين والخاء.
الخامس: أقصى اللسان مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك للقاف.
السادس: أقصاه من أسفل مخرج القاف قليلاً وما يليه من الحنك للكاف.
السابع: وسطه بينه وبين وسط الحنك للجيم والسين والياء.
الثامن: للضاد المعجمة من أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس من الجانب الأيسر وقيل الأيمن.
التاسع: اللام من حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرفه وما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى.
العاشر: للنون من طرفه أسفل اللام قليلاً.
الحادي عشر: للراء من مخرج النون لكنها أدخل في ظهر اللسان.
الثاني عشر للطاء والدال والتاء من طرفه وأصول الثنايا العليا مصعداً إلى جهة الحنك.
الثالث عشر: لحرف الصفير الصاد والسين والزاي من بين طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى.
الرابع عشر: للظاء والثاء والذال من بين طرفه وأطراف الثنايا العليا.
الخامس عشر: للفاء من باطن الشفة السفلي وأطراف الثنايا العليا.
السادس عشر: للباء والميم والواوغير المدية بين الشفتين.
السابع عشر: الخيشوم للغنة في الإدغام والنون والميم الساكنة.
قال في النشر: فالهمزة والهاء اشتراكاً مخرجاً وانفتاحاً واستقالاً وانفردت الهمزة بالجهر والشدة والعين والحاء اشتركا كذلك وانفردت الحاء بالهمس والرخاوة الخالصة والغين والخاء اشتركا مخرجاً ورخاوة واستعلاء وانفتاحاً وانفردت الغين بالجهر والجيم والشين والياء اشتركت مخرجاً وانفتاحاً واستفالاً وانفردت الجيم بالشدة واشتركت مع الياء في الجهر وانفردت الشين بالهمس والتفشي واشتركت مع الياء في الرخاوة والضاد والظاء اشتركا صفة وجهراً ورخاوة واستعلاء وإطباقاً وافترقا مخرجاً وانفردت الضاد بالاستطالة والطاء والدال والتاء اشتركت مخرجاً وشدة وانفردت الطاء بالإطباق والاستعلاء واشتركت مع الدال في الجهر وانفردت التاء بالهمس واشتركت مع الدال في الانفتاح والاستفال والظاء والذال والثاء اشتركت مخراجاً ورخاوة وانفردت الطاء بالاستعلاء والإطباق واشتركت مع الدال في الجهر وانفردت الثاء بالهمس واشتركت مع الذال انفتاحاً واستفالاً والصاد والزاي والسين اشتركت مخرجاً ورخاوة وصفيراً وانفردت الزاي بالجهر واشتركت مع السين في الانفتاح والاستفال فإذا أحكم القارئ النطق بكل حرف على حدته موف حقه فليعمل نفسه بأحكامه حالة التركيب لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب وقويّ وضعيف ومفخم ومرقق فيجذب القوي الضعيف ويغلب المفخم المرقق ويصعب على اللسان النطق بذلك على حقه إلا بالرياضة الشديدة فمن أحكم صحة التلفظ حالة التركيب حصل حقيقة التجويد.
ومن قصيدة الشيخ علم الدين في التجويد ومن خطه نقلت: لا تحسب التجويد مدّاً مفرطاً ومدّ ما لا مدّ فيه لوان أوأن تشدد بعد مدّ همزة أوأن تلوك الحرف كالسكران أوأن تفوه بهمزة متهوعاً فيفرّ سامعها من الغثيان للحرف ميزان تك طاغياً فيه ولا تك مخسر الميزان فإذا همزت فجيء به متلطفاً من غير ما بهر وغير توان وامدد حروف المدّ عد مسكن أوهمزة حسناً أخ إحسان فائدة قال في جمال القراء: قد ابتدع الناس في قراءة القرآن أصوات الغناء فقال: إن أول ما غنى به من القرآن قوله تعالى أما السفينة فكانا لمساكين يعملون في البحر نقلوا ذلك من تغنيهم بالشاعر: أما القطاة فإني سوف أنعتها نعتاً يوافق عندي بعض ما فيها وقد قال صلى الله عليه وسلم في هؤلاء مفتونة قلوبهم ومن يعجبهم شأنهم ومما ابتدعوا شيء سموه الترعيد وهوأن يرعد صوته كأنه يرعد من برد وألم.
وآخر سموه الترقيص وهوأن يروم السكوت على الساكن ثم ينفر مع الحركة كأنه في عدوأوهرولة.
وآخر يسمى التطريب وهوأن يترنم بالقرآن ويتنغم به فيمد في غير مواضع المد ويزيد في المد على ما لا ينبغي.
وآخر يسمى لتحزين وهوأن يأتي على وجه حزين يكاد يبكي من خشوع وخضوع ومن ذلك نوع أحدثه هؤلاء الذين يجتمعون فيقرءون كلهم بصوت واحد فيقولون في قوله تعالى أفلا تعقلون أفل تعقلون بحذف الألف قال: آمنا بحذف الواويمدون ما لا يمد ليستقيم له الطريق التي سلكوها وينبغي أن يسمى التحريف انتهى.
فصل في كيفية الأخذ بإفراد القراءات وجمعها الذي كان عليه السلف أخذ كل ختمة برواية لا يجمعون رواية إلى غيرها أثناء المائة الخامسة فظهر جمع القراءات في الختمة الواحدة واستقر عليه العمل ولم يكونوا يسمحون به إلا لمن أفرد القراءات وأتقن طرقها وقرأ لكل قارئ بختمة على حدة بل إذا كان للشيخ راويان قرءوا لكل راوبختمة ثم يجمعون له وهكذا.
وتساهل قوم فسمحوا أن يقرأ لكل قارئ من السبعة بختمة سوى نافع وحمزة فإنهم كانوا يأخذون ختمة لقالون ثم ختمة لورش ثم ختمة لخلف ثم ختمة لخلاد ولا يسمح أحد بالجمع إلا بعد ذلك.
نعم إذا رأوا شخصاً أفرد وجمع على شيخ معتبر وأجيز وتأهل وأراد أن يجمع القراءات في ختمة لا يكلفونه الإفراد لعلمهم بوصوله إلى حد المعرفة والإتقان.
ثم لهم في الجمع مذهبان.
أحدهما: الجمع بالحرف بأن يشرع في القراءة فإذا مر بكلمة فيها خلف أعادها بمفردها حتى يستوفي ما فيها ثم يقف عليها إن صلحت للوقف وإلا وصلها بآخر وجه حتى ينتهي إلى الوقف.
وإن كان الخلف يتعلق بكلمتين كالمد المنفصل وقف على الثانية واستوعب الخلاف وانتقل إلى ما بعدها.
وهذا مذهب المصريين وهوأوثق في الاستيفاء وأخف على الأخذ لكنه يخرج عن رونق القراءة وحسن التلاوة.
الثاني: الجمع بالوقف بأن يشرع بقراءة من قدمه حتى ينتهي إلى وقف ثم يعود إلى القارئ الذي بعده إلى ذلك الوقف ثم يعود وهكذا أتى يفرغ.
وهذا مذهب الشاميين وهوأشد استحضاراً وأشد استظهاراً وأطول زمناً وأجود مكاناً.
وكان بعضهم يجمع بالآية على هذا الرسم.
وذكر أبو الحسن القبحاطي في قصيدته وشرحها لجامع القراءات شروطاً سبعة حاصلها خمسة.
أحدها: حسن الوقف.
ثانيها: حسن الابتداء.
ثالثها: حسن الأداء.
رابعها: عدم التركيب فإذا قرأ القارئ لا ينتقل إلى قراءة غيره حتى يتم ما فيها فإن فعل لم يدعه الشيخ بل يشير إليه بيده فإن لم يتفطن قال لم تصل فإن لم يتفطن مكث حتى يتذكر فإن عجز ذكر له.
الخامس: رعاية الترتيب في القراء والابتداء بما بدأ به المؤلفون في كتبهم فيبدأ بنافع قبل ابن كثير.
وبقالون قبل ورش.
قال ابن الجزري: والصواب أن هذا ليس بشرط بل مستحب بل الذين أدركناهم من الأستاذين لا يعدون منهما إلا من يلتزم تقديم شخص بعينه وبعضهم كان يراع في الجمع التناسب فيبدأ بالقصر ثم بالرتبة التي فوقه وهكذا إلى آخر مراتب المد أويبدأ بالمشبع ثم بما دونه إلى القصر وإنما يسلك ذلك مع شيخ بارع عظيم الاستحضار أما غيره فيسلك معه ترتيب واحد.
قال: وعلى الجامع أن ينظر ما في الأحرف من الخلاف أصولاً وفرشاً فما أمكن فيه التداخل اكتفى منه بوجه وما لا يمكن فيه نظر فإن أمكن عطفه على ما قبله بكلمة أوبكلمتين أوبأكثر من غير تخليط ولا تركيب اعتمده وإن لم يحسن عطفه رجع إلى موضع ابتدائه حتى يستوعب الأوجه كلها من غير إهمال ولا تركيب ولا إعادة ما دخل فإن الأول ممنوع والثاني مكروه والثالث معيب.
وأما القراءة بالتلفيق وخلط قراءة بأخرى فسيأتي بسطه في النوع الذي يلي هذا.
وأما القراءات والروايات والطرق والأوجه فليس للقارئ أن يدع منها شيئاً أويخل به فإنه خلل في إكمال الرواية الأوجه فإنها على سبيل التخيير فأي وجه أتى به أجزأه في تلك الرواية.
وأما قدر ما يقرأ حال الأخذ فقد كان الصدر الأول لا يزيدون على عشر آيات لكائن من كان.
وأما من بعدهم فرواه بحسب قوة الأخذ فقد كان الصدر الأول لا يزيدون على عشر آيات لكائن من كان.
وأما من بعدهم فرواه بحسب قوة الأخذ.
قال ابن الجزري: والذي استقر عليه العمل الأخذ في الإفراد بجزء من أجزائه مائة وعشرين وفي الجمع بجزء من أجزاء مائتين وأربعين ولم يحد له آخرون حداً وهواختيار السخاوي وقد لخصت هذا النوع ورتبت فيه متفرقات كلام أئمة القراءات وهونوع مهم يحتاج القارئ كاحتياج المحدث إلى مثله من علم الحديث.
فائدة ادعى ابن خير الإجماع على أنه ليس لأحد أن ينقل حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يكن له به رواية ولوبالإجازة فهل يكون حكم القرآن كذلك فليس لأحد أن ينقل آية أويقرأها ما لم يقرأها على شيخ لم أر ذلك نقلاً ولذلك وجه من حيث أن الاحتياط في أداء ألفاظ القرآن أشد منه في ألفاظ الحديث ولعدم اشتراطه فيه وجه من حيث أن اشتراطه ذلك في الحديث إنما هولخوف أن يدخل في الحديث ما ليس منه أويتقول على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله والقرآن محفوظ متلقى متداول ميسر وهذا هو الظاهر.
فائدة ثانية الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي فإقراء والإفادة فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء خلافاً لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطاً وإنما اصطلح الناس على الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالباً من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم لقصور مقامهم عن ذلك والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية.
فائدة ثالثة ما اعتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها لا يجوز إجماعاً بل إن علم أهلينه وجب عليه الإجازة أوعدمها حرم عليه وليست الإجازة مما يقابل بالمال فلا يجوز أخذه عنها ولا الأجرة عليها.
وفي فتاوى الصدر موهوب الجزري من أصحابنا أنه سئل عن شيخ طلب من الطالب شيئاً على إجازته فهل للطالب رفعه إلى الحاكم وإجباره على الإجازة.
فأجاب: لا تجب الإجازة إلى الشيخ ولا يجوز أخذ الأجرة عليها.
وسئل أيضاً عن رجل أجازه الشيخ بالإقراء ثم بان أنه لا دين له وخاف الشيخ ممن تفريطه فهل له النزول عن الإجازة فأجاب: لا تبطل الإجازة بكونه غير دين.
وأما أخذ الأجرة على التعليم فجائز ففي البخاري إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله وقيل إن تعين عليه لم يجز واختاره الحليمي.
وقيل لا يجوز مطلقاً وعليه أبوحنيفة لحديث أبي داود عن عبادة بن الصامت أنه علم رجلاً من هل الصفة القرآن فأهدى له قوساً فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها.
وأجاب من جوزه بأن في إسناده مقالاً وأنه تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئاً ثم أهدى إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجازة قبل التعليم.
وفي البستان لأبي الليث: التعليم على ثلاثة أوجه.
أحدها للحسبة ولا يأخذ به عوضاً.
والثاني: أن يعلم بالأجرة.
والثالث: أن يعلم بغير شرط فإذا أهدى إليه قبل فالأول مأجور وعليه عمل الأنبياء والثاني مختلف فيه والأرجح الجواز والثالث يجوز إجماعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معلماً للخلق وكان يقبل الهدية.
فائدة رابعة كان ابن بطحان إذا ردّ على القارئ شيئاً فاته فلم يعرفه كتبه عليه عنده فإذا أكمل الحتمة وطلب الإجازة سأله عن تلك المواضع فإن عرفها أجازه وإلا تركه يجمع ختمة أخرى.
فائدة أرى على مريد تحقيق القراءات وأحكام تلاوة الحروف أن يحفظ كتاباً كاملاً يستحضر به اختلاف القراء وتمييز الخلاف الواجب من الخلاف الجائز.