سؤال:
من البديهي ان يوجد الولد بواسطة الاب والام، ولكن المسيحيون يعتقدون بأن المسيح هو ابن الله، وذلك لوجود الام دون الاب ولان الله هو الذي نفخ في روح الام على حد زعمهم، ارجو من سماحتكم توضيح هذا الاشكال.
جواب:
الأخ حسن محمّد يوسف المحترم
ورحمة الله وبركاته
وبعد ؛ نعم فإنّ الطريقة المألوفة لولادة المولود عند البشر هي ولادته من أبٍ وأم ، وهذا ممّا لا خلاف فيه ؛ إنّما الكلام في أنّ هذه الطريقة هل هي من مقوّمات وجود الإنسان ؟
أيّ أنّ الإنسان بما هو إنسان هل تتوقّف ماهيّة وجوده على كيفيّة ولادته ؟ والجواب هو واضح بأنّ ولادة الإنسان لا ترتبط بموضوع تعنونه وتشخّصه ، بل إنّ كيفيّة الولادة هي طريق الوصول إلى عالم الدنيا فحسب .
نعم لا ننكر أنّ الاسلوب المتعارف هو الولادة من أب وأم ، ولكن إذا اقتضت المصلحة الإلهيّة في موردٍ ما ـ كإظهار معجزة ـ تبديل هذه الكيفيّة بشكل آخر فلا مانع منه فلا يستغرب من ولادة المسيح «عليه السلام» من دون أب لأجل إظهار المعجزة التكوينيّة لله تبارك وتعالى في هكذا خلقه ، ثمّ تأييد رسوله ـ عيسى ـ بها ؛ وهذا الأمر قد حدث مسبقاً عند خلق آدم «عليه السلام» وحواء من غير اب ولا أم . فلا يستبعد أبداً .
وأمّا مسألة النفخ في المقام فهي عبارة عن إيجاد الحياة ليس إلاّ ، وعليه فإنّ النفخ الذي صدر من الله عزّ وجل في الحقيقة هو إلقاء الروح البشري عند مريم «عليه السلام» . ويدلّنا على هذا المعنى استعمالات كلمة «النفخ» في الموارد المشابهة في القرآن الكريم مثلاً «ونفخت فيه من روحي» إذ ليس المقصود في الآية أنّ الباري عزّ ذكره قطع قطعةً من روحه ووهبها لمخلوقه !!! بل بمعنى أنّه تبارك وتعالى أعطى ومنح الوجود لهذا المخلوق ، وإضافة الروح إليه ـ روحي ـ إضافة تشريفيّة .
ثم لنا أن نقول لهم ـ على سبيل النقض ـ إذا كانت هذه العمليّة ـ النفخ ـ موجبة لإسناد المولود إلى الله ، فالأولى أن ينسب آدم «عليه السلام» إليه !!! «سبحانه وتعالى عمّا يصفون» .
ودمتم سالمين
مركز الأبحاث العقائدية
--------------------------------------------------------------------------------
حقوق الطبع محفوظة