مفهوم التعليم الإلكتروني
عارف الرويعي من المنامة: في منتصف التسعينيات ظهر إلى الوجود إصطلاح جديد بسبب الافرازات التي أنتجتها شبكة الإنترنت وهو التعلم الإلكتروني أو كما يطلق عليه أحياناً التعلم عبر الإنترنت أو التعلم عن بعد. وتم تعريف هذا الإصطلاح على أنه إستخدام التقنيات الالكترونية الجديدة التي تسمح بالدخول في برنامج تعليمي أو تدريبي تفاعلي عبر الإنترنت أو الوسائط الإلكترونية الأخرى وذلك بغرض تطوير القدرات الفردية والمهنية للفرد بمعزل عن ظرفي الزمان والمكان. ظهر التعلم الإلكتروني خلال فترة التحول التي صاحبت انتقال المجتمع من العصر الذي كان معروفاً بالعصر الصناعي إلى عصر المعلوماتية والاتصالات، والذي أصبح أبرز سماته الاعتماد على إستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات والتي أسهمت بشكل كبير في تطوير استخدام أنظمة التحكم عن بعد على نطاق واسع.
لقد مر التعلم الالكتروني بمراحل عديدة في فترة زمنية قصيرة جداً كانت أشدها مرحلة الصعوبات التي واجهت الانتقال السريع إلى هذا المفهوم الجديد حيث بدى التعلم الالكتروني مبدأً غير ناجحاً بسبب الاخفاقات التي صاحبته وذلك كان راجعاً إلى عدة أسباب منها ظهور الحلول التعليمية التي تشغل خدمة التعلم الالكتروني على أيدي مطوري الحلول التقنيين وبعيداً عن مساعدة التربويين والتعليميين مما أوجد هوة شاسعة بين الحلول التعليمية وبين تطبيقاتها الفعلية، ثم أن حجم الاستثمار في سوق التعلم الالكتروني كان محدوداً مقارنة مع مراحل أخرى متقدمة. غير أنه مع دخول الألفية الثالثة تغيرت التوجهات العامة وازداد حجم الاستثمار وبدأت الحلول التعليمية علاوة على تطويرها على أيدي فنيين تراقب من قبل المتخصصين في المجالات التعليمية الأمر الذي زاد في انتشارها الواسع حتى صارت الجامعات والمعاهد تعتمد عليها اعتماداً رئيسياً فوفرت بذلك طريقة سهلة ومريحة للراغبين في التعلم من دون قيود.
يعتمد التعلم الالكتروني على الغاء مبدأين رئيسيين في أي مرحلة دراسية وهما الوقت والمكان اللذان يعتبران قيد وشرط لكل متعلم ينتظم في دورة دراسية أو تدريبية بحيث يكون مقيد بوقت محدد لحضور الفصول الدراسية والانتظام في المحاضرات ومشروط بمكان يلتزم بالحضور إليه لتلقي التعليم، وقد شكل هذان المبدأن عائقاً أمام الكثيرين ممن يرغبون في الاستزادة العلمية غير أنهم لا يقدرون على الالتزام بهما لارتباطاتهما بمشاغل أخرى كالعمل والأسرة وغيرها، فجاء التعلم الالكتروني لتحقيق انتفاء هذين المبدأين من خلال تقديم الدورات التدريبية الأكثر حرية بحيث يستطيع المتعلم أو المتدرب الدراسة حسبما يشاء ووقتما يشاء وذلك من خلال توفير المادة العلمية سواء كانت دروس مقروءة أو محاضرات مسجلة على هيئة صوت أو فيديو بالوسائل الالكترونية على أقراص مدمجة أو عن طريق الويب أو شبكة الإنترنت، فيستطيع الدارس متابعة دروسه في أي وقت يريد سواء من المكتب أو البيت أو حتى من مقاهي الإنترنت. ويمكن تقريب الفكرة لتبسيطها من خلال تخيل أحد الأشخاص الذين يريدون التعلم باعتماد خدمة التعلم الالكتروني بحيث يقوم الشخص بالوصول إلى الجهة التي توفر المادة العلمية سواء كانت جامعة أو معهد أو غيره من المؤسسات التعليمية ومن ثم الانضمام إلى الدورات التدريبية التي تتراوح بين الدورات القصيرة إلى شهادات الماجستير والدكتوراة، وبعد التسجيل يقوم بالانتظام في الحصول على المحاضرات والدروس التي تقدم سواء عبر برامج مستقلة تستخدم شبكة الإنترنت كوسيطة اتصال أو عن طريق شبكة الويب أو باستخدام الأقراص المدمجة، واضافة إلى الدراسة الذاتية التي يقوم بها الشخص فإنه يمتلك الحرية في الاتصال بالمحاضرين لاستيضاح بعض النقاط أو الاتصال بزملاء الدراسة للمناقشة، كما يمكنه حضور بعض المحاضرات واللقاءات الحية المباشرة، وخلال مدة الدراسة يتعين على الدارس تأدية بعض الفروض والواجبات المتمثلة في هيئة تقارير وبحوث وامتحانات، كل ذلك من دون أن يضطر إلى ترك مكانه أو التزامه بوقت محدد للدراسة.
فوائد التعلم الالكتروني
للتعلم الالكتروني فوائد جمة تبرز مدى التفوق الذي أحرزته هذه الخدمة خاصة على التعلم التقليدي، ومن هذه الفوائد:
1. تقليص النفقات .
2. تطوير متطلبات العمل لأكبر عدد من المتدربين .
3. اختلاف المحتوى الالكتروني والحرية في تطويره .
4. محتوى الكتروني محدث بشكل مستمر ومتوفر لمدة طويلة .
5. الوصول إلى المحتوى العلمي من أي مكان .
6. استلام المحتوى الالكتروني بالتساوي بين المتدربين مما يعطي الاحساس بالمساواة .
7. تفاعلية في الاستخدام وبناء مجتمعات الكترونية تساعد في:
أ. زيادة الاتصال بين المتدربين والمدربين .
ب. زيادة حجم التركيز والفهم عبر استخدام محتوى الكتروني .
ج. استخدام أساليب التكرار لتثبيت المفاهيم.
يعتبر الويب وهو شبكة المعلومات التي تستخدم الإنترنت في توفير البيانات من خلال المواقع التي تنشأ لذلك الهدف، واحداً من أكثر وسائل التعلم الالكتروني تطوراً حيث تستخدم مواقع الويب وهي مواقع تنشأها مؤسسات تعليمية ربحية أو غير ربحية أو شركات تهدف من وراءها تحقيق الاستفادة من برامج تدريب الكترونية في عملية التعليم والتدريب حيث تقوم الجهة المعنية بتقديم خدمات التعلم الالكتروني كأن تقوم جامعة على سبيل المثال بانشاء موقع على الويب متخصص في تسهيل مرور الطلاب المشتركين في برامجها عن طريق استخدام وسائل آمنة لذلك مثل هوية المستخدم وكلمة المرور للوصول إلى المواد العلمية على خوادمها والتي تتمثل في المحاضرات المكتوبة واللقطات الحية والتسجيلات الصوتية اضافة إلى الوصول إلى المكتبة الالكترونية الخاصة بالجامعة والتي تحتوي على الكتب والدوريات والمراجع الالكترونية، وتستخدم مثل هذه المواقع نظاماً خاصاً لتنظيم عملية التفاعل بين الطلبة والمحاضرين والاداريين يعرف بنظام ادارة التعلم وهو برنامج يعتمد الويب كبيئة للعمل يحتوي على مجموعة من الأدوات التي تتحكم وتمركز عملية التعلم الالكتروني من خلال وظائف عديدة منها:
1. تسجيل الطلبة والاحتفاظ بسجلات خاصة بهم .
2. ادامة دليل بالدورات التدريبية .
3. تخزين جميع متطلبات الدورات من مواد علمية وامتحانات .
4. متابعة الطلبة دراسياً .
5. تقييم الطلبة .
6. تسجيل نتائج التقييم وعمل التقارير .
تنشأ المواقع التي توفر خدمات التعلم الالكتروني بكثير من الإتقان وذلك من أجل تحقيق هدفها حيث تهتم هذه المواقع كثيراً بالمحتوى الرقمي الذي يضمن في الموقع على هيئة مواد تعليمية ودراسية، لذا يجد الدارس في هذه المواقع الكثير من المتعة والتشويق من خلال المميزات التي يبلورها مفهوم التعلم الالكتروني في موقع من هذه المواقع والتي تتجلى في صور مختلفة يمكن إيجازها على النحو التالي:
أ. طريقة تسجيل سهلة وميسرة . من خلال اعتماد أسلوب التسجيل الالكتروني يمكن للدارس تصفح الدورات التدريبية والتعرف إلى المواد الدراسية في كل دورة كما يمكنه أيضاً في بعض المواقع التعرف إلى هذه الدورات عن قرب أكثر من خلال مشاهدة عرض تجريبي لها اضافة إلى تصفح حر لبعض محتويات المواد العلمية، ويتعين بعد اختيار الدورة أو الدراسة الدخول على الصفحة الخاصة بالتسجيل وذلك من أجل مراسلة المؤسسة التعليمية لانتظار القبول.
ب. محتوى الكتروني حر ومتجدد . لأن مواقع التعلم الالكتروني مثل الجامعات والمعاهد والكليات تعتمد أسلوباً مختلفاً عن أساليب التعليم التقليدية فإن هذه الأساليب في كونها تستخدم التقينات والبرمجيات بجانب الأجهزة الالكترونية تعطي مساحة أكبر من الحرية في تغيير وتعديل وتحديث المحتويات الالكترونية للدورات التدريبية بشكل دوري بحيث تجعلها متجددة دائماً فهذا الأسلوب لا يحتاج إلى تكاليف طباعة الكتب أو إعادة صياغتها والالتزام مع جهات أخرى لتوفير الكتب المناسبة، فالمدرسون يمكنهم التحكم بنوعية المحتوى وكميته كما يمكنهم إجراء التعديلات عليه وقتما شاءوا كلما أحسوا بجديد ظهر إلى الساحة وذلك يجعل الطلبة على اتصال دائم بكل ما هو جديد حولهم في المجالات التي يدرسونها.
جـ. تبادلية في التفاعل . صممت أساساً أدوات التعلم الإلكتروني التي تستخدمها مواقع المؤسسات التعليمية لتحقق أقصى درجات التفاعل بين الطالب والمدرس وبين الطالب والطلبة الآخرين إذ أن هذه الميزة تعد من أهم مميزات التعلم الالكتروني، وتتحقق التبادلية في التفاعل من خلال توفير قناة مباشرة بين الطلبة والمدرسين وبين الطلبة أنفسهم تستخدم فيها وسائل الاتصال المباشر سواء باستخدام الفيديو أو الصوت أو باستخدام تقنيات الكتابة الحية المباشرة أو تقنيات التراسل السريع، وتفيد هذه الميزة كثيراً في زيادة درجة التأثير على المتلقي من خلال التواصل المباشر والحي على الويب بينه وبين مدرسيه وبينه وبين زملاءه من أجل المناقشة وطرح الاستفسارات ومناقشة الفروض والواجبات. وتسهل عملية التراسل باستخدام البريد الالكتروني وهي أكثر خدمات شبكة الإنترنت انتشاراً وتستخدم لنقل الرسائل بين مشتركي هذه الخدمة بشكل الكتروني، تسهل هذه الخدمة عملية التحاور بين جميع المشتركين في الدورات خاصة الطلبة عند الحاجة لتبادل الفروض والواجبات أو عندما يتعين عليهم تسليم فروضهم إلى المدرسين.
د. تقنية الوسائط المتعددة . هي استخدام تقنيات الصوت والصورة المتحركة والفيديو وقد اسهمت هذه التقنية كثيراً في اعطاء خدمة التعلم الالكتروني قوة في زمن قياسي تفوق التوقعات حيث صارت تعتمد عليها في جميع الصور والأشكال التي تقدم من خلالها المواد التعليمية إلى أن صارت هذه المواد فضلاً عن المحاضرات المنقولة تقدم على هيئة لقطات حية وصور متحركة وتسجيلات صوتية لتركيز درجة الفهم لدى الدارس.
هـ. البوابات التعليمية . ظهرت البوابات التعليمية كحاجة لتوفير خدمات شاملة تختص بالتعلم الالكتروني، والبوابات الالكترونية عبارة عن مواقع ويب تمتلك الكثير من الامكانيات لتقديم خدمات متنوعة مثل البريد الالكتروني المجاني، الأخبار، صندوق الطالب الذي يحفظ فيه مذكراته وكتبه الالكترونية وواجباته، اضافة إلى خدمات التراسل والتواصل مع الآخرين لذلك فإن هذه البوابات تغني الطالب عن استخدام خدمات مماثلة في مواقع أخرى متفرقة.
و. الكتب الالكترونية . هي عبارة عن كتب تشبه تماماً الكتب التقليدية المطبوعة لكنها في شكل الكتروني حيث يمكن انزالها من على شبكة الإنترنت وتصفحها إما باستخدام الويب أو برامج قراءة الكتب الالكترونية أو عن طريق أجهزة قراءة الكتب الالكترونية، والكتاب الالكتروني من السهولة بحيث يمكن تصفح صفحاته بشكل سهل وسريع كما يمكن البحث في فصوله حتى عن مجرد كلمة، بالاضافة إلى أنها تعتمد على أسلوب الوسائط المتعددة في عرض بعض محتوياتها. وتوفر الكثير من المؤسسات التعليمية والمكتبات المتواجدة على الإنترنت اضافة إلى بعض المواقع مكتبات الكترونية يمكن للطالب التجوال بها بحرية لاختيار الكتب الالكترونية التي يريدها.
التعليم المعتمد على الإنترنت :
الإنترانت هي شبكة إنترنت مصغرة تسمح لأعضاء منظمة ما فقط بالدخول إليها، وتطابق التقنية المستخدمة فيها تلك المستخدمة في الإنترنت ويكمن الفرق في أن الإنترانت لا تعمل إلا ضمن شبكة خاصة ومحلية ويشار إليها بشبكات المنطقة المحلية، والإنترانت مثل الإنترنت تمكن المستخدمين من بناء مواقع إنترنت وكذلك إرسال واستقبال رسائل البريد الإلكتروني وتسمح للمستخدمين من داخل المنظمة الوصول إلى معلوماتها في حين لا تسمح للمستخدمين من خارجها القيام بذلك. لقد حققت الإنترانت أسلوباً فريداً في تدريب وتعليم مجموعة من الموظفين ضمن نطاق عمل معين من خلال إشراكهم في دورة تدريبية تستخدم هذه الشبكة التي تشابه شبكة الإنترنت في أسلوب عملها كبيئة وسيطة لتحقيق التدريب، ومثلما يستخدم المتدرب الويب في عملية التعلم والتدريب يمكنه بكل سهولة استخدام شبكة الإنترانت غير أن الدخول مقتصر على داخل المؤسسة التي ينتمي إليها وقد لا يستطيع استخدام الشبكة من البيت مثلاً.
التعلم عن بعد
يعتبر التعلم عن بعد واحداً من أكثر تطبيقات التعلم الالكتروني انتشاراً في يومنا هذا وذلك لما توليه الجامعات الكبيرة حول العالم من اهتمام في تفعيل دور التعلم عن بعد. والتعلم عن بعد هو استخدام خدمة التعلم الالكتروني للدراسة عن بعد دون الحاجة إلى الحضور الفعلي إلى الجامعة والانتظام في فصولها والتي ربما تكون في بلد بعيد جداً، ولا يختلف مفهوم الاستخدام في هذا التطبيق عن بقية التطبيقات حيث تعتمد البرمجيات والأدوات التي تساعد الطالب على الدراسة. ويساعد هذا التطبيق الكثير من الراغبين في الدراسة من الذين لا يمتلكون الوقت الكافي للانضمام إلى الجامعات للحصول على شهادات الدبلوم والدبلوم العالي والبكالوريوس بالإضافة إلى توفير برامج الدراسات العليا.
أنوع التعلم الالكتروني
هناك نوعان رئيسان عادة ما يصنف على أساسهما التعلم الالكتروني هما:
أ. التعلم غير المتزامن . يعني التعلم غير المتزامن أن يصبح المتدرب مركزيا في التعلم يقوم هو بعملية التعلم من خلال الدراسة والمتابعة والبحث عن المواد العلمية والكتب وغيرها معتمداً بذلك على ذاته وهو الأمر الذي يتيح له حرية أكبر في اختيار الوقت المناسب للدراسة متى أحس بأن وقته يسمح مع امكانية الدراسة من البيت أو العمل أو أي مكان آخر، ولا يحتاج التعلم غير المتزامن إلى مدرس للتعامل مع الطلبة بشكل مباشر وحي، ومثال على هذا النوع استخدام الأقراص المدمجة أو استخدام بعض البرامج التعليمية على أجهزة الحاسوب، كما أن شبكة الإنترنت والويب يعتبران من الوسائل التي يوفر بهما أيضاً هذا النوع من التعليم.
ب. التعلم المتزامن . التعلم المتزامن هو تحقيق التدريب والتعليم بشكل الكتروني باعتماد تقنيات الويب والإنترنت من خلال توفير التدريب والتعليم في توقيت مناسب لجميع الطلبة على الرغم من البعد الجغرافي الكبير الذي قد يفصلهم في وجود محاضر يقوم بالتفاعل مع طلبته عبر تقديم محاضرات ودروس الكترونية باستخدام أسلوب الوسائط المتعددة.