خدعوكى فقالوا : أخرك بيت جوزك
" البنت أخرها ايه غير بيت جوزها "
جمله من أكثر الجمل المكرره امامى واكثرها اثاره لغضبى
ليس لأننى أنكر حقيقتها ولكن لأننى أفهم مغزاها ومرادها .. فمن يقول هذه الجمله يطلقها فى سياق انه لا فائده من تعب البنت فى التعليم والتدريب والبحث مادامت هذه الفتاه ستكون مهمتها الأولى أن تطبخ وتغسل وتكنس وانا بالطبع لا أقلل من هذه المهمه ولكننى انكر ان نلخص دور المرأه كله فى هذه الاشياء
فحتماً وقطعاً المهمه الاولى والاساسيه للمرأه هى رعاية زوجها وتربية اولادها تربيه صالحه ولكن هذا لا يعنى قصر دورها على هذا فحسب مادامت هى قادره على فعل الأكثر دون اى تقصير فى المهمه الاساسيه ... فعمل المرأه فى بيتها ورعايتها لزوجها وتربيتها لاولادها مثل الفرض ودخولها سوق العمل وعملها بمجال دراستها هذا مثل النوافل والسنن وقيام الليل
فمن الناس من يستطيع ان يصلى الفرض فقط ومنهم من يستطيع ان يصلى الفرض والسنه ومنهم من يرتقى لمنزله اخرى ويقيم الليل ومنهم من هو مقصر حتى فى الفروض التى فرضها الله على عباده
كذلك فالمرأه انواع .. منها من تترك بيتها دون رعايه وايضا لا تعمل وبالتالى فهى امراه فاشله فى جميع النواحى ... ومنها من تستطيع أن تجمع بين البيت وبين العمل بمجالها ولكنها تقصر بعض الشىء فى عملها... ومنها من تنجح فى الاثنين معاً سواء بيت او عمل
فالناس درجات وطاقات وقدرات ولذلك فلا يمكن أن نحكم على جنس بالكامل ونقيده فى دائره واحده
ولكن ما لا أسمح به ولا أريده أن تؤثر مهمة الفتاه الثانويه على مهمتها الاساسيه والرئيسيه وهى رعاية زوجها وتربية اولادها تربيه صالحه
فلا يصح مثلاً ان نهتم بالنوافل ونحن فى حقيقة الامر لا نصلى الفروض ولا يصح ان نصوم اثنين وخميس ولا نصوم رمضان مع فارق التشبيه طبعاً ولكن اذا استطعنا التوفيق فخير وبركه
والأمثله كثيره لا حصر لها فى تاريخنا الاسلامى عن المرأه التى استطاعت التوفيق والمرأه ذات الثقافه العاليه والمرأه ذات القدرات الفائقه والمرأه التى تشارك فى الحياه السياسيه
فمثلاً نجد السيده خديجه رضى الله عنها افضل النساء على وجه الارض كانت تدير تجارتها بنفسها وكانت من اشراف مكه وكانت تتابع تجارتها ولم تكتفى فقط بكونها قد تزوجت ومن المعروف لدى الجميع ان السيده خديجه كانت خير سند للرسول عليه افضل الصلاة والسلام وحينما جاءت البعثه كانت اول من حملت راية الاسلام على عاتقها وتحملت الكثير والكثير فى سبيل دعوتها
ولدينا ايضاً مثل اخر ونموذج مشرف السيده عائشه زوجة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام وابنة حبيبه _ ابى بكر الصديق _ هذه المرأه التى كثيراً ماشاركت فى الحياه السياسيه أنذاك وكانت تروى الاحاديث ويرجع لها الصحابه فى ذلك حيث قال ابو موسى الاشعرى " ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشه الا وجدنا عندها فيه علماً "
ولم يقتصر علمها على الاحاديث فقط بل امتد ليشتمل الطب ايضاً حيث قال عروه للسيده عائشه " ياامتاه لا اعجب من فقهك أقول زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبى بكر ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب اقول بنية ابى بكر _ وكان اعلم الناس _ ولكن اعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن اين هو ؟ وماهو ؟ قال : فضربت على منكبى ثم قالت : اى عريه _ تصغير عروه _ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم فى أخر عمره فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت اعالجه فمن ثم "
هكذا كانت السيده عائشه من حيث العلم ومن حيث المشاركه فى الحياه السياسيه فماذا عن عائشه الزوجه ؟ كانت خير زوجه فكانت احب الزوجات الى قلب الرسول عليه افضل الصلاة والسلام ولم نعهد منها اى تقصير فى بيتها وكانت خير مثال لمن استطاع التوفيق
نأتى لذات النطاقين السيده اسماء بنت ابى بكر فكانت ايضاً عالمه بامور دينها وقد روت فى الطب وكان الصحابه والتابعون يرجعون اليها فى أمور الدين وكانت تشارك زوجها فى عمله فكانت تعلف الفرس وتسقيه الماء وترق النوى لناضحه وكانت ايضا تقوم بكل امور البيت حيث تهىء الطعام والشراب لزوجها وتصلح الثياب وكانت تلتقى بأقرابها وأترابها لتتحدث عن الدين الجديد وتنقل هذا الى زوجها فكانت بذلك داعيه الى الله عز وجل
وجميعنا لا ننسى موقفها الجليل ايام الهجره حينما هاجر المسلمون وخرج الرسول عليه افضل الصلاة والسلام مع ابى بكر واختبئا فى غار ثور وجاء هنا دور ذات النطاقين التى أخذت الزاد والماء للنبى صلى الله عليه وسلم ووالدها ابى بكر غير ابهه بالليل والجبال والاماكن الموحشه
واذا نظرت الى المهمه التى قامت بها ستجد انها انسب للرجال من النساء فحتى تسير فتاه فى هذا الطريق حامله معها الزاد وقريش تحاول اللحاق باى شخص يرشدهم لطريق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فبالطبع ستكون معرضه للمخاطر من كل النواحى ولكن هذا لم يمنع فتااااااااه من ان تقوم بهذا الدور ولذلك فاصعب الادوار جسدتها ذات النطاقين لتكن مثلاً للمراه يحتذى به
ولم تكتفى بذلك فكان لها نصيب من رواية الاحاديث حيث ذكر انها روت (85 ) حديثاً وفى روايه أخرى (56) حديثاً واتفق البخارى ومسلم على ( 14) حديثاً
هذا عن اسماء الزوجه واسماء الداعيه واسماء المجاهده فى سبيل الله واسماء العالمه وكذلك أيضاً نرى اسماء الام التى استطاعت ان تربى اولادها افضل تربيه فلم يؤثر هذا اطلاقاً على تربية اولادها بل نجدها تربى قاده وشجعان مثل عبدالله بن الزبير الذى جاء يستشيرها فى امره ويشكو اليها حيث قال لها : ولكن يااماه اخاف ان يمثل بى بعد القتل فقالت جملتها الشهيره : يابنى .. هل يضر الشاه سلخها بعد ذبحها ؟
فنحن امام امراه شاركت فى الكثير من المجالات ومع ذلك لم تقصر فى بيتها ولا مع زوجها وقامت بتربية رجاااال قادرين ع حمل رسالة الاسلام
ومن النماذج ايضاً التى اثنى الاسلام على فعلها وعملها السيده رفيده _ أول طبيبه فى الاسلام _ حيث كانت لها خيمه تتنقل بها فى الغزوات وتشارك بها وتعالج الجرحى وتداوى الامهم وتضمد جراحهم
ومن المدهش والمثير للعجب ان دور المرأه لم يقتصر فقط على هذا فحسب بل امتد لمشاركتها فى الحروب والغزوات فحملت السيف وحاربت ودافعت عن الرسول عليه افضل الصلاة والسلام
فأمامنا أم عماره التى وجدت فى غزوة أحد رجلاً مشركاً يدعى " ابن قمئه " أراد ان يقتل النبى صلى الله عليه وسلم فوقفت أم عماره رضى الله عنها بسيفها حائلاً بينه وبين رسول الله وابن قمئه لا يريد ان يقتل ام عماره , لانه عيب على العربى قتل امراه فحاول ان يبعدها ولكن لم يستطع ، فضربها ضربه اطارت سيفها من يدها ، فهمت ام عماره بالفرار ولكنها نظرت فوجدت النبى وحده وهى تخشى ان يناله ابن قمئه بسوء فثبتت ام عماره مكانها دفاعاً عن النبى صلى الله عليه وسلم فأخذ ابن قمئه يضربها بسيفه الثقيل على كتفها حتى غارت عظام كتفها وسقطت فى دمائها فرأها ابنها حبيب بن يزيد فى هذا الموقف فأسرع اليها لينقذها فقالت له : دعنى دونك رسول الله
فيراها النبى فيقلب كفيه ويقول " من يطيق ماتطيقين ياأم عماره " فترد عليه وهى غارقه فى دمائها : اطيق يارسول الله ولكن اسألك مرافقتك فى الجنه فيرد عليها النبى : انتِ واهل بيتك
فهذه شاركت فى الغزوات ووقفت وحاولت حماية الرسول عليه الصلاه والسلام ولم يقل لها الرسول ماذا جاء بك ؟ او لم يقل لها : الجنه ستجديها فى بيتك وهذا مكان الرجال فقط ولكن اثنى عليها صلى الله عليه وسلم
بعد كل هذه النماذج نستطيع ان نجزم ان عمل المرأه ان لم يتعارض مع مهمتها الاساسيه ومادام لن يؤثر على بيتها فلماذا نحن نقيدها بما لم يأتى الاسلام به ...فالاسلام كما رأينا يحفز مثل هذه النماذج التى تعز الاسلام وتنصره بعلمها وثقافتها حتى فى اصعب المجالات فهو لم يمنعها من المشاركه لانه يعلم انه كلما ازدادت المراه علماً وازدادت خبره بمجريات الحياه كانت اقدر على بناء اسره حامله لرسالة الاسلام مشرفه لها ولذلك فلماذا نحن نأتى لنحبطها بمثل هذه الجمل التى لا تحثها سوى على الفشل والتقاعد... فالاسلام جاء ليعلى من قدرها وجاء بهذه الامثله لنحتذى بها لا لنضرب بها عرض الحائط