قميص الشفاء ..............( تأملات فى قصة يُوسُفَ عليه السلام ) الجزء الاول

أذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ )


فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا  قال ألم أقل لكم انى أعلم ما لا تعلمون  .

أعلموا أيها الأحباب أن قميص الشفاء فى قصة يوسف  ماهو الا أيه ناطقه بجلال الله و عظمته .

أن القميص فى قصة يوسف عليه السلام قام بثلاثة أدوار  :

أولها قميص الجفاء :

وَجَاءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)

و انما حكم يعقوب ( عليه السلام ) عليهم بهذا الحكم لأن هناك حيثيات تدل على ذلك  

فالقميص لم يُخدَش و لم يصبه أى تمزيق و من ثَمَّ قال لهم أبوهم أى ذئبٍ هذا العاقل الذى أفترسَ

يوسف دون ان يكون فى القميص أى أثر  بل سولت لكم انفسكم امرا و عندَئذٍ لا حيله و لاوسيله

الا الصبر  اذ ماذا يصنع امام تلك الحيله و من هنا فقد حَمَّ القضاء و قضاء الله لا يُقَابَل الا بالتسليم

و ليس له سوى الصبر الجميل .

و قال الرسول ذات يوم لاصحابه : أمُؤمنون انتم   قال عمر  نعم يا رسول الله  قال فما علامة ايمانكم

قال نصبر على البلاء  و نرضى بالقضاء و نشكر فى الرخاء  قال الصادق المصدوق

مُؤمنون   و رب   الكعبه  .

و قال الله فى الحديث القدسى الجليل  :

من رضى بقضائى   وصبر على بلائى  وقنع بعطائى  و شكر نعمائى  كتبته صديقا  و بعثته  

يوم القيامه  مع الصديقين   .

ومن لم يرضى بقضائى و لم يصبر على بلائى و لم يقنع بعطائى  و لم يشكر نعمائى فليخرج من تحت

سمائى  و ليتخذ له رباً سواى  .

اما الدور الثانى الذى لعبه القميص فى قصة يوسف فهو :

دور البراءه  :  عندما قالت امراة العزيز لزوجها  ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً  الا ان يُسجَن  

او عذابٍ اليم  قال يوسف هى راودتنى عن نفسى  ............  لكن الموقف ما زال يحتاج الى كلمة

فصل  لقد وقف العزيز بين كلام امراته و بين رد يوسف موقفاً لا يُحسَد عليه  فاذا بصوت ينبعث

بلسان اليقين و منطق الحق المبين  كلمة الفصل  و يستشهد بشاهد  حسى  يعتمد على دليل عقلى

لا يقبل المساومه و لا انصاف الحلول  فاستمع معى لما  سجله القرأن الكريم  فى هذا المشهد المهيب

َواسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِين )

هذا هو الحق مع المظلوم  و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب و من يتوكل

على الله فهو حسبه  ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا  .

قال حكيم يعظ ابنه  :  

يا بنى  لقد ذقت الطيبات كلها  فلم  اجد  اطيب من العافيه  

وذقت  المرارات كلها  فلم اجد  أمَرّ من الحاجه  الى الناس  

و حملت الصخر و الجبال  فلم اجد أثقل من الدَيّن  

ولو سُئلتَ  أى شئ أثقل من السماء و الأرض  لقلت تهمة المظلوم  

أما  القميص الثالث فقد قام به قميص الشفاء  

و هذا  سيأتى ذكره فى الجزء الثانى  ان شاء الله  

lightway

بارك الله فيك وجزاك خيراً

بارك الله فيكم جميعا وهداكم إلى الحق