إذن ما التوحيد الذي هذه أهميته، وهذه مكانته؟
التوحيد [في اللغة]: مأخوذ من وحَّد الشيء إذا جعله واحدًا، والواحد ضد الاثنين والثلاثة فأكثر، فحاصله أنه ضد الكثرة, فالشيء الواحد هو الشيء المستقل المتوحد الذي لا يشاركه غيره.
وأما في الشرع فالتوحيد هو: "إفراد الله بالعبادة" بمعنى: أن تجعل العبادة كلها لله عز وجل ﴿ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال:39]؛ بدليل قوله تعالى: ﴿ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقوله تعالى: ﴿واعْبُدُوا اللَّهَ ولاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء: 36]، وقوله تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولَو كَرِهَ الكَافِرُونَ﴾ [غافر: 14]
هذا هو التوحيد في الشرع: إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه.
3- أنواع التوحيد:
التوحيد: أنواع ثلاثة مستقرأة من كتاب الله عز وجل. وليس تقسيم التوحيد إلى ثلاثة جاء من قبيل الرأي، أو من قبيل الاصطلاح، وإنما هو مستقرأ من كتاب الله عز وجل.
النوع الأول: توحيد الربوبية وهو: "إفراد الله جل وعلا بأفعاله"؛ من الخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الأمور، فيعتقد المرء أن الله وحده الخالق الرازق المدبر الحي الذي لا يموت.
النوع الثاني: توحيد الألوهية وهو: "إفراد الله جل وعلا بأفعال العباد التي يتقربون بها إليه سبحانه وتعالى"؛ كال
والخوف والرجاء والرهبة والرغبة والتوكل والاستقامة والاستغاثة والذبح والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة. فيجب أن تكون العبادة بجميع أنواعها لله سبحانه لا يصرف منها شيء لغير الله. هذا هو توحيد العبادة، أو توحيد الألوهية، وهو التوحيد العملي، وهو توحيد الطلب والقصد وتوحيد الطاعة.
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو: "الإيمان بما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الأسماء والصفات".
هذه أنواع التوحيد مستقرأة من كتاب الله عز وجل.
فكل آية في القرآن تتحدث عن أفعال الله من الخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الأمور فهي في توحيد الربوبية، وهذا كثير في القرآن:
- قال تعالى: ﴿قُل لِّمَنِ الأَرْضُ ومَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ. قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَواتِ السَّبْعِ ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وهُو يُجِيرُ ولاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: 84-89].
- وقال تعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ ومَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ومَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ [يونس: 31].
وهكذا كل آية فيها ذكر خلق السماوات والأرض، وخلق المخلوقات، فإن هذا في توحيد الربوبية.
وكل آية فيها ذكر العبادة: بأن تتحدث عن الأمر بعبادة الله والنهي عن الشرك، فإن هذا في توحيد الألوهية.
وكل آية تتحدث عن أسماء الله وصفاته، فإن هذا في توحيد الأسماء والصفات.
فكل هذه الأنواع في كتاب الله، ولذلك قال العلماء: التوحيد ثلاثة أقسام: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
ما جاءوا بهذا من عندهم، وإنما استقرءوه من كتاب الله سبحانه وتعالى، وسيأتي لهذا زيادة بيان إن شاء الله.