منتدى شنواى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة شنواىأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد جوهرى2009
عضو ذهبى
عضو ذهبى
avatar


عدد المساهمات : 294
نقاط : 904
تاريخ التسجيل : 17/12/2009

تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(1) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(1)   تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(1) Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 12:44

إنَّ حمدلله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد: فإني أقدم للقراء تفسير سورة الفاتحة، لأنها أعظم سورة في القرآن، ولأن المصلي يقرأها في صلاته، فكان لازماً عليه أن يفهم معناها ليخشع في صلاته، ويدخل في قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونٌَ﴾

وهذه السورة جمعت أنواع التوحيد، ولا سيما توحيد العبادة الذي خلق الله العالم لأجله، وأرسل الرسل لتحقيقه، وهو موجود في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينٌُ﴾. ولأن معاني القرآن ترجع إلى ما تضمنته هذه الآية والسورة .

وكانت أهم مراجعي:
تفسير الطبري وإبن كثير، ومختصراته . وقد ذكرت الأحاديث الواردة في فضل وتفسير الفاتحة، وما تهدي إليه الآية والسورة والأحاديث من فوائد، ونبهت على الأخطاء الشائعة في قراءة الفاتحة وغيرها من المواضيع المهمة . ومن أراد المزيد فليقرأ الكتاب والمحتويات في آخره .
والله أسأل أن ينفع به المسلمين، ويجعله خالص لوجهه الكريم.

سورة الفاتحة وأسماؤها:
سورة الفاتحة مكية، وهي سبع آيات بلا خلاف.
وأسماؤها:
1- أم القرآن: قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، خداج، خداج، غير تمام) .
2- أم الكتاب: قال البخاري: وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة .
3- السبع المثاني: لقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمٌَ﴾ .
4- القرآن العظيم: لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمٌَ﴾ .
ودليل هذه الأسماء الأربعة من الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: حمدلله رب العالمين: أم القرى، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والقرآن العظيم) .
5- فاتحة الكتاب: لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) .
ولأنها يُفتح بها القراءة في الصلاة .
6- الصلاة: لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد حمدلله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي) .... الحديث. فسميت الفاتحة صلاة لأنها شرط فيها .
7- الحمد: لقول الله تعالى: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينٌَ﴾
8- الرقية: لقوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي سعيد: (وما يدريك أنها رقية) .
9- أساس القرآن: سماها ابن عباس .
10- الواقية: سماها سفيان بن عُيينة .
11- الكافية: سماها يحي بن كثير .

من فضائل سورة الفاتحة:
الحديث الأول: عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: (كنت أصلي فدعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فأتيته، فقال: ما منعك أن تأتيني ؟ قال: قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، قال: ألم يقل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمٌْ﴾.
ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد، قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، قال: نعم: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينٌَ﴾ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) .

من فوائد الحديث:
1- جواز دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- وندائه لمن يصلي النافلة، وهي خاصة له، وفي حياته، وكذلك للأم حق نداء الولد في صلاة النافلة، وله شاهد من حديث الراهب الذي دعته أمه في الصلاة فلم يجبها، فدعت عليه، فاستجاب الله دعاءها، كما في الحديث الذي رواه مسلم .
أما غير الرسول والأم فلا يجوز نداء أحد في صلاته ولا يجب على المصلي إجابة النداء في صلاته إلا إذا كان لإنقاذ إنسان من خطر محقق، أو لضرورة .
2- وجوب تلبية نداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمٌْ﴾ .
3- حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعليم أصحابه ما ينفعهم، وتشويقه لهم: (لأعلمنك أعظم سورة في القرآن) .
4- حرص الصحابي على العلم، وتذكيره للرسول -صلى الله عليه وسلم- بما وعده به، وذلك حين قال له: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن .
5- استجابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتذكير الصحابي، ووفاؤه بما وعده وعلمه (حمدلله رب العالمين) .
6- في الحديث دليل على أنَّ الفاتحة أعظم سورة في القرآن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم.

الحديث الثاني: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا في مسير لنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم (أي لديغ)، وإن نفرنا غُيب فهل منكم راق ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه (أي نعيبه أو نتهمه) برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبناً، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن ؟ أو كنت ترقي ؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدث حتى نأتي ونسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما قدمنا المدنية ذكرناه للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (وما كان يدريه أنها رقية ؟ إقسموا واضربوا لي بسهم) .
وفي رواية مسلم: أن أبا سعيد هو الذي رقى المريض .

من فوائد الحديث:
1- الرجوع عند الاختلاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليحكم بينهم: قال الله تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلٌ﴾ والرد إلى الله يكون بالرجوع إلى كتاب الله، أما الرد إلى الرسول فيكون بالرجوع إليه عندما كان حياً، والرجوع إلى سنته وأقواله بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم-، وفي الحديث: (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) .

2- التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- واجب على الصحابة والمسلمين .

3- جواز الرقية بالفاتحة، وما جاء في السنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-..

4- علاج اللديغ يكون بقراءة الفاتحة والدعاء، وبالتداوي والأخذ بالأسباب: قال -صلى الله عليه وسلم-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء) .

5- جواز أخذ الراقي الأجر على الرقية الشرعية، فالراقي أحقُ بالأجر من الشخص الذي يعالج علاجاً مادياً كالطبيب أو غيره، وهذا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أحقُ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) فليس المراد بهذا الحديث أن يأخذ الإنسان أجراً على قراءة القرآن على الأموات، أو على الأحياء لإسماع الناس التلاوة، فإن هذا لم يفعله النبي صلى الله ع ليه وسلم، والأئمة المجتهدون .

6- جواز رقية المسلم لغير المسلم: حيث جاء في رواية البزار في حديث جابر: (فقالوا لهم: قد بلغنا أن صاحبكم جاء بالنور والشفاء، قالوا: نعم) لأنهم قالوا: صاحبكم، ولم يقولوا: رسول الله .

فوائد الرقية بالفاتحة:
1- قال ابن القيم في "الجواب الكافي" في الصفحة الثالثة: فقد أثر هنا الدواء في هـذا الداء وأزاله، حتى كأنه لم يكن، وهو أسهل دواء وأيسره، ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيراً عجيباً في الشفاء، ومكثت بمكة مدة تعتريني أدواء، ولا أجد طبيباً ولا دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيباً، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً، فكان كثير منهم يبرأ سريعاً .

2- ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات أو الأدعية التي يُستشفى بها، ويُرقي بها هي نفسها نافعة شافعة، ولكن تستدعي بها، ويُرقى بها هي نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحل، وقوة همة الفاعل، وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة -أي: طبيعة البدن- لذلك الدواء، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة -أي: الأجسام- إذا أخذت الدواء لقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، فكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفسه فعالة، وهمة مؤثرة في إزالة الداء. انتهى .

الحديث الثالث: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعنده جبريـل إذ سمع نقيضاً (أي صوت) فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فُتح من السماء ما فُتح قط، قال: فنزل منه ملك، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة: لم تقرأ حرفاً منها إلا أوتيته) .

من فوائد الحديث:
1- نزول جبريل عليه السلام، وزيارته للنبي أحياناً .
2- حدوث صوت في السماء يدل على أمر مهم .
3- للسماء باب لم يفتح قط، ونزول ملك تكريماً له -صلى الله عليه وسلم- .
4- الملك يُبشر النبي -صلى الله عليه وسلم- بنورين قد أعطاهما الله لـه ولم يعطهما لنبي قبله .
النوارن: هما: فاتحة الكتاب، وأواخر سورة البقرة، وفاتحة الكتاب: هي سور الحمد، وخواتيم سورة البقرة هما الآيتان: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرٌُ﴾
﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينٌَ﴾ .

مواضيع الاستعاذة وفضلها:
1- عند تلاوة القرآن: لقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمٌِ﴾ أي: قل قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
2- في الصلاة قبل الفاتحة. كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في صلاة التهجد: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) .
معنى: همزه: خنقه، ونفخه: كبره، ونفثه: شعره. ويجوز غيرها مثل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
3- عند الغضب: عن سليمان بن صرد قال: (استب رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، فأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد احمرّ وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم") .
4- عند دخول الخلاء: فعن أنس قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) .
5- عند نباح الكلاب، ونهيق الحمير: قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهيق الحمير بالليل، فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنهن يرين ما لا ترون) .
6- عند الأرق والفزع: كان -صلى الله عليه وسلم- يُعلم أصحابه أن يقولوا: (أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون) .
7- عند الرقية: كان -صلى الله عليه وسلم- يُعوّذ الحسن والحسين ويقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامة) .
الهامة: ذات السم كالحية . اللامة: نظرة العين بسوء .
8- عند دخول المسجد: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد قال: (أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم) .
قال: فإذا قال ذلك: قال الشيطان: حُفظ من سائر اليوم .

معنى الاستعاذة:
معنى: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أي: أستجير بجناب الله من الشيطان أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نُهيت عنه، فان الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، ولهذا أمر الله تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليرده طبعه عمّا هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن، لأنه لا يقبل رشوة، ولا يؤثر فيه جميع، لأنه شرير بالطبع، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه.
والشيطان في لغة العرب: مشتق من "شطن" إذا بعُدَ، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير .
وقـال سيبويه: العرب تقول "تشيطن فلان" إذا فعل فعل الشياطين و "الشيطان" مشتق من البعد، على الصحيح ولهذا يُسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان "شيطاناً". قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونٌَ﴾

مواضيع "بسم الله" وفضلها:
1- عند الوضوء:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة لم لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) [رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي وقال ابن كثير: إنه حديث حسن]

2- تُذكر عند الذبح وعند الاصطياد:
أ- قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌٌ﴾
ب- وقال الله تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهٌِ﴾ .
ج- سأل عدي بن حاتم الطائي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حكم الصيد بالكلب إذا وجد مع كلبه كلباً آخر: "لا أدري أيهما قتله ؟ " فقال: (لا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره) .

3- عند ابتداء الطعام والشراب:
قال عمر بن أبي سلمة: كنت غلاماً في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال: (يا غلام سَمَ الله، وكُلْ بيمينك، وكُل مما يليك) .

4- للرقية من الوجع والمرض:
أ- شكا عثمان بن أبي العاص الثقفي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعاً يجده في جسده منذ أسلم:
فقال لـه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ضع يدك الذي تألم من جسدك، وقل "بسم الله" ثلاثاً وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) .
ب- عن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا محمد، اشتكيت ؟ فقال: نعم، قال: بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك) .

5- عند دخول المسجد والخروج منه، فعن أنس قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد قال: بسم الله، اللهم صل على محمد اللهم أفتح لي أبواب رحمتـك، وإذا خرج قال: بسم الله، اللهم صل على محمد اللهم أفتح لي أبواب فضلك) .

6- عن إتيان الرجل امرأته:
عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: "بسم الله" اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبد) .

7- كلما أصبح وكلما أمسى:
عن عثمان بن عفان رضـي الله عنـه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: " بسم الله الذي لا يضر مع إسمه شئ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شئ) .

8- التسمية على مرافق البيت عند النوم:
عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، فاغلقوا الأبواب وأذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً، وأوكلوا قربكم وأذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم وأذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئاً، وأطفئوا مصابيحكم) .

9- عند الخروج من المنزل وعند الدخول:
أ- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ، هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين) .
ب- عن جابر بن عبدالله، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عز وجل عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان أدركتم البيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) .

10- عند ركوب الدابة أو السيارة أو الطائرة أو الباخرة:
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا ركب دابة قال: بسم الله، حمدلله ﴿سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينٌَ﴾ .

11- وتذكر البسملة كاملة في موضعين هما:
أ- عند التلاوة (بسم الله الرحمن الرحيم). في بداية السور، سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة .
ب- عند كتابة الرسائل: ودليله قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمٌِ﴾ .
كما افتتح الرسول -صلى الله عليه وسلم- رسالته التي بعثها إلى هرقل ملك الروم (بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين) .

معنى "بسم الله":
قال ابن كثير: قوله: "بسم الله" هو اسم أو فعل (متقاربان)، وكل قد ورد به القرآن: أما من قدره باسم تقديره: بسم الله ابتدائي، فلقوله تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌٌ﴾ .
ومن قدره بالفعل فلقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقٌَ﴾
وكلاهما صحيح، فإن الفعل لا بد له من مصدر، فلك أن تقدر الفعل ومصدره، وذلك بحسب الفعل الذي سميت قبله، إن كان أكلاً أو شرباً أو قراءة أو وضوءاً أو صلاة .
فالمشروع ذكـر اسم الله في الشروع في ذلك كله، تبركاً وتيمناً واستعانة على الإتمام والتقبل، والله أعلم .

(الله): علم على الرب تبارك وتعالى، ويقال، إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات، كما قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمٌُ﴾. فأجرى السماء الباقية كلها صفات له: قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهٌَ﴾ .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة) .
ومعنى أحصاها: أي فهم معناها حق الفهم وعمل بحقها، وحقها أن يكون موحداً بها توحيد الذات، وتوحيد الصفات، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية من كل جوارحه، وفي قرارة نفسه، ثم مات على ذلك من التوحيد الخالص دون أن يخل بأي معنى من معانيها، وله من العمل ما لا ينافيها لا قولاً، ولا اعتقاداً دخل الجنة .
أما فهم معنى الإحصاء بالحفظ غيباً، فإن كثيراً من الناس من يحفظها ويغيبها عن ظهر قلب ويرددها بسرعة دون تفهم لمعانيها، وله من العمل ما ينافيها، فهذه المنافاة نقض القول، ومثل هذا لا يكون قد أحصاها إذ ليس المقصود من الإحصاء إلا الفهم والإخلاص .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يعرف فصل الصورة حتى ينزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم")
واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة "النمل" ثم اختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة، أم أنها في الفاتحة دون غيرها، أو إنها للفصل بين السور، والأرجح أنها للفصل بين السور، كما سبق من قول ابن عباس الذي رواه أبو داود آنفاً، ومن قال إنها آية من الفاتحة، فقد رأى الجهر بها في الصلاة، والذين لم يروا فقد أسروا بها. ولكل من أصحاب القولين جماعة من الصحابة رأوا ما رأوا ...

من هداية الآية:
1- إن﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمٌِ﴾ جزء من آية من سورة النمل .
2- إن﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمٌِ﴾ للفصل بين السور .
3- إن﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمٌِ﴾ أول آية من سورة الفاتحة .
أ- قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: (حمدلله رب العالمين) أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني ...) ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمٌَ﴾
ب- عن أم سلمة: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ الفاتحة، وعدّ البسملة آية منه) .

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:
حمدلله الشكر له خالصاً دون سائر ما يُعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد من غير استحقاق منهم ذلك عليه، فلربنا الحمد على ذلك أولاً وآخراً .

والألف واللام في الحمد، لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى: كما جاء في الحديث: (اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله) .

رب العالمين: الرب: هو المالك المنتصرف، ولا يقال: (الرب ) معرفاً بالألف واللام إلا لله تعالى، ولا يجوز استعمال كلمة الرب لغير الله إلا بالإضافة ... فنقول: رب الدار، ورب السيف، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل .

العالمين: جمع عالم، وهو كل موجود سوى الله جل وعلا، والعالَم جمع لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات في السموات والأرض في البر والبحر، فالإنس عالّم، والجن عالّم، والملائكة عالّم ..
وهكذا قال بشر بن عمارة بسنده عن ابن عباس: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينٌَ﴾ حمدلله الذي له الخلق كله في السموات والأرض وما فيهن وما بينهن مما نعلم ومما لا نعلم .
وقال ابن جرير رحمه الله: (حمدلله): ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عبادة أن يثنوا عليه، فكأنه قال: قولوا حمدلله .
قال: وقد قيل: إن قول القائل: " حمدلله " ثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى، وقوله: "الشكر لله" ثناء عليه بنعمه وأياديه .

من هداية الآية:
1- الحمد يكون لله فقط ولا يكون لغيره، لأنه رب العالمين .
2- أما الشكر فيكون لله ولغيره، قال الله تعالى:
﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرٌُ﴾ .
3- في الآية توحيد الرب الذي كان يعترف به المشركون: قال تعالى عن المشركين: ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونٌَ﴾ .
فالمشركون اعترفوا بأن الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، كما اعترفوا بأن الله خالقهم، ولكن هذا الاعتراف لم يستفيدوا منه، لأنهم أشركوا بالله حينما دعوا وعبدوا غيره .

فضل "حمدلله" ومواضعها:
1- بعد الأكل والشرب: لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
أ- (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليه) .
ب- وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من أكل طعاماً فقال: حمدلله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غُفر له ما تقدم من ذنبه) .

2- عند النوم: عن أنس رضي الله عنه:
أ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أوى إلى فراشه قال: (الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى).
ب- وعن علي رضي الله عنه: أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما تلقى في يدها من الرحى، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بسبى (عبيد) فانطلقت، فلم تجده، فوجدت عائشة فأخبرتها. فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته عائشة بمجئ فاطمة، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- الينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم، فقال: (على مكانكم) فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: (ألا أعلمكمـا خيراً مما سألتماني ؟ إذا أخذتما مضاجعكما: فكبرا أربعاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم). ويجوز أن يقال قبل النوم: (سبحان الله 33) و (حمدلله 33) و (الله أكبر 33) .

3- عند الاستيقاظ من النوم: عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: (باسمك اللهم أحيا وأموت) .
وإذا استيقظ قال: (حمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا واليه النشور) .

4- عند العطاس: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا عطس أحدكم فليقل "حمدلله" وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم) .

5- عند رؤية مبتلى: عن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من رأى صاحب بلاء فقال: حمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، إلا عوفي من ذلك البلاء كائناً ما كان ما عاش) .

6- بعد الرفع من الركوع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: " ربنا ولك الحمد" فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) .

7- بعد الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من سبح الله في دُبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك الله، لـه الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) . "دبر كل صلاة: بعد كل صلاة"

8- عند الاستيقاظ من النوم ليلاً: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من تعارّ من الليل (أي استيقظ) فقال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير، سبحان الله وحمدلله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أغفر لي، فإن دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قُبلت صلاته) .


الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:
الرحمن الرحيم: إسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم، والرحمن مشتق، ودليل ذلك عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (قال الله تعالى: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته) .
قال القرطبي: هذا نص في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشقاق .
روى ابن جرير بسنده عن العزرمي يقول: "الرحمن الرحيم" قال: الرحمن: لجميع الخلق، الرحيم: قال: المؤمنين.
قالوا: ولهذا قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنٌُ﴾ .
وقال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٌ﴾
فذكر الاستواء باسمه الرحمن، ليعم جميع خلقه برحمته .
وقال: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًٌ﴾ فخصهم باسمه الرحيم .
قالوا: فدل على أن الرحمن أشد مبالغة في الرحمن من (الرحيم) لعمومها في الدارين .

الرحمن عام والرحيم خاص
الرحمـن: أي يرحـم أهل الدنيا والآخرة، و (الرحيم) خاص بالمؤمنين يوم القيامة، إن الله يرحم المؤمنين والكافرين في الدنيا على السواء وذلك من نواحي أمورهم المعاشية، وأسباب حياتهم، وما يكفل لهم حياتهم الدنيا، فرحمته هنا عامة وإذا لم تكن الرحمة هذه عامة، لا تتكامل أسباب التكليف من الإنعام عليهم بنعمة العقد الذي بواسطته يعرفون الحق من الباطل، ونعمة تسخير ما في الكون ليستفيد منها أهل الأرض من الإنس والجن. ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعٌ﴾، فتكامل أسباب التكليف في الدنيا سيكون عليه في الآخرة مدار الحساب .
وأما ما جاء في الدعاء المأثور: (يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهم)، فقوله: رحيمهما محمول على معنى أنه يرحم المؤمنين في الدنيا فيما أطاعوه من الإيمان به، وتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه وتسهيل سبل ذلك لهم، ويرحمهم في الآخرة بإدخالهم الجنة جزاء ما أسلفوا من إيمان وطاعة: فطاعتهم لـه في الدنيا رحمة منه تعالى، وجزاؤهم بالجنة، رحمة منه تعالى، وهذا معنى قوله: رحيمهما، والله أعلم .

فائدة مهمة:
قوله تعالى: ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمٌِ﴾ وصف نفسه بأنه الرحمن الرحيم، لأنه لما كان في اتصافه ب﴿رَّبِّ الْعَالَمِينٌَ﴾ ترهيب قرنه بـ ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمٌِ﴾ لما تضمن من الترغيب ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون لـه أعون على طاعته وأمنع كما قال: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمٌَ﴾، وقال تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابٌِ﴾ .

من هداية الآية
1- الرحمن: اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به، ولا بأي اسم خاص له. ومثله: "الله، والخالق، والرازق، ونحو ذلك"
2- الرحيم: اسم وصفة لله تعالى، وقد وصف به غيره: قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌٌ﴾. ومثل الرحيم: السميع والبصير، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًٌ﴾ .
3- في الآية دليل على توحيد الأسماء والصفات: (الرحمن الرحيم).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن
» تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(2)
» 50- تفسير سورة ق عدد آياتها 45
» تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(2)
» تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن(2)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شنواى  :: القسم العام والإسلامى :: المكتبــة الإسلاميـــة-
انتقل الى: