أما الدور الثالث فقد قام به قميص الشفاء فبعد الجفاء و البراءه يأتى الوفاء من يوسف لأبيه
و الشفاء من
الله له . لقد جمع الله الشمل و تلك سُنَّه من سُنن الله كلما أشتدَّ الكرب هان قال الله تعالى حكايه عن
يعقوب و ابنائه : وتولى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا ياَْيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )
لا يأس مع الايمان فالحياه و ان كانت صعبة المراس الا ان بشاشة الايمان اذا باشرت شغاف القلب
تكاد تجعل المستحيل ممكنا فبعد ماوقع البلاء و صاحبه الصبر جاء الفرج ( أذهبوا بقميصى هذذا
فألقوه على وجه أبى يأتِ بصيرا )
قف معى عند قوله يأتِ بصبرا لم يقل يصير بصيرا أويصبح بصيرا انما قال
يأتِ و هذا اشاره الى ان الوالد سيأتى الى ولده و يجمع الله بينهما بعد طول غياب
كذلك ( واتونى بأهلكم أجمعين )
ولمَّا فصلت العير حدود مصر قبل ان تصل دار يعقوب بفلسطين قال يعقوب ( انى لأجد ريح
يوسف و لم يقل انى اشم ريح يوسف لان الشم مقصور على حاسه واحده أما الوجود
شامل لكيانه كله فكأنه يقول ان ريح يوسف فى سمعى و بصرى و لحمى و دمى
فلا تُسفِهُونى و لا تفندوا ما أرى .
و كان وعد الله حقاً و صدقاً فلقد دخل عليه البشير بقميص الشفاء فألقاه على وجهه فارتد
البصر أحسن مما كان
كان الشفاء من الله و كان القميص سبباً فالذى يملك الأمر كله هو خالق الأكوان و مبدع الانسان
وهكذا يضع الله سره فى أشياء ظاهريه فيحولها الى أيات و معجزات .
ألم تكن عصا موسى عصا عاديه فصارت بقدرةِ الله ثعباناً مبينا ,
ألم تكن يد موسى يد عاديه أخرجها من جيبه بيضاء من غير سوء .
ألم يكن قميص يوسف قميصاً عادياً أُلقى على و جهيعقوب فارتد بصيرا .
ألم يكن القمر عادياً فى عليائه فانشق معجزةً لسيد الأنبياء .
اللهم انا أصبحنا نُشهدكَ و نشهد حملة عرشك انك انت الله وحدك لا شريك لك
و ان محمد عبدك و نبيك و رسولك .
أيضا هناك تأملات لا بد من معرفتها :
لخص يوسف عليه السلام طريق السعاده فى كلمتين اثنتين قال :
( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
فالتقوى و الصبر هما الطريقان الموصلان الى ذروة السعاده
فالصبر و التقوى اذا اجتمعا يساويان الاحسان
( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
ولكى يجمع الله شمل الاسره اليعقوبيه حل الصفاء محل الجفاء
ثم يأتى دور الشفاء لهذا الرجل الذى ابيضت عيناه من الحزن فهو
كظيم يأتى هذالدور بعد ما سلم الأمر كله لصاحب الأمر
وهكذا عشنا هذه الخواطر حول قصة يوسف عليه السلام عظات و عبر
و ايات و معانى جميله لو تدبرناها لأصبحت الحياه جميله
lightway