أن يقتل الإنسان نفسه قال الله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا قال الواحدي في تفسير هذه الآية ولاتقتلوا أنفسكم أي لا يقتل بعضكم بعضا لأنكم أهل دين واحد فأنتم كنفس واحدة هذا قول ابن عباس والأكثرين وذهب قوم إلى أن هذا نهي عن قتل الإنسان نفسه ويدل على صحة هذا ما أخبرنا ابو منصور محمد بن محمد المنصوري بإسناده عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة وأنا في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت فصليت بأصحابي الصبح فذكرت ذلك للنبي فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته الذي منعني من الاغتسال فقلت إني سمعت الله يقول ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك رسول الله ولم يقل شيئا فدل هذا الحديث على أن عمرو تأول هذه الآية هلاك نفسه لا نفس غيره ولم ينكر ذلك عليه النبي قوله ومن يفعل ذلك كان ابن عباس يقول الإشارة تعود إلى كل ما نهي عنه من أول السورة إلى هذا الموضع وقال قوم الوعيد راجع إلى أكل المال بالباطل وقتل النفس المحرمة وقوله تعالى عدوانا وظلما مع العدوان أن يعدو ما أمر الله به وكان ذلك على الله يسيرا أي أنه قادر على إيقاع ما توعد به من إدخال النار وعن جندب بن عبدالله عن النبي أنه قال كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحذ بها يده فما رقأالدم حتى مات قال الله تعالى بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة مخرج في الصحيحين وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن نزل من جبل فقتل نفسه فهو ينزل في نار جهنم خالدا فيها أبدا مخرج في الصحيحين وفي حديث ثابت بن الضحاك قال قال رسول الله لعن المؤمن كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وفي الحديث الصحيح عن الرجل الذي آلمته الجراح فاستعجل الموت فقتل نفسه بذباب سيفه فقال رسول الله هو من أهل النار فنسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم غفور رحيم موعظة ابن آدم كيف تظن أعمالك مشيدة وأنت تعلم أنها مكيدة وكيف تترك معاملة المولى وتعلم أنها مفيدة وكيف تقصر في زادك وقد تحققت أن الطريق بعيدة يا معرضا عنا إلى متى هذا الجفا والإعراض يا غافلا عن الموت والعمر لا شك في انقراض يا مغترا في أمله وأيدي المنايا في أجله تقرضه بمقراض يا مغرورا بصحته وبدنه كل يوم في انتقاض يا من يفني كل يوم بعضه ستفنى والله الأبعاض يا غافلا عن الزاد وقد أنذره بعد السواد البياض يا قليل الاحتراس ونبل المنايا طوال عراض يا من يساق إلى موارد التلف وقد نزحت الحياض يا ضاحكا وعيون الفنا غير غماض لمن هذه الأوقات بين يديه كيف يقدر جفنه على الإغماض