منتدى شنواى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة شنواىأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
البيرفسيرع
عضو متميز
avatar


ذكر
عدد المساهمات : 76
نقاط : 234
تاريخ التسجيل : 23/11/2009

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) Empty
مُساهمةموضوع: قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة)   قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 13:26

حدثنا مطر بن الفضل حدثنا يزيد بن هارون حدثنا العوام حدثنا إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال: سمعت أبا بردة واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)).

المبحث الأول: التخريج:

انفرد البخاري عن مسلم بإخراج هذا الحديث فأورده في هذا الموضع من صحيحه.

وقد رواه في (الأدب المفرد) فقال: (باب يكتب للمريض ما كان يعمل وهو صحيح)، حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يمرض إلاَّ كتب له مثل ما كان يعمل وهو صحيح)).

وأخرجه أبو داود في (كتاب الجنائز) من سننه فقال: (باب إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر)، حدثنا محمد بن عيسى ومسدد ـ المعنى ـ قالا: حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي عن أبي بردة عن أبي موسى قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول: ((إذا كان العبد يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر، كتب له كصالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم))، ورواه أحمد في مسنده.

وورد بمعناه أحاديث، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده إلاَّ أمر الله عزوجل الملائكة الذين يحفظونه فقال: اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة ما كان يعمل من خيرٍ ما كان في وثاقي))، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه أحمد، والبزار، والطبراني في (الكبير)، ورجال أحمد رجال الصحيح، وأخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه فقال: على شرطهما، وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض، قيل للملك الموكل به: اكتب له مثل عمله إذا كان طليقاً حتى أطلقه أو ألقيه إليَّ)).

قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه أحمد وإسناده صحيح، وقال المنذري في (الترغيب والترهيب): وإسناده حسن، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ابتلَى الله عزوجل العبد المسلم ببلاء في جسده، قال الله عزوجل للملَك: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله، فإن شفاه غسله وطهره وإن قبضه غفر له ورحمه))، قال الهيثمي: رواه أبو يعلى وأحمد، ورجاله ثقات. انتهى.

ورواه أيضاً البخاري في (الأدب المفرد)، وعن شقيق بن عبد الله قال: مرض عبد الله بن مسعود فعدناه، فجعل يبكي فعوتب فقال: إني لا أبكي لأجل المرض لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المرض كفارة))، وأنا أبكي أنه أصابني على فترة ولم يصبني في حال اجتهاد، لأنه يكتب للعبد من الأجر إذا مرض ما كان يكتب له قبل أن يمرض فمنعه منه المرض. أخرجه رزين كما في (جامع الأصول) لابن الأثير، وكما في (مشكاة المصابيح)، وذكر الحافظ في (الفتح) أن الإسماعيلي أخرج حديث أبي موسى هذا من رواية هشيم عن العوام بن حوشب، وقال فيه أيضاً: ولرواية إبراهيم السكسكي عن أبي بردة متابع، أخرجه الطبراني من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده بلفظ: ((إن الله يكتب للمريض أفضل ما كان يعمل في صحته مادام في وثاقه)) الحديث، وفي حديث عائشة عند النسائي: ((ما من امرئ تكون له صلاة من الليل يغلبه عليها نوم أو وجع إلاَّ كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة))، وذكر حديث أبي هريرة رفعه: ((من توضأ فأحسن وضوءه، ثم خرج إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلى وحضر، لا ينقص ذلك من أجره شيئاً))، وقال: أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وإسناده قوي. انتهى.

المبحث الثاني: التعريف برجال الإسناد:

الأول: شيخ البخاري مطر بن الفضل: قال الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب): مطر بن الفضل المروزي ثقة من الحادية عشرة، قال الفربري مات عندنا، أي بعد الخمسين. انتهى. والمراد من قول الفربري المشار إليه: أنه مات في فِربَر بعد المائتين والخمسين.

وقال في (خلاصة تذهيب الكمال): مطر بن الفضل المروزي عن وكيع وغيره وعنه البخاري، قال ابن حبان: مستقيم الحديث. وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي في (الجمع بين رجال الصحيحين): سمع يزيد بن هارون، وشبابة، وروح بن عبادة. روى عنه البخاري في (الصلاة) و(الجهاد) و(هجرة النبي صلى الله عليه وسلم). انتهى. وهو من رجال البخاري دون بقية أصحاب الكتب الستة.

الثاني: يزيد بن هارون: وهو يزيد بن هارون بن زاذان السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة، متقن، عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومائتين وقد قارب التسعين، قاله الحافظ في (تقريب التهذيب).

وقال في (الخلاصة): أحد الأعلام الحفاظ المشاهير، عن سليمان التيمي، وحميد الطويل، والجريري، وداود بن أبي هند، وخلق. وعنه بقية، وابن المديني، وأحمد، وإسحاق، وعبد بن حميد، وخلق. قال أحمد: كان حافظاً متقناً. وقال العجلي: ثقة ثبت. وقال أبو حاتم: إمام لا يسأل عن مثله. انتهى.

وقد أثنى عليه أئمة آخرون غير هؤلاء، وقال في (الجمع بين رجال الصحيحين): قال أحمد بن حنبل: ولد سنة ثمان عشرة ومائة. وقال ابن سعد: مات بواسط في غرة شهر ربيع الأول سنة ست ومائتين. انتهى. وقد خرج حديثه الجماعة.

الثالث: العوام: وهو ابن حوشب بن يزيد الشيباني، أبو عيسى الواسطي، ثقة، ثبت، فاضل، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين أي بعد المائة، قاله في (تقريب التهذيب)، وذكر في (تهذيب التهذيب) أنه روى عن أبي إسحاق السبيعي، ومجاهد، وسعيد بن جهمان، وإبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي، وغيرهم. وروى عنه سفيان بين حبيب، وحفص بن عمر الرازي، وهشيم، ويزيد بن هارون، وغيرهم. وذكر أيضاً توثيق الإمام أحمد، وابن معين، وأبي زرعة، والعجلي، وابن سعد، والحاكم له، وقد خرّج حديثه الجماعة.

الرابع: إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي: وهو إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسماعيل السكسكي، أبو إسماعيل الكوفي مولى صُخير. قاله الحافظ في (تهذيب التهذيب)، وقال: روى عن عبد الله بن أبي أوفى، وأبي بردة بن أبي موسى، وأبي وائل، وغيرهم. وعنه العوام بن حوشب، ومسعر، وأبو خالد الدالاني، وغيرهم.

وقال في مقدمة (فتح الباري): قال أحمد: ضعيف. وقال النسائي: يكتب حديثه وليس بذلك القوي. وقال ابن عدي: لم أجد له حديثاً منكر المتن، وهو إلى الصدق أقرب. وقال الحاكم: قلت للدار قطني: لِمَ ترك مسلم حديثه؟ فقال: تكلم فيه يحيى بن سعيد. قلت بحجة؟ قال: هو ضعيف. ثم ذكر الحافظ أن له في الصحيح حديثين أحدهما عن عبد الله بن أبي أوفى في نزول قوله تعالى: ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلاً ) أخرجه في التفسير وغيره، وهذا له أصل من حديث ابن مسعود فهو شاهد له، والثاني من حديثه عن أبي بردة عن أبيه: ((إذا مرض العبد أو سافر)) الحديث.

وقال في (تهذيب التهذيب): وذكره ابن حبان في (الثقات). وقال في (تقريب التهذيب): صدوق ضعيف الحفظ من الخامسة. وقال الذهبي في (ميزان الاعتدال): كوفي صدوق، لينه شعبة والنسائي ولم يترك. انتهى. وقد روى له أيضاً أبو داود والنسائي، ولم أقف لأحد على ذكر سنة وفاته.

الخامس: أبو بردة: وهو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، قيل: اسمه عامر، وقيل: الحارث، ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة، وقيل غير ذلك، وقد جاوز الثمانين. قاله الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب)، وقال في (تهذيب التهذيب): روى عن أبيه، وعليّ، وحذيفة، وعبد الله بن سلام، وعن أناس آخرين سماهم، ثم قال: وعنه أولاده سعيد وبلال، وحفيده أبو بردة يزيد بن عبد الله بن أبي بردة، والشعبي وهو من أقرانه، وعاصم بن كليب، وإبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي، وأناس آخرون سماهم. ثم ذكر توثيق ابن سعد، والعجلي، وابن خراش، وابن حبان له، وحديثه خرّجه الجماعة.

أما يزيد بن أبي كبشة فليس من رواة الحديث كما هو معلوم، وإنما أورد أبو بردة الحديث من أجل صيامه في السفر، وقد قال الحافظ في (فتح الباري): ويزيد بن أبي كبشة هذا شامي، واسم أبيه حيويل ـ بفتح المهملة وسكون التحتانية وكسر الواو وبعدها تحتانية أخرى ساكنة ثم لام ـ وهو ثقة ولي خراج السند لسليمان بن عبد الملك، ومات في خلافته، وليس له في البخاري ذكر إلاّ في هذا الموضع. انتهى.

السادس: صحابي الحديث أبو موسى الأشعري: وهو عبد الله بن قيس بن سلم ابن حضار ـ بفتح المهملة وتشديد الضاد المعجمة ـ أبو موسى الأشعري، صحابي مشهور، أمّره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، مات سنة خمسين، وقيل بعدها، قاله الحافظ في (تقريب التهذيب).

وقال الخزرجي في (الخلاصة): له ثلاثمائة وستون حديثاً، اتفقا على خمسين، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة وعشرين. وذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح أن عدة أحاديثه عند البخاري سبعة وخمسون حديثاً، وقال في (تهذيب التهذيب): روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعمر، وعليّ، وابن عباس، وأبيّ بن كعب، وعمار بن ياسر، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، وعنه أولاده: إبراهيم وأبو بكر وأبو بردة وموسى، وامرأته أم عبد الله، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأناس آخرون سماهم. وقال أيضاً: ومناقبه كثيرة. وقال في كتابه (الإصابة): واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض اليمن كزبيد، وعدن وأعمالها، واستعمله عمر على البصرة بعد المغيرة، فافتتح الأهواز ثم أصبهان، ثم استعمله عثمان على الكوفة ثم كان أحد الحكمين بصفين ثم اعتزل الفريقين. وقال أيضاً: وكان حسن الصوت بالقرآن، وفي الصحيح المرفوع: ((لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود)). انتهى. وحديثه في الكتب الستة.

المبحث الثالث: لطائف الإسناد وما فيه من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث:

(1) هذا الحديث أحد الأحاديث التي انتقدها الحافظ الدار قطني على البخاري، وقد تقدم أن جملة الأحاديث التي انتقدها الحفاظ على الإمام البخاري مائة وعشرة أحاديث، انفرد البخاري عن مسلم بثمانية وسبعين حديثاً، وشاركه مسلم في إخراج اثنين وثلاثين، ووجه الانتقاد في هذا الحديث من الدار قطني أنه قال: لم يسنده غير العوام بن حوشب، وخالفه مسعر فرواه عن إبراهيم السكسكي عن أبي بردة قوله ولم يذكر أبا موسى ولا النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وقد أجاب الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح عن هذا الانتقاد بجوابين قال فيهما: قلت: مسعر أحفظ من العوام بلا شك، إلاّ أن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي فهو في حكم المرفوع، وفي السياق قصة تدل على أن العوام حفظه، فإن فيه: اصطحب يزيد بن أبي كبشة وأبو بردة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: أفطر فإني سمعت أبا موسى مراراً يقول، فذكره. وقد قال أحمد بن حنبل: إذا كان في الحديث قصة دل على أن راويه حفظه، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله.

وهناك جوابان آخران (أحدهما): أنه ورد مسنداً من غير طريق العوام بن حوشب عند البخاري في (الأدب المفرد)، وقد تقدم سنداً ومتناً في التخريج، (الثاني): أن الحكم في تعارض الرفع والوقف والوصل والإرسال لمن أرسله أو وقفه إذا كان أحفظ، إنما هو قول لبعض العلماء، وقد رجّح كثير من العلماء أن الحكم لمن وصله أو رفعه، قال النووي في (التقريب): والصحيح أن الحكم لمن وصله أو رفعه، سواء كان المخالف له مثله أو أكثر، لأن ذلك زيادة ثقة وهي مقبولة.

وقال السيوطي في (التدريب): إنه الصحيح عند أهل الحديث والفقه والأصول. وقال أبو عمرو بن الصلاح في (علوم الحديث) في معرض تعداد الأقوال في المسألة: ومنهم من قال الحكم لمن أسنده إذا كان عدلاً ضابطاً، فيقبل خبره وإن خالفه غيره، سواء كان المخالف له واحداً أو جماعة. قال الخطيب: هذا القول هو الصحيح. ثم قال ابن الصلاح: قلت: وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله. وسئل البخاري عن حديث: ((لا نكاح إلا بوليٍّ)) فحكم لمن وصله وقال: الزيادة من الثقة مقبولة، فقال البخاري هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان وهما جبلان لهما من الحفظ والإتقان الدرجة العالية، ويلتحق بهذا ما إذا كان الذي وصله هو الذي أرسله، وصله في وقت وأرسله في وقت، وهكذا إذا رفع بعضهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقفه بعضهم على الصحابي، أو رفعه واحد في وقت ووقفه هو أيضاً في وقت آخر، فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة من الوصل والرفع، لأنه مثبت وغيره ساكت، ولو كان نافياً فالمثبت مقدم عليه لأنه علم ما خفي عليه. انتهى. وقال العراقي في ألفيته:

واحكم لوصل ثقة في الأظهر



وبهذه الأجوبة تتضح سلامة هذا الحديث من الانتقاد الذي وجهه الدار قطني إليه.

(2) رجال الإسناد الستة خرّج حديثهم أصحاب الكتب الستة إلاّ شيخ البخاري مطر بن الفضل فقد انفرد البخاري بإخراج حديثه، وإلاّ إبراهيم السكسكي فلم يرو له مع البخاري سوى أبي داود والنسائي، وقد أخرج له البخاري حديثين كما ذكره الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري.

(3) العوام في الإسناد غير منسوب وهو ابن حوشب، ولا لبس في عدم نسبته لأنه ليس في رجال البخاري مَن اسمه العوام غيره، بل جملة من اسمه العوام عند أصحاب الكتب الستة ثلاثة هذا أحدهم وقد اتفقوا على إخراج حديثه، والثاني العوام بن حمزة المازني البصري، وهو من رجال الترمذي وحده، والثالث العوام بن عباد الواسطي وهو من رجال ابن ماجه وحده.

(4) هذا الحديث رواه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أبي موسى رضي الله عنه فهو من رواية الأبناء عن الآباء.

(5) في سند هذا الحديث واسطيان وهما: يزيد بن هارون وشيخه العوام بن حوشب.

(6) يزيد بن أبي كبشة الذي أورد أبو بردة الحديث من أجل صيامه معه في السفر ليس له ذكر في صحيح البخاري إلا في هذا الموضع كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله.

المبحث الرابع: شرح الحديث:

(1) هذا الحديث أورده البخاري في (كتاب الجهاد) لأن الجهاد لابد فيه من السفر غالباً.

(2) معنى الحديث: إذا مرض العبد المسلم وكان يعمل عملاً صالحاً قبل مرضه ومنعه منه المرض ونيته لولا المانع إدامته، أو سافر سفراً مباحاً ومنعه السفر مما قطعه على نفسه من الطاعة ونيته المداومة عليه، كتب له من الأجر قدر ثواب عمله في حال إقامته، وفي حال صحته.

(3) في الحديث شاهد لما يعرف في علم البلاغة باللف والنشر المقلوب، لأنه ذكر المرض والسفر أولاً ثم ذكر الإقامة والصحة ثانياً، فالإقامة في مقابل السفر، والصحة في مقابل المرض، ومن أمثلته في الكتاب العزيز قوله تعالى:( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون )، ومن أمثلة اللف والنشر المرتب في الكتاب العزيز قوله تعالى: ( وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا )،ومن أمثلته في السنة قوله صلى الله عليه وسلم : ((أحلت لنا ميتان ودمان، فأما الميتان فالجراد والحوت، وأما الدمان فالكبد والطحال)).

(4) في الحديث شاهد لنوعي الفعل المسند إلى الفاعل، قال ابن هشام معرفاً الفاعل في (شذور الذهب): هو ما قدم الفعل أو شبهه عليه وأسند إليه على جهة قيامه به أو وقوعه منه. انتهى. فإن الفعل (سافر) يسند إلى العبد لكون السفر وقع منه، والفعل (مرض) يسند إلى العبد لكون المرض قام به.

(5) من فقه الحديث وما يتسنبط منه:

(1) ما كان عليه سلف هذه الأمة من اتباع السنة وإرشاد الناس إليها.

(2) المذاكرة في العلم والعناية بالأدلة.

(3) إثبات كتابة أعمال العباد.

(4) أن العبد المسلم إذا كان يعمل عملاً في حال صحته فمنعه المرض كتب له مثل عمله في حال الصحة.

(5) أن المسافر يكتب له مثل ما كان يعمل في حال الإقامة كذلك.

(6) تفضل الله على عباده وإنعامه عليهم بإثابتهم على ما فعلوه من الخير وما لم يتمكنوا من فعله.

(7) بيان ضعف المخلوق وأنه لا يخرج عن كونه عبداً لله، فلا يجوز أن يصرف له ما لا يستحقه.

(8) أن من مظاهر ضعف العبد طروء المرض عليه.

(9) حاجة الإنسان إلى السفر، وأفضله السفر في الجهاد، ومن أجل ذلك أورد البخاري هذا الحديث في (كتاب الجهاد).

(10) الرد على من زعم أن الأعذار المرخصة لترك الجماعة تسقط الكراهة والإثم خاصة من غير أن تكون محصلة للفضيلة.

(11) الترغيب في المداومة على الطاعة في الصحة والإقامة ليحظى العبد في الثواب فيهما وفي حال المرض والسفر.






( إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ) (14 زائر)




قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الكفالة)



حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه ثم أُتي بجنازة أخرى فقال له: عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: فصلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: عليّ دينه يا رسول الله، فصلى عليه)).

المبحث الأول: التخريج:

انفرد البخاري عن مسلم بإخراج هذا الحديث، وقد أورده في موضعين: أحدهما هذا في (باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع). والثاني في (كتاب الحوالة، في باب: إذا أحال دين الميت على رجل جاز)، ولفظه: حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: ((كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أُتى بجنازة فقالوا: صلّ عليها، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله صلّ عليها، فقال: هل عليه دين؟ قيل: نعم، قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أُتي بالثالثة، فقالوا: صلّ عليها، قال: هل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، قال: فهل عليه دين؟، قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: صلّ عليه يا رسول الله وعَليَّ دَينه، فصلى عليه)).

ورواه النسائي في سننه ولفظه: ((أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقالوا: يا نبي الله صلّ عليها، قال: هل ترك عليه دَيناً؟، قالوا: نعم، قال: هل ترك من شيء؟، قالوا: لا، قال: صلوا على صاحبكم، قال رجل من الأنصار، يقال له أبو قتادة: صلّ عليه وعَليَّ دَينه، فصلى عليه)).

ورواه الترمذي والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه بإسناد واحد واللفظ عند النسائي: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجل من الأنصار ليصلِّيَ عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم فإن عليه دَيناً. قال أبو قتادة: هو عليَّ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: بالوفاء؟ قال: بالوفاء، فصلى عليه)).

ورواه أبو داود والنسائي عن جابر رضي الله عنه ولفظه: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات وعليه دين، فأُتى بميت، فقال: أعليه دين؟ قالوا: نعم، ديناران، قال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة الأنصاري: هما عليَّ يا رسول الله، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فتح الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك ديناً فعليَّ وفاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته)). وروى أبو هريرة رضي الله عنه نحواً من حديث جابر هذا، أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي، وأورد المنذري في الترغيب والترهيب حديث جابر رضي الله عنه بلفظ أطول من هذا، وقال: رواه أحمد بإسناد حسن والحاكم والدار قطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه باختصار.

وقال فيه الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه أحمد والبزار وإسناده حسن، وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد): وعن أسماء بنت يزيد قالت: ((دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة رجل من الأنصار، فلما وضع السرير تقدم نبي الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه ثم التفت، فقال: على صاحبكم دين؟ قالوا: نعم يا رسول الله، ديناران، قال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: أنا بدينه يا نبي الله فصلّ عليه))، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.



المبحث الثاني: التعريف برجال الإسناد:

الأول: شيخ البخاري أبو عاصم: وهو كما قال الحافظ في (تقريب التهذيب): الضحاك بن مَخلد بن مسلم الشيباني، أبو عاصم النبيل البصري، ثقة، ثبت، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة أو بعدها، أي بعد المائتين.

وقال في (تهذيب التهذيب): قيل إنه مولى بني شيبان، وقيل من أنفسهم، روى عن يزيد بن أبي عبيد، وابن أبي ذئب، وابن جريج، والأوزاعي، وأناس آخرين سماهم. وعنه جرير بن حازم ـ وهو من شيوخه ـ، والأصمعي والخريبِي وهما من أقرانه، وأحمد، وإسحاق، وعليّ بن المديني، وغيرهم. ثم قال: قال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة. وقال العجلي: ثقة كثير الحديث، وكان له فقه. وقال أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إليَّ من روح بن عبادة. وقال ابن سعد: كان فقيهاً. وقال عمر بن شبة: ((والله ما رأيت مثله)). وقال ابن خراش: ((لم ير في يده كتاب قط)). وقال الخليلي: ((متفق عليه زهداً، وعلماً، وديانة، واتقاناً)).

وقال ابن طاهر المقدسي في (الجمع بين رجال الصحيحين): قال عمرو بن عليّ: سمعت أبا عاصم يقول: ولدت سنة اثنتين وعشرين ومائة، ومات سنة اثنتي عشرة ومائتين وهو ابن تسعين سنة وأربعة أشهر. وقال أيضاً: ولدت أمي في سنة عشر ومائة، وولدت سنة اثنتين وعشرين ومائة، يعني ولدتني أمي في اثنتي عشر سنة. انتهى.

ونقل عنه الخزرجي في (الخلاصة) أنه قال: ((من طلب الحديث فقد طلب أعلى الأمور، فيجب أن يكون خير الناس)). وقال: قال الخطيب: روى عنه جرير بن حازم، ومحمد بن حبان، وبين وفاتهما مائة وإحدى وثلاثون سنة، وقد خرج حديثه الجماعة.

الثاني: يزيد بن أبي عبيد: وهو يزيد بن أبي عبيد الحجازي، أبو خالد الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع، روى عن مولاه، وعمير مولى لآبي اللحم، وهشام بن عروة وهو أكبر منه. روى عنه بكير بن الأشج ومات قبله، ويحيى القطان، وحاتم بن إسماعيل، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، ويحيى بن راشد، وحماد بن مسعدة، وصفوان بن عيسى، ومكي بن إبراهيم، وأبو عاصم وغيرهم. قاله الحافظ في (تهذيب التهذيب).

وقال الآجري على أبي داود: ثقة، وذكره ابن حبان في (الثقات). وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة. وقال العجلي: حجازي، تابعي، ثقة. وقال ابن سعد: وكان ثقة، كثير الحديث. ذكر ذلك عنهم الحافظ في (تهذيب التهذيب). وقال في (تقريب التهذيب): ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع وأربعين ـ أي بعد مائة ـ، ورمز لكونه من رجال الجماعة.

الثالث: صحابي الحديث سلمة بن الأكوع: وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع واسم الأكوع سنان الأسلمي.

قال الحافظ في (تهذيب التهذيب): أبو مسلم، ويقال: أبو إياس، ويقال: أبو عامر، وقال: شهد بيعة الرضوان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة. وعنه ابنه إياس، ومولاه يزيد بن أبي عبيد، وأناس آخرون سماهم، ثم قال: كان شجاعاً رامياً، ويقال: كان يسبق الفرس شداً على قدميه.

وقال الخزرجي في (الخلاصة): له سبعة وسبعون حديثاً، اتفقا على ستة عشر، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بتسعة. وذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح أن له عند البخاري عشرين حديثاً. انتهى. وكانت وفاته سنة أربع وسبعين، وقد خرّج حديثه الجماعة.



المبحث الثالث: لطائف الإسناد وما فيه من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث:

(1) رجال الإسناد الثلاثة اتفق أصحاب الكتب الستة على إخراج حديثهم.

(2) في سند الحديث رجل اشتهر بكنيته ولقبه، وهو شيخ البخاري أبو عاصم النبيل، فإن اسمه الضحاك بن مخلد.

(3) في سند الحديث رجل روى عنه راو متقدم وراو متأخر، وهو أبو عاصم النبيل، قال الخطيب: روى عنه جرير بن حازم ومحمد بن حبان وبين وفاتيهما مائة وإحدى وثلاثون سنة. انتهى. وذلك من شواهد النوع المعروف في المصطلح بالسابق واللاحق، وهو أن يشترك اثنان في الرواية عن شيخ أحدهما فوق الشيخ المروى عنه في المرتبة مع تباعد ما بين وفاتيهما أي الراويين عن الشيخ.

(4) في هذا الإسناد مولى من أعلى وهو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، ومولى من أسفل وهو يزيد بن أبي عبيد.

(5) ومن اللطائف في رجال الإسناد: أن أبا عاصم النبيل قد ولدته أمه وسنها اثنتا عشرة سنة، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك فيما نقله المقدسي في (الجمع بين رجال الصحيحين) عن عمرو بن عليّ.

(6) ذكر الحافظ ابن حجر أنه لم يقف على تسمية صاحب الجنازة الأول والثاني وهو من مبهمات المتن.

(7) حديث أبي عاصم النبيل هذا وحديث مكي بن إبراهيم المذكور في التخريج من ثلاثيات صحيح البخاري، والإسناد الثلاثي أعلى ما يكون عند البخاري، فإن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص فقط: صحابي وتابعي وتابع تابعي، وقد حصل العلو في إسناد هذا الحديث، لأن وفاة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه كانت سنة أربع وسبعون، وقد عاش مولاه يزيد بن أبي عبيد الذي روى الحديث عنه بعده نحواً من سبعين سنة، إذ كانت وفاته سنة بضع وأربعين ومائة، وعاش أبو عاصم النبيل الذي روى الحديث عن يزيد بن أبي عبيد بعده أكثر من ستين سنة، حيث كانت وفاته سنة اثنتي عشرة بعد المائتين.

فوائد تتعلق بالثلاثيات:

الأولى: الإسناد الثلاثي إسناد عال، والعلو في الإسناد مرغوب فيه عند المحدثين لكونه أقرب إلى الصحة وقلّة الخطأ، لأنه ما من راو من رجال السند إلاّ والخطأ جائز عليه، فكلما كثرت الوسائط وطال السند كثرت مظان تجويز الخطأ، وكلما قلَّت قلت، ومن أجل ذلك لم يرو البخاري عن الشافعي من طريق أصحابه الذين لقي الكثير منهم، لأنه عاصر كثيراً من أقران الشافعي، فروى عنهم مباشرة ما شاركهم الشافعي في روايته رغبة منه في علو الإسناد، وإن كان قد ذكر الشافعي في موضعين من صحيحه في (باب: وفي الركاز الخمس)، وفي (باب: تفسير العرايا)، كما أشار إلى ذلك ابن السبكي في ترجمة البخاري من كتابه (طبقات الشافعية الكبرى).

الثانية: عدد الأحاديث الثلاثية في صحيح البخاري اثنان وعشرون حديثاً، قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) في شرح حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه مرفوعاً: ((من يقل عليَّ ما لم أقل فليتبوأ معقده من النار)). قال: وهذا الحديث أول ثلاثي وقع في البخاري وليس فيه أعلى من الثلاثيات. وقد أفردت فبلغت أكثر من عشرين حديثاً. انتهى.

وقال في (كشف الظنون): ووقع له اثنان وعشرون حديثاً ثلاثيات الإسناد. وقال المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي: وأما في صحيح البخاري فاثنان وعشرون ثلاثياً، قد أفردها العلماء بالتأليف كعليّ القاري الهروي وغيره. انتهى. وهذه العدة إنما هي بالأحاديث المكررة، وبإسقاط التكرار تكون ستة عشر حديثاً، وقد طبعت ثلاثيات البخاري مفردة ومشروحة.

الثالثة: عدد الصحابة الذين روى البخاري من طريقهم الأحاديث الثلاثية ثلاثة: (الأول) سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، له منها سبعة عشر حديثاً، و(الثاني) أنس بن مالك رضي الله عنه، له منها أربعة أحاديث، و(الثالث) عبد الله بن بسر رضي الله عنه، له منها حديث واحد.

أما شيوخه الذين روى عنهم هذه الثلاثيات فعدتهم خمسة وهم: مكي بن إبراهيم، وأبو عاصم النبيل، وعصام بن خالد، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وخلاد بن يحيى، وهم من أتباع التابعين. وأما شيوخ شيوخه فيها فعدتهم أربعة وهم: يزيد بن أبي عبيد، وحميد الطويل، وحريز بن عثمان، وعيسى بن طهمان، وهم من التابعين.

الرابعة: (أ) في جامع الترمذي ثلاثي واحد أورده في (كتاب الفتن) فقال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري بن ابنة السدي الكوفي حدثنا عمر بن شاكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر))، هذا حديث غريب من هذا الوجه. انتهى.

قال المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي: اعلم أنه ليس في جامع الترمذي ثلاثي غير حديث أنس المذكور. وقال: وليعلم أن بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسناد ثلاثي الترمذي المذكور اثنين وعشرين واسطة. فذكرهم، وكانت وفاة المباركفوري سنة 1353هـ رحمه الله. وعمر بن شاكر انفرد الترمذي بإخراج حديثه عن بقية أصحاب الكتب الستة، وقال الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب): إنه ضعيف.

(ب) في سنن ابن ماجه خمسة أحاديث ثلاثيات الإسناد كلها من طريق جبارة بن المغلس عن كثير بن سليم عن أنس رضي الله عنه ثلاثة منها في (كتاب الأطعمة)، وفي (كتاب الزهد) واحد، وواحد في (كتاب الطب)، وجبارة وكثير انفرد ابن ماجه عن بقية أصحاب الكتب الستة بأخراج حديثهما، وقال عنهما الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب): إنهما ضعيفان.

(ج) ذكر المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي نقلا عن كتاب (الحطة) أنه ليس في صحيح مسلم ولا في سنن أبي داود والنسائي شيء من الأحاديث الثلاثيات الإسناد، فأعلى ما يكون عندهم الأحاديث الرباعيات الإسناد.

(د) ذكر المباركفوري أيضاً نقلا عن كتاب (الحطة) أن ثلاثيات الدارمي أكثر من ثلاثيات البخاري، وقال صاحب (كشف الظنون): ثلاثيات الدارمي هي خمسة عشر حديثاً وقعت في مسنده بسنده.

(هـ) ثلاثيات مسند الإمام أحمد عددها واحد وثلاثون وثلاثمائة، قد أفردت من المسند وشرحها الشيخ محمد السفاريني شرحاً نفيساً في مجلدين كبيرين.

(و) ثلاثيات مسند عبد بن حميد عددها واحد وخمسون حديثًا (1).



المبحث الرابع: شرح الحديث:

(1) أورد البخاري الحديث في (كتاب الكفالة) في (باب: من تكفل عن ميت دَينا فليس له أن يرجع). ووجه مطابقة الحديث للترجمة كما ذكر الحافظ في (فتح الباري): أنه لو كان لأبي قتادة أن يرجع عن الكفالة لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل المدين حتى يوفي أبو قتادة الدين، لاحتمال أن يرجع فيكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى على مدين دينه باق عليه، فدل على أنه ليس له أن يرجع. وأورده أيضاً في (كتاب الحوالة) من طريق مكي بن إبراهيم في (باب: إذا أحال دين الميت على رجل جاز)، ووجهه كما نقل الحافظ في (الفتح) عن ابن بطال أنه قال: إنما ترجم بالحوالة فقال: إن أحال دين الميت. ثم أدخل حديث سلمة وهو في الضمان لأن الحوالة والضمان عند بعض العلماء متقاربان، وإليه ذهب أبو ثور لأنهما ينتظمان في كون كل منهما نقل ذمّة رجل إلى ذمّة رجل آخر، والضمان في هذا الحديث نقل ما في ذمّة الميت إلى ذمة الضامن فصار كالحوالة سواء.

(2) قوله (إذ أُتي بجنازة): قال في القاموس: الجنازة الميت ويفتح، أو بالكسر الميت، وبالفتح السرير أو عكسه، وبالكسر السرير مع الميت. انتهى.

وقد أعيد الضمير مؤنثاً في قوله: ليصلى عليها. باعتبار لفظ الجنازة وهو مؤنث، ومذكراً في قوله: ((هل عليه من دين)) باعتبار المعنى وهو الميت، وقد زيدت (من) قبل المبتدأ المنكر في قوله: ((هل عليه من دين)) لتأكيد إفادة العموم في جنس الدين، أي: هل عليه دين؟، أيُّ دَين كان، قليلاً كان أو كثيراً.

(3) اشتمل هذا الحديث على ذكر جنازتين: سليم من الدَّين صلى عليه، ومدين أراد ترك الصلاة عليه لو لم يتحمل عنه دينه، وقد ذكر جنازة ثالثة في طريق مكي بن إبراهيم المذكور في التخريج، وهو مَن عليه دين وترك وفاء له وقد صلى عليه.

(4) لم يبين في الحديث قدر الدين، وقد بين في طريق مكي بن إبراهيم بأنه ثلاثة دنانير، قال الحافظ في (الفتح): وفي حديث جابر عند الحاكم ديناران، وأخرجه أبو داود من وجه آخر عن جابر نحوه، وكذلك أخرجه الطبراني من حديث أسماء بنت يزيد، ويجمع بينهما بأنه كان دينارين وشطراً، فمن قال ثلاثة جبر الكسر، ومن قال ديناران ألغاه، أو كان أصلهما ثلاثة، فوفى قبل موته ديناراً وبقي عليه ديناران، فمن قال ثلاثة فباعتبار الأصل، ومن قال ديناران فباعتبار ما بقي من الدين والأول أليق.

ووقع عند ابن ماجه من طريق أبي قتادة: ثمانية عشر درهماً، وهذا دون دينارين، وفي مختصر المزني من حديث أبي سعيد الخدري درهمين، ويجمع إن ثبت بالتعدد. ورجّح الشوكاني في (نيل الأوطار) القول بتعدد القصة مطلقاً.

وقال الحافظ في (الفتح) أيضاً: وقد وقعت هذه القصة مرة أخرى، فروى الدار قطني من حديث عليّ: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بجنازة لم يسأل عن شيء من عمل الرجل ويسأل عن دينه، فإن قيل عليه دين كفَّ، وإن قيل ليس عليه دين صلّى، فأتي بجنازة، فلما قام ليكبر سأل: هل عليه دين؟ فقالوا: ديناران، فعدل عنه فقال عليّ: هما عَليّ يا رسول الله، وهو بريء منهما فصلّى عليه، ثم قال لعليٍّ: جزاك الله خيراً وفك الله رهانك)) الحديث.

(5) لم يبين في هذا الحديث سبب السؤال عن الميت: هل عليه دين؟ وقد بين ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الشيخين قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه وفاء؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء، صلّى، وإلاّ قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله عليه الفتوح قال: ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته)).

(6) قال الحافظ في (الفتح): قال العلماء: كأن الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة على من عليه دين ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهل كانت صلاته على من عليه دين محرمة عليه أو جائزة؟ وجهان: قال النووي: الصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن، كما في حديث مسلم، وحكى القرطبي أنه ربما كان يمتنع من الصلاة على من استدان ديناً غير جائز، وأما من استدان لأمر هو جائز فما كان يمتنع، وفيه نظر، لأن في حديث الباب ـ يعني حديث أبي هريرة ـ ما يدل على التعميم حيث قال: ((من توفي وعليه دين))، ولو كان الحال مختلفاً لبينه، ثم أورد حديثاً عن ابن عباس فيه التفصيل بين التحمل في البغي والإسراف، والتحمل في الحاجة، وقال: وهو ضعيف، وقال: قال الحازمي بعد أن أخرجه: لا بأس به في المتابعات، وقال: وليس فيه أن التفصيل المذكور كان مستمراً، وإنما فيه أنه طرأ بعد ذلك وأنه السبب في قوله: ((من ترك ديناً فعليَّ)). وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): قال ابن بطال: هذا يعني من ترك ديناً فعلي. ناسخ لترك الصلاة على من مات وعليه دين، وقد حكى الحازمي إجماع الأمة على ذلك.

(7) أبو قتادة الذي تحمل الدين في الحديث: هو الحارث، ويقال: عمرو، ويقال: النعمان بن ربعي الأنصاري السلمي ـ بفتحتين ـ المدني، شهد أُحداً وما بعدها ولم يصح شهوده بدراً، ومات سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين والأوّل أصح وأشهر، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في (التقريب)، ورمز لكون حديثه مخرجاً في الكتب الستة.

(8) همَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بترك الصلاة على من عليه الدَّين، في الحديث حصل فيه فائدتان: إحداهما تعود إلى المتوفى وهي: أن أبا قتادة رضي الله عنه رقَّ له فتحمل دينه، فبرئت ذمته بذلك، والثانية تعود إلى الأحياء وهي: التحذير من الدَّين والتحريض على قضائه قبل الموت لئلا تترك الصلاة عليهم.

(9) صلاة الجنازة من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، والمتوفى أحوج ما يكون إلى ذلك الحق، فجدير بالمسلم أن يحرص على بذل هذا الحق لإخوانه المسلمين، لأنه يحب ذلك لنفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ومن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه))، ولما في ذلك من الفائدة للمتوفى وللمصلي، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من صلى على الجنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراط يا رسول الله؟ قال: مثل جبل أُحد)).

(10) من فقه الحديث وما يستنبط منه:

(1) وجوب صلاة الجنازة وهي من حق المسلم على أخيه المسلم لقوله: ((فصلوا على صاحبكم)).

(2) أن صلاة الجنازة فرض كفاية حيث أراد النبي صلى الله عليه وسلم التخلي عنها لو لم يتحمل الدَّين عن الميت.

(3) أنه ينبغي لذوي الميت الاهتمام بشهود أهل الفضل والصلاح الصلاة على ميتهم.

(4) سؤال الإمام عن أحوال الرعية.

(5) مشروعية الضمان.

(6) جواز تحمل الدين عن الميت.

(7) براءة ذمة الميت بأداء غيره ما وجب عليه.

(8) التنفير من الدين والتحذير من تعاطيه إلاَّ مع الضرورة.

(9) حث المدينين على قضاء ديونهم، وتحريضهم على المبادرة إلى التخلص من تبعتها.

(10) الاكتفاء في لزوم الضمان على الضامن بمجرد التزامه وإن تأخر الأداء.

(11) أن الضامن ليس له الرجوع عن التزامه ما تكفل به.

(12) أن تفويت الإنسان على الناس حقوقهم قد يكون سبباً في تفويت حقه عليه.

(13) أن درأ المفاسد العامة مقدم على جلب المصالح الخاصة.

(14) أن الجزاء من جنس العمل، وأنه كما يدين الإنسان يُدان.

(15) أنه ليس للضامن الرجوع في مال الميت إن ظهر أن له مالاً.

(16) بيان ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الأخلاق الفاضلة: من الرأفة، والشفقة، والرحمة بعضهم لبعض، فتحمل أبي قتادة رضي الله عنه الدَّين مثال واقعي لما وصفهم الله به في قوله: ( رحماء بينهم ).

(17) تأخير البيان إلى وقت الحاجة.





--------------------------------------------------------------------------------

(1) تنبيه: الحديث الثلاثي عند الترمذي، والخمسة عند ابن ماجه، وثلاثيات الدارمي وعددها خمسة عشر حديثًا، وثلاثيات عبد بن حميد وعددها واحد وخمسون توجد مخطوطة بخط جميل ضمن مجموعة (رقم44) مجاميع في مكتبة عارف حكمت في المدينة المنورة.






الحلقة ( 4 ) حديث قوله صلى الله عليه وسلم ( هل عليه من دين ؟ ) (12 زائر)





قال البخاري ـ رحمه الله ـ في أوائل (كتاب التيمم) من صحيحه:

حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا هشيم (ح) قال وحدثني سعيد بن النضر قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا سيار قال حدثنا يزيد ـ هو ابن صهيب الفقير ـ قال أخبرنا جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أُعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ))

المبحث الأول: التخريج:

أورد البخاري هذا الحديث في (كتاب التيمم) عن شيخيه محمد بن سنان وسعيد بن النضر، وسياق المتن لفظ سعيد كما قال الحافظ ابن حجر في (الفتح)، وقد أعاد الحديث في (كتاب الصلاة) عن شيخه محمد بن سنان فقال: حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا هشيم قال حدثنا سيار ـ هو أبو الحكم ـ قال حدثنا يزيد الفقير قال حدثنا جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة، وأُعطيت الشفاعة))، وأورد طرفاً منه وهو قوله صلى الله عليه وسلم:((...وأحلت لي الغنائم...)) من رواية محمد بن سنان في (كتاب فرض الخمس).

وأخرج الحديث بتمامه مسلم في صحيحه عن شيخيه يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة عن هشيم بمثل إسناده عند البخاري ولفظه: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة طهوراً ومسجداً، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسافة شهر، وأُعطيت الشفاعة)). وأخرج الخصلة الأولى وهي نصره صلى الله عليه وسلم بالرعب ضمن حديث من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج الخصلة الثانية من طريقين عن ربعي بن حِراش عن حذيفة رضي الله عنه، ومن طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج الخصلة الثالثة من طريق عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج الخصلة الخامسة من طريق عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: ((وأرسلت إلى الخلق كافة)).

وأخرج النسائي عن شيخه الحسن بن إسماعيل بن سليمان عن هشيم بهذا الإسناد، وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه.

وقال الحافظ في (الفتح): ومدار حديث جابر هذا على هشيم بهذا الإسناد، وله شواهد من حديث ابن عباس، وأبي موسى، وأبي ذر، ومن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، رواها كلها أحمد بأسانيد حسان.

المبحث الثاني: التعريف برجال الإسناد:

الأول: شيخ البخاري في الإسناد الأول محمد بن سنان: قال الحافظ في (تهذيب التهذيب): محمد بن سنان الباهلي، أبو بكر البصري المعروف بالعوقي، والعوقة حي من الأزد نزل فيهم، وذكر أنه روى عن إبراهيم بن طهمان، وفليح، وهشيم، وغيرهم. وأنه روى عنه البخاري، وأبو داود، وغيرهم. وذكر توثيقه عن جماعة منهم: ابن معين، والدار قطني. وقال في (تقريب التهذيب): ثقة ثبت، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث وعشرين ـ أي بعد المائتين ـ، ورمز لكونه من رجال البخاري، وأبي داود، وابن ماجه، والترمذي.

الثاني: شيخ البخاري في الإسناد الثاني سعيد بن النضر: قال الحافظ في (تهذيب التهذيب): سعيد بن النضر البغدادي، أبو عثمان، سكن آمل جيحون، روى عن هشيم، وعثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وغيرهما. وعنه البخاري، والفضل بن أحمد بن سهل الآملي. ذكره ابن حبان في (الثقات). وقال في (تقريب التهذيب): ثقة من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ـ أي بعد المائتين ـ، ورمز لكونه من رجال البخاري وحده.

الثالث: هشيم: قال الحافظ في (تقريب التهذيب): هشيم بالتصغير ابن بشير ـ بوزن عظيم ـ ابن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي خازم ـ بمعجمتين ـ الواسطى، ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ـ أي بعد المائة ـ وقد قارب الثمانين، ورمز لكونه من رجال الجماعة.

وقال المقدسي في (الجمع بين رجال الصحيحين): السلمي مولاهم، الواسطي، يكنى أبا معاوية أصله من بلخ، كان جده القاسم منها نزل واسط للتجارة. وذكر الحافظ في (تهذيب التهذيب) كثيراً ممن روى عنهم وممن رووا عنه، وممن روى عنهم: حميدالطويل، وسيار أبو الحكم، وخالد الحذاء، والأعمش. ومن الذين رووا عنه: ابن المبارك، ووكيع، ويزيد بن هارون، وغيرهم.

وقال في مقدمة الفتح: هشيم بن بشير الواسطي أحد الأئمة، متفق على توثيقه، إلاّ أنه كان مشهوراً بالتدليس، وروايته عن الزهري خاصة لينة عندهم، فأما التدليس فقد ذكر جماعة من الحفاظ أن البخاري كان لا يخرج عنه إلاّ ما صرّح فيه بالتحديث، واعتبرت أنا هذا في حديثه فوجدته كذلك، إما أن يكون قد صرّح به في نفس الإسناد أو صرّح به من وجه آخر، وأما روايته عن الزهري فليس في الصحيحين منها شيء، واحتج به الأئمة كلهم، والله أعلم. انتهى.

ولكونه مشهوراً بالتدليس مثل به العراقي في ألفيته لوجود المدلسين في رجال الصحيح فقال:

وفي الصحيح عدّة كالأعمش ** وكهشيم بعـــده وفتــش



الرابع: سيار: قال المقدسي في الجمع بين رجال الصحيحين: سيار بن أبي سيار واسمه وردان أبو الحكم العنـزي الواسطي، يقال هو أخو مساور الوراق سمع الشعبي وثابتًا البناني ويزيد الفقير عندهما ـ أي في الصحيحين ـ وسليمان الأشجعي عند البخاري روى عنه شعبة وهشيم عندهما وقرة بن خالد عند مسلم، وذكر الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب توثيقه عن الإمام أحمد وابن معين والنسائي وقال في تقريب التهذيب: وهو أخو مساور الوراق لأمه، ثقة وليس هو الذي يروي عن طارق بن شهاب من السادسة، مات سنة اثنتين وعشرين ـ أي بعد المائة ـ، ورمز لكونه من رجال الجماعة.

الخامس: يزيد الفقير: قال الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب): يزيد بن صهيب الكوفي، أبو عثمان المعروف بالفقير ـ بفتح الفاء بعدها قاف ـ، قيل له ذلك لأنه كان يشكو فقار ظهره، ثقة من الرابعة، ورمز لكونه من رجال الجماعة سوى الترمذي.

وقال المقدسي في (الجمع بين رجال الصحيحين): سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وعنه سيار أبو الحكم عندهما ـ أي في الصحيحين ـ، وقيس بن سليم، وأبو عاصم محمد بن أيوب عند مسلم. وذكر الحافظ في (تهذيب التهذيب) توثيقه عن ابن معين، وأبي زرعة، والنسائي، وقال: قال أبو حاتم وابن خراش: صدوق، زاد ابن خراش: جليل عزيز الحديث. وقال: وذكره ابن حبان في (الثقات). انتهى، ولم أقف لأحد على ذكر سنة وفاته.

السادس: صحابي الحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال الحافظ في (تقريب التهذيب): جابر بن عبد الله بن عَمرو بن حرام ـ بمهملة وراء ـ الأنصاري ثمَّ السَّلَمي بفتحتين، صحابي ابن صحابي، غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعد السبعين، وهو ابن أربع وتسعين سنة، ورمز لكون حديثه في الكتب الستة.

وقال الخزرجي في (الخلاصة): أبو عبد الرحمن أو أبو عبد الله أو أبو محمد المدني، صحابي مشهور، له ألف وخمسمائة حديث وأربعون حديثاً، اتفقا ـ أي البخاري ومسلم ـ على ثمانية وخمسين، وانفرد البخاري بستة وعشرين، ومسلم بمائة وستة وعشرين، وذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح أن له عند البخاري تسعين حديثاً.



المبحث الثالث: لطائف الإسناد وما فيه من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث:

(1) هذا الحديث رواه البخاري عن شيخه محمد بن سنان عن هش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جابور المصرى
عضو فضى
عضو فضى
avatar


ذكر
عدد المساهمات : 202
نقاط : 413
تاريخ التسجيل : 12/11/2009

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة)   قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 20:24

اللة على هزا الموضوع الرائع ونرجو منكم المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هشام سعيد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
هشام سعيد


ذكر
عدد المساهمات : 252
نقاط : 725
تاريخ التسجيل : 01/11/2009
العمر : 28
الموقع : saidsaleh2002@yahoo.com

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) Empty
مُساهمةموضوع: مهم   قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) Emptyالثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 20:26

مهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في (كتاب الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة جميلة عن الإمام الشافعي رحمه الله
» مفهوم الجهاد عند الإمام الغزالى .........
» وسئل أيضاً رحمه الله تعالى هل يجوز للإنسان أن يتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏
» تحميل كتاب الجمع بين الصلاتين للمسافر وجمع المقيم
» الجهاد في سبيل الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شنواى  :: القسم العام والإسلامى :: المكتبــة الإسلاميـــة-
انتقل الى: