السؤال : زميلي أخ ملتزم مواظب على الفرائض والسنن وجدته يسجد لله سجودا ليس هو سجود الصلاة ولا سجود السهو ولا سجود التلاوة ولا سجود الشكر وإنما هو سجود يفعله في أي زمن يشتهي وفي هذا السجود يذكر الله بالأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويستدل بقوله صلى الله عليه وسلم : (أعني على نفسك بكثرة السجود ) فهل هذا السجود صحيح أم هو بدعة ؟
الجواب:
الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يعبد الله إلا بما شرع ، وليس في الشريعة التعبد لله بالسجدة المفردة ، إلا أن تكون سجدة تلاوة أو سجدة شكر ، ولا يشرع غير هذا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2499) ومسلم (3242)، وفي لفظ له : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/565) : " لو خضع إنسان لله تعالى فتقرب بسجدة بغير سبب يقتضي سجود شكر ففيه وجهان حكاهما إمام الحرمين وغيره ( أحدهما ) : يجوز , قاله صاحب التقريب ( وأصحهما ) : لا يجوز , صححه إمام الحرمين وغيره وقطع به الشيخ أبو حامد . قال إمام الحرمين : وكان شيخي - يعني أبا محمد - يشدد في إنكار هذا السجود ، واستدلوا لهذا بالقياس على الركوع , فإنه لو تطوع بركوع مفردا كان حراما بالاتفاق ; لأنه بدعة ، وكل بدعة ضلالة إلا ما دل دليل على استثنائه , وسواء في هذا الخلاف في تحريم السجدة ما يفعل بعد صلاة وغيره " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " أنكر من هذا ما يفعله بعض الناس من أنه يسجد بعد السلام سجدة مفردة , فإن هذه بدعة , ولم ينقل عن أحد من الأئمة استحباب ذلك . والعبادات مبناها على الشرع والاتباع , لا على الهوى والابتداع ; فإن الإسلام مبني على أصلين : أن لا نعبد إلا الله وحده , وأن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا نعبده بالأهواء والبدع " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/242).
وقال ابن الحاج في "المدخل" (4/266) في إنكار السجدتين المفردتين بعد صلاة الرغائب : " الصلاة إنما يراد بها التقرب إلى الله تعالى ، والتقرب إنما يكون بالامتثال لا بالابتداع ولا بالمكروه ... والعلماء إنما أجازوا السجود المنفرد عن الصلاة في موضعين لا ثالث لهما : أحدهما : سجود التلاوة . والثاني : سجود الشكر على مذهب من يراه . وليست هاتان السجدتان منهما ; لأنه لم يرد ذلك عن السلف الماضين رضي الله عنهم " انتهى .
وليعلم أن الشيطان حريص على إيقاع العبد في البدعة ، لأمور :
منها أنه : لا يؤجر عليها .
ومنها : أنها تشغله عن فعل السنة ، مع ما فيها من الاستدراك على الشارع وكأن المبتدع هُدي إلى ما لم يهد إليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وخلاصة الجواب : أن هذه السجدة غير مشروعة ويدل على ذلك :
1- أنها بدعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل بدعة ضلالة )
2- قياساً على أنه لا يجوز التقرب إلى الله بركوع مفرد .
والله أعلم .