الفصل الخامس
عندما أصبح الطقس دافئاً، أصطحبت السيدة مايلى كلا من روز وأوليفر الى استراحة صغيرة خاصة بها فى الريف بعيداً عن لندن، وتركت جايلس وباقى الخدم لاعتناء ببيتها المعتاد. لقد استمتع أوليفر بوقته هناك حتى جاء يوم شعرت فيه روز بالمرض، كانت السيدة مايلى قلقة جداً، ورآها أوليفر وهى تبكى، وانتحبت قائلة: " عزيزتى روز، ماذا سأفعل بدونك؟" فقال أوليفر: " سيدتى مايلى، مازالت روز صغيرة جداً، وبصحة جيدة فلن يحدث لها شيئاً سيئاً." فقالت السيدة مايلى: "أتمنى أن تكون محقاً يا أوليفر." ولكن روز لم تتحسن وفى اليوم التالى طلبت السيدة مايلى من أوليفر أن يرسل خطاب الى الدكتور لوسبيرن، وقالت له: "لدي خطاب آخر الى ابنى هارى، يمكنك أن تأخذه الى البوستة أيضاً." أنطلق أوليفر عبر بعض الحقول وجرى حتى وصل الى أقرب قرية حيث يمكنه أن يرسل الخطابات، شعر بالسعادة عندما علم أن هذه الخدمة فى طريقها للتحقق. أستدار لكى يعود الى البيت عندما أصطدم برجل يبدو عصبياً، فقال بأدب: "أنا آسف يا سيدى، لم أراك." فصاح فيه الرجل: "ماذا تفعل هنا؟" كان لديه عينان سوداوان وقاسيتان, وعلى وجهه تعبير ينم عن الغضب، لا يعلم أوليفر إذا كان الرجل مريضاً أو مجنوناً، وبسرعة عاد الى البيت، لم تتحسن روز مطلقاً وعندما زارهم الدكتور لوسبيرن، لم يبدو عليه الأمل. وقال أنه سيظل معهم لكى يعتنى بروز، وقالت السيدة مايلى لأوليفر: "ستنام لفترة طويلة، ربما ستستيقظ وهى تشعر بتحسن، ولكنى قلقة من أنها قد لا تستيقظ أبداً." ذات صباح، بعد بضع أيام، غادر الدكتور لوسبيرن غرفة روز ومشى بهدوء ناحية السيدة مايلى وأوليفر، بكت السيدة مايلى قائلةً: "هل ماتت؟" فتعجب الطبيب قائلاً: "لا! أظن أنها ستنهض وتقريباً فى أقرب وقت." ضحكت السيدة مايلى وأوليفر وغمرتهم السعادة، قرر أوليفر أن يخرج الى الحقول ليحضر بعض الورود لروز، وبينما كان عائداً، توقفت عربة حنطور فى الطريق بالقرب منه وظهر السيد جايلس منها متسائلاً: "ما أخبار روز؟" فقال أوليفر: "إنها أخبار جيدة." ثم خرج من العربة رجل نبيل ومشى ناحية أوليفر ثم قال: "هل أنت متأكد أن الأخبار جيدة؟" "نعم يا سيدى فالدكتور لوسبيرن يقول أنها ستكون بخير." سرعان ما شعر الرجل بالارتياح وابتسم ثم قال: "خُذ العربة أيها السائق، سأمشى الى بيت أمى، تعال معى أيها السيد جايلس." عاد أوليفر ماشياً مع السيد جايلس والرجل النبيل، كان عمره حوالى خمس وعشرين وكان يشبه والدته السيدة مايلى كثيراً، وصلوا الى البيت سريعاً ودخلوه حيث كانت السيدة مايلى سعيدة جدا عند رؤية أبنها، هارى، قال هارى: "لقد وصلنى خطابك بالأمس يا أمى، فلما لم تخبرينى من قبل أن روز مريضة؟" "لم أرغب فى أن أزعجك." "ولكنك تعلمين الى أى مدى أهتم لأمر روز." كان من الواضح لأوليفر أن هارى يهتم كثيراً بروز. كل يوم كان هارى يجلب الورود لغرفة روز، وكل يوم كانت روز تتحسن قليلاً. وفى نفس الوقت أصبح الدكتور لوسبيرن معلماً لأوليفر وقضى وقته فى تعليم أوليفر القراءة والكتابة. سريعاً تحسنت روز تماماً وشعر أوليفر بالسعادة الحقيقية لأول مرة فى حياته.
لقد قضوا معظم الصيف فى بيت الاجازات، وقضى أوليفر وقته يدرس بجد، وفى أواخر شهر أغسطس وفى نهاية يوم حار، نام أوليفر بينما كان يقرأ فى كتاب، لقد رأى حُلماً مريعاً، ظن أنه رأى فاجن ورجل آخر ينظرون إليه من خلال نافذة، أستيقظ وهو يصرخ، ثم أدرك أنه ليس بحلم! لقد كان هناك فاجن ورجل آخر، إنه الرجل الذى صاح فيه عندما ذهب لإحضار الطبيب، أختفى الرجلان وصاح أوليفر بصوت عالٍ، جرى السيد جايلس وهارى لمساعدته، بكى أوليفر قائلاً: "لقد كان فاجن!" فسأله هارى: "فى أى طريقٍ ذهب؟" أشار أوليفر فجرى الرجلان خلف المجرمين ولكنهم لم يجدوهم فى أى مكان، قال هارى: "ربما كان مجرد حلم." فقال أوليفر: "لا، لقد رأيت فاجن مع الرجل الذى أخبرتكم عنه." قاموا بسؤال أناس فى قرية مجاورة لو أنهم رأوا أى أحد، ولكن لا أحد رأى أى شيئ، وسرعان ما نسوا هؤلاء الغريبين، وقام هارى والسيدة مايلى بالتجهيز للعودة للبيت، سأل هارى أوليفر ذات يوم: "انت تستطيع الكتابة الآن، أليس كذلك؟ هل تستطيع أن تكتب الي دائماً لتخبرنى عن حال أمى وروز؟" فقال أوليفر: بالطبع سأفعل." فقال هارى: " لا تخبر أحداً بذلك." فى ذلك اليوم، غادر هارى والدكتور فى عربة حنطور, وكانت روز تبكى عندما كانت تشاهدهم من نافذة غرفتها. أثناء الفترة التى أقامها أوليفر فى البيت الصيفى للسيدة مايلى، حدثت تغييرات فى الاصلاحية التى وُلد فيها أوليفر، فالسيد بامبل، الموظف الذى كان قاسياً جداً مع أوليفر، أصبح الأن هو المدير، وقد تزوج بالسيدة كورنى أيضاً، السيدة التى كانت تستمع الى السيدة سالى فى ليلة موتها، وبعد أنتهاء العمل ذات يوم ذهب السيد بامبل للتمشى، وبدأت الدنيا تمطر لذلك دخل الى نُزل (فندق صغير) مجاور، وبداخل النُزل رأى السيد بامبل رجلا غريباً، كان طويلاً ولديه عينان سوداوان وقاسيتان، وكان يقرأ فى جريدة، نظر الى السيد بامبل وسأله: "أنت تعمل فى الاصلاحية، أليس كذلك؟" فقال السيد بامبل بفخر: "الآن أنا مدير الاصلاحية." مشى الرجل تجاه ترابيزة السيد بامبل وجلس أمامه ثم قال وهو يمرر بعض المال من تحت المنضدة الى السيد بامبل: "جيد، إذاً من المؤكد أنه يمكنك أن تعطينى بعض المعلومات، هل تستطيع أن تتذكر فترة ما منذ أثنا عشر سنة؟ لقد وُلد فى الاصلاحية ولد، ثم عمل فيما بعد كصبى لكنه هرب الى لندن." فقال السيد بامبل بأنفعال: "تقصد أوليفر تويست!" فصاح الرجل: "لا أريد أن أعرف أخباره هو..............، أنا أريد أن أعرف أخبار ممرضته،... أين هى؟" فقال السيد بامبل فى دهشة: "تقصد الممرضة سالى، لقد ماتت فى الشتاء الماضى." خاب أمل الغريب فقال السيد بامبل وقد أدرك أن الرجل ربما يعطيه مالاً أكثر: "وكن قالت شيئاً أكيداً الى شخص أعرفه." فسأله الغريب: "كيف أجد هذا الشخص؟" قال السيد بامبل: "يمكننى أن أعرفك به غداً، فقال الغريب وهو يعطى السيد بامبل بعض ورقة: "أحضر هذا الشخص الى هذا العنوان فى تمام التاسعة، أسأل عن مونكز." قام بسرعة ثم غادر. فى الليلة التالية، سافر السيد بامبل وزوجته الى جزء فقير من المدينة بجوار النهر، كانت الدنيا تمطر وكانت السيدة بامبل عصبية، فقد كانت منطقة للعشوائيات حيث يعيش أفقر الناس فقط هناك، وكانت تعلم أن الكثير منهم مجرمين، كانت الشوارع ضيقة ومغطاة بطين رطب وكانت البيوت الخشبية قديمة جداً لدرجة أنها قد تنهار فى أى وقت، توقفوا أمام مصنع قديم، ونظر السيد بامبل فى ورقة بها العنوان وقال: "يجب أن يكون هنا" سمعوا صوت ينادى: "
ً، تفضلوا هنا." دخلوا الى المصنع القديم من خلال أحد الابواب، وكان مونكز هناك، كانت السيدة بامبل سعيدة لمغادرة الشوارع على الرغم من أن داخل المصنع كان بارداً ومظلماً، توجه مونكز بالسؤال الى السيدة كورنى والتى هى الآن السيدة بامبل: "إذاً كنت أنت مع الممرضة فى ليلة موتها؟ ماذا قالت لكِ؟" فقالت السيدة بامبل: "لعلك تمتلك بعض المال نظير هذه المعلومة؟" فوضع مونكز كيس به نقود معدنية على المنضدة أمامها. بعد ذلك قامت السيدة بامبل باخبار مونكز عما حدث فى ليلة وفاة الممرضة سالى، فصاح مونكز: "لقد قالت أنها أخذت القلادة الذهبية؟ وماذا أيضاً أخبرتكِ؟" قالت السيدة بامبل: "لقد ماتت قبل أن تخبرنى أكثر من هذا." فصاح مونكز: "ماذا؟" فأكملت: "ولكن بعد موتها، وجدت هذا." وعرضت لمونكز حقيبة جلد صغيرة، وبداخلها القلادة الذهب، ألتقط مونكز القلادة وفتحها، وبداخلها قرأ أسم "آجنيز" ثم سألته السيدة بامبل: "هل هذا كل شيئ تريد معرفته؟" فقال مونكز وهو يغلق القلادة بسرعة وقد بدا سعيداً فجأة: "نعم، والآن أنظروا." ثم رفع باباً ثقيلاً فى الارضية التى كانوا يقفون عليها، وتحت الباب رأوا النهر المظلم يجرى تحتهم، السيد بامبل شعر بالخوف، ماذا سيفعل بهم مونكز؟
الفصل السادس
نظر السيد والسيدة بامبل الى المياه الباردة وهى تجرى أسفل المصنع القديم حيث كانوا يقفون، قال مونكز عندما رأى وجوههم المذعورة: "لا تقلقا، فإن الشيئ الوحيد الذى سيتم ألقاءه فى المياه هو القلادة." قال هذا وهو يرميها فى النهر المظلم، ثم أكمل: "الآن يجب علينا جميعاً أن ننسى كل ما يتعلق بهذه القصة، أليس كذلك؟" فقال السيد بامبل مسرعاً: "نعم، بالطبع." ثم قال لزوجته: "هيا الآن نعود للبيت." وكان يشعر بالسرور أنه سيغادر المصنع القديم وهو حى!!!!!!!!!!!!!!
بعد شهور، فى لندن، نهض السيد سايكس من الفراش للمرة الأولى منذ ثلاث أسابيع، فقد كان مريضاً منذ اللليلة التى ترك فيها أوليفر فى الحقل خارج البيت، قال فاجن بينما كان يدخل غرفته مع تشارلى بايتس والمراوغ الماهر: "كيف حالك يا بيل؟ لقد جلبنا لك بعض الطعام." فقال سايكس: "أعانى من المرض منذ ثلاث أسابيع؟ أين كنتم؟" قال فاجن: "يجب أن تكون سعيداً أنك ترانا ومعنا هذه الأشياء." فقال سايكس: "أحتاج الى بعض المال، يمكن أن تذهب نانسى الى بيتك لتحضر بعض المال لي." وفى بيت فاجن، أرسل فاجن العصابة الى الخارج للقيام ببعض الأعمال فى الشوارع لكى يتمكن من الحديث مع نانسى، وكان على وشك أن يعطيها بعض المال عندما ظهر ظهر رجل عند الباب، فقال فاجن مقدماً الرجل الى نانسى: " هذا مونكز." نظرت نانسى الى الرجل الطويل ذو العينين السوداوين باهتمام، سأله فاجن: "إذاً يا مونكز، هل رأيته؟" فقال مونكز وهو ينظر الى نانسى: "دعنا نتحدث فى غرفة أخرى."
أخذه فاجن الى الدور العلوى وطلب من نانسى أن تظل فى مكانها، ولكن نانسى كانت قلقة، لذلك صعدت الى الدور العلوى بهدوء ووقفت خارج غرفتهم، أستمعت الى محادثتهم لبعض الوقت ثم تسللت عائدة الى الغرفة فى الدور السفلى بنفس الهدوء الذى صعدت به هناك، شرح لها فاجن بعد أن ذهب مونكز: "لدينا عمل بسيط لنقوم به، والآن هذا هو المال، أذهبى وخذيه الى السيد سايكس." كانت أكثر قلقاً ولكنها أخذت المال وغادرت المنزل، وبينما كانت تمشى الى منزل السيد سايكس بالمال، فكرت فيما سمعت الرجلين يقولانه وبدأت تبكى، وفى أواخر هذا المساء، وبعدما أخذت قسطاً من الراحة، أسرعت نانسى الى شوارع لندن، قالت لنفسها: "ربما فات الأوان." وسرعان ما وصلت الى مكان راقى من المدينة وتوقفت أمام فندق صغير قبل أن تذهب بداخله.
نظرت أمرأة تجلس على مكتب الفندق بدهشة الى شابة فقيرة ترتدى شالاً حول كتفيها تدخل الى فندق يبدو غالياً، قالت المرأة التى على المكتب: "حسناً يا أنسة، ماذا تريدين؟" شرحت نانسى لها: "أريد أن أتحدث الى السيدة مايلى." فقالت المرأة وهى تنظر الى ثياب نانسى القديمة: "لا أظن أنها تريد أن ترى شخص مثلك." "أرجوك أخبريها أننى يجب أن أتحدث معها فى أمر مهم جداً، وبعد ذلك يمكنك أن تطردينى." ذهب أحد الخدم للدور العلوى ليخبر السيدة مايلى عن هذه الشابة، وبعد بضع دقائق، عاد وقال أن نانسى يمكنها أن تراها، تحيرت روز عندما رأت هذه المرأة الفقيرة تدخل غرفتها، قالت بعطف: "كيف أستطيع أن أساعدكِ؟" فقالت نانسى: "سيدتى العزيزة، أنا المرأة التى أعادت أوليفر الى بيت اللصوص مرة أخرى، ولكنك لا تفهمين لماذا فعلت ذلك أو ماذا يعنى أن تكونى فقيرة مثلى!" قالت روز: "أنا أسفة لسماع هذا." قالت نانسى: "هل تعرفين رجلاً يسمى مونكز." قالت روز: "لا." فأكملت نانسى: "إنه رجل شرير، هو يعرفكِ وهو أنكِ هنا، وهذه هى الكيفية التى وجدت بها هذا الفندق، لقد سمعته يتحدث الى فاجن، إنه يريد من فاجن أن يحول أوليفر الى لص." سألت روز: "ولكن لماذا؟" "قال أن الشيئ الوحيد الذى يبين من يكون هذا الولد حقاً يرقد الآن فى قاع النهر، وقال أنه أخذ مال الولد والآن يريد لأخيه أوليفر أن يوضع فى السجن." فقالت روز فى دهشة: "أخيه؟" قالت نانسى: "نعم، وقال أنه يعلم أن أوليفر يقيم معكِ ومع السيدة مايلى"
قالت روز: "هذا ليس جيداً، ولكن ماذا يمكننى أن أفعل؟" قالت نانسى "من المؤكد أنك تعرفين شخصاً ما يستطيع أن ينصحك، والآن يجب أن أرحل." "أين يمكننى أن أجدك إذ احتجت الى معلومات؟" قالت نانسى: "كل يوم أحد ليلاً فى الحادية عشرة، سوف أمر من فوق كوبرى لندن."
أستدارت وتركت الغرفة، وتركت روز قلقة ومكتئبة جداً، لقد كانت فى لندن ليومين فقط مع عائلتها وأوليفر، من يمكن أن تطلب منه المساعدة؟ فى هذه اللحظة، دخل أوليفر الى الغرفة مسرعاً، وقال: "لقد رأيته." فسألته روز: "رأيت من؟" "السيد براونلو! لقد رأيته يدخل الى بيتاً ما، وسأل السيد جايلس أحد الخدم الذين يعيشون هناك، وثبت أنه هو! أنظرى، لقد حصلت على عنوانه." عرض أوليفر لروز بعض الأوراق التى كان بها عنواناً مكتوباً، فقالت روز: "يجب أن نذهب ونراه، سنستقل عربة حنطور فى الحال."
وعندما وصلوا الى العنوان، ذهبت روز أولاً لتتحدث مع الرجل النبيل، السيد براونلو، لقد رأت انه رجلاً ذو وجه بشوش وعلمت فى الحال أنه يمكنها الوثوق به، كان جالساً مع رجل نبيل آخر، قام السيد براونلو بتقديم روز الى السيد جريم ويج، قالت روز: "أعتقد أنك كنت عطوفاً جداً مع صديقى الصغير." سألها السيد براونلو: "ومن هذا الصديق؟" قالت روز: "أوليفر تويست." نظر السيد جريم ويج بدهشة وقال: "لقد كان لصاً." فقال السيد برونلو وهو يبتسم: "لا تستمعى الى صديقى." قالت روز: "أوليفر ولد جيد مر بوقت صعب جداً." فسألها السيد براونلو: "ماذا يمكنكِ أن تخبرينى عن هذا الولد الذى أختفى بعدما ساعدته." اخبرته روز بكل الاشياء التى حدثت لأوليفر بعدما غادر بيته، فقال السيد براونلو عندما سمع قصتها: "إذاً يجب أن أرى الولد." طُلب من أوليفر أن يدخل البيت، وعندما رأى ممرضته، السيدة بيدوين، جرى إليها، قالت: "أوليفر، لقد علمت أننى سأراك مرة أخرى، تبدو كأنك أبن رجل نبيل." فى نفس اللحظة، وفى غرفة أخرى، جلست روز مع السيد براونلو لتخبره بكل شيئ قالته نانسى لها، نظر بقلق وقال أنه سوف يزورها هى و السيدة مايلى فى الفندق هذا المساء.
فى الفندق ذلك المساء وأثناء تناول الشاى، كانوا جميعاً قلقين جداً، ناقش السيد براونلو المشكلة مع السيدة مايلى والدكتور لوسبيرن، قال السيد براونلو: "يجب أن نعرف من هى أُم أوليفر، وما هو المال الذى يخصه." قال الدكتور لوسبيرن: "كيف نستطيع فعل هذا؟ يمكننا أن نبلغ الشرطة." فقال السيد براونلو: "الشرطة سوف تضع العصابة فى السجن، ولكن هذا لن يفيد أوليفر، يجب أن نتحدث مع هذا الرجل الذى يدعى مونكز على أنفراد، يمكننا أن نسأل نانسى أين نجده." ولأنهم كانوا جميعاً عاقلين، أتفقوا أنها ستكون فكرة جيدة أن يجدوا أناس آخرين ليساعدوهم. أقترح السيد براونلو السيد جريم ويج واقترح الدكتور لوسبيرن هارى مايلى، قال السيد براونلو: " سوف نظل فى لندن لفترة، وعندما ينتهى كل هذا، يا أصدقائى الأعزاء، سوف أخبركم لماذا غادرت البلد."
بعد أن أختفى أوليفر من محل السيد ساوربيرى بقليل، قابل نوح كلايبول شابة تُدعى تشارلوت وتزوجا، وبعد ذلك قررا أن يتركا المدينة ويذهبا الى لندن، لذلك، كان نوح وزوجته تشارلوت يتجولان فى شوارع لندن يبحثان عن مكان ما يجدوا فيه الطعام والنوم، قالت المرأة المتعبة: "هل وصلنا؟" فأجابها: "تقريباً وصلنا." دخلوا الى نُزل قديم وطلب نوح من رجل يعمل هناك أن يحضر لهما بعض الطعام، وبينما كانوا يأكلون فى النُزل، أخبر نوح تشارلوت كيف يود ان يكون غنياً، قال نوح: "لقد كان سهلاً أن نأخذ المال من السيد ساوربيرى، لذلك يمكننا ان نأخذ المال من أناس آخرين، أعتقد أننى سأصبح لصاً جيداً." لم يدركوا أن فاجن كان جالساً على منضدة مجاورة، لقد سمعهم وهم يتكلمون وقرر أن يُقدم نفسه، قال فاجن وهو ينهض لينضم إليهم: "إذاً، أنت سرقت بعض المال، أليس كذلك؟"
نظر نوح ناحيته فى دهشة، ثم قال وهو يشير الى زوجته: "لم أسرق أى شيئ، لقد كانت هى!" فقال فاجن وهو يضحك: "لا تقلق، لقد أتيتم الى المكان الصحيح." جلس الى المنضدة الخاصة بهما ثم قال: "يمكننى أن أعطيكما عمل، ستحتفظون بنصف ما تسرقون وتحصلون على طعام وسرير واحتفظ أنا بالنصف الآخر." نظر نوح بسرور وسأل: "متى يمكننى البدء فى العمل؟" فقال فاجن: "غداً، سأريكم مكاناً تأخذون فيه المال من الاطفال الذين ترسلهم أمهاتهم لشراء الاشياء." قال نوح وهو يتظاهر بأن له أسم مختلف: "
ً لك، أسمى السيد موريس بولتر، وهذه زوجتى السيدة بولتر." قال فاجن: "جيد أنا مسرور بلقائكما." وفى هذه اللحظة، دخل تشارلى بايتس الى النُزل، كان خائفاً، وبصوت منخفض، أخبر فاجن أن الشرطة قد قبضت على المراوغ البارع، نظر فاجن بحرص الى أصدقاءه الجدد، نوح وتشارلوت، ثم قال: "أفعل ما أقوله وسوف أجعلك فى أمان، ولكن إن لم تفعل ما أقوله، سوف تذهب الى السجن مثل المراوغ البارع!" بدأ نوح وتشارلوت يقلقان جداً.
الفصل السابع
نوح (الذى يسمى نفسه الآن موريس بولتر) أصبح جزءاً من عصابة اللصوص الخاصة بفاجن، وقد قرر فاجن أن أول عمل يقوم به نوح هو أن يذهب ويرى ما يحدث للمراوغ البارع، لذلك قام فاجن باعطاء نوح الاتجاهات الى مكتب المحققين، والتى أتبعها بعناية عبر شوارع لندن المزدحمة. ثم أنتظر على مضض داخل المبنى حتى رأى المراوغ البارع يمشى امام المحقق وكان المراوغ البارع يقول الى المحقق الذى أصابته الدهشة: "أرسلنى الى السجن، سرعان ما سيحررنى المحامى مرة أخرى وستكون أنت فى مأزق." فقال المحقق بغضب: "خذوه بعيداً."
فى يوم الأحد، كان السيد سايكس وفاجن يتحدثون فى بيت السيد سايكس، سمعتهم نانسى يتحدثون بصوت خافت، أنتظرت حتى كانت الساعة تقريباً الحادية عشرة، ثم قامت وارتدت معطفها، سألها سايكس: "الى أين تذهبين فى هذا الوقت؟" قالت: "لا أشعر أننى بخير، أريد أن أقوم بتمشية." فقال: "لقد تأخر الوقت." وأغلق الباب. شاهد فاجن هذا من نانسى ولاحظ أنها مكتئبة، ماذا يحدث؟ لقد علم أنها كانت تخطط الى شيئ ما، ولذلك قرر أنها يجب أن تُراقب.
عندما أنهى نوح يومه الأول فى الشوارع، كان فاجن مسروراً به، لقد سرق مال ولبن وخبز من أطفال العائلات الغنية، قال فاجن: "أنت جيد كمبتدئ، والآن لدي عمل شيق لك، أريدك أن تراقب أمرأة شابة، وأن تكتشف أين تذهب، ومن تقابل، وماذا تقول. هل تستطيع القيام بهذا؟" قال نوح: "بالطبع، ولكن ما المقابل؟" قال فاجن: "جنيه واحد، ولكن أنتظر حتى يوم الاحد القادم، ثم سأخبرك أى شخص سوف تتبعه." فى مساء يوم الاحد التالى غادرت نانسى البيت فى الحادية عشرة الا ربع، اتبعها نوح الى كوبرى لندن، وكان حريصاً أن لا تراه، وفى منتصف الليل، رأى شابة ورجل نبيل ذو شعر رمادى وصلا فى عربة حنطور، أقتربت منهم نانسى.
راقبها نوح وهى تأخذ الاثنين الى أسفل بعض درجات سلم بجوار الكوبرى، وسمع نوح الرجل النبيل يسأل: "لماذا أحضرتينا الى هذا المكان الغريب؟" قالت نانسى: "كنت أن أتحدث اليكم فى أى مكان به ضوء." فقال الرجل، الذى كان فى الحقيقة السيد براونلو: "ولماذا لم تأتى فى الاسبوع الماضى؟" "لقد تم غلق الباب ولم أتمكن من المجئ." "ولكن لا أحد يعرف أنكِ هنا هذه الليلة." "لا، لا يعرف أحد." قال السيد براونلوا: "نحن نعلم ما أخبرتِ روز به، نحن نريد أن نجد مونكز، وإن لم نجده، فسنحتاج الى فاجن." قالت نانسى: "أستطيع أن أساعدكم أن تجدوا مونكز." ثم أخبرتهم عن أى نُزل هو يزور، وكان السيد براونلو يدون الملاحظات، سألها السيد براونلو: " كيف يبدو؟" قالت: "إنه طويل وقوى وذو شعر وعينان سوداوان، ويبلغ من العمر ثمانية وعشرون عاماً، ولكنه يبدو أكبر، ودائماً يبدو عصبياً، و لديه فى عنقه ......." فقال السيد براونلوا: "لديه علامة حمراء." سألته نانسى فى دهشة: "هل تعرفه؟" قال السيد براونلو: "أعتقد ذلك، ولكننى لست متأكداً،
ً على مساعدتك، والآن دعينا نساعدك، تعالِ معنا بعيداً عن حياتك القديمة." قالت نانسى: "لا أستطيع أن أترك حياتى، يجب أن أعود الى البيت."
حاول السيد براونلو وروز أن يقنعوها، ولكنهم ادركوا فى النهاية انهم لا يمكنهم تغيير رأى نانسى، وصعد الثلاثة السلالم ووصلوا الى الشارع، وسرعان ما أصبح كل شيئ هادئ، غادر نوح مكان أختبائه وجرى عائداً الى منزل فاجن بأسرع سرعة ممكنة، وعندما سمع فاجن ما حدث، أستشاط غضباً وأرسل أحد الاولاد ليخبر السيد سايكس أن يزوره فى الحال، وصل السيد سايكس ورأى أن فاجن لم يكن سعيداً جداً، سأله سايكس: "ماذا حدث؟" قال فاجن: "ماذا ستفعل اذا اكتشفت ان صديقاً لك أخبر الناس كل شيئ عن عصابتك؟" صاح سايكس: "سأعاقب ذلك الشخص." فقال فاجن وهو يقدمه الى نوح: "إذاً استمع الى ما سيقوله صديقنا." أخبرهم نوح بكل ما سمعه عند ذلك الجسر ومن رآهم هناك، عندما سمع سايكس الخبر، لم يقل شيئاً ولكنه قفز وخرج مسرعاً من البيت.
بعد بضع ساعات، أغلق سايكس باب بيته وغادر لندن قبل اشراقة النهار، لا يريد أن يراه أحد، لقد سافر طوال اليوم حتى وصل الى الريف فى شمال لندن، ولمة أيام، كان ينام فى الخلاء وكان يشرب من مياه البحيرات، وذات يوم بينما كان يمر بنُزل، سمع بعض الرجال يتكلمون، قال أحدهم: "هل سمعت ان امرأة قُتلت فى لندن الاسبوع الماضى؟" فقال الأخر: "نعم، يقولون أن القاتل ذهب الى شمال بيرمينجهام، أتمنى أن يقبضوا عليه." أبتعد سايكس بسرعة، إذاً، لقد ظنت الشرطة أنه سوف يذهب الى بيرمينجهام ، شعر بالرعب، ولكن كان لديه خطة، قرر أن يعود الى لندن.
بينما كان هذا يحدث، كان السيد براونلو مشغولاً أيضاً. ذات يوم، خرج من عربة حنطور وطرق باب بيته، ثم خرج حارسان ومعهما رجل آخر، لقد كان مونكز، مشوا جميعاً الى داخل المنزل دون كلام، قال السيد براونلو الى الحرس: "لو لم يفعل ما نقول، خذوه الى الشارع واستدعوا بالشرطة، فقال مونكز: "من قال لهذين الرجلين أن يخطفانى." قال السيد براونلو: "أنا فعلت ذلك، لو لم تحب هذا، أذهب وأحضر رجل شرطة، لكننى أفضل أن تجلس." فكر مونكز لدقيقة، ثم جلس ببطئ قبل أن يقول: "لم أظن ابداً ان صديق والدى القديم سوف يكون قاسى جداً نحوى، قال السيد براونلو: "كنت صديق والدك القديم، وكنت سأتزوج أخته، عمتك، قبل أن تموت، ولذلك جئت بك هنا يا إيدوارد ليفورد، مك أنا مسرور انك غيرت أسم عائلتك المحترم.
قال مونكز بهدوء: "ماذا تريد؟" فقال السيد براونلو: "أنت لديك أخ." قال مونكز: "لا، لقد كنت الطفل الأول." أكمل السيد براونلو: "بعد موت والدتك، ترك أحد أقارب عائلتك الأغنياء لوالدك كثير من النقود، ولكن والدك مرض فى إيطاليا ومات هناك أيضاً، لم يجدوا وصية، ولذلك كل ثروته أصبحت ملك لك." نظر مونكز الى السيد براونلو بحرص ولكن بإهتمام، ثم أكمل السيد براونلو: "ولكن قبل أن يذهب الى إيطاليان قام بزيارتى، وأخبرنى أنه تزوج مرة أخرى، لقد تزوج شابة تسمى آجنيز، وقد أعطانى صورة لها والتى وضعتها على حائطىن كان لديها طفل ولد." قال مونكز: "هذه مجرد قصة." فقال السيد براونلو: "لم تكن كذلك، عندما وجدت أوليفر أول مرة، لاحظت أنه كثير الشبه بالسيدة الشابة التى فى الصورة، لكنك قمت بخطف الولد قبل أن أتمكن من أكتشاف المزيد." صاح مونكز: "ليس أنا من فعل هذا." فقال السيد براونلوا: " أنا أعرف ما حدث."
"عندما لم أتمكن من أن أجد أوليفر، قررت أن أجدك، لذلك ذهبت الى جزر الهند الغربية حيث كنت تعمل عندما سمعت عنك آخر مرة، لكنك لم تكن هناكن لذلك عدت أنا الى لندن." صاح مونكز: "هذا ليس صحيحاً، ليس لدي أخ." "أنت تعلم أن لديك أخ، و ترك والدك وصية بالتأكيد، لكنك قمت بحرقها، وكانت المُدلاة التى أعطاها والدك الى آجنيز هى الشئ الوحيد الذى يبين من يكون الولد، قمت أنت برميها فى النهر، والآن قُتلت أمرأة." قال مونكز: "الأمر صحيح بشأن المُدلاة، لكن لست انا من قتل المرأة، يجب أن تصدقنى." قال السيد براونلو: "لو وعدتنى أنك ستخبر الجميع بما حدث، فربما أصدقك فى النهاية." فقال مونكز بصوت منخفض: "أعدك."
فى هذه اللحظة، دخل الدكتور لوسبيرن الى الغرفة مسرعاً، كان سعيداص وأراد أن ينقل الخبر للآخرين، صاح قائلاً: "لقد تكلمت مع رجل شرطة، وقد أخبرنى أنهم يعتقدون أن الرجل الذى قتل نانسى فى طريقه عائداً الى لندن." فأمر السيد براونلو مونكز قائلاً: "أبق فى هذه الغرفة حتى أعود، إنها أملك الوحيد أن تبقى آمناً. "
الفصل الثامن
لقد كان وقتاً مظلماً ورطباً بعد الظهيرة، كان توبى كراكيت- اللص الذى كان مع سايكس وأوليفر عندما حاولوا اقتحام منزل السيدة مايلى- مختبأً مع أثنين من المجرمين الآخرين، كانوا فى منزل قديم بجوار النهر، كان هذا المنزل فى جزء من لندن لا يعرفه ولا يريد ان يعرف عنه الا قليل من الناس، لقد كان فى منطقة من أفقر العشوائيات التى يمكن أن تكون قد رأيتها من قبل، حيث الشوارع المزدحمة مليئة بالرائحة الغير مرغوب فيها والطين، كانت منطقة بها فقر مدقع، حيث الناس يعيشون على أمل لا يُذكر، المجرمون الآن يناقشون الأحداث المثيرة التى حدثت مبكراً فى ذلك اليوم، تسآل توبى: "متى قبضت الشرطة على فاجن؟" فقال أحد المجرمين وكان يُسمى تشيدنج: "فى تمام الساعة الثانية، ولقد هربت أنا وتشارلى بايتس من خلال نافذة، ولكنهم أيضاً قبضوا على بولتر." فقال المجرم الآخر وكان يُسمى كاجز: "كل الباقين فى العصابة تم أخذهم بواسطة الشرطة."
فى هذه اللحظة كان هناك قرعة على الباب، تسائل توبى: "من قد يكون؟" وتسائل كاجز: "هل هو تشارلى بايتس؟" "لا أحد آخر يعرف أننا هنا، أليس كذلك؟" ثم دخل رجل، كان يضع منديلاً على فمه ويرتدى قبعة كبيرة، وعندما نزع هذه الأشياء رأوا انه ليس تشارلى بايتس، لقد كان السيد سايكس، وكان يبدو متعباً جداً، ثم تسائل بصوت عالٍ: "هل حقاً قبضوا على فاجن؟" قال كاجز: "نعم، حدث ذلك." فتسائل سايكس: "هل يمكننى أن أمكث هنا يا توبى؟" فرد توبى: "نعم، إن كنت مضطراً." كان هناك قرعة أخرى، وفى هذه المرة دخل تشارلى بايتس الى الغرفة، وعندما رأى سايكس، بدا مص
اً، ثم صاح: "ليس أنت! أنت الشخص الذى قتل نانسى." أندهش المجرمون عندما قفز تشارلى الصغير بعد ذلك على سايكس وبدءا يتقاتلا، ومع هذا كان سايكس أقوى بكثير بالنسبة للولد، وسرعان ما كان تشارلى راقداً على الأرض.
قفز تشارلى خارجاً وصاح: "النجدة! القاتل هنا! أكسروا الباب!" لقد كان بيتاً قديماً وكانت الحوائط ضعيفة، ولذلك سرعان ما سمع المجرمون صوت الناس فى الشارع خارج البيت، هؤلاء الناس الذين فى الخارج قد سمعوا أستغاثات تشارلى، يبدو أنه كان هناك أصوات كثيرة ولكنهم سمعوا أيضاً صوت حصان ورجل يعطى تعليمات، ثم سمعوا قرعة قوية على باب الطابق السفلى، فتح سايكس النافذة و صاح فى هذا الحشد من الناس الذين تواجدوا فى الشارع أسفل البيت: "لن تأخذونى أبداً الى السجن!" كان الرجل الذى أعطى التعليمات هو السيد براونلو وقد طلب سُلماً، فى هذه اللحظة علم سايكس أن أحداً ما قد يصعد الى النافذة، وأدرك أنه مضطر الى الهروب، جرى الى أعلى السلالم الموجودة فى مؤخرة البيت والتى تؤدى الى الطابق العلوى، ثم تسلق الى سطح المبنى القديم، الآن يستطيع حشد الناس فى الشارع أن يراه وأشاروا جميعاً إليه، صاح السيد براونلو: "سأعطى خمسون جنيهاً للرجل الذى يأتى به حياً." نظر سايكس حوله، لكنه لاحظ أنه لا هروب من السطح، كان يمكنه أن يقفز فى النهر لكن التيار كان منخفضاً جداً فى هذا الوقت من اليوم، أدرك أن الناس أصبحوا الآن داخل المنزل تحته وأنهم كانوا يصعدون السلم بسرعة، كان هناك شيئاً واحداً يمكنه فعله، ليس لديه خيار- إنه مضطر الى أن يقفز، ولأن سايكس سقط، هدأ الحشد فجأة، لا أحد سوف يأخذ الخمسون جنيهاً من السيد براونلو، فقد مات سايكس.
وبعد يومين، فى يوم ساطع ومشمس، كان أوليفر مسافراً فى عربة حنطور مع السيدة مايلى وروز والسيدة بدوين والدكتولا لوسبيرن، وخلفهم، كان هناك عربة أخرى تحمل السيد براونلو والسيد جريم ويج ورجل آخر، لقد قام السيد براونلوا بإخبار أوليفر كل شيئ عن محادثته مع رجل يُسمى مونكز، ولكن أوليفر مازال لا يعرف ما الذى سوف يحدث، هو أيضاً لا يعلم أن الرجل الآخر الذى يسافر فى عربة السيد براونلو هو فى الحقيقة مونكز، وبعد بعض الوقت نسى أوليفر كل شيئ عنه، كانت العربات تتجه نحو المكان الذى ولد فيه أوليفر، نظر خارجاص من خلال النافذة وظن انه من المذهل أن يرى الأماكن التى كان يتذكرها من مشيه الطويل الى لندن، أخبر روز: "انظرى، ها هو الحقل الذى مشيت عبره، وها هو الطريق المؤدى الى البيت الذى كنت أعيش فيه مع السيدة مان عندما كنت صغيراً، ربما أصدقائى الأيتام ما زالوا هناك." وقال بأنفعال: "يمكننا أن نعطيهم ملابس ونعلمهم كيف يقرأون ويكتبون." مرت العربة ببيت ساوربيرى، وعندما مروا بالاصلاحية، كان أوليفر أكثر هدوءاً، أستمرت العربة وتوقفت خارج فندق يعرفه أوليفر، لم يصدق انه الآن سوف يقيم هناك، وفى نهاية هذا المساء بوقت كبير، عندما كانوا يأكلون فى غرفة الطعام بالفندق، كان السيد براونلو جالساً فى غرفته مع الرجل الذى سافر معه فى عربته، مونكز، وقام الدكتور لوسبيرن والسيد جريم ويج بزيارتهما مرة, ثم عادا ليجلسا مع أوليفر وروز.
أخيراً، فى تمام التاسعة، فتح السيد براونلو الباب ودخل الى الغرفة، كان معه رجل رآه أوليفر من قبل، إنه رجل ذو عيون قاسية، نظر اليه أوليفر بعصبية، قال السيد براونلو وهو يمسك ببعض الأوراق: "هذا صعب على أى شخص، ولكن من المهم أن نسمع جميعاً ما أنا مضطر الى قوله، تحرك السيد براونلو ناحية أوليفر ووضع يده على كتفه، ثم قال لمونكز: "هذا الولد هو أخوك غير الشقيق، إنه ابن آجنيز وابن والدك وصديقى الطيب إدوين ليفورد، قال مونكز: "نعم، وقد وُلد فى هذه المدينة فى الاصلاحية." سأله السيد براونلو: "عندما مات والدك، ماذا وجدت فى مكتبه؟" قال مونكز بهدوء: "وجدت وصيته وخطاب الى آجنيز، وكان أبى يطلب من آجنيز فى خطابه أن تحتفظ بالمُدلاة الذهبية وبها أسمها."
قال السيد براونلو وهو ينظر الى مونكز: "هذا صحيح، وقالت الوصية أن بعض ماله يجب أن يذهب إليك، ولكن كان هناك مال آخر كثير، قالت الوصية أن نصف هذا المال يجب ان يذهب الى آجنيز، بينما النصف الآخر يجب أن يذهب للطفل، ولكن فقط اذا نشأ الطفل كشخص ذو أخلاق حميدة، والدك لم يُرد ولد سيئ آخر مثلك." فقال مونكز موضحاً: "لم أُرد أن يكون الولد صالحاً، أردت ان اتأكد انه أصبح لصاً لكى لا يأخذ المال، وبينما كان يكبر أراقبه بحرص دون أن يعلم، وعندما هرب قمت بمساعدة المراوغ البارع على أن يجده لكى يقدمه الى صديقى فاجنن ومن ثم يساعده فاجن ليصبح لصاً." سأله السيد براونلو: "ماذا حدث للمُدلاة؟" قال مونكز: "لقد أشتريت المُدلاة من شخصين من الاصلاحية التى عاش فبها أوليفر." فسأله السيد براونلو: "هاذان الشخصان؟" ثم عاد الى الغرفة ومعه السيد والسيدة بامبل، صاح السيد بامبل عندما رأى الولد: "أوليفر، انا سعيد جداً لرؤياك مرة أخرى، لقد كنت دائماً ولد طيب!" سأل السيد براونلو السيد بامبل: "هل قمت ببيع مُدلاة لهذا الرجل؟" فقال السيد بامبل: "بالطبع لا، ولم أراه من قبل."
ثم دخل السيد جريم ويج ومعه خادمتين من الاصلاحية، ثم سألهما: "ماذا يمكنكما ان تخبرونا عن الممرضة سالى؟" قالت إحداهما: "رأينا السيدة بامبل تأخذ مُدلاة وبعض الاوراق من أيدى الممرضة سالى عندما ماتت." نظرت السيدة بامبل الى أسفل وهى تشعر بالخزى، ثم قالت: "هذا صحيح، ما كان يجب لى أن ءأخذ شيئاً مهماً جداً، ماذا ستفعلون بنا؟" فقال السيد براونلو: "سوف أخبر الناس ان لا يعطوكِ أو زوجك وظيفة جيدة مرة أخرى." ثم أكمل السيد براونلو وهو ينظر الى مونكز: "الآن، ماذا يمكنك أن تخبرنا عن روز؟" فأكمل مونكز: "روز مايلى هى أخت آجنيز الصغيرة، عندما مات والد آجنيز، أُرسلت روز لتعيش مع عائلة فقيرة فى البرارى، وبعد سنوات تبنتها السيدة مايلىن توجد بعض الاوراق التى تثبت هذا كله، إنها مع فاجن." قال السيد براونلو بسعادة كبيرة: "إذاً روز هى خالة أوليفر." فى البداية لم يعرف أوليفر ماذا يقول، ثم انتسم لروز وقال: "أنا سعيد جداً أننا أقارب."
كان أوليفر يمشى أسفل ممر بارد ورطب وعلى جانبيه زنازين مظلمة وصغيرة، كان ذلك فى اليوم التالى وكان السيد براونلو قد طلب من أوليفر ان يذهب معه لرؤية فاجن فى السجن والذى سيكون بيت فاجن لبقية حياته: حياة قرر المحقق أنها لن تطول كثيراً لأن فاجن حُكم عليه بالاعدام، صُدم فاجن عندما رأى أوليفر، ثم صاح: "أوليفر، كيف حالك يا ولدى؟ أريد ان اتحدث اليك." فقال السيد براونلو: "ليس الآن يا فاجن، أسمع، نحن نعلم ان مونكز أعطاك بعض الأوراق." قال فاجنك " ماذا، بعض الاوراق، لن أخبرك أين هى، لكنى سوف أخبر أوليفر، تعال هنا يا ولدى." أقترب جداً من أوليفر وقال بصوت خافت فى أذنه: "الاوراق فى حقيبة صغيرة داخل الممر الصغير أمام غرفتى، والآن لوسمحت أخرجنى من هنا." قال أوليفر وهو يبتعد: "لا أستطيع أن أفعل ذلك، يجب ان أغادر الآن." خرج السيد براونلو واوليفر من الزنزانة و لاحظوا الحراس وهم يغلقون باب السجن خلفهم، لم يروا فاجن مرة أخرى.
تقريباً أنتهت هذه القصة، ولكن لم تنتهى حياة الناس الذين قابلناهم، ماذا حدث لمونكز؟ حسناً، لقد ذهب مونكز الى أمريكا ليبدأ حياة جديدة ولم يره أحد مرة أخرى، أما عصابة فاجن فقد تم أرسالهم جميعاً الى السجن، ولكن بدون تشارلى بايتس الصغير، فبعد وفاة نانسى قرر أن كل المجرمين سيئين، لقد عمل بجد لكى يحصل على وظيفة جيدة فى مزرعة، وعاش حياة سعيدة، وماذا عن نوح كلايبول؟ لقد استمر فى عمله كمخبر، اما روز فقد تزوجت سريعاً من الرجل الذى تحبه، هارى، وعاشوا فى بيت جميل مع السيدة مايلى، وماذا عن أوليفر تويست؟ لقد تبناه السيد براونلو كأبن له وانتقلوا لمنزل قريب من أصدقائهم المحبوبين: روز وهارى والسيدة مايلى، أوليفر يمتلك الآن أب وبيت جميل ونوعاً ما من التعليم، ولكن بالرغم من أنه عاش حياة طويلة وناجحة، لم يستطع أبداً أن ينسى الكثير من الاطفال الفقراء الذين يعيشون فى المدينة المجاورة.
تمت بحمد الله