عدد المساهمات : 189 نقاط : 567 تاريخ التسجيل : 20/11/2009
موضوع: القرآن وعلومه الأربعاء 25 نوفمبر 2009 - 15:39
قامت حول القرآن وفي خدمته عدة معارف وعلوم، فتعددت أهدافها؛ فمنها ما كان هدفه تفسير آيات القرآن والوقوف على معانيها ومضامينها، ومنها ما اختص بالغامض والغريب، ومنها ما اختص بالرسم... إلخ. وحصل اهتمام قوي من العلماء المغاربة بعلوم القرآن المختلفة، وتعتبر المكتبة المغربية زاخرة بالمؤلفات في التفسير والرسم والقراءات والتجويد وغيرها.
درج العلماء على تعريف القرآن بأنه " كلام الله تعالى المُنَزَّل على محمد - صلى الله عليه وسلم - المتعبد بتلاوته.. أنزله الله عز وجل على رسوله الكريم ليخرج به الناس من ظلمات الجاهلية إلى رحابة الإسلام وسعته، فكتب كثير من العلماء في خصائص القرآن وأوردوها في بطون مؤلفاتهم.. وقامت حول القرآن وفي خدمته عدة معارف وعلوم، فتعددت أهدافها؛ فمنها ما كان هدفه تفسير آيات القرآن والوقوف على معانيها ومضامينها، ومنها ما اختص بالغامض والغريب، ومنها ما اختص بالرسم... إلخ. وعلوم القرآن هي مجموعة من العلوم التي تدور في حول القرآن العظيم، وتنسج مسائلها حوله، وتهدف جميعها إلى خدمته وحمايته عن كل شبهة أو تحريف.. تعددت هذه العلوم وكثرت. وقد عبر الإمام "الزركشي" (ت سنة 794هـ) عن هذا الأمر في مقدمة كتابه "البرهان في علوم القرآن" بقوله: "ولما كانت علوم القرآن لا تنحصر، ومعانيه لا تستقصى، وجبت العناية بالقَدْر الممكن. ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه، كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث، فاستخرت الله تعالى ـ وله الحمد ـ في وضع كتاب في ذلك جامع لما تكلّم الناس في فنونه، وخاضوا في نكته وعيونه، وضمنته المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ما يهز القلوب طرباً، ويبهر العقول عجباً، ليكون مفتاحاً لأبوابه وعنواناً على كتابه، معينا للمفسر على حقائقه ومطلعا على بعض أسراره ودقائقه... وسميته (البرهان في علوم القرآن)..."(1)
نشأة علوم القرآن وعلوم القرآن كثيرة ومتنوعة. وإذا كان من الصعوبة بمكان الوقوف على أول علم نشأ حول القرآن، فإن مما لا شك أن نشأة العلوم بدأت مع بداية نزول القرآن، فالرسم القرآني هو العلم الأول من حيث النشأة، لأنه ارتبط بكتابة القرآن، وكان النبي عليه السلام يعلم الصحابة وخاصة كتاب الوحي كيفية كتابة القرآن والعناية برسمه وضبطه، بطريقة تختلف عن قواعد الإملاء المعروفة. وعندما جمع عثمان القرآن وكتبه في مصحف موحد، راعى في ذلك الرسم العثماني، وبعث إلى مختلف الأمصار نسخة من هذا المصحف. وتعددت القراءات القرآنية منذ وقت مبكر، وكان كل فريق يدرس جانبا من جوانب تاريخ القرآن، من حيث الرسم والجمع والنقط والشكل، أو من حيث كيفية الأداء القرآني، كعلم القراءات والتجويد في النطق، أو من حيث أوجه البلاغة والفصاحة ومنهج الإعجاز البياني(2) . وكان قراء الصحابة هم الأوائل في معرفة علوم القرآن، وهم الحجة فيما يتعلق بالقرآن، جمعاً ورسماً وأداءً ومعرفةً، بالناسخ والمنسوخ، وبأسباب النزول، ومعرفة الفواصل والوقف، وكل ما هو توقيفي من علوم القرآن، فلا بد من سند صحيح يثبت أصله ونقله وصحته. وبرز عدد من الصحابة ممن عرفوا بمعرفة القرآن وإتقان حفظه وأدائه، ومن أبرز هؤلاء إضافة إلى الخلفاء الأربعة زيد بن ثابت وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وغيرهم. ثم اشتهر عدد من التابعين بقراءة القرآن، ومن أبرزهم سعيد بن المسيب وابن شهاب الزهري وطاوس ومجاهد وعكرمة... وخلال فترات التاريخ الإسلامي برز في كل عصر علماء اختصوا في مجال علوم القرآن، فألفوا في مختلف فنون هذا العلم كالناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، وفضائل القرآن، والقراءات القرآنية، وإعجاز القرآن، وغريب القرآن، ومفردات القرآن، ومجاز القرآن، كما كتب بعضهم في علوم القرآن.وكانت الكتابات الأولى في التفسير، نظرا لأنه من أهم مباحث الدراسات القرآنية..
ومن أبرز الذين صنفوا في علوم القرآن (3) في القرن الثالث الهجري: اشتهر في هذا القرن كل من: علي بن المديني الذي كتب في "أسباب النزول"، وأبي القاسم بن سلام الذي كتب في "الناسخ والمنسوخ" وفي القراءات وفي فضائل القرآن، ومحمد بن خلف الذي كتب "الحاوي في علوم القرآن".. في القرن الرابع الهجري: أبرز علماء هذا العصر: أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري صاحب كتاب "عجائب علوم القرآن"، وأبو الحسن الأشعري صاحب "المختزن في علوم القرآن"، وأبو بكر السجستاني الذي كتب في "غريب القرآن"، وأبو محمد الكرخي الذي كتب في "نكت القرآن".. في القرن الخامس الهجري: اشتهر في هذا القرن كل من: علي بن سعيد الحوفي الذي كتب "البرهان في علوم القرآن" و"إعراب القرآن"، وأبي عمرو الداني الذي كتب "التيسير في القراءات السبع" و"المحكم في النقط". ثم توالت المدونات والمصنفات في هذا العلم ومن أشهرها "فنون الأفنان في علوم القرآن" لابن الجوزي، و"جمال القراء" للشيخ السخاوي، و"المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز" لأبي شامة، و"البرهان في مشكلات القرآن" لأبي المعالي عزيزي بن عبد المالك . ويعتبر كتابا البرهان والإتقان من أهم ما ألف في هذا الميدان، ومعظم ما كتبه المتأخرون لم يبتعد عن دائرتي هذين الكتابين. وتميزت كتب المتأخرين بالاختصار والإيجاز، وعدم الإكثار من ذكر أقوال العلماء السابقين، واستيعاب ما قيل في الموضوع، ولا يخفى ما لهذا المنهج من الأهمية والقيمة العلمية..
الاهتمام بعلوم القرآن بالمغرب حصل اهتمام قوي من العلماء المغاربة بعلوم القرآن المختلفة، وتعتبر المكتبة المغربية زاخرة بالمؤلفات في التفسير والرسم والقراءات والتجويد وغيرها. كما ظهرت أراجيز لضبط رسم كلمات القرآن كتبت بأكثر من شكل تسمى الأنصاص، وهي بالغة العربية وبالدارجة. وبخصوص تجزيء المصحف، فإضافة إلى تقسيمه المعروف إلى ثلاثين جزءا أو ستين حزبا، فهناك بعض المصاحف المغربية تقسمه إلى سبعة أسباع بحسب ما يقرأ في كل يوم من أيام الأسبوع، أو إلى سبعة وعشرين جزءا، لتوافق ختمته اليوم السابع والعشرين من رمضان. أما الوقف القرآني فقد اختص المغاربة بوقف خاص وضعه الفقيه أبو عبد الله محمد بن أبي جمع الهبطي (ت 930/1524وهو الوقف الذي لا يزال شائعا إلى اليوم.
أشرف على
admin
عدد المساهمات : 27639 نقاط : 60776 تاريخ التسجيل : 04/09/2009 الموقع : http://elawa2l.com/vb