القاهرة: أكد الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشّريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أنّ العشر الأول من ذي الحجة أيام مباركة، ولفضلها أقسم المولى سبحانه بها في كتابه الكريم، حيث قال: { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
وقال كريمة لموقع "الفقه الإسلامي": لذلك يجب على المسلم في هذه الأيام أن يجتهد في العبادة من صلاة، وقراءة للقرآن، وذكر الله ، وأن يُكثر من ال
، وأن يُغيث ذوي الحاجات، ويوّسع على الفقراء، ويجدد العهد مع الله سبحانه وتعالى، هذا بالإضافة إلى الصّيام. مشيرًا إلى أنه - صلى الله عليه وسلم- كان يصومها، ففي سنن أبي داود وغيره عن بعض أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم- قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة"...
ويقول الشيخ محمد صالح المنجد - من علماء المملكة السعودية-:
من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة، التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال: ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري 2/457 .
مشيرا إلى أن هذه الأحاديث وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان .
وأضاف المنجد أن أهمية العشر الأوائل تتضح في التالي :
1- أن الله تعالى أقسم بها: والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى : { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير: "وهو الصحيح" تفسير ابن كثير8/413 .
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم، شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما تقدّم في الحديث الصحيح .
3- أنه حثّ فيها على العمل الصالح: لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار، وشرف المكان - أيضًا - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام.
4- أنه أمر فيها بكثرة التّسبيح والتّحميد والتّكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحبّ إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التّهليل والتّكبير والتّحميد". أخرجه أحمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر .
5- أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين، وفي العشر أيضًا يوم النّحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق، وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره .
6- أن فيها الأضحية والحجّ .
في وظائف عشر ذي الحجة: إن إدراك هذا العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد، يقدّرها حق قدرها الصالحون المشمّرون.
وواجب المسلم استشعار هذه النعمة، واغتنام هذه الفرصة، وذلك بأن يخص هذا العشر بمزيد من العناية، وأن يُجاهد نفسه بالطّاعة.
وإن من فضل الله تعالى على عباده كثرة طرق الخيرات، وتنوع سبل الطّاعات؛ لي
نشاط المسلم ويبقى ملازمًا لعبادة مولاه .
ويرى المنجد، أن من الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة :
1- الصيام: فيُسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) حثّ على العمل الصالح في أيام العشر، والصّيام من أفضل الأعمال. وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا الصّيام فإنه ليّ وأنا أجزي به" أخرجه البخاري 1805 .
وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر. وأول اثنين من الشهر وخميسين" أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/462 .
2- التكبير : فيُسن التّكبير والتّحميد والتّهليل والتّسبيح أيام العشر، والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات، وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهارًا للعبادة، وإعلانًا بتعظيم الله تعالى ، ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة.
قال الله تعالى : {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} الحج : 28. والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما :(الأيام المعلومات: أيام العشر)، وصفة التكبير : الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد، وهناك صفات أخرى.
3- أداء الحج والعمرة : إن من أفضل ما يُعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج : (المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
4- الإكثار من الأعمال الصالحة عمومًا: لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى، وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى. فمن لم يمكنه الحجّ فعليه أن يُعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، وال
، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة .
5- الأضحية: ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التّقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي، واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .
6- التوبة النصوح : ومما يتأكد في هذا العشر التّوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب. والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا ندمًا على ما مضى، وتركًا في الحال، وعزمًا على ألا يعود، والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى