أ.د / أحمد بن محمد الشرقاوي أستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر • اتفقت الشرائع السماوية على تحريم الخنزير فهو رجسٌ ونجسٌ وهذه صفةٌ ملازمةٌ له لا تنفك عنه ، فهو محرمٌ في جميع الكتب السابقة التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه ، كما ورد تحريمه في القرآن ، ختام الكتب الإلهية. • ورغم أن النصارى يؤمنون بما يطلقون عليه الكتاب المقدس والذي يضم أسفار العهد القديم ؛ فإنهم يأكلون لحم الخنزير رغم ورود تحريمه في مواضع عديدة من العهد القديم في سفر اللاويين والتثنية وإشعياء وغيرها. • ولم تصل بي نتائج البحث عن نص واحد في الأناجيل الأربعة يصرح بتحليل لحم الخنزير هذا اللحم النجس ، بل جاء في إنجيل متى ما يدل على ذمه وتحقيره. • وفيما يلي نصوص من العهد القديم الذي يؤمن به النصارى ويقدسونه ، ويعتقدونه جزءا من دينهم : 1) سفر اللاويين 11: 7 وَالْخِنْزِيرَ، لأَنَّهُ يَشُقُّ ظِلْفًا وَيَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ، لكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ، فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. 2) سفر التثنية 14: 8 وَالْخِنْزِيرُ لأَنَّهُ يَشُقُّ الظِّلْفَ لكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. فَمِنْ لَحْمِهَا لاَ تَأْكُلُوا وَجُثَثَهَا لاَ تَلْمِسُوا. 3) سفر إشعياء 65: 4 يَجْلِسُ فِي الْقُبُورِ، وَيَبِيتُ فِي الْمَدَافِنِ. يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَفِي آنِيَتِهِ مَرَقُ لُحُومٍ نَجِسَةٍ. 4) سفر إشعياء 66: 17 الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ وَيُطَهِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ وَرَاءَ وَاحِدٍ فِي الْوَسَطِ، آكِلِينَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالرِّجْسَ وَالْجُرَذَ، يَفْنَوْنَ مَعًا، يَقُولُ الرَّبُّ. 5) سفر المكابيين الثاني 6: 18 كان رجل يقال له العازار من متقدمي الكتبة طاعن في السن رائع المنظر في الغاية فاكرهوه بفتح فيه على اكل لحم الخنزير 6) سفر المكابيين الثاني 6: 20 وقذف لحم الخنزير من فيه ثم تقدم كما يليق بمن يتمنع بشجاعة عما لا يحل ذوقه رغبة في الحياة 7) سفر المكابيين الثاني 7: 1 وقبض على سبعة اخوة مع امهم فاخذ الملك يكرههم على تناول لحوم الخنزير المحرمة ويعذبهم بالمقارع والسياط ، وانفذ الملك كتبا على ايدي رسل الى اورشليم ومدن يهوذا ان يتبعوا سنن الاجانب في الارض ويمتنعوا عن المحرقات والذبيحة والسكيب في المقدس ويدنسوا السبوت والاعياد وينجسوا المقادس والقديسين ويبتنوا مذابح وهياكل ومعابد للاصنام ويذبحوا الخنازير والحيوانات النجسة ويتركوا بنيهم قلفا ويقذروا نفوسهم بكل نجاسة ورجس حتى ينسوا الشريعة ويغيروا جميع الاحكام ومن لا يعمل بمقتضى كلام الملك يقتل وفي رسالة بطرس الرسول الثانية 2: 22 قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي الْمَثَلِ الصَّادِقِ: «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى قَيْئِهِ»، وَ«خِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ الْحَمْأَةِ. وقد ورد في إنجيل متى 7: 6 لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ. وهذان النصان الورادان في الإنجيل ينطويان على تحقير وتنفير من الخنازير ، لكن نصوص العهد القديم مصرحة ومبينة وحاسمة وفاصلة في تحريم الخنازير ، والنصارى يحتجون بها ويؤمنون بها إيمانهم بالأناجيل : وقد ورد في سفر التثنية 27: 26 مَلْعُونٌ مَنْ لاَ يُقِيمُ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. وجاء في إنجيل متى إنجيل متى 5: 17 «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ وقد جاء في كتاب الله تعالى في قصة عيسى عليه السلام {وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ }آل عمران50 علما بأن النسخ لا يمكن أن يقع على المحرمات القطعية ، ولا يمكن لأي شريعة أن تحل رجسا أو نجسا ؟ فالخنزير هو الخنزير بشحمه ولحمه ونجسه ورجسه لم يتغير بتغير الزمان ! قارن بين هذه النصوص وبين ما جاء في القرآن الكريم من تحريم لحم الخنزير ووصفه بأنه رجسٌ قال تعالى { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } البقرة 173 وقال جل وعلا { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } المائدة 3 وقال سبحانه { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } الأنعام 145 وقال جل جلاله { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } النحل115 الإجابة أن الذي أفسد عليهم عقيدتهم هو الذي أفسد عليهم معدتهم ! شاؤل اليهودي الذي أفسد عقول النصارى وملأها بالضلال والافتراء على الله كما أفسد بطونهم فملأها بلحم الخنزير النجس. أدعو كل من لديه حرص على الحقيقة من أهل الكتاب أن يتفكروا في هذا الأمر ويتناقشوا فيه ، وأطرح هذه القضية على بساط البحث أمام الباحثين والدارسين، والله المستعان.