آداب النجوى و الحديث
التمهيد :
الأخلاق الفاضلة عنوان الشعوب المتحضرة ، والإسلام دين يعلم الناس مكارم الأخلاق و السلوكيات الحميدة التي تزيد من أواصر الحب و المودة بين المؤمنين .. وهذه الآيات الكريمة توضح كيف ومتى تكون المناجاة بين البشر وما هي آدابها الواجب اتباعها ، كما تعلمنا الآيات آداب المجالس التي نحتاجها في أيامنا هذه بشدة ..
النص :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) }
اللغويات :
- آمنوا : صدقوا تصديقاً مطلقاً × كفروا وكذبوا
- تناجيتم : تحدثتم سرًا × أفصحتم
- الإثم : الذنب ج آثام
- العدوان : الظلم
- البر : الخير والإحسان
- التقوى : طاعة الله
- تحشرون : تجمعون يوم القيامة
- النجوى : الحديث في السر و المقصود هنا: الحديث بالشر والعدوان
- من الشيطان : أي بدافع منه
- ليحزن الذين آمنوا : ليوقع في قلوبهم الهم والغم والحزن
- يتوكل : يعتمد .
س1 : ما المقصود بـ : (وليس بضارهم شيئا) ؟
جـ : ليس الشيطان أو التناجي الذي يزينه بمسبب للمؤمنين شيئا من الضرر .
الشرح :
س1 : عمّ ينهي الله - عز وجل- المؤمنين ؟ وبمَ يأمرهم ؟
جـ : ينهي الله - عز وجل - المؤمنين عن التحدث فيما بينهم في السر، بحديث فيه شر، أو ظلم أو عصيان لله ورسوله، ويأمر أن يتحدثوا فيما يعود عليهم بالخير، كما طالبهم بطاعة الله الذي إليه مصيرهم، وستعرض عليه أعمالهم يوم القيامة.
س2: من الذي يدفعنا إلى النجوى بالإثم ؟ ولماذا ؟
جـ: إن الذي يدفع إلى النجوى بالإثم هو الشيطان ليوقع في قلوب المؤمنين الخوف والهم والغم إذا تناجى غيرهم أمامهم ؛ لأن كلاً منهم يريد أن يعرف الحديث الذي يدور بينهم.
س3 : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج َاثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه ] . وضح كيف يلتقي معنى الحديث و الآية الكريمة ؟
جـ : كلاهما يعالج بعض الأخطاء السلوكية التي قد يقع فيها الناس كالمناجاة بين بعضهم ، وترك فرد قد يشعره بالعزلة و المرارة وعدم الثقة به .
س 4: كيف يكون التناجي بالبر و التقوى ؟
جـ : يكون بأداء ما كلفنا الله به من فرائض وطاعات وباجتناب معاصيه .
س5: هل يستطيع الشيطان تحقيق نفع أو ضر لإنسان ؟
جـ : إن الشيطان لا يستطيع أن ينفع أحد أو يضره، ولكن الله سبحانه هو الذي بيده مقاليد الأمور والضر والنفع ، ولذا وجب على المؤمنين أن يعتمدوا عليه وحده.
س6 : في الآيات دعوة إلى التوكل على الله . فما الفرق بين التوكل و التواكل ؟
جـ : التوكل : هو الاعتماد على الله مع الأخذ بالأسباب .
- التواكل : هو الاعتماد على الله بدون الأخذ بالأسباب وهو طريق الكسالى و الخاملين ، ولذلك قال جل شانه: " وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
التذوق :
[ يا أيها الذين آمنوا]: نداء للتنبيه ، وفيه تشريف وتكريم لهم بوصفهم بالذين آمنوا فهم القدوة الحسنة ، و أصحاب السلوك الفاضل .
[إذا تناجيتم ..]: أسلوب شرط يبين احتياج البعض إلى المناجاة ؛ لإخفاء بعض الأسرار ولكن بشروط حددها الخالق .
[فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول]: أسلوب نهي شامل ، لكل ما جاء بعده ، غرضه : الوجوب و الإلزام ؛ لأن من يخالفه يستحق عقاب الله الشديد .
[فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى]: محسن بديعي / مقابلة ، تبرز المعنى و توضحه بالتضاد .
[تناجوا بالبر والتقوى]: أسلوب أمر يبيح المناجاة طالما كانت في الخير والطاعة.
[اتقوا الله]: أمر حقيقي ملزم، يوجب طاعة الله.
[إليه تحشرون]: أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور "إليه" على الفعل [ تحشرون ] يؤكد أن لا مهرب لهم من الحساب، وأنهم سيبعثون - حتماً - ويحشرون أمام الله ليحاسبوا عما فعلوا في الدنيا.
[إنما النجوى من الشيطان]: أسلوب قصر، أداته "إنما" ويؤكد أن النجوى الآثمة مصدرها الشيطان وفيها تحذير من الشيطان ، لمخالفته وعدم الاستجابة لوساوسه.
[ليحزن الذين آمنوا]: تعليل لما يقوم به الشيطان من أعمال، حيث الغرض منها إيذاء المؤمنين.
[وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله] : أسلوب قصر، أداته النفي بـ "ليس" والاستثناء بـ"إلا" والغرض منه تأكيد أن كل ما يحدث بإرادة الله وحده، وليس بفعل الشيطان ، كما أن الباء في [بضارهم] حرف جر زائد للتأكيد .
[ وعلى الله فليتوكل المؤمنون]: أسلوب قصر، وذلك بتقديم الجار والمجرور "على الله" على الفعل "يتوكل" يفيد تخصيص التوكل على الله دون غيره .
[تحشرون ... المؤمنون]: جرس موسيقي جميل حدث نتيجة اتفاق آخر الكلمتين : " تحشرون" و "المؤمنون" في آخر الآيتين الكريمتين.
[فليتوكل] : أسلوب أمر حقيقي واجب التنفيذ.
النص :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) }
اللغويات :
- تفسحوا : توسعوا × ضيِّقوا
- في المجالس: أي في مجلس النبي
- يفسح الله لكم : يوسع لكم في الرزق و في الجنة
- انشزوا : أي انهضوا إلى الصلاة والجهاد وعمل الخير ، أو قوموا ليجلس غيركم
- يرفع الله الذين آمنوا منكم : أي الصحابة
- أوتوا : أعطوا و منحوا
- درجات : مراتب عظيمة × دركات
- خبير : عارف ، مطلع ، يعلم كل ما كان، وما يكون .
الشرح :
س1: ماذا يطلب الله من المؤمنين في الآية الأخيرة ؟
جـ : أن نوسّع في مجالسنا و أن نفسح لغيرنا ؛ حتى يوسع الله لنا في رزقه و رحمته و جنته ، وإذا طلب منا أن نقوم لكي يجلس في مكاننا غيرنا من كبار السن أو من أهل الإيمان فإنه يجب علينا أن نقوم ليجلسوا مكاننا .
* عن أنس قال بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد إذ أقبل عليّ فسلّم ثم وقف ينظر موضعاً يجلس فيه فنظر في وجوه الصحابة أيهم يوسع له وكان أبو بكر رضي الله عنه يمينه فتزحزح له عن مجلسه وقال له : هَهُنا يا أبا حسن فجلس بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي بكر فعرف السرور في وجه رسول الله وقال يا أبا بكر: (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل) .
س2 : علامَ كان يحرص المؤمنون في مجلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟
جـ : كان المؤمنون في مجلس الرسول- صلى الله عليه وسلم - يحرصون على التنافس في القرب منه والحرص الشديد على الاستماع لكلامه العظيم .
س3 : ما المقصود بقوله تعالى:{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} ؟
جـ : أي يعطيهم درجات عالية في الكرامة و المنزلة في الدنيا والثواب في الآخرة .
س4 : ما المقصود بقول الله تعالى : { والله بما تعملون خبير } ؟
جـ : أي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم من خير وشر فهو مج
م و محاسبكم بالخير خيراً وبالشر شراً .
- أو بأن الله بأعمالكم أيها الناس ذو خبرة لا يخفى عليه المطيع منكم ربه من العاصي وهو مجازٍ (محاسب) جميعكم بعمله المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته .
التذوق :
[يا أيها الذين آمنوا]: نداء للمؤمنين بوصفهم القدوة الحسنة.
[إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم] : أسلوب شرط، يوحي بالترغيب في الطاعة، فمن وسع يوسع الله عليه في الدنيا والآخرة .
[المجالس] : جاءت جمعاً ومعرفة لإفادة العموم لكل مجلس .
[قيل] : جاء الفعل مبنيًا للمجهول لإفادة العموم (أي كل قائل).
[وإذا قيل لكم انشزوا فانشزوا]: أسلوب شرط يوجب التنفيذ والطاعة .
[يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات] : عطف [الذين أوتوا العلم] على [الذين آمنوا] يفيد أن درجة العاملين بعلمهم لا تقل في سموها و علوها عن درجات المؤمنين الصادقين .
[والله بما تعلمون خبير]: تأكيد على أن الله سبحانه عليم محيط بكل شيء، كما يتضمن تحذير لكل من يخالف أوامره .
تذكر أن :
حرصت الآيات السابقة على ترسيخ الآداب العامة التي ينبغي أن يتحلّى بها أفراد المجتمع الإسلامي وخاصة فيما يتعلق بنفسيات الناس ، فالإسلام لا يحرّم أن يتحدث الإنسان سرًا إلى أخيه ، ولكنه يضع شرطًا لذلك : ألا يكون هذا الحديث السري قائمًا على الإثم والمعصية.
ومن الآداب الرفيعة التي يوجهها الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد قوله : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه".
وسبب حزن الثالث أنه قد يدور في نفسه أن هذا الحديث الذي يدور سرًا بين زميليه قد يراد به الإساءة إليه، أو أنهما يريدان به شرًا، أو أنه ليس
ً لثقتهما ، ومن أجل هذا أخفوا الحديث وجعلوا سرًا ، ومن أجل هذا أيضًا كان نهي الرسول.
- كما حرصت الآيات على توضيح آداب الجلوس في حضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، أو في مجالس العلم أو في أي مجلس كان فيه الإنسان .
المناقشة :
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) }
(أ) - اختر الإجابة الصحيحة مما بين القوسين فيما يأتي :
* مضاد " تناجيتم": (طاب حديثكم - انفرد بعضكم بالحديث - تحدثتم جهرًا).
* مرادف "الإثم" : (الفجور - الذنب - الحمق).
* "فلا تتناجوا" أسلوب: (نهي - شرط - تحذير).
(ب) - استخرج من الآية الكريمة ما يأتي:
- محسنًا، واذكر نوعه ، وأثره في المعنى
- أسلوب قصر، ووضحه واذكر الغرض منه.
(جـ) - ما الأخطاء الاجتماعية التي تعالجها هذه الآية الكريمة؟
(د) - متى تكون النجوى مباحة ؟ ومتى تكون محرمة ؟
(هـ) - في الآيات دعوة إلى التوكل على الله، فهل ترى هناك فرقًا بين [التوكل] و[التواكل] . وضح .
(و) - [هذا مكاني لا أغيره] ما رأيك في هذا التعبير الذي درجت عليه ألسنة قلة قليلة من زملائك؟ وضح على ضوء دراستك للنص.
(ز) - [وعلى الله فليتوكل المؤمنون] ، [فليتوكل المؤمنون على الله] . لماذا كان التعبير الأول أجمل؟
(ح) - في الآية السابقة آداب اجتماعية لها أثرها المحمود في رقي المجتمع... وضح ذلك.
(ط) - [إنما النجوى من الشيطان] ما المراد بذلك ؟ وما واجبنا أمام هذا التوجيه الإلهي.