بسم الله، و
، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
قال صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه) الحديث صححه الألباني.
فالمؤمن تلذعه حرارة المعصية فإذا ألم بذنب تجده رجاعا إلى الله تعالى نادما مستغفرا لا يقيم على معصيته، أما من أُشرِب قلبه حب المعاصي فهذا على خطر عظيم وإذا لم يفق من غفلته فيرجع ويتوب إلى الله فذنوبه ستحول بينه وبين باب التوبة وقد يقبض على معصيته فتكون سوء الخاتمة نسأل الله السلامة والعافية.
واستمع إلى هذه الوصية الغالية يوصي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر وهي وصية لكل مسلم ففي الحديث (يا أبا ذر كن للعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل، يا أبا ذر إن الله إذا أراد بعبد خيرا جعل الذنوب بين عينيه ممثلة، يا أبا ذر إن المؤمن يرى ذنبه كأنه تحت صخرة، يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب يمر على أنفه، يا أبا ذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظم من عصيت، يا أبا ذر لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه؟ أمن حل ذلك، أم من حرام؟)
فالذي يصر على معصيته عليه أن يقف مع نفسه وقفة حتى لا تورد نفسه موارد الهلاك، فعليه أن يستحضر نظر الله إليه واطلاعه عليه فهل ترضى أن يراك الله وأنت على مقيم على معصيتك؟ فإذا كان العبد يستحي من أمه أو أبيه فكيف بملك الملوك سبحانه لماذا جعلنا الله –تعالى- أهون الناظرين إلينا؟!
وكيف لو عاجلتك منيتك وأنت على معصيتك فوالله إنها لحسرة وندامة فهو بلاء وأي بلاء ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (يبعث كل عبد على ما مات عليه) فتخيل نفسك وأنت يوم الفزع الأكبر تجد من يقف بين يدي الله وهو يسبح وآخر ساجد وثالث يلبي، وتخيل نفسك وأنك تقف بين يدي الله وأنت...؟ الموقف عصيب فاختر لنفسك ميتة فالأمر جد ليس بالهزل فقدم لنفسك الخير واعلم أن ألد أعدائك نفسك التي بين جنبيك، فلا تطعها حتى لا توردك موارد الهلاك فخذها بحزم وقوة وكن صادقا مع الله حتى يفيض الله عليك من أنوار رحمته فتجد في القلب لذة الطاعة والقرب منه سبحانه، وما أجمل العيش في رحابه والله إنها لحلاوة لا يعرفها إلا من ذاقها ومسكين مسكين من حُرِم لذة القرب منه سبحانه فلا تحرم نفسك من معيته فهو القائل سبحانه "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"
أخي الكريم: اعمل للنار بقدر صبرك عليها واعمل للجنة بقدر شوقك إليها واعمل لله بقدر حبك له.
نسأل الله تعالى أن يتوب عليك توبة ترضيه ويرضى بها عنك وأن يملأ قلبك بحبه وخشيته.