مصر الخالدة
لمصر مواقف خالدة تجاه أمتها العربية عبر التاريخ ، فما تخلفت يوماً عن أداء هذا الواجب وإن في مؤازرتها للشعب الفلسطيني لخير مثال على ذلك .
حقاً حقاً عندما تناولت هذا الموضوع الجذاب وأمسكت بقلمي فإذا بالأفكار تنهمر مني كالأمطار وتتدفق كالأنهار ، وتتفجر كالعيون تحفزت وقلت : تعال أيها القلم وأنت أيتها الصفحات كي نغوص في بحار العلم ونصارع أمواج الفكر لاستخراج در الكلمات من مكنونها وأسأل الله تعالى أن يرزقني طلاقة اللسان وصفاء الجنان وروعة البيان بما يجعلني أضيف نقطة لهذا البحر الخضم الفياض ، ولهذا قال الحكماء : لا المرء بأصغريه قلبه ولسانه ؟؟ وأيضاً إن من البيان لسحراً ومن الشعر لحكمه ،، وقد قال بعض الشعراء
أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدماته
فوالله لو صارت مياه البحر أحباراً ولو صارت أشجار الأرض أقلاماً ، وسكان الأرض كتاباً وعبر كل منهم عما يجول بخاطره فلن ينال من مكفون هذا الموضوع إلا بمقدار ما يعلق بمنقار الطائر إذا نزل البحر من هنا أبدأ حديثي فأقول وبالله التوفيق :
إن مصر هي كنانة الله في الأرض من أرادها بسوء قصم الله ظهره وكم بغت عليها دول إستعمارية للنيل منها وتمزيق وحدتها وطمس هويتها العربية ولكنها زالت وتلك عقبى التعدي وما رماها رام وراح سليماً من قديم عناية الله في جندها البواسل ، وقد من الله على مصر بخيرات كثيرة وثروات طبيعية قلما توجد في شتى بلدان العالم يضاف إلى ذلك وجود نهر النيل شريان الحياة ورمز النهضة و التقدم ، على ضفافه أقيمت أعرق حضاره إنسانية خلدها التاريخ منذ عهد خوفو وخفرع ومنقرع ورع وأحمس .
ويشهد التاريخ على عظمة مصر وشعبها ، فها هو المؤرخ الكبير ماسبيرو يقول ، إن مصر خالده على مر الزمان فكم من مرة دخلها الغاصبون وظنوا أنهم قلبوا مدنها أنقاضاًَ فوق سكانها وجعلوها رماداً تذروه الرياح فإذا بشعب مصر ينفضون التراب عن أنفسهم ويبعثون من تحت الأنقاض أعزة أقوياء .
ولمصر منزلة عظيمة ومكانة سامية عند الله فهي مهد الحضارة وينبع الثقافة وقلب العالم على أرضها عاش وسار الأنبياء وبلغتها نزلت كتب السماء وبارك الله في كثير من قراها ومدنها ، وعلى جبل الطور كلم الله موسى تكليماً وذكرها الله في القرآن مرات عديدة بالخير والنماء والهدى وقد أوصى بها النبي (ص ) قائلاً ( إذا فتح الله عليكم مصر فاستوصوا بأهلها خيراً واتخذوا منها جنداً كثيفاً فأهلها خير أجناد الأرض .
وبحكم هذه المكانة العظمى لم تبخل مصر يوماً ولم تتوان في الدفاع عن قضايا الأمة العربية ولا سيما أن مصر هي قلب العروبة النابضة والدرع الواقي لهذه الأمة قديماً وحديثاً فهي الصخرة التي تحطمت عليها أمواج الصليبين وجموح المغول من أجل أخواتها من الدول العربية وعلى سبيل المثال فلسطين أرض الأنبياء ومهد المسيح ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
لقد دافعت مصر عن عروبة فلسطين منذ احتلالها وخير دليل على ذلك حامية الفالوجا المصرية التي دافعت ببسالة وشرف لردع العدوان الإسرائيلي عام 1948 ومازالت مصر تضحى بكل ما تملك من أجل شعب فلسطين الأعزل المغلوب على أمره ومن أجل الأطفال الأبرياء الذن يعانون الجوع والفقر والحرمان والتشرد فمصر تقدم لهم العون والدعم المادي كالطعام والخيام والدواء إلى جانب الدعم المعنوي واهتمام القيادة المصرية متمثلة في الرئيس حسني مبارك الذي يتابع هذه القضية لحظة بلحظة ومن خلالها يقوم بعقد الاجتماعات واللقاءات السياسية مع قادة وزعماء العالم من خلال المؤتمرات التي تعقد على أرض شرم الشيخ لوقف الاستيطان اليهودي ونزيف الدم وصراخ الأمهات الثكلى والأطفال الأبرياء الذين يلقون حتفهم في سن الزهور وفي أحضان ذويهم ليل نهار .
لا شك أن القيادة المصرية تضحى ومازالت تضحى للخروج بهذه المحنة إلى بر الأمان حتى تعود فلسطين دولة عربية مستقلة عاصمتها القدس الشريف كما تعمل مصر على جمع شمل الفلسطيين وتقريب وجهات النظر بين الفصائل المتحاربة والعمل بروح الفريق الواحد من أجل إستعادة كل شبر من الأرض المحتلة ولم يتوقف دور مصر عن مساندة الشعب الفلسطيني وحده بل ساندت كل الشعوب العربية في المحن والشدائد وهذا واجب عليها بحكم أنها الأم لجميع الشعوب العربية والأم من سماتها التضحية والعطاء بكل ما تستطيع لإسعاد غيرها ورسم الفرحة والإبتسامة على شفاه الآخرين ، فهي التي ضحت من اجل اليمن والجزائر والعراق وشعب لبنان وقدمت المساعدات للمسلمين الذين شردوا في بلدان العالم عن طريق جمعية الهلال الأحمر المصري برئاسة السيدة سوزان مبارك وهي التي تنادي بوحدة الشعوب العربية والوقوف خلفها صفاً واحداً حتى يكون للكيان العربي وجود وحتى تكف الدول الإستعمارية عن الغطرسة والأعمال اليهودية التي تغرس بذور الفرقة وتمزيق الشمل العربي وطمس الهوية العربية .
فيجب أن تتمسك هذه الدول العربية بالدين الإسلامي الذي يدعو إلى الوحدة والتمسك بالدين عملاً بقوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وإذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً )
وفي نهاية الموضوع أدعوا الله أن يجعل راية الأمة العربية
اً عالية وأن يعيش أبناؤها في رفعة وعزة ورخاء .
معاناة شعب فلسطين
إن الشعب الفلسطيني الأعزل يتعرض للإبادة الجماعية من المغتتصب الإسرائيلي ويناشد الأمة العربية والشعوب الإسلامية والدول المحبة للسلام مساندته لوقف العدوان السافر وإسترداد حقوقه المسلوبة .
الموضوع
حقاً حقاً إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من إبادة جماعية وقتل وتشريد لعمل إجرامي تقشعر منه الجلود ويندي له الجبين ويشيب من هوله الولدان فكم من عهود قطعتها إسرائيل على نفسها منذ الإحتلال اليهودي لأرض فلسطين ولم تف بوعودها لأنها تتبع سياسة المكر والخيانة والخداع ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن السلام وقيام دولة فلسطين تجهز أحدث أدوات الحرب والقتال لإغتيال الأبرياء وبناء المستوطنات اليهودية وهدم المنازل فوق سكانها وحرق المحاصيل الزراعية وإغتيال الشخصيات الوطنية ورموز السلطة الفلسطينية الذين لقوا حتفهم بالذخيرة الحية والصواريخ والطائرات وكل أسلحة الدمار الشامل .
ومن الجدير بالذكر أن فلسطين جزء لا يتجزأ من وطننا العربي وعاصمتها القدس الشريف مسرى النبي ( ص ) ومهد المسيح وأولى القبلتين وثالث الحرمين وحق العرب في فلسطين واضح مثل نور الشمس فوق المرتفعات وما تدعيه باطل وافتراء فقد أسسها العرب قبل اليهود بأكثر من ألفى عام وأطلق عليها بادئ ذي بدء اسم يبوس نسبة إلى اليبوسيين من بطون العرب الأوائل الذين عاشوا في صميم الجزيرة العربية سنة 300 قبل الميلاد ، ثم أطلق عليها الاسم الكنعاني أورسالم أي مدينة السلام ولكن اليهود حولوا هذا الإسم إلى أورشليم وهذا يعني أن القدس عربية الأصل والنشأة والتاريخ .
إن فلسطين توالى عليها الغزاة من كل جنس ولون يحاولون اغتصابها وقطع جذورها العربية فكم توالى عليها على سبيل المثال الأتراك والمماليك وبريطانيا وتعهد رئيس وزرائها بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، كما تعرضت فلسطين لحريق المسجد الأقصى عام 1969 ، وفي عام 1099 تعرضت فلسطين للجماعات الصليبية التي تسترت تحت قناع المسيحية وكان هدفهم هو إستنزاف الموارد الطبيعية من المنطقة العربية وهذا ما دفع صلاح الدين بتوحيد صفوف العرب وهزمهم هزيمة منكرة في حطين وفتح بيت المقدس عام 583 هـ ولما جاء عمر بن الخطاب حرر القدس وأعطي الأمان لغير المسلمين في ممارسة حرية العقيدة من خلال وثيقة عرفت بإسم العهدة العمرية ورغم ذلك لا أمان لهم ولا أخلاق ولا دين لأن الأديان جميعها هدفها واحد الحب والخير والتسامح والرحمة ولكنهم بعيدون عن الدين فأي دين يدعو إلى سفك دماء الأبرياء وانتهاك الحرمات وقتل الأطفال والشيوخ حتى الأجنة في بطون الأمهات ما أبشع هذه الجرائم والمذابح التي ترتكب في حق الشعب المغلوب على أمره والذي يعتدى علي مقدساته الإسلامية والمسيحية ومحاولة تهويد القدس وتدنيس المصاحف ودور العبادة .
إننا نستنكر كل هذه الممارسات الصهيونية ضد إخواننا الفلسطينيين ونستنكر أيضاً مساعدة أوروبا وأمريكا لليهود والتخلي عن دورها في مناصرة الحق والوقوف ضد المظلوم وقيام دولة فلسطين والإعتراف بشرعيتها وعاصمتها القدس الشريف ،كما يجب على الأمم المتحدة المسئولة عن حقوق الإنسان ويجب على كل الدول المحبة للسلام إجبار إسرائيل على تنفيذ القرارات الدولية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسيطيني في أرضه وحريته وقيام دولته المستقلة .
ويجب على كل الشعوب العربية والإسلامية التأييد السياسي والدعم الإقتصادي والمادي العسكري ومقاطعة إسرائيل وكل الدول التي تؤيدها عسكرياً وتجارياً وسياسياً حتى تعود الفائدة على دول المنطقة جميعاً وحتى يصبح العرب قوة تؤرق أجفان اليهود قوة يحميها السلام الذي دعت إليه الأديان لقوله تعالى ( وأعدوا لهم من استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) .
وقوله تعالى ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم )
وقوله ص المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً
وفي نهاية حديثي أتمنى أن تعود دولة فلسطين كما كانت وينعم كل إنسان بحريته وإستقلاله ويعيش آمناً على أهله وماله وأولاده في وطن الأنبياء الذين حملوا إلى الدنيا ضياء الحق وتعاليم الإسلام السمحة .
كما قال الشاعر :
يا قدس يا وطن النبيين الأولى
حملوا إلى الدنيا الضياء وبشروا
يا ثالث الحرمين أول قبـــلة
للمسلمين ترى تهون وتصــغر
يا قدس مذ أسرى النبي تشوقاً
لك والدنا بك تهتدي وتـــنور
والله ولي التوفيق