منتدى شنواى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة شنواىأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الابــــــتــــــلاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد قدرى
عضو سوبر
عضو سوبر
محمد قدرى


ذكر
عدد المساهمات : 507
نقاط : 1327
تاريخ التسجيل : 23/11/2009
العمر : 29

الأوسمة
 :  
11: 11

الابــــــتــــــلاء Empty
مُساهمةموضوع: الابــــــتــــــلاء   الابــــــتــــــلاء Emptyالخميس 14 يناير 2010 - 22:42

إن في الدنيا مصائب ورزايا ومحناً وبلايا، آلامٌ تضيق بها النفوس، ومزعجاتٌ تورث الخوف. كم ترى من شاكٍ، وتسمع لوَّاماً. يشكو علة وسقماً، أو حاجة وفقراً.

ترى من كسدت تجارته وبارت صناعته، وآخر قد ضاع جهده ولم يدرك مرامَه.

تلك هي الدنيا، تضحك وتبكي، تجمع وتفرّق. شدةٌ ورخاءٌ، سراءٌ وضراءٌ. دار غرور لمن اغترَّ، وعبرةٌ لمن اعتبر. إنها دار صدقٍ لمن صدق، وميدان عملٍ لمن سبق: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور) [الحديد:23]

وكل كسر عسى الله يجبره **** وما لكسر قناة الدين جبران

يقول الله تعالى: (ولنبولنكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من رهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) [البقرة: 155-157]. يتجلى لطف الله ورحمته بعباده في أن الابتلاء يكون بشيء قليل من الخوف والجوع ونقص قليل من الأموال والأنفس والثمرات. في مقابل النعم الباقية التي لا تحصى. فلا تنظر إلى ما ذهب ولكن انظر إلى ما بقي.. ورأس مالك دينك فلا تلثمنه.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم" أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وهكذا المؤمن ينظر إلى الجانب المشرق من المصيبة وكما قال يوسف -عليه السلام- في قوله تعالى: (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم) [يوسف:100].

فكان عليه السلام من الممكن أن يجلس متحسراً على حاله في السجن والصغر والبيع والإغراء وغيره ولكن نظر إلى الفضل الذي منَّ الله به عليه؛ لئلا يعيش الحاضر باجترار الماضي وظلماته أو استعجال القادم ومخاوفه.

وفي قوله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف) تلميح إلى عظم نعمة الأمن بذكر الخوف على رأس الابتلاء. وتقديمه على الجوع. فنعمة الأمن أعظم من نعمة الرخاء في العيش؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ". أخرجه الترمذي وغيره وقال: (حسن غريب).

الابتلاء سنةُ الله في خلقه، يبتليهم بالخير والشر والنفع والضر، ليرى صدق الصادقين (ألم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون).

وهكذا هي الحياة، قال الله تعالى: (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً).

لقد خلق الله تعالى الإنسان من هذه الأخلاط الكامنة في النطفة لا عبثاً ولا جزافاً ولا تسلية ولكن خلقه ليبتلى ويمتحن ويختبر، وزوده بوسائل الإدراك ليستطيع التلقي والاستجابة، وليدرك الأشياء والقيم، ويحكم عليه ويختار، ويجتاز الابتلاء (فجعله سميعاً بصيرا).

إنه ما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، وما حلت نقمة إلا عقوبة، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة" (الجواب الكافي ص 105).

المعاصي تزيل النعم الحاضرة، وتقطع النعم الواصلة، وهنا دعوة للنفس لمراجعتها وعدم الفرار من تبعات المصيبة بإلقائها على الآخرين، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30]

هناك من تنقطع قلوبهم وتسودُّ الدنيا في وجوههم عند المصائب ويتغيرون على من حولهم حتى قد يحرمون النعم الحالية فلا يأكلون ولا يفرحون بالموجود تحسراً على المفقود؛ فتجتمع الخسارات: تحسر وحرمان، وقلق على المستقبل واقتراض من رصيد الراحة.

إن الابتلاء يكون بالخير والشر، بما تكره النفوس وبما تحبه كما قال جل وعلا: (ونبلوكم بالشر والخير فتنةً وإلينا ترجعون)، يقول عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه مبيناً خطورة الابتلاء بالسراء وأنها لا تقل خطراً وضرراً على المؤمن من الضراء يقول:" ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضراء فصبرنا ثم ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر"أ.هـ.

إذا استحكمت الأزمات، وترادفت الضوائق، فلا مخرج إلا بالإيمان بالله، والتوكل عليه، وحسن الصبر. ذلك هو النور العاصم من التخبط، وهو الدرع الواقي من اليأس والقنوط.

عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله (إنا لله وإنا إليه راجعون) اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها" أخرجه مسلم.

قال عمر بن الخطاب : "نعم العَدلان ونعمت العلاوةُ للصابرين، ويعني بالعِدلين: الصلاة والرحمة وبالعلاوة الهدى"، (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) أخرجه البخاري.

لقد جعل الله عز وجل كلمات الاسترجاع ملجأً وملاذاً لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين من الشيطان وكيده ووساوسه؛ لئلا يتسلط على المصاب فيذهب أجره وماله وعمره.

ما أكثر ما يحسن الناس الحديث في الرخاء ويمعنون في وصف الدواء، ولكن ما هو الحديث الذي يجري على الألسنة عند الصدمة الأولى؟! إنه الرصيد السابق والهم اللازم يظهر عند أول فلتة لسان. فماذا أعددت للصدمة الأولى. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه.

أيها المسلم المصاب: أعيذك بالله أن تعزي نفسك بمصاب غيرك، أو تتسلى بمرتقب الأوهام الخادعة.. أو تفر من الأسى باحتساء الملهيات من الشراب والمخدرات والإغراق في اللحظة الحاضرة.. أملاً في تجاوز المحنة.

كلا إنما هو الصبر والاحتساب والمراجعة والمحاسبة.. ارض بما ليس منه بد، واعلم أنه لا يمكن للقلق والضجر أن يغير من الواقع شيئاً، فلا تستسلم. ولا إيمان للعبد حتى يرضى بما قدره الله وقضاه. فالرضا بالقضاء والقدر من أساسيات الإيمان، (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها، فأجمل في الطلب، وخذ ما حل ودع ما حرم‏.‏ (وكل شيء عنده بمقدار. عالم الغيب والشهادة الكبير والمتعال).

واجعل الاستعانة بالله قائمة في قلبك تستحضرها في كل أمورك؛ فبها صلاحُ قلبك، وسدُّ خلتك، تُذلِّلُ الصعاب وتقوي الصلة بالله، وتنزع الشعور بالعجز، وبها يواجه المستعين الأخطار المحدقة معتصماً بحول الله وقوته. فهي من مظاهر عبادته سبحانه وتوحيده. (إياك نعبد وإياك نستعين)

لا تجعل العاطفة هي المسيطرة على اتخاذ قراراتك، ولا تسلم نفسك وعواطفك للشائعات فإن من شؤم الشائعات القلقُ والريبةُ وعدمُ الاستقرار، تعلم اتخاذ القرار الصحيح بشجاعة وعدم التردد مع الاعتدال. وإذا أردت الدخول في أي مشروع فضع أسوأ احتمال يطرأ عليك حتى لا تفاجأ بخيبة آمالٍ عِراض.

إن التوسط في طلب الدنيا والاعتدال فيها أمر مطلوب شرعاً؛ لأن الأصل في المؤمن طلب الآخرة والتزود لها حتى لو فتح الله له أبواب فضله ورزقه. فالدنيا إنما هي دار ممر ومتاع قليل قال تعالى: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) .

ومن هنا فإن طالب المال عليه أن يعرف نفسه، ويعلم أن 70% من المصابين بالقلق والاضطراب كان مصدره المال، ومن خلال ملاحظة المتعاملين بتجارة المفاجآت أنهم وإن ربحوا إلا أن هناك خسارة سواء في العبادات أو الصحة النفسية والجسدية أو السمعة!! فكيف إذا انضم إلى ذلك خسارة في المال.

فقليل تدير به فقرك خير لك من مال كثير يضيع بسبب حمقك..

قد أفلح من أسلم ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه، أخرجه مسلم عن ابن عمرو.

وليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس، متفق عليه عن أبي هريرة.

القناعة من كمال الإيمان وحسن الإسلام، أخصر طريق لتحقيق السعادة، تملأ القلب بالإيمان، وتشيع الألفة والمحبة بين الناس, وتقلب الحياة رضى وسعادة، ولو قنع الناس بالقليل لما بقي فقير ولا محروم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الابــــــتــــــلاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شنواى  :: القسم العام والإسلامى :: الحوار الدينى العام-
انتقل الى: