أ- القرآن الكريم فيه تبيان لكل شيء ، حيث يقدم القواعد الكلية والخطوط الرئيسية والمرجعيات والمعايير والكلية للعيش فى الحياة الدنيا ، كما يتدخل فى بعض التفاصيل ليقررها مباشرة لسبب ما فى علم الله.
ب- هذا التبيان لكل الأزمنة والأماكن على المعمورة الأرضية.
ج- الإسلام دين رحمة للعالمين جميعا المسلمين وغير المسلمين ، آمنوا به أو لم يؤمنوا فستصيبهم رحمته من تواصلهم مع المسلمين المؤمنين به.
د- رحمة الرسالة واسعة بما فيها من حقائق كلية للكون وللحياة وفلسفة الحياة ، وقواعد العيش الآمن على الأرض ، وحقائق المخلوقات وفلسفة وكيفية تسخيرها للإنسان والانتفاع بها ، وإجابات لأسئلة كثيرة يعجز العقل الإنساني عن الوصول إليها.
ه- قواعد ونظم وسياسات ( الأحكام والتشريعات ، الأوامر والنواهي ) لحماية وتحسين وتجويد حياة البشر وحمايتهم من الوقوع في الزلل والانحراف والخطأ ، وأيضا رحمة تقرير القواعد الكلية لحل المشاكل ومواجهة التحديات.
و- رحمة للعالمين بإقرار قواعد وأسس التعايش السلمي الآمن بينهم باختلاف عقائدهم وانتماءاتهم.
في رده على قبيلة بني شيبان عندما كان يعرض نفسه على القبائل في الجزيرة العربية طالبًا إسلامهم ومنعتهم ، ووافقوا على توفير الحماية شرط أن تكون بين الصريان أي من الخليج إلى البحر الأحمر( حماية جزئية مشروطة ) ، فرفض الرسول الكريم عرضهم مقررا حقيقة كبرى من حقائق الإسلام:
" إنه لا يقوم بهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه " ..... ( سيرة ابن هشام 2/ 163).
ثالثا: المفاهيم الستة الأساسية في المفهوم المعاصر لشمولية الإسلام.
1- الاعتقاد الجازم بشمول الدين لكافة مناحي الحياة واحتياجات الخلق.
2- الإلمام بالمقاصد العامة للشريعة.
3- الاجتهاد المستمر ضرورة لإستمرار إقامة الدين في واقع حياة الناس.
4- شمولية الدين تعنى شمولية الزمان والمكان.
5- رعاية الإسلام شملت المسلمين وغير المسلمين من غير إكراه.
6- المرجعية الدينية لكافة شئون الحياة.
رابعا: حقيقة وماهية شمولية الإسلام.
الشمولية في الإسلام كما أراده الله تبارك وتعالى في القرآن:
" إنه لا يقوم بهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه ".
وكما فهمه الصحابة وتابعوهم بإحسان في خير قرون هذه الأمة ، والله لو سألني أحدكم عن شراك نعله لوجدته في كتاب الله.
وكما نرجو ونعمل لإحيائه وتطبيقه من جديد فتتوحد عليه مفاهيم الأمة فالإسلام:
1- دولة ووطن ، أو حكومة وأمة.
2- وهو مادة وثروة ، أو كسب وغنى.
3- وهو جهاد ودعوة ، أو جيش وفكرة.
4- وهو خلق وقوة ، أو رحمة وعدالة.
5- وهو ثقافة وقانون ، أو علم وقضاء.
6- كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء.
خامسا: شمولية الإسلام في الفكر الإسلامي المعاصر.
1- رسالة تجمع بين الدنيا والآخرة ، بين الروحانية والمادية ، بين المثالية والواقعية.
2- رسالة تشمل شؤون الفرد ، وشؤون الأسرة ، وشؤون المجتمع ، وشؤون الأمة ، وشؤون الدولة ، وشؤون العلاقات الدولية.
3- منهج حياة ينظم حياة الإنسان من أدق تفاصيلها وامتداد إلى الشأن العام وبناء الدولة وتنظيم علاقاتها الدولية ببقية دول العالم.
( بداية من نظافته الشخصية وأدب المائدة ، وكيف يأكل ويتزوج ويعاشر زوجته ، امتدادا إلى بناء الدولة على أسس العدل والإحسان والأمانة والأخلاق والقيم والتشريعات ، وتنظيم العلاقات الدولية ).
4- يشمل كل أطوار حياة الإنسان ، حيث يقرر للإنسان التشريعات التي تحفظ له حقوقه الإنسانية بداية من خلقه جنينا في بطن أمه حيث تقر للحمل المستكن حقوقه ، ثم مولده وحقوق وطريق رضاعته إلى تربيته وتنشئته إلى أن يشب وينشأ ويصبح قادرا على العمل ورعاية نفسه.
5- الإسلام دين الأنبياء جميعا ، كل الأنبياء كانوا مسلمين:
4- دين استوعب شؤون الدنيا والآخرة حيث قدم المناهج والقواعد العامة التى يستقيم عليها امر الحياة فى مجالاتها المختلفة ، وزاد فى بعض النواحى فقدم التفصيلات والاحكام والتشريعات.
وفى أمر الآخرة أجاب وفسر لنا الكثير من الغيبيات التى كانت مجهولة للانسان ،وقدم لنا تصورا كاملا عن حياة الانسان فى الآخرة بداية من كيفية خروج الروح الى القبر الى يوم القيامة بمشاهده وتفصيلاته انتهاء الى الحياة الابدية والمستقر النهائى فى الجنة او النار.
سابعا: إشكاليات معاصرة في العقل المسلم العام.
من أهم الإشكاليات العصرية في فهم الإسلام والتي جاءت بسبب:
1- التغييب المتعمد أحيانا للفهم الاسلامى الصحيح.
2- ظهور الكثير من الأفكار والمفاهيم الإنسانية المتعددة ، وفتح ساحات العقول الإنسانية لها فئ حين تعمد فيه تغييب الفهم الاسلامى الصحيح ، فتوارث المسلمين أجيال جيلا بعد جيل الكثير من المفاهيم المبتورة أو المخلوطة عن الإسلام.
3- وقف باب الإجتهاد الاسلامى مع النصف الثاني من الدولة العباسية والذي اعتبر خطأ استراتيجيا فادحا ، حيث توقف معه الإسقاط والتطبيق التحديثي المتجدد لمفاهيم الإسلام على الأرض وفى واقع الناس ، ومن ثم بدأ الانفصام والبعد والفصل التدريجي بين الإسلام وواقع حياة الناس ،خاصة مع تشابك وتعقد مجالات الحياة واجتهاد كل الأنظمة الأرضية في تقديم وتجريب حلولها المختلفة في وقت حوصر فيه الإسلام والعقل المسلم داخل المسجد ، مما أدى إلى حالة غربة كبيرة بين الإسلام وبين حياة الناس المعاصرة.
4 - الفهم المجتزأ للإسلام ، بمعنى حوصلة الإسلام في جزء منه وهذا ما جسده الشيخ محمد الغزالي في مثال الفيل.
قال:
(إن جماعة عميان وجدوا فيلا فلما طلب منهم وصف الفيل واحد وضع يده على ناب الفيل فقال الفيل هو عبارة عن عظم أملس كذا . واحد وضع يده على بطن الفيل قال هو جسم كبير مفرطح . واحد وضع على خرطوم الفيل أو زلومته فقال شيء أشبه بكذا وكذا ، والحقيقة هي أن الفيل مجموعة هذا كله ، وإنما قال كل واحد منهم ما عرف أو فهم أو تحسس ).
أمثلة لبعض المفاهيم المبتورة أو المغلوطة عن الاسلامى:
1- الإسلام عبادة وفقط ولا شأن له بإدارة أمور الحياة حيث يختص تطبيقه بفترة تاريخية سالفة كان الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي يناسب ذلك.
2- أما الآن في ظل العالم المعاصر بتعقيداته المختلفة لم يعد الإسلام صالحا لها.
3- الإسلام دين مقدس ويجب حفظه واحترامه وتقديره وتقديسه وحمايته داخل حدود المسجد فقط ، ويجب أن تظل له قدسيته الخاص بعيدا عن الواقع والسىء الذى نعيشه الآن.
4- الإسلام جاء بنصوص قرآنية ومفاهيم عامة أقرب منها للشعارات لمجالات الحياة المختلفة.
5- دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر ، أي الفصل بين الدين والسياسة مع العلم بأن الدين هو الحياة ، والسياسة هي إدارة شئون الناس محليا وإقليميا وعالميا.
6- الإسلام بناء للعقيدة ، واجتهاد في العبادة ، وزهد في الدنيا ، وانعزال عن دنيا الناس ، وعن المعاصي والآثام ، والصبر على ذلك حتى لقاء الله والجنة.
7- الإسلام علم ومعرفة واجتهاد دائم في تحصيل علوم الدين من قران وحديث وفقه وسير و …. الخ.
8- نزعة روحية للسلف ولمرحلتهم التاريخية العطرة التي عاشوا فيها مجد وعز الإسلام ، والإرتباط بهم والتعلق بهم ومحاولة تمثلهم في نفس طريقة تفكيرهم وعيشهم .
9- الإسلام جهاد وقتال للأعداء قائم إلى يوم الدين ، ومن ثم البحث عن مناطق الصراع الساخنة التي يتوفر فيها فرصة للقتال بغض النظر عن أية اعتبارات أو أولويات عسكرية وسياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية ، وفى سياق عاطفي تغيب عنه الرؤية البنيوية والمشروع المتكامل لإقامة نموذج الدولة الإسلامية المعاصرة.
ثامنا: شمولية الإسلام عند جارودى.
رحلة طويلة من البحث والدراسة من أجل الوصول إلى اليقين بعدها اهتدى روجيه جارودي إلى الإسلام وقد جاء اعتناق المفكر الفرنسي للإسلام عبر دراسات متعمقة للكثير من الديانات والأفكار وواقع حياة الناس بعدها كان لشمولية الإسلام الأثر الكبير في تغير فكر ومعتقد ومسار حياة جارودى.
رحلة جاردوى إلى الإسلام عبر فهم شمولية الإسلام قبل أن يشهر إسلامه في الثاني من يوليو عام 1982 :
1- اعتنق البروتستانتية وهو في سن الرابعة عشرة .
2- ثم انضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي.
3- في عام 1945 انتخب نائبا في البرلمان ، ثم حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوريون عام 1953 ، وفي عام 1954 حصل على الدكتوراه في العلوم من موسكو ، ثم انتخب عضوا في مجلس الشيوخ .
4- في عام 1970 أسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديرا له لمدة عشر سنوات.
5- ومن خلال دراساته المتعمقة للإسلام وصل إلى مجموعة من الأفكار التي كان لها الأثر المباشر في قناعته بان الإسلام دين سماوي ، وإنه الدين الحق والدين الأصلح للبشرية ، إنه دين الله دين الفطرة التي خلق الله الناس عليها.
6- الوصول إلى النقطة التي يلتقي فيها الوجدان بالعقل دونما تعارض.
7- القرآن الكريم يقوم على اعتبار الكون والبشرية وحدة واحدة ، يكتسب فيها الدور الذي يسهم به الإنسان معنى ، وان نسيان الله خالق هذا الكون يجعلنا عبيدا هامشيين خاضعين للعديد من الاعتبارات الخارجية ، والأحداث اليومية فى حياة الناس تبدو ضبابية وتقوم على النمو الكمي والعنف ، في حين أن ذكر الله في الصلاة فقط يكسبنا وعيا بمركزنا وبموردنا: الذي هو أصل الوجود.
8- الإسلام دين المستقبل حيث يتحدث عنه باستمرار ويعد ويؤهل ويجهز له بشكل مستمر ويسخر لأجل ذلك أحداث التاريخ السابقة ومنطق العقل الواقع والدعوة لإعمال العقل واستشراف المستقبل.
وبعد ذلك وعندما شرح الله صدره للإسلام تكونت لديه قناعة بأن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب ، بل إن الإسلام هو الدين الحق منذ ان خلق الله آدم.
ومن أهم كلماته عن الإسلام:
(إن شمولية الإسلام جعلته يستوعب كل من حوله من الديانات والأفكار والمناهج والأشخاص والأحداث )
جومانة عضو vip
عدد المساهمات : 6816 نقاط : 6982 تاريخ التسجيل : 02/11/2009
موضوع: رد: شمولية الإسلام السبت 6 يوليو 2019 - 7:39