عدد المساهمات : 461 نقاط : 1313 تاريخ التسجيل : 21/11/2009 العمر : 30 الموقع : مدرسه شنواي
موضوع: غزوه بنى قينقاع السبت 2 يناير 2010 - 13:46
مقدمة
الخيانة والغدر وإحداث الشغب، والفتن، ونشر الفساد، مما اشتهر به اليهود قديماً وحديثاً، وذلك هو خلقهم، وطبعهم، وعلاجهم منه ليس بالأمر السهل اليسير، ولذلك لا ينفع معهم في كثير من الأحيان إلا القتل، أو الإبعاد ليبقى المجتمع سليماً من كيدهم ومؤامراتهم، والتاريخ إلى يومنا شاهد بذلك، فأينما حلوا أفسدوا، ولم يتقبلهم أي مجتمع، حتى إخوانهم فى الكفر لم يقبلوا بهم. فساد اليهود ونصيحة الرسول لهم وردهم عليه وصراع المسلمين مع اليهود بدأ منذ أول عهد الرسالة، وقد أقاموا عهوداً ومواثيق مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكنهم سرعان ما نقضوها، فبعد هزيمة قريش في غزوة بدر، ازداد غيظ اليهود في المدينة، وكان من أشدهم يهود بنى قينقاع، فقاموا بإثارة الشغب، واستفزاز المسلمين، فجمعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وطالبهم بالإسلام قبل أن يصيبهم ما أصاب قريشاً، فقابلوا ذلك بالرفض والصدود، والإستمرار في الأذى مغترين بما لديهم من آلات الحرب لكونهم صاغة وحدادين وصنّاع فأنزل الله فيهم قوله تعالى: { {11} قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ{12} قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَار } (آل عمران:12،13). سبب الحرب بينهم وبين المسلمين وذكر ابن كثير، وابن هشام أن امرأة من العرب جلست إلى صائغ في سوق بنى قينقاع، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها، فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا عليها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهودياً فشدت اليهود على المسلم فقتلوه. فحاصرهم المسلمون في حصونهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم، وأموالهم، ونسائهم، وذراريهم. مدة حصارهم قال ابن هشام : واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في محاصرته إياهم بشير بن عبد المنذر وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة . موقف عبد الله بن أبي بن سلول ثم قام زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول مطالباً رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلحاحٍ شديد أن يعفو عنهم، وكانوا حلفاء الخزرج، وفيه نزل قول الله "{50} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{51} فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة: 50،51)، فعامله الرسول بالمراعاة، ووهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه فيها، فخرجوا إلى أذرعات الشام، بعد أن قبض منهم الرسول صلى الله عليه وسلم أموالهم، ولم يلبثوا في الشام حتى هلك أكثرهم، وكان عددهم سبعمائة رجل. غزوات عام 3 هـ غزوة ذي أمر
كان النبي صلى الله عليه و سلم في مراقبة دائمة لأعدائه وخصومه الذين يبحثون عن أي فرصة تمكنهم من إلحاق الأذى بالمسلمين، وكان كلما هم هؤلاء الأعداء من الأعراب وغيرهم بمهاجمة المدينة خرج إليهم النبي صلى الله عليه و سلم فأدبهم وفرق جمعهم، وشتت شملهم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم بلغه أنّ جمعاً من غطفان قد تجمّعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة، يتزعمهم دعثور بن الحارث بن محارب، فخرج النبي صلى الله عليه و سلم في أربعمائة وخمسين رجلاً ما بين راكب وراجل، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ذلك في السنة الثالثة للهجرة، وفي أثناء الطريق قبض المسلمون على رجل يقال له جبار من بني ثعلبة فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فأسلم، وصار دليلاً للجيش إلى بلاد العدو، وهرب هؤلاء الأعراب من النبي صلى الله عليه و سلم وتفرقوا في رؤوس الجبال، ونزل صلّى الله عليه وآله وسلّم مكان تجمعهم وهو الماء المسمى بذي أمر فعسكر به قريباً من الشهر، ليُشعِر الأعراب بقوة المسلمين ويستولى عليهم الرعب والرهبة، وقد حصل لرسول الله صلى الله عليه و سلم من المعجزة، ومن إكرام الله له في هذه الغزوة أمر عجب. روى ابن اسحق وغيره من أصحاب المغازى والسير، أن المسلمين في هذه الغزوة أصابهم مطر كثير، فذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاجته فأصابه ذلك المطر فبلَّل ثوبه، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه، ثمّ نزع ثيابه فنشرها على شجرة لتجف، ثمّ اضطجع تحتها، والأعراب ينظرون إلى كلّ ما يفعل رسول الله، فقالت الأعراب لدعثور - وكان سيّدهم وأشجعهم - قد أمكنك الله من قتل محمّد، وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوّث - أي طلب الغوث والنجدة - بأصحابه لم يُغث حتى تقتله، فاختار سيفاً من سيوفهم صارماً، ثمّ أقبل حتّى قام على رأس رسول الله بالسيف مشهوراً فقال: يا محمّد من يمنعك منّى اليوم؟ قال: الله، ودفع جبريل عليه السلام في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقام على رأسه وقال: من يمنعك منّى ؟، قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، والله لا أُكثِّر عليك جمعاً أبداً، ثم أعطاه رسول الله سيفه ثمّ أدبر، ثمّ أقبل بوجهه ثمّ قال: والله لأنت خير منى، قال رسول الله: أنا أحقّ بذلك منك، فأتى قومه فقالوا له: أين ما كنت تقول، وقد أمكنك الله منه، والسيف في يدك ؟ قال: قد كان والله ذلك، ولكني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري، فعرفت أنّه مَلَك، وشهدت أنّ محمداً رسول الله، والله لا أُكثِّر عليه جمعاً أبداً، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام، ونزلت هذه الآية: {يا أيها الذِين آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ الله عَليكُم إذ هَمَ قَومٌ أن يَبسُطُوا إليكم أيديهم فَكَفَّ أيديهم عَنكُم} (المائدة:11). وهذه القصة ثابتة في الصحيحين بسياق مختلف، وفي غزوة أخرى كذلك، وما في الصحيحين أصح. ومن هذه الغزوة وما حصل فيها، يتبين لنا أن الله ناصر دينه وجنده، وما على المسلمين إلا أن يبذلوا وسعهم، ويجاهدوا لإعلاء كلمة الله، والله نسأله أن ينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان، إنه ولى ذلك والقادر عليه، و رب العالمين.
غزوه أحد
وفي شوال سنة 3هـ كانت وقعة أحد. وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقع بقريش يوم بدر، وترأس فيهم أبو سفيان، لذهاب أكابرهم، أخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلى المسلمين. ويجمع الجموع، فجمع قريباً من ثلاثة آلاف من قريش، والحلفاء والأحابيش. وجاءوا بنسائهم لئلا يفروا، ثم أقبل بهم نحو المدينة، فنزل قريباً من جبل أحد. فاستشار رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه في الخروج إليهم، وكان رأيه أن لا يخرجوا، فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه السكك، والنساء من فوق البيوت، ووافقه عبد الله بن أبى - رأس المنافقين - على هذا الرأي، فبادر جماعة من فضلاء الصحابة - ممن فاته بدر - وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخروج، وألحوا عليه. فنهض ودخل بيته، ولبس لأمته، وخرج عليهم، فقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على الخروج. ثم قالوا: إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل، فقال: ما ينبغي لنبي إذا لبس درعه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين عدوه. فخرج في ألف من أصحابه، واستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم. وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى رؤيا: رأى أن في سيفه ثلمة، وأن بقراً تذبح. وأنه يدخل يده في درع حصينة. فتأول الثلمة: برجل يصاب من أهل بيته، والبقر: بنفر من أصحابه يقتلون، والدرع بالمدينة، فخرج، وقال لأصحابه: عليكم بتقوى الله، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو، وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا. فلما كان بالشوط - بين المدينة وأحد - انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر، وقال: عصاني. وسمع من غيري ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا، أيها الناس ؟ فرجع وتبعهم عبد الله بن عمرو - والد جابر - يحرضهم على الرجوع، ويقول: قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع، فرجع عنهم وسبهم. وسأل نفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يستعينوا بحلفائهم من يهود ، فأبى، وقال: من يخرج بنا على القوم من كثب ؟. فخرج به بعض الأنصار، حتى سلك في حائط لمربع بن قيظي من المنافقين - وكان أعمى - فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين، ويقول: لا أحل لك أن تدخل في حائطي، إن كنت رسول الله. فابتدروه ليقتلوه. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر. ونفذ حتى نزل الشعب من أحد، في عدوة الوادي الدنيا، وجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم. فلما أصبح يوم السبت تعبأ للقتال، وهو في سبعمائة، منهم خمسون فارساً، واستعمل على الرماة - وكانوا خمسين - عبد الله بن جبير. وأمرهم: أن لا يفارقوا مركزهم، ولو رأوا الطير تختطف العسكر، وأمرهم: أن ينضحوا المشركين بالنبل، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم. وظاهر رسول الله صلى الله عليه و سلم بين درعين. وأعطى اللواء مصعب بن عمير، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام، وعلى الأخرى: المنذر بن عمرو. واستعرض الشباب يومئذ، فرد من استصغر عن القتال - كابن عمر، وأسامة بن زيد، والبراءة، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعرابة الأوسى - وأجاز من رآه مطيقاً. وتعبأت قريش، وهم ثلاثة آلاف. وفيهم مائتا فارس، فجعلوا ميمنتهم: خالد بن الوليد، وعلى الميسرة: عكرمة بن أبى جهل. ودفع رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفه إلى أبي دجانة. وكان أول من بدر من المشركين أبو عامر - عبد عمرو بن صيفي - الفاسق، وكان يسمى الراهب. وهو رأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام شرق به، وجاهر بالعداوة. فذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم ووعدهم: بأن قومه إذا رأوه أطاعوه، فلما ناداهم، وتعرف إليهم، قالوا: لا أنعم الله بك عيناً يا فاسق، فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر. ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً، ثم أرضخهم بالحجارة. وأبلى يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلى، والنضر بن أنس، وسعد بن الربيع بلاء حسناً. وكانت الدولة أول النهار للمسلمين، فانهزم أعداء الله، وولوا مدبرين، حتى انتهوا إلى نسائهم، فلما رأى ذلك الرماة، قالوا: الغنيمة، الغنيمة، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلم يسمعوا، فأخلوا الثغر، وكر فرسان المشركين عليه، فوجدوه خالياً، فجاءوا منه. وأقبل آخرهم حتى أحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة - وهم سبعون - وولى الصحابة. وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فجرحوه جراحات، وكسروا رباعيته. وقتل مصعب بن عمير بين يديه، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب. وأدركه المشركون يريدون قتله، فحال دونه نحو عشرة حتى قتلوا، ثم جالدهم طلحة بن عبيد الله حتى أجهضهم عنه، وترس أبو دجانة عليه بظهره، والنبل يقع