[سعيا وراء الحقيقة ,, حاول العلماء أن يضعوا نظريات عن كيفية نشأة الأرض والمجموعة الشمسية ,, وهذه النظريات كما سنرى ما زالت غير مؤكدة وعرضة للتغير ,, وهنا نستعرض بالدراسة أهم هذه النظريات لمعرفة تطور الأفكار العلمية في هذا الإتجاه من وقت لأخر بحثاً عن الحقيقة الواحدة التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ,, وتبارك الخالق الذي قال : (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) صدق الله العظيم .
.:: نظرية بفون ::.
نشر العالم الجيولوجي الفرنسي جورج لويس لكلورك , كنت بفون (1707-1788م) كتابه بعنوان أحقاب الطبيعة عام 1778م. وفي هذا الكتاب تعرض لنشأة الأرض والمجموعة الشمسية ,, فذكر أنه نتيجة لاصطدام نجم الشمس تطايرت أجزاء من هذه الشمس متناثرة بعيدة عنها في الفضاء الكوني ,, لتكون الكواكب السيارة المعروفة , ومن بينها الأرض التي ما لبثت بعد ذلك أن تعرضت لسبعة أحقاب تاريخية لتتحور إلى صورتها الحالية:
الحقب الأول: مدته 3000 سنة ,, وكانت خلاله الأرض ملتهبة منصهرة.
الحقب الثاني: مدته 3500 سنة وفيه حدث تصلب تدريجي في القشرة الأرضية.
الحقب الثالث: الأبخرة الجوية تتكثف مكونة محيطاً عالمياً أولياً بدأت فيه الحياة بالظهور كما بدأت تتكون في مياهه الرسوبيات البحرية , ومدة هذا الحقب تتراوح بين 15.000-20.000 سنة.
الحقب الرابع: مدته 5000 سنة وفيه ازدادت الحرارة بباطن الأرض محدثة نشاطات بركانية حادة.
الحقب الخامس: يعود الهدوء للأرض بينما تظل المناطق الاستوائية بها ساخنة مما أدى إلى هجرة الكائنات الحية في هذا الحقب إلى المناطق القطبية ثم ما لبثت بعد فترة أن عادت من حيث أتت.
الحقب السادس: يحدث تشقق في القشر الأرضية ويظهر الإنسان.
الحقب السابع: يسيطر الإنسان على الأرض ويستمر هذا الحقب حتى تبرد الأرض تماماً وتزول الحياة , وتعتبر نظرية بفون من الأهمية بمكان لا لكونها من اوائل النظريات الجيولوجية التي فسرت نشأة الأرض , ولكن لأنها استطاعت أن تربط بين المشاهدات المختلفة , التي كان العلماء يشاهدونها ولا يجدون تفسيراً لها لإيجاد تاريخ جيولوجي منسق للأرض , ورغم هذا فقد تعرضت نظرية بفون لكثير من النقد وخصوصاً من جانب كثير من علماء الرياضيات والفيزياء.
.:: نظرية لابلاس ::.
نشر العالم الفرنسي بيير سيمون لابلاس (1749-1827م) بحثاً بعنوان "نظام العالم" وكان ذلك سنة (1796م) حيث تضمن هذا البحث تصور الأستاذ لابلاس عن كيقية نشأة الأرض والمجموعة الشمسية , هذا التصور الذي حاز على شهرة طيبة لمدة قرن من الزمان وقد تأثر مشاهدتين:
أ- وجود ما يشبه السحاب أو "السديم" في الفراغ الكوني.
ب- أن الفراغ الكوني به أيضاً كثير من الحلقات السحابية أو السديمية تحيط ببعض الكواكب مثل حلقات زحل ,, ولقد وضح لابلاس أنه في زمن بعيد كانت المجموعة الشمسية عبارة عن سديم ضخم (كرة غازية هائلة) يحتوي على نواة كثافتها عالية جداً يحيط بها جو هائل يمتد إلى مسافة أكبر من أبعد الكواكب المعروفة في عهد لابلاس وهو اورانوس , وكما افترض لابلاس ان ذلك السديم في حالة دوران مستمر حول نفسه ,, ونتيجة لذلك الدوران حدث ما يلي:
1- انكمشت الكتلة الغازية المكونة للسديم , وكما هو معروف من قوانين الديناميكا , فأصبحت تدور حول نفسها بسرعة أكبر , وتبعاً لذلك ازدادت كثيراً القوة الطاردة المركزية , التي تعمل على الأجزاء الخارجية من الكثلة الغازية , مما سبب انفصال بعض المواد الغازية من جسم السديم وتطايرها متناثرة بعيدة عنه , لتكوّن حلقات غازية أصبحت تدور هي الأخرى في نفس الإتجاه الذي يدور فيه السديم.
2- يستمر السديم في انكماشة بينما تأخد الحلقات الغازية المنفصلة في التجمع مع بعضها البعض لتكوّن تجمعاً غازياً ضخماً , و بإستمرار التبريد يأخد هذا التجمع الغازي في التكثيف الشديد , ليكوّن كوكباً يدور حول جسم السديم الأم في مدار مستدير تقريباً وفي مستوى إستوائي بالنسبة له , ومن هذا الكوكب الجديد يمكن أن تنتج الأقمار أو التوابع بالطريقة نفسها التي تكوّن بها هذا الكوكب الأصلي نفسه.
3- وكنيجة لمزيد من الإنكماش فإن السديم الأم تزداد سرعة دورانه , ملقياً بحلقات أخرى من المواد الغازية , لتكون فيما بعد الكواكب الأخرى وهكذا , حتى تكوّنت المجموعة الشمسية كلها ,, ولقد تعرضت نظرية لابلاس هي الأخرى لنقد شديد من جانب كلارك ماكسويل وجيفري وغيرهما ,, فمتلاً دلت أبحاث ماكسويل أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن تتحور أي حلقة غازية إلى كوكب سيار ,, هذا ولقد أيده في ذلك العالم جيفري حينما أضاف بحساباته التي لا تقبل الشك أن أي قمر أو تابع يقل قطره عن 2500 ميل لا يمكن أن يتكون نتيجة للتكثف المستمر لأي تجمع غازي ,, وحيث إن معظم الأقمار او التوابع تقل أقطارها في الوقت الحاضر عن 2500 ميل فلا يمكن أن تكون قد نشأت بالطريقة التي افترضها لابلاس.
هناك نقد أخر خطير يوجه إلى فرض لابلاس وهو أن الشمس الأصلية تمتد إلى مسافة أكبر من أبعد الكواكب لأن أكبر النجوم المعروفة لنا حالياً لا يزيد قطرها عن 1600 مليون ميل بينما الشمس التي افترضها لابلاس يصل قطرها إلى 6000 مليون ميل.
.:: نظرية فرد هويل (النظرية الحديثة) ::.
وهذه النظرية مبنية أساساً على ما يشاهد أحياناً من أن نجماً ما يتوهج لمدة قصيرة ليصبح من ألمع نجوم السماء ,, وبعد يوم أو يومين يختفي توهجه تدريجياً ليعود إلى ما كان عليه ,, وسبب هذا التوهج ليس معروفاً على وجه التحديد ,, ولعله يعود إلى انفجار النجم نتيجة التفاعلات النووية التي تحدث به فجأة وبعنف , لدرجة يقذف معها هذا النجم بكميات كبيرة من المواد الغازية , وحينئذ يزداد حجمه وبالتالي يزداد لمعانه ,, وعندما تبرد الغازات المطرودة يعود لمعانه إلى ما كان عليه في السابق.
ولقد استغل الأستاذ هويل الحقيقة السابقة ليضع تصوره وإفتراضاته لكيفية نشأة الأرض والمجموعة الشمسية فبيّن أن:
1- النجم الذي أنفجر كان قريباً للشمس.
2- المسافة التي تفصل بين هذا النجم القرين والشمس هي نفس المسافة بين الشمس وأيّ من الكواكب الأخرى مثل زحل والمشتري.
3- انفجار النجم القرين هذا لم يكن متماثلاً ,, وهذا أدى إلى تطاير المواد الغازية المتناثرة عنه في الفضاء الكوني بقوى مختلفة , الأمرالذي جعل جزءاً من هذه المواد المتطايرة تأخد طريقها ناحية الشمس فتتأثر بجاذبيتها , وتكون عند تكثفها فيما بعد الكواكب السيارة , اما القرين فإنه نتيجة لرد الفعل الذي أحدثه الإنفجار تخلص من جاذبية الشمس سابحاً في الفضاء ,, وبذلك تكون الشمس قد فقدت هذا القرين إلى الأبد.
وتعتبر نظرية هويل ضرباً من الخيال في الوقت الحاضر لما يكثر عنها من تساؤلات مثل: كيف بدأ دوران الكواكب؟ ,, وكيف تكونت الأقمار أو التوابع؟ ... وغيرها
mg]