الرئيس نيكولاي ساركوزي..... والبراقع التي ما عادت قاتلة...!
3 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
محمدسامح عضو مبدع
عدد المساهمات : 105 نقاط : 325 تاريخ التسجيل : 22/11/2009 العمر : 29
موضوع: الرئيس نيكولاي ساركوزي..... والبراقع التي ما عادت قاتلة...! الأربعاء 30 ديسمبر 2009 - 16:14
في تقديمه لكتاب فرانز فانون المعذبون في الأرض يصف الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر واحدة من أهم استراتيجيات التغيير في مناطق ما يسمى بالعالم النامي فيقول:
'' كنا نحضر رؤساء القبائل وأولاد الأشراف والأثرياء والسادة من أفريقيا وآسيا ، ونطوف بهم بضعة أيام في أمستردام ولندن والنرويج وبلجيكا وباريس ، فتتغير ملابسهم، ويلتقطون بعض أنماط العلاقات الاجتماعية الجديدة ، ويكتسبون منا طريقة جديدة في الرواح والغدو ، ويتعلمون لغاتنا وأساليب رقصنا ، وركوب عرباتنا ، وكنا ندبر لبعضهم أحياناً زيجات أوروبية، ثم نلقنهم أسلوب الحياة على أساس جديد، وطرز جديدة من الزينة ، واستهلاك أوروبي جديد وغذاء أوروبي جديد، كنا نصنع في أعماق قلوبهم الرغبة في أوْرَبة بلادهم، ثم نرسلهم إلى بلادهم، وأي بلاد ؟! بلاد كانت أبوابها مغلقة دائماً في وجوهنا ، لم نكن نجد منفذاً إليها، كنا بالنسبة إليها رجساً ونجساً، كنا أعداء يخافون منا، وكأنهم همج لم يعرفوا بشراً. لكنا بمجرد أن أرسلنا المفكرين الذين صنعناهم إلى بلادهم ، صرنا بمجرد أن نصيح من أمستردام أو برلين أو بلجيكا أو باريس، قائلين :' الإخاء البشري' !!... نرى أن رجع أصواتنا يرتد إلينا من أقاصي أفريقية أو من فج من الشرق الأوسط أو الأدنى أو شمال أفريقية كما نقول 'الإخاء البشري' ......كانوا هناك يرددون ما نقوله هنا تماماً مثل الثقب الذي يتدفق الماء منه في الحوض، هاهي أصواتنا في أفواههم ، وهاهي تصمت أيضاً ، وحينما كنا نتكلم كنا نسمع انعكاساً صادقاً وأميناً لأصواتنا من الحناجر التي صنعناها بأيدينا، والأهم من هذا كله إننا كنا واثقين من أن هؤلاء المفكرين لا يملكون كلمة واحدة يقولونها غير ما وضعنا في أفواههم''...انتهى كلام سارتر هنا. ( المصدر: نصر محمد عارف ، إبستمولوجيا الخطاب العربي المعاصر ، 2001، ص : 97-98).
أما بعد ،،،
فقد جدد الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي انتقاده للثقافة العربية الإسلامية الأسبوع الفائت حين قال بأن النقاب أو البرقع "ليس رمزا دينيا (بل هو) رمز استعباد" للمرأة . وفي محاولة شبه مستميتة لربط النقاب بحقيقة معاناة المرأة في بلدان إسلامية كأفغانستان والسعودية أردف ساركوزي قائلاً: "لا يمكن ان نقبل في بلادنا نساء سجينات خلف سياج ومعزولات عن أي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة. هذه ليست الرؤية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية بالنسبة لكرامة المراة". لكن الرئيس الفرنسي اليميني النزعة والذي عرف عنه — قبل ترشحه للانتخابات الفرنسية— رفع شعار العداء للأقليات المسلمة في البلاد يعاود ترديد الشعار العلماني بقوله: "ان العلمانية ليست رفضا للديانات بل مبدأ يقوم على الحياد والاحترام" وأننا في الجمهورية الفرنسية "لا ينبغي ان نخطىء المعركة، ( بل) يجب احترام الدين الاسلامي بنفس قدر احترام باقي الاديان". أنتهى كلام ساركوزي هنا.
ولو اقتصر الأمر على ازدياد النزعة المركزية الأوروبية (Eurocentrism) في فهم الدلالات في ثقافة الآخرين وتفسير رموزها عبر الكرة الأرضية على أساس ثقافي أوروبي محض لربما هان الأمر (قليلاً). فالعالم الحديث بات يعرف أكثر من أي وقت مضى أن الخطاب الأوروبي لا يزال مأزوماً ومشبعاً بالحساسية المفرطة تجاه الآخر وبالخوف من الثقافات القادمة من بلدان المستعمرات الأوروبية السابقة مما نجم عن ذلك سعي حثيث في هذا الخطاب إلى تقييد سلوك ثقافات الآخرين وتحويله ليكون سلوكا أوروبيا محضاً.
إنها حساسية تتجسد في أنماط من الإشمئزاز من كل ما ليس أوروبياً في أصله أو ظاهره. ويحتفظ عالم اليوم في ذاكرته بعقود من الزمن ظل فيها الإنسان الأوروبي — سواء أكان فيلسوفاً أخلاقياً أم سياسياً براغماتياً — عندما يناصر قضية حول العالم إنما يمارس نوعاً من الإستماع إلى صوت ثقافة أوربا في العالم فيرحب فقط بكل فعل آسيوي وأفريقي وأمريكي يضمن فيه استيعاب الدرس الأوروبي الذي اكتسبته تلك الثقافات الأجنبية عبر عقود من الإحتلال والغزو العسكري الأوروبي أو التنصير بأيد أوروبية أو التبادل التجاري أو البعثات التعليمية ذات الطابع التسييسي وقلما يكون الطابع غير ذلك.
والأمر لم يقتصر على مناداة السياسي والمفكر الأوروبي بإخصاء الآخر ثقافياً ليكون تابعاً أبدياً بل تجاوز إلى أن المثقف التغريبي المحلي أصبح يأخذ هذا الخطاب المركزي الأوروبي الـ (Eurocentric) على كل علاته والمثال الأقرب هو هذا الخطاب الساركوزي عن حجاب المرأة المسلمة وحقها في الاحتفاظ به كحق فردي وخيار شخصي. فانقسم المثقفون العرب/المسلمون في هذه القضية إلى فئتين كادتا أن تكونا بلا ثالث: فئة تقبل برأي ساركوزي (مع البصم بالأصابع العشرة ~ كما يقال) وفكرة ترفض الفكرة رفضاً قائماً على عموميات الخطاب الإسلامي بشأن الحجاب وأنه أمر سماوي لا مفر منه. فلم نجد مثلاً بين الكتاب من يدافع عن الحق الفردي في فرنسا التي تدخلت تدخلاً سافراً في الدين الإسلامي في محاولة للعبث برمزيته والتعاطي الجاهل مع الشيفرة الأخلاقية فيه.
لقد أصبح هذا المثقف المحلي المستنسخ يساهم في انتاج خطاب محلي يتسم بالعماوة والاضطراب. فهو من ناحية يعتمد مباديء العولمة ( بمعايير أوروبية) و يدعو إلى نوع من التداخل الثقافي حين يراد له أن يشترك في عملية تغريب المجتمع. أما حين تكون هذه العولمة في الإتجاه الآخر والقبول بالثقافات الأخرى في مجتمعات أوروبية تثور ثائرة هذا المثقف التغريبي وكأنه فقيه سلفي متنطع ينادي بالإنغلاق واحترام السياج الحديدي الفكري الذي يريد ضربه حول البلاد كيلا يدخل الغربي فيها بملابسه العارية ورمزيته الإباحية. إنها عولمة في اتجاه واحد لا اتجاهين. وهنا نتذكر ما قال سارتر قبل خمسين عاماً عن المثقف الحديث العهد بالاستقلال عن أوروبا.
ومع إن المرء هنا لا يشك في أن محاولة ساركوزي هذه في التدخل بالكود الثقافي للآخرين سوف تبوء بالإخفاق والخسران، فإنه يظل من أوجب الواجبات على المثقف الحيوي أن يدافع عن المجتمع عموماً وعن خياراته الفكرية بالذات ، وبالأخص حيثما يكون المجتمع ضعيفاً كمجتمع المسلمين والعرب والأفارقة الذي يعيش في الديار الفرنسية مهيض الجناح ، ويتعاطى مع هجمات شرسة متلاحقة في عيشه وأسلوب تفكيره وطريقة حياته وكان آخر تلك الهجمات هجوم ساركوزي قبل أسبوع على دلالات ثقافية خاصة بهذا المجتمع وحقه في تقرير المصير الفردي السلوكي سواء أكان هذا السلوك الفردي مستوحى من نظرية دينية إعتقادية لا يحق لساركوزي الخوض في صحيحها وخاطئها أم كان هذا السلوك نابعاً من رؤية فردية ذاتية لم يعهدها بشر من قبل كأن يرتدي الإنسان قناعاً يميزه عن سواه من البشر أو أن يكسو عورته بالشكل الذي يروق له.
وإخفاق المثقف الليبرالي بالذات في الدفاع عن حقوق المسلمين هناك هو دليل على أزمة واحتقان أيديولوجي بين كثير من هؤلاء الليبراليين الذين فضلوا السكوت عن هذا الهجوم المؤسسي الوحشي على حقوق ثقافية ..سكوتاً ثمنه التشفي من خصومهم الإسلاميين والرغبة في هزيمتهم سياسياً عن طريق محارب مرتزق عتيد إسمه الرئيس نيكولاي ساركوزي.
اقتباس: فإنه يظل من أوجب الواجبات على المثقف الحيوي أن يدافع عن المجتمع عموماً وعن خياراته الفكرية بالذات ، وبالأخص حيثما يكون المجتمع ضعيفاً كمجتمع المسلمين والعرب والأفارقة الذي يعيش في الديار الفرنسية مهيض الجناح ، ويتعاطى مع هجمات شرسة متلاحقة في عيشه وأسلوب تفكيره وطريقة حياته وكان آخر تلك الهجمات هجوم ساركوزي قبل أسبوع على دلالات ثقافية خاصة بهذا المجتمع وحقه في تقرير المصير الفردي السلوكي سواء أكان هذا السلوك الفردي مستوحى من نظرية دينية إعتقادية [لا يحق لساركوزي الخوض في صحيحها وخاطئها] أم كان هذا السلوك نابعاً من رؤية فردية ذاتية لم يعهدها بشر من قبل كأن يرتدي الإنسان قناعاً يميزه عن سواه من البشر أو أن يكسو عورته بالشكل الذي يروق له.
وإخفاق المثقف الليبرالي بالذات في الدفاع عن حقوق المسلمين هناك هو دليل على أزمة واحتقان أيديولوجي بين كثير من هؤلاء الليبراليين الذين فضلوا السكوت عن هذا الهجوم المؤسسي الوحشي على حقوق ثقافية ..سكوتاً ثمنه التشفي من خصومهم الإسلاميين والرغبة في هزيمتهم سياسياً عن طريق [محارب مرتزق عتيد إسمه الرئيس نيكولاي ساركوزي .]
جومانة عضو vip
عدد المساهمات : 6816 نقاط : 6982 تاريخ التسجيل : 02/11/2009
موضوع: رد: الرئيس نيكولاي ساركوزي..... والبراقع التي ما عادت قاتلة...! الأحد 19 يناير 2014 - 15:42